الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القتيل الأغلى سنة 2018

عادل صوما

2018 / 12 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أصدر البرلمان العربي بيانا "عاجلا"، رداً على قرار مجلس الشيوخ الأميركي، ضد السعودية وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وطالب مشعل بن فهم السلمي رئيس البرلمان العربي في البيان من مجلس الشيوخ الأميركي ، بضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية، واحترام سيادتها وعدم المساس بقيادتها والنيل من مكانتها، علاوة عن رفضه القاطع للقرار، الذي يتناقض مع مبدأ احترام سيادة الدول وعدم جواز التدخل في شؤونها الداخلية، والعلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط الدولتين والشعبين السعودي والأميركي.
وأشار السلمي إلى تضامن البرلمان العربي، ومقره القاهرة، التام مع المملكة العربية السعودية، والتصدي لأية محاولات للنيل منها أو تهديدها، سواء بالتلويح أو الابتزاز أو استخدام الضغوط السياسية، أو ترديد الاتهامات الزائفة بغرض استهداف قيادة وسمعة ومكانة دولة عريقة لها تاريخ مشرف اعتمادا على معلومات مغلوطة ومصادر مُضللة، وأن هذه الحملة لن تنال من قيادة المملكة العربية السعودية ومكانتها العربية والإسلامية بوصفها مهبط الوحي، وقبلة المسلمين، ومواقفها الراسخة.
الكلام المُقفى أعلاه معناه تجاهل وقائع موثقة تمت في سفارة المملكة في تركيا، ورفض أحد مسلمات الدين الاسلامي فالمملكة ليست قِبلة المسلمين بل الكعبة، واستعمال التهديد بالقصف الديني حتى إذا اراد أحدهم إخفاء جريمة بشعة تمت عن سابق تصور وتصميم ضد انسان أعزل.
مجلس الشيوخ الاميركي لم يكن ينوي التعقيب على الجريمة كما تقول الوقائع منذ حدوثها، لكن تحولها إلى قضية إعلامية دولية، واستهجان الناس الذين عبروا عن سخطهم، بما حدث على سبيل المثال في تونس حين زارها ولي العهد السعودي، والرسوم الكاريكاتورية الغربية التي صورت محمد بن سلمان ملطخا بالدم، جعل التغاضي عنها مستحيلا، خصوصا أن نسبة الغباء كانت فيها رهيبة، فقد كان يمكن للسفاح الحقيقي أن يأمر بإغتيال خاشقجي بواسطة درّاج يطلق الرصاص عليه ويتلاشى بخقة في زحام الشوارع .
"البيان العاجل" يمكن أن يُواجَه بأسئلة مثل: هل إحترم المخططون والمتواطئون والقتلة، وبعضهم على درجة سياسية رفيعة، سيادة تركيا؟ هل احترموا ذكاء الناس؟ هل احترمت السعودية حتى سيادة اليمن وقدسية مساجده التي قصفتها رغم انها مهبط الوحي وقِبلة المسلمين؟ وهل ذِكر الوقائع التي سُجلت في سفارة المملكة في تركيا إبتزاز أو إتهامات زائفة؟ وهل الكاميرات التي رصدت القتلة في المطار وخاشقجي وهو يدخل السفارة وهو محاصر فيها بواسطة البلطجية مصادر مُضللة؟ وماذا عن صوت خاشقجي وهو يتوجع قبيل تقطيعه؟
لا يوجد محكمة على الكوكب تقول أن هذه مصادر مُضللة، لكن الكلام المُقفى يمكن أن يفعل ما هو أكثر من ذلك.
خاشقجي يعتبر القتيل الأغلى سنة 2018 وربما منذ بداية هذا القرن، فلم يحدث أن تشابكت علاقات إقتصادية ونفطية وتلويح مُبطن بقطع معونات وفسخ عقود تبلغ بلايين الدولارات بقتل إنسان ليس ملكاً أو رئيس جمهورية، أما التضامن الاسلامي البروتوكولي وليس الشعبي مع المملكة فقائم على المصالح ليس إلاّ، علاوة عن التبعية المذهبية لأنه يصدر بسبب الولاء للخلافة الوهابية غير المُعلنة ضد الخلافة العثمانية المرتقبة، وربما بعد سنة أو سنوات تأخد الدول الأسلامية نفسها مواقف جديدة، تماما كما حدث مرات ومرات، أهمها تحوّل المواقف الدينية/الاستراتيجية الثابتة ضد الدولة العبرية.
يستحيل أن تحدث جريمة داخل سفارة بالسيناريو الذي قُتل فيه خاشقجي بدون أمر سيادي، والخوف الذي يسود الشارع العالمي سببه الطريقة البشعة التي قُطعت فيها أوصاله وأُذيبت في الأسيد، فكثيرون تم إغتيالهم ولم يتحرك الشارع العالمي بالطريقة نفسها. ومصافحة الرئيس بوتن لولي العهد فيها إدانة، فطريقة مصافحة لاعب المخابرات السابق المتحفظ وابتسامته لولي العهد تقول بوضوح لمن يمكنه قراءة الصور: ماذا فعلت يا رجل؟
حضارات بكاملها قُطعت أوصالها وأُذيبت في الأسيد.
إقرأوا كتب التاريخ لتعرفوا المستقبل الذي ينتظر الدول العلمانية والتفكير الحداثي إذا سيطر الفكر الأسيدي والكلام المُقفى على الشعوب والثقافات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran