الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ فيصل..المعاكس !!

سامر عبد الحميد

2006 / 4 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لكل إنسان من اسمه نصيب..!.
ولعلنا مع بعض التحوير،نستطيع أن نقول،إن لكل (مقدم برامج) من برنامجه نصيب!!!.وأكثر ما تنطبق هذه المقولة على الإعلامي الناجح الدكتور فيصل القاسم،صاحب البرنامج الحواري الشهير(الاتجاه المعاكس)،والذي حقق منذ انطلاقته على قناة الجزيرة نجاحاً لافتاً للنظر،وخصوصا في بيئتنا الإعلامية العربية التي لم تعتد بعد على هذا القدر من الجرأة والصراحة اللذين حواهما البرنامج.

انطبعت صورة القاسم في أذهان الكثير من المتابعين العرب،بصورة الرجل المشاكس (المعاكس)،على طول الخط، لطروحات كلا الضيفين اللذين يستضيفهما البرنامج عادة،فلا ينحاز إلى أي منهما.
وكان من الواضح أن القاسم يحاول جاهداً أن يظهر للمشاهدين أن الحقيقة متعددة الجوانب،ولا يمتلكها أي طرف من الأطراف المتحاورة،والتي كانت في الغالب الأعم تتشبث بآرائها وقناعاتها لدرجة أن تتحول الجلسة الحوارية في أكثر الأحيان إلى جلسة من الردح والشتائم والمهاترات !.
وانعكس دور القاسم في برنامجه هذا،أي دوره المشاكس والمحايد،على العديد من مقالاته المنشورة في دوريات وصحف متعددة.

غير أن بعض المتابعين لاحظوا في الفترة الأخيرة ميلا واضحا في كتاباته باتجاه الشعبوية.والانحياز إلى لغة التملق للشعوب العربية بعاداتها المتخلفة وتقاليدها وحماقاتها أحيانا!.
وشيئا فشيئا أصبح الدكتور القاسم يميل إلى السخرية من النخب العربية والمثقفين.وخاصة منها النخب العلمانية والليبرالية.وقلَّ هجاؤه للأنظمة العربية الحاكمة عما كان عليه الحال في السابق،في الوقت الذي ارتفع فيه صوته مهاجما في أكثر من مقال المعارضات العربية الضعيفة،متهما إياها بالسطحية حينا،وبارتباطها بالغرب حينا آخر.
وأكثر ما بدأ يثير دهشة الكثيرين من معجبي الدكتور القاسم في الفترة الأخيرة دفاعه المبطن حينا،والصريح أحيانا عن بعض الجماعات الأصولية،وعن الإسلام السياسي عموما !.
وبين ليلة وضحاها ،تحول المحايد المثقف المعتدل،إلى (سيف الله المسلول)المدافع عن العروبة والإسلام،وعلى طريقة القرضاوي ذاتها،أحد أعمدة فضائية الجزيرة !.
لن نحاول في هذه المقالة القصيرة أن نورد الأمثلة على صدق ما ادعيناه آنفا،فباستطاعة القارئ اللبيب أن يراجع مقالات الدكتور القاسم الأخيرة والمتوفرة بكثرة على شبكة الإنترنت..

آخر مقالتين قرأتهما له،تلخصان بشكل مكثف طبيعة انحيازاته الأخيرة.سواء من ناحية دغدغة عواطف الشعوب الإسلامية المقهورة.أو من ناحية التزامه بسياسة قناة الجزيرة،المالكة لمفاتيح رزقه !.
هاتان المقالتان تحملان العنوانين التاليين:(اشتم العرب والمسلمين واصبح مشهورا في أمريكا) ،و(كيف غير المخترعون المسلمون وجه العالم؟).

ففي مقالته الأولى،يعتبر القاسم أن أي كاتب أو مثقف يحاول أن يكشف ما لحق بالإسلام من ترهل،وما علق به من آفات،فانه إنما يفعل ذلك ابتغاء مرضاة أمريكا.
بينما من المعروف،أن سدنة الدين الإسلامي،وحملة مشاعله في العالم العربي،والأنظمة التي تحكم باسمه،هم من يستميتون لإرضاء أمريكا،وطلب ودها.
وسواء أكان هؤلاء الإسلاميون من النمط الوهابي المتطرف،والذي يدعي معاداة أمريكا،أو من النمط المعتدل (العثماني) الذي تروج له أمريكا بالذات،فإن المقصود دائما وأبدا هو تغييب العقل،وتغليب السفاهة والسطحية،وإنتاج ثقافة الخضوع لأولي الأمر،والعمل على إبقاء الناس أسيرة الماضي المجيد.وبالتالي الإبقاء على الشعوب الإسلامية بحالتها الراهنة كشعوب مستهلكة،متعطلة، فاقدة لكافة كراماتها.
وعلى ما نعتقد،فإن هدف السياسة الأمريكية الرئيس،والموجهة لمنطقتنا،هو الإبقاء على هذه الحالة.
وبالتالي فإن أمريكا لن تصفق لمن يحاول إعادة العقل النقدي إلى العقول المغيَّبة !.

وفي مقالته الثانية، يستعرض القاسم،بعض الإنجازات والمخترعات العربية التي غيرت وجه العالم،حسب ما أوردته صحيفة (الاندبندنت)اللندنية.
وخلص إلى أنه (أتمنى على العرب أن يستذكروا تاريخهم المجيد باستمرار لعلهم ينهضون من جديد وألا يسمحوا لبعض الكتاب الناطقين بالعربية أن ييئسوهم ويزرعوا القنوط في أنفسهم ويحطموا معنوياتهم وأن يبينوا لأطفالهم حقائق التاريخ المنسية. كما أتمنى عليهم أيضاً أن يراجعوا أنفسهم ويتفكروا بما آل إليه وضعهم. لماذا أصبحوا في الحضيض بعدما كانوا في القمة؟ لماذا وضعوا أسس الحضارة العلمية الحديثة ثم عادوا للتسول على أبوابها؟ )..

يعلم الجميع بأن الفتوحات الإسلامية التي انطلقت من شبه الجزيرة العربية،قد اجتاحت في طريقها حضارات ودول كثيرة كانت مزدهرة في تلك المناطق.
وسواء أدخل سكان تلك الحضارات في دين الإسلام،أفواجاً، بحد السيف(كما يقول التاريخ)،أو(بالرحمة والعدل كما يدّعي الإسلاميون)،فقد أصبحوا مكونا أساسيا من مكونات الحضارة،التي أسماها الكثيرون الحضارة العربية الإسلامية.
وسواء أكان هؤلاء الناس مقتنعين بالإسلام أم لا،فإنهم شاءوا أم أبوا ،تابعون للدولة الإسلامية التي تحكمهم،وبالتالي فإن كل الإنجازات والاختراعات التي تمت في ظل الهيمنة الإسلامية كان يجب أن تنسب للعرب والإسلام.
وكما يحدث في دولنا العربية (الإسلامية)المعاصرة،فإن الانتصارات المحدودة لبعض فرق كرة القدم العربية،أو ظهور بعض العلماء أو الكتاب المميزين،لا يجعلنا نعزي انتصاراتهم وإبداعاتهم إلى دولهم المتخلفة،ولا إلى سياسات حكامهم الرشيدة، والتي لولاهما لكانت الانتصارات أكبر،والإنجازات والاختراعات أعم وأشمل!!.
وكذلك فان إبداعات ابن سينا وابن الهيثم وابن فرناس وغيرهم،لا يمكن أن نعزوها لتشجيع الإسلام على العلم،أو إلى الحرية التي كان أولئك العباقرة يتمتعون بها.بل إلى أن أكثرية هؤلاء كانوا ينتمون إلى حضارات وثقافات متطورة كانت موجودة قبل الاجتياح العربي الإسلامي.الذي لعله قد حد من هذه الإبداعات بقدر كبير.
ومن المفارقات،أن كثيراً من المبدعين الذين كانت الدولة الإسلامية تحكمهم،كانوا من الملحدين،أو من ذوي النزعات المادية..ولعل التاريخ حافل بقصص هؤلاء الذين كانوا يعانون الأمرين من السلطات الحاكمة.
ولعل إحدى المفارقات المضحكة الأخرى،أن العرب وهم المكوّن الأساسي من مكونات الحضارة (العربية)-الإسلامية،كانوا أقل شعوب تلك الحضارة إبداعا.حتى أن أهم علماء اللغة العربية ممن قدموا خدمات جلّة للغة الضاد،هم من الفرس والأعاجم !.
والقاسم نفسه يستشهد في مقاله الآنف ، بأن الفرس هم الذين اخترعوا الشطرنج.وهذا قبل أن يتحولوا إلى الإسلام حيث حرّمه الكثير من فقهاء المسلمين!!.
إذا فان كتابات (المسئفين)الليبراليين العرب كما يدعوهم القاسم،لا تنكر ما قدمته الشعوب المحكومة بالعروبة والإسلام إلى الحضارة العالمية ،رغم سفاهة أغلب القائمين على دولة العروبة والإسلام هذه ،من خلفاء وأمراء وسلاطين... لكنها تسخر ممن يصرّون على أنه لا ارتقاء للعرب والمسلمين إلا بالعودة إلى نفس الطراز القديم من حكم الدولة الثيوقراطي....
وعودة للبداية،فإن القاسم على ما يبدو قد قرر أن يسير في (الاتجاه المعاكس) لحركة (المسئفين)الليبراليين العرب !!.

سامر عبد الحميد – سوريا
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟