الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهُم يُحَاولون هَزم الحَياة فِينا..!!

ادريس الواغيش

2018 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إنهُـم يُـحَـاولون هَــزم الحَـياة فِـينَـا… !
بقلم: إدريس الواغـيـش

ماذا عَـساني أن أكتب حَـوْل مأساة توبْـقال- الأطلس- الإنسانية بكل المقاييس في -أمْـليل- نواحي مُـراكش، وقد نحَـر نَـفـر مِـنّا فتاتـين، أوربيتين، بريئتين، "تيتيزيتين" شقراوين بـدَم بارد على الطريقة الدّاعشية، هم إذن بيننا ومعنا وفينا داخل أسرنا ومدارسنا في البيوت والأسواق والحارات، نشتري منهم سلعنا ومُـؤننا ويحلقون رؤوسنا نهاية كل أسبوع، وبعضهم يدرس أبناءنا وبناتنا في المدارس والمعاهد والجامعات المغربية؟
إنهم مدعومين بكل ما لا يلزم من الدَّعـم الداخلي: اللوجستيك، المال، الإعلام - جيش إلكتروني- وحتى سياسيا من داخل البرلمان والوزارات، وخارجيا من جهات نعرف بعضها ونجهل أخرى. هل فعلا هَـزمونا وآن لنا أن نعترف بهذا بعيدا عن جلد الذات؟، نحن المُحبّـين للجمال كشعب مغربي محيط بكل أنواع الجمال: طبيعة، شواطئ، رمال، جبال، بحر متوسط ومحيط أطلسي على امتداد زرقته، وهاهم يحاولون هزم الحياة فينا كشعب جُـرمه الوحيد أنه يحب الحياة. لنعترف بداية أنهم هَـزمونا في الديمقراطية، لكن على الطريقة المغربية، وأصبحوا يشكلون أغلبية في المَجالس المحلية والبرلمان، ولولا أن خانهم قليل من الحظ، لأصبحوا أغلبية مُطلقة في البرلمان المغربي، يتحكمون في رقابنا ويحكموننا في غنى عن أي دعم أو تحالف سياسي من حزب أو فريق، هل اصبحنا فعلا غير قادرين على مُجابهتهم الآن، نحن الذين هزمنا الامبراطورية العثمانية التي كانت تحكم نصف العالم، هم الذين كانوا إلى الأمس القريب قلة قليلة تبحث لها عن مكان أو تكاثر، لكن ها هم قد تكاثروا فعلا بتواطؤ من جهات رسمية وأصبحوا أكثرية في البلاد.
هل يصحُّ فيهم قول معـن بن أوس:
أُعَلِّـمُهُ الرِّمَـايةَ كُلَّ يَـومٍ = فَلمَّـا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمانِي
نعم، هم ذبحونا من الوريد إلى الوريد اقتصاديا، واسالوا أهل- أمليل- الذين سيعانون اقتصاديا إلى أن يجف دم الضحية على أسوار "سيدي شمهاروش" إن كنتم مشككين، هو الذي كنا نسمع به فقط في مسلسل:"سيف بن ذي يَـزن"، أما الآن وقد أصبحوا أقوياء، ها هم يرمُـوننا بسَـواعدهم المُمتدة من الشرق إلى الغرب بدعم أخطبوطي كأنه سراب، بعد أن علموهم سِـرًّا وعَـلانية الـرِّماية في الشرق كما الغرب، هم الذين كانوا ضعافا، جَـوعى ومساكين، استكانوا إلى الدين واحتموا به إلى أن قويت شوكتهم وأصبحوا يرموننا بما يملكونه من سِـهَـام العَـصر، رأسمالهم المالي والبشري، شركاتهم ومناصبهم الإدارية والوزارية، ينهُـون عن الشيء في الصباح ويأتون بنقيضه في المساء، يحَـرِّمون الزنى في المسجد نهارا ويأتون المنكرات على الشواطئ فجرا، يحرمون الربا ويبيعون الوهم من زواج وعمل ووظائف للناس الضعفاء، ويروِّجُـون السلع والعقار بأضعاف مضاعفة.
لو نعود إلى البدايات: أتذكر أنه كان معنا في مستهل تسعينات القرن الفائت واحدا ووَحيدا بلحيته في الثانوية يدعو لأفكار ابن تيمية، وها هم الآن بالمئات والآلاف في ثانوياتنا يردِّدون نفس الفكرالمتطرف:"معَـنا أو ضدَّنا"، ثم كانوا بضع أنفار من الطلبة في جامعة "ظهر المهراز" بداية التسعينيات أيضا، ولما ذهبتُ إلى التدريس لبضع سنوات في الجنوب وعدت إلى ذات الجامعة، وجدتهم قد استولوا على مداخل المساجد وذات الجامعة:"سيدي محمد بن عبد الله" بفاس، هي التي تخرج منها اشهر المفكرين والمبدعين المغاربة المنورين والداعين للحداثة، كما مَـرّ منها مفكرون عَـرب من المشرق من العيار الثقيل، فغَـزوا ساحاتها وباحاتها وأرصفتها بالكامل، مُعتزين بأشهر كتبهم: "أهـوال القبور.." الكتاب الذي كان يتسيَّـد المشهد الثقافي والكتب المعروضة جميعها، ليس في مداخل المساجد فحسب، بل حتى وسط باحات الجامعات في أكبر المدن المغربية.
وكانت في كل مرة تأتينا الرسائل تباعا، مُشفرة في عطل الصيف من الغرب الاوربي، العلماني، الحداثي، المُـتزعم لقاطرة العصرنة في العالم: رجال بلحى كثة، ضاربة في حُـمرة الحناء أو صباغة السَّـواد وهم يسوقون سياراتهم الفاخرة، وبجانبهم نساء وفتيات يحملون فوق وجوههن أخمرتهن الموغلة في السواد رغم صغرهن، هن اللواتي قدمن من بلاد النور والملائكة ، باريس ومن جاورها من عواصم الغرب الكبرى، كي يذكرننا بمأساة ابن رشد في الغرب الإسلامي مرة أخرى....!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تستغرب
ابو ازهر الشامي ( 2018 / 12 / 21 - 18:34 )
لا تستغرب ان يتم سجن القرانيين والاحمديين المسالمين رغم ان فكرهم مقاوم للفكر الداعشي
ولا يتم سجن او محاسبة المروج للفكر الداعشي
طيب هذا وهمه مسلمين كيف الأقليات غير الإسلامية !!!!!

اخر الافلام

.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس


.. 17-Ali-Imran




.. 18-Ali-Imran


.. 19-Ali-Imran




.. 20-Ali-Imran