الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القول بأمازيغية شمال افريقيا -قول عنصري- عند سدنة هياكل الوهم (فقط)

كريم عزيزي

2018 / 12 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


توضيحات سريعة عن اتهامات لا أظنها ستتأخر، وحتى وإن لم يُصرّح بها كتعليقات أو مقالات فإنها ستخطر ببال أغلب من سيقرؤون لي، سأجيب عن أسئلة دون تفصيل لأن ذلك سيأتي في كل كتاباتي القادمة. سأكون صريحا، ولن أتصنّع فذلك طبعي، تربّيت على ثقافة تقول أن النظيف لا يخشى شيئا ولا يُنزل عينيه للأرض أبدا، صراحة كثيرا ما جلبت لي المتاعب ولا أزال أدفع ثمنها غاليا، لحسن حظي أني لم أولد في مصر أو العراق أو السعودية لأني قطعا كنت سأكون قد طُبق عليّ حدّ ما وما أكثرها.

أهم سؤال بالطبع سيكون عن "كره" العرب؟ وجوابي يجب أن يُتمعن جيدا قبل الحكم عليه لأن عاطفتي تقول نعم أما عقلي فيقول لا، أبدأ بعاطفتي وأسأل: من هم هؤلاء العرب الذين "أكرههم"؟ (أغلب) أفراد عائلتي يقولون أنهم عرب وبالتأكيد "كرهي" يستثنيهم، 99% من أفراد شعبي يظنون أنهم عرب وأغلبهم أناس طيبون لا يطلبون إلا أن يعيشوا في سلام وليسوا استثناء في ذلك بل هم مثل كل شعوب الأرض وبذلك يستحيل عليّ "كرههم"، هل سأكره المصري الطيب؟ العراقي؟ السوري؟ الفلسطيني؟ بل وحتى السعودي والقطري والإماراتي؟ جوابي بالتأكيد لا لكن لن أنكر -وإن كانت كل شعوبنا ضحايا للفكر العروبي الإسلامي- أن بعض الحساسية ستبقى، لست ممن يقولون بمنطق الغفران دون محاسبة بل ممن يقولون أن الصفحة الجديدة لا يمكن أن توجد إلا بعد إرساء العدالة، هناك جرائم لا تسقط بالتقادم وأولها وأهمها سحق هويات الشعوب وإلباسها هوية أجنبية غريبة عنها وأقصد الهوية العربية التي هي في الأصل فكر وأيديولوجيا وليست أجناسا وأعراقا، كلامي واضح على ما أظن: العاطفة التي "تكره" عندما يحكمها العقل تعاد الأمور إلى حقيقتها أي المسألة ليست أعراقا أو قومية شوفينية بل هي صراع فكري بالدرجة الأولى، لا أحد يدعو هنا إلى إبادة شعوب وأشخاص وإن كانت هناك دعوة لإبادة شيء ما فلن تكون إلا دعوة لإبادة فكر وانتماء مزيّف أراه السبب الأول لتخلفنا. وبما أن المسألة فكرية فمن المعلوم أن الاتهامات والحساسيات لن تغيب، قارن مع كل من ينتقد الإسلام ستجد الاتهامات بكل أنواعها وعلى رأسها التكفير ونفس الشيء يحدث مع العروبية وسدنتها، فكل من سيقول أنه غير عربي وأن شعبه غير عربي سيكون عرضة للقدح واللعن والتخوين بالطبع ومن الجميع فدولنا قائمة على الإسلام والعروبية وثقافة شعوبنا مبنية عليهما.

الدعوة لفصل الإسلام عن السياسة بل والدعوة الصريحة للقضاء عليه لا تعني القضاء على من يعتقد به أي المسلمين، والدعوة للخروج من سجن ووهم العروبية لا تعني أيضا إبادة من يعتقد بها أي العروبيين ولن يزعم ذلك إلا "السلفيون" من النوعين أي من لا يزال يعيش بثقافة القطيع ويرى أن من يقول كلمة في معتقده قد مسّه هو شخصيا وأظن أن اعتقاد هؤلاء لا يُلزمني فمن سيفهم أني أدعو لإبادة المسلمين والعروبيين أو من سيدّعي ذلك فتلك مشكلته مع التوضيح أنه "قد يكون" يستعمل ذلك الطرح البائس لإسكات كل صوت ينتقد وهمه وهي سياسة كل الأيديولوجيات الفاشية الهشة التي تستعمل العنف والتشهير بالمخالف لعدم استطاعتها الإقناع بالحجة والدليل ولإسكاته وإبعاد الشعوب عنه وبذلك تقطع عليها كل أمل في اكتشاف الحقائق لتخرج من قبضة تلك الفاشيات ولترى النور وتتحرّر.

وسأقولها وبصراحة أن الإسلامي والعروبي اللذين يشكلان سدنة هياكل الوهم ليسا أهلا ليتكلما عن المبادئ والحريات والعنصرية والشوفينية فهما يدافعان عن أبشع شوفينيتين وُجدتا طوال تاريخنا: الشوفينية الإسلامية التي تدّعي امتلاك الحق الإلاهي المطلق الوحيد والشوفينية العروبية التي تدّعي لشعوبنا عروبة عرقية، الاثنان أتفه فكرتين لا يسندهما أي دليل لا مادي ولا منطقي وبالرغم من ذلك لا يزالان يسيطران على شعوبنا وعلى نخبنا بكل الأساليب اللاأخلاقية ويعتمدان في ذلك على كل موارد شعوبنا المُسخَّرة للدفاع عن الوهمين وعلى "عُمر" الخرافتين: أبسط إشاعة كاذبة اليوم يلزمها الكثير من الوقت ومن التعب لتُخرج من عقول البسطاء الذين صدّقوها فما بالنا بإشاعة عمرها قرون.

أنت غير علماني ومن المفروض أن يمنعك الموقع من النشر؟ هذا التساؤل سيخطر ببال القارئ عندما يقرأ لي أني أقول أن شمال افريقيا أمازيغية وليست عربية، قلت سابقا أن القضية "فكر" والعلمانية تفترض "قبول" الرأي المخالف وذلك يتعارض مع تصريحي بهوية "أحادية". وأقول أن الفكر الإسلامي يدّعي أن مستقبل شعوبنا يجب أن يكون إسلاميا حتى أولئك الذين يدّعون التنوير والتمدن، أما الفكر العروبي فيدّعي أن مستقبلنا يجب أن يكون داخل إطار عالمه العربي ويزعم أن "الجزء يجب أن يبقى إلى الأبد كُلًّا" أي الهوية العربية هي الغالبة والأكثرية أما الأمازيغية فهي مجرد أقليات لا غير ويُعتمد في ذلك على الناطقين باللغة ليدّعي أن الأمازيغ هم من يتكلمون اليوم باللغة الأمازيغية والأكذوبة هي نفسها في بلدان الشرق حيث أصبح السريان مثلا وهم أغلب تلك الشعوب مجرد أقلية، أنا أقول أن "الكل" هو الأمازيغية و "الجزء" هو العروبية والهوية ليست حصرا لغة نعلم جميعنا كيف حاربها الإسلام وعروبته والحرب عليها لا تزال متواصلة إلى اليوم بواسطة حكومات لا وطنية في كل بلداننا وليتذكّر من يتناسى سياسات بورقيبة والقدافي وبن بلة والمختار ولد داداه والحسن الثاني ومن خلفهم منذ أن أسّست لهم فرنسا دولهم العربية، الهوية أرض قبل كل شيء وشمال افريقيا أرض أمازيغية منذ فجر التاريخ وإن استعمرتها أقوام فهذا لا يعني إطلاقا أنها ملك أبدي لهم كما تزعم الأيديولوجيا الإسلامية والعروبية، وبما أن العروبية أيديولوجيا شوفينية عرقية لا تزال تُوهم شعوبنا أنها عربية جاءت من الشرق فنستطيع أن ننسف طرحها بما أثبته العلم اليوم أن هذه الجينات المزعومة هي مجرد أقلية لا غير والجينات الغالبة على كل بلداننا هي جينات محلية لم تأت من أي مكان بل من أرضها الأمازيغية نبتت.

شمال افريقيا كلها أمازيغية والعروبية فيها ليست إلا جزءا من تاريخها، العالم يتغير بسرعة جنونية فلا تستغرب مما سيحدث غدا، سينضب نفط البدو قريبا، وربما انهارت أمريكا ورأى الأوروبيون أن فرضهم العروبة علينا لن يخدم مصالحهم مستقبلا، قد يكون للصين مصالح جديدة وقد تدخل في صراعات قد تغير العالم بأسره....من يدري.... ومن قال أننا سنستعمل اللغة العربية إلى الأبد؟ ولا ييأس من الغد إلا أعداء الحياة، والحياة والكرامة قادمان لشمال افريقيا لا محالة ويستحيل أن يتواصل غياب أمتنا عن التاريخ تحت خرافات يستطيع تفنيدها بذرة منطق تلميذ إبتدائية، يستحيل أن يتواصل غرقنا في أوحال فقه الإسلام وصراعات العروبية القبلية التي لا تعنينا في شيء.

المسألة فكر تحرري أصيل، نحن أرقى مما نحن عليه اليوم بكثير، نحن نستحق حياة أفضل وأكرم، حق من حقوقنا البديهية أن نعرف ذاتنا المغيبة تحت الأكاذيب العروبية الإسلامية وحق مشروع أن ننطلق منها لا من ذات مزيفة يراد لنا بها أن نبقى للأبد موالي وعبيدا للشرق، من حقنا تقرير مصيرنا بعيدا عن كل مخازي التاريخ وأراجيفه، ومن حقنا أن نفتح أعين شعوبنا على أعدائها الحقيقيين الذين خدعوها بخرافات العرق الشريف ولغة الجنة والهجرات البدوية المليونية والدين.


وإلى لقاء قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قد جعلت قدامك الحياة والموت، فاختر الحياة لكي تحيا
كريم عزيزي ( 2018 / 12 / 19 - 20:16 )
الأخت Essia Azouzi قلت: ((ماذا لوعشنا في هذا الكوكب المزدحم مجرد أناس فقط بدون حواجز بدون انتماءات جغرافية او دينية انسانيتنا واخلاقنا وسلوكنا هي ما يجمعنا اخي الانسان نحن على الدرب نفسه مادام فيه خير الانسانية))

ما أجمل قولك

وما أجمل قول ماركس ((من كل حسب مقدرته إلى كل حسب حاجته))

وما أجمل قول الرب ((تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم.))

وما أجمل عزم محمد على قطع يد فاطمة إن هي سرقت وما أجمل قوله ((لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى))

وما أجمل أقوال الله ((وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)) و ((وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)) و ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا))

والأجمل من ذلك كله قول يهوه ((قد جعلت قدامك الحياة والموت. البركة واللعنة. فاختر الحياة لكي تحيا)) وأنا اخترت الحياة والطريق (الوحيد) الذي أراه هو ما قيل في المقال.


2 - تحياتي
كريم عزيزي ( 2018 / 12 / 20 - 14:57 )


الأخ Jugurtha Bedjaoui شكرا على المرور.

اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر


.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو




.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر