الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يحدث في قامشلي؟ أكراد آخرون نسيناهم.

أميرة الطحاوي

2006 / 4 / 17
القضية الكردية


ارتفع الاهتمام الإعلامي بأكراد العراق في فترة اجتياح الكويت أغسطس1990 فكثير من الملفات ذات الصلة بديكتاتورية صدام أريد لها أن تخرج للضوء سريعاً قبيل الحرب المتوقعة في يناير1991، لتلقى للمهتمين- و هم غالب مواطني كوكبنا المذعورين وقتها من حرب يستخدم فيها الأسلحة المحظورة من هذا الطرف أو ذاك، ركز الإعلام على سابق معاناة الأكراد على يد صدام بالأخص استخدام الأسلحة الكيماوية ضدهم 1988، انتهت الحرب و اندلعت انتفاضتا الأكراد شمالا و الشيعة جنوبا، وقمعتا الانتفاضتان بوحشية على يد القائد المعترف للتو بهزيمته في خيمة صفوان، وقفت أمريكا متفرجة فلم يكن في حساباتها إسقاط حليف الأمس و على يد شعبه، يهرب أكثر من مليون كردي للجبال ذعراً فيما عرف بالهجرة المليونية التي غدت مادة إعلامية أبقت الأكراد قضية للنقاش، وطوال عقد التسعينات تواصل الاهتمام بالشأن الكردي على تماس مع قضية مستقبل الحكم التسلطي ببغداد، و بالحرب الأهلية الكردية لأجل النفوذ المادي و الأدبي، مع الحرب الأخيرة تصاعد دور الساسة الأكراد في مجريات العملية السياسية بالبلاد ليتواصل الاهتمام بهم وبالأمان النسبي الذي يحظى به إقليمهم.

لكن على مرمى البصر عانى أكراد سوريا الكثير دون اهتمام مماثل، تواصل منذ عام 1962تجريد أكثر من ربع مليون كردي من الجنسية السورية، أصبح واردا أن تجد كردياً يوصم في الأوراق الرسمية بالأجنبي لمجرد أن اسمه ضمن آلاف اختيروا عشوائياً لتنزع عنهم الجنسية بحجة أن أجدادهم جاءوا قبل قرون لبلاد الشام وقت كانت ولاية تحت الحكم العثماني، يحدد قانون الجنسية السوري شروطا لإعطاء الجنسية للأجنبي ومنها بقاؤه في البلاد لخمس سنوات متصلة، ولو صدقنا مجيء كل أكراد سوريا إليها من خارجها، فلم لا يكتسب حتى أحفادهم الجنسية رغم ملازمتهم البلاد منذ قرون؟؟ بعض هؤلاء الموصومين بـ"الأجانب" كان قد انتهى لتوه من أداء الخدمة العسكرية في الجيش السوري، بعضهم لديه أخ شقيق مواطن لازال يحمل الجنسية السورية، إذ حالفه الحظ و لم يكن ضمن قرعة الأجانب، بعضهم فقد والده شهيدا في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي لسوريا، ليس بوسع الكردي السوري الأجنبي الإقامة في فندق سياحي أو من أي درجة كان في بلدته قامشلي أو حتى العاصمة دمشق دون تصريح رسمي، كما يصعب عليهم الفوز بسمة للخروج من البلاد، لا يصدر باسمهم عقد عمل رسمي أو استملاك عقار أو أرض، تمنع الدراسة على أبنائهم بعد المرحلة الإعدادية، وفي حين يلتحق أبناء المتمكنين مادياً بمعاهد دينية متوسطة موجودة فقط في المناطق الكردية، لا تؤهلهم شهاداتهم للالتحاق بالجامعة.

أصل القصة يعود لحكومة 1962 عندما قدم رئيس دائرة الأمن السياسي بقامشلي-أحد كبريات المدن الكردية بسوريا، و يدعى " محمد طلب هلال " اقتراحا بإجراء إحصاء عام في الحسكة و قامشلي و غيرها من المدن الكردية، و يتم على ذلك رفع الجنسية عن الأكراد بها و اعتبارهم أجانب، مع إغلاق مدارسها، و تضييق فرص العمل على شبابها، مما يدفع بهم ككل للخروج من قراهم، ثم يبدأ النظام في تهجيرهم للمناطق الصحراوية جنوب دير زور و تدمر، ثم يصنع حزام بشري عربي داخل المدن الكردية!.

لم تخرج حكومات دمشق المتعاقبة عن هذا الطرح، وفي حين أوقفت حكومة الأسد الأب بعض السياسات التعسفية لكن لم تعالج آثارها، ومنذ منتصف الثمانينات غُضَّ البصر تماماً عن التحاق آلاف الأكراد بحزب العمال الكردستاني PKK و بالأخص جناحه العسكري - - الجيش الشعبي لتحرير كردستان- ARGK حد التجاوز عن تخلف بعضهم عن الخدمة العسكرية "السورية" كونهم يحملون هويات الحزب الكردي "التركي" وبخروج "أوجلان" من المنطقة و بخروج حزبهPKK من توازناتها 98-1999، يتنمر بعث سوريا من جديد ضد الأكراد؛ فكان التضييق المتلاحق عليهم و الحملات القمعية دون مبرر: أكان يجب أن يموتوا إذن تضامنا مع أكراد تركيا ولا يسمح لهم بحياة كريمة كأكراد سوريين؟

يمنع على أكراد سوريا الدراسة بلغتهم الأم، والأحزاب السياسية و الجمعيات الثقافية الكردية محرمة قانونا، ومنذ عام 1997 و للآن وحسب مصادرنا "تم تغيير أسماء معظم المحال و القرى الكردية إلى أسماء عربية، كما يمتنع موظف أحوال الشخصية من تسجيل أي ولادات جديدة تتم في المناطق الكردية خاصة في الحسكة و عشائر الغجر و بعض القرى النائية إلا بعد أخذ موافقة الجهات الأمنية الخاصة في دمشق، ويحظر ملكية المواطنين الأكراد عامةً لأراض أو عقارات في المناطق الحدودية مع تركيا أو العراق، وتم ترحيل عشرات القرى الحدودية و غالبهم أكراد"باختصار لا يحظى أكراد سوريا بحقوق المواطن كامل الأهلية.

قامشلي-مارس 2004: يتم التعرض بعنف لمواطنين أكراد بسطاء لا ينتمون لحزب أو فصيل، بعد مشاجرة على نتيجة مباراة كرة قدم! عشرات الطلبة يفصلون بقرار موقع من عمداء كلياتهم بالإضافة لرئيس الجامعة(آباؤهم المفترضين)، بعد أيام وفي عيد نوروز (رأس السنة الجديدة لدى شعوب هندو أوربية عديدة منها الأكراد)، يخرج أكراد قامشلي بطعامهم و ملابسهم الملونة و بعض الزهور و الأمل لقضاء عيدهم فيعاقبوا على فعلتهم بالقتل و الترهيب، العام الماضي تتعرض صبية كردية للتحرش فتخرس كل الألسنة الإسلامية ولا يدافع عنها معمم فالضحية كردية، مجند كردي -محمد أوسو علي- يُعذب حتى الموت فلا تجد صور جثمانه الصارخ بهول الجرم من ينشرها، وفي 12 مارس 2006 يتم تطويق وترويع المناطق ذات الأغلبية الكردية بحلب – عاصمة الثقافة الإسلامية لهذا العام، هذا وجه ضمن أوجه لمعاناة أكراد سوريا البعث، ذاك السيف الذي لم يزل... مسلطا على آله قبل أعدائه.

يصدر أكراد سوريا البيان تلو الآخر عما يلاقون ولا مجيب، تواصل أحزابهم التقدمية المطالبة بهامش ديموقراطي كأي مواطن سوري كامل الأهلية فنصفهم بالانفصالية! يدعون الصحافيين للتثبت من صدق معاناتهم لكن اسم سوريا لا يرفق في الإعلام العربي إلا بملف لبنان- الحريري أو عقوبات مجلس الأمن أو القضية الفلسطينية و دعم حماس، أو الدور-الموقف من العنف بالعراق! أهو طبيعي ألا يقترن اسم عاصمة ما إلا بعلاقاتها الخارجية مع طرف إقليمي أو دولي؟

إذا أراد الحالمون بتكامل عربي و إخوة حقيقية بين القومية الأكبر عددا في المنطقة العربية مع القوميات الأخرى داخل حدود الدول العربية، فعليهم الانتباه بحياد للقوميات المتواجدة معنا، علينا التعاطي بتجرد مع مطالبهم العادلة فهم مواطنون لهم ما لنا و عليهم ما علينا، وطالما هم يطالبون و يرتضون بحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة فمن غير المقبول مواصلة الإساءة لهم و توسيع مساحات الاختلاف، ثم نندم لاحقا و نكيل لهم الاتهامات و بعضها كان قابلا لتفاديه.

سيكون من المهين أن ندافع عن كرامة النبي متناسين كرامة وحقوق أتباعه من المسلمين الذين يعيشون بيننا لكننا نقتلهم و نشردهم لأنهم من قومية تتحدث لغة أخرى بالإضافة للعربية التي يجيدونها في الغالب، مسقطين قوله "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى".

سيكون علينا التفكير قبل مهاجمة الازدواجية التي نصم بها مواقف الغرب تجاهنا مقارنة بدفاعه المستميت عن إسرائيل، أن نقول لأنفسنا نحن أيضا انتقائيو المعايير؛ ندافع عن مسلمي الفلبين دون مسلمي سوريا، نتبرع لمسلمي كوسوفو و ننسى مسلمي حلب، نهاجم باستماتة ميلوسيفيتش كقائد عصابات إجرامية و ننكر جرائم الجنجاويد ضد دارفور و نساءها، من بين أخطائنا و من عمق تعسفنا تجاه مواطنينا من غير العرب، يتسرب العدو بألف وجه، فنقيم حفلات الندب و زارات مقاومة التدخل الأجنبي، رغم أن بعض الصدق مع النفس و الإقرار بأننا تعاملنا-كما نصف أمريكا صادقين- بمعايير مزدوجة، كان كفيلا بسد الثغور بوجه الغرباء، سيكون علينا أن نقرأ على ضمائرنا كل صباح "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سفير إسرائيل بالأمم المتحدة: قرار واشنطن وقف بعض شحنات الأسل


.. بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد




.. كاميرا العربية ترصد أوضاع النازحين في مخيم المواصي


.. مستوطنون يعتدون على مقر وكالة الأونروا في حي الشيخ جراح بالق




.. بعد فض اعتصامهم.. طلاب من جامعة السوربون يتظاهرون أمام مقر ب