الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل سنة وأبطال العلمانية بخير

عادل صوما

2018 / 12 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سنة 2018 تقترب من نهايتها والأرض ستستمر في دورة فلكية أخرى حول الشمس، وأريد بهذه المناسبة توجيه التحية إلى العلمانيين الأموات والاحياء، فبدون هؤلاء الناس لم تكن البشرية قد تطورت والاعمار قد طالت والمسافات قد تقلص وقت عبورها، والعقل قد تخلص من سطوة كثير من الاساطير والاوهام، وأوجد شرعة حقوق الانسان والحيوان وجمعيات الخير من أجل مساعدة الناس لوجه الإنسانية، وليس لوجه الله نفاقا بينما الحقيقة هي تجنيدهم.
لو كان العلمانيون قد آمنوا انهم خلقوا ليعبدون الله فقط، ويقاتلون بعضهم بعضا على أي إله يعبدون، وأي تفسير يتبعون، لما عرفنا حقائق الكون الذي نعيش فيه، وحقائق الأرض وتفاصيل عناصر الحياة والاحياء والامراض التي تصيبهم.
كنا ما زلنا نؤمن أن الشمس تدور حول الأرض، والشمس تغرب في بئر حمئة؛ أغلب الظن انها بئر حما في نجران إذا اخذنا بعين الاعتبار تطور الحروف العربية بعد كتابة القرآن، وعدد الكواكب سبعة وكذلك عدد السماوات، وأن الله يمكنه أن يبطئ سرعة الكون لينتصر قائد في معركة.
كنا لم نزل نؤمن أن المرض لعنة تصيب الانسان، والامراض السلوكية نتيجة روح شريرة تتقمص الانسان، ونعاني من الغلوكوما كمرض مصيره العمى، وتلف صمامات القلب لابد أن يفضي بنا إلى الموت، والمرأة العاقر يستحيل أن تنجب، وأن الله فقط يعلم ما في الارحام ومن ثمة لا داعي لاختراع جهاز sonogram، أو تقنيات مساعدة ذوي الحاجات الخاصة ليعيشون بكرامة بدلا من احتراف مهنة سؤال الناس.
كنا لم نزل نرجم الناس ونقطع يد السارق علانية ونرمي المثليين من شواهق الجبال، ونعتقد أن الجن يسكن في جهاز الراديو، والشياطين تسترق السمع على كل ما نفعل وعلى الله نفسه ويتآمرون علينا وعلى إفشال أهم خطط الله وهي عبادته.
كنا ما زلنا نؤمن أن قراءة النصوص تشفي وتصحح مصير الانسان وتجلب الخير وتبعد الشر وتلهم الانسان على الاختيار.
كنا لم نزل نؤمن أن قتل الناس إذا لم يؤمنوا بما نؤمن حق مشروع بواسطة الخالق، وأن نهب ممتلكاتهم وهتك أعراض نساءهم بسبب عدم توافق إيماننا مع إيمانهم تقرب من الله. كنا ما زلنا نتوهم أن من لا يؤمن بما نؤمن كافر، وقتل الكافر أحد جوازات سفر دخول الجنة.
كنا ما زلنا نؤمن أن الله يفضل فئة عن فئة، وهو ما تصنفه العلمانية إذا مارسه إنسان ضد إنسان تمييزاً discrimination، ونؤمن أن الله وملائكته قد تفرغوا تماما لشؤون حبة الرمل التي هي الأرض بالنسبة للكون وإدارة المعارك لنصرة من يميزهم الله عن الآخرين، ثم تُستعمل عظام غير المميزين بعد موتهم كحطب جهنم، رغم أن بعضهم كانوا القطار الذي قاد البشر جميعا نحو أفق أفضل بكثير من حياة الانسان قبل التطور العلمي، فالإيمان كما يبدو قدم اختراعا واحداً للبشرية هو تكفير الآخر والقتل باسم الله.
كنا لم نزل نؤمن أن الادبيات الإبراهيمية ليست جزءا من ثقافة البحر المتوسط، وإنها تصلح لكل زمان ومكان، رغم أن مصطلحات القانون تتغير من جيل إلى جيل، فالسرقة الالكترونية لم تكن موجودة في الصحف الموحى بها رغم أن الذي أوحى بها حسب ما يزعمون يعلم المستقبل، وأن ما نكتشفه في العصر السيبراني ولا يتوافق مع عصر الجمل هرطقة يجب أن يُقتل صاحبها تقربا من الله.
كنا ما زلنا نؤمن أن الدين هوية وأرض، ومن لا ينتمي إلى ديننا يجب قتاله حتى يؤمن بهويتنا غصبا عن إرادته ليعيش على أرضنا.
كنا ما زلنا نعيش كالقردة العُليا في جنتها، والجنة هي الركون تماما إلى الكسل والتواكل وعدم استعمال العقل، فأكبر أسطورة متوسطية تقول إن الله طرد آدم من الجنة حين استخدم إرادته وعقله واختار.
كل سنة وأبطال العلمانية الذين ينورون الناس مجانا ويتعرضون للتكفير واحياناً للاغتيال أو المنفى الاختياري أو الاجباري بخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran