الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد المسيحي الذي قتلناه

إكرام يوسف

2006 / 4 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نعم .. نحن الذين قتلناه.. وأعني نحن بالتحديد الأغلبية المسلمة الواعية التي تؤمن بأن الدين لله هو وحده الذي سيحاسب الناس عليه والوطن لنا جميعا دون أي تفرقة لأننا شركاء فيه بالميلاد والانتماء والنسب والمواطنة..

نحن قتلناه.. عندما أغمضنا العين عما نراه من انتشار خزعبلات وأفكار مقيتة واردة علينا لم نكن نؤمن بها من قبل، عندما سمعنا أن هناك من لا يقبلون الشراء من عم ميلاد البقال أو تناول الطعام في المطعم الفلاني لأن صاحبه مسيحي.. وعندما سمحنا لأطفالنا الصغار في بعض الأحياء الشعبية بالاعتداء البدني واللفظي على اخوتهم المسيحيين وحاراتنا تحفل بمسميات سخيفة يطلقها أطفال لم يربهم أهلهم على الإسلام الصحيح ..فيشعر أطفالنا المسحيون بالقهر يتربى لديهم من صغرهم لأنهم لايستطيعون الذود عما يؤمنون في مواجهة أغلبية متعجرفة..

نحن قتلناه.. عندما لم نرد بقوة على من يروج لأن المعركة بيننا وبين المستعمرين والطامعين في بلادنا هي مع الغرب الصليبي، ولم نقف بحزم لنؤكد أن المعركة ليس
لها علاقة بالأديان وإنما هي معركة الذود عن وطننا جميعا مسلمين ومسيحيين ضد قوى طامعة في الهيمنة على العالم ونهب ثرواته ولا يهمها في سبيل ذلك أن تهدم مساجد أو أديرة.. وتستخدم في سبيل ذلك عملاء لها أغلبهم في الحقيقة مسلمين بالاسم والنسب والهوية...

نحن قتلناه عندما لم نرد بحزم على من يقولون أن اخوتنا المسيحيين (ولا أقول الأقباط لأننا جميعا أقباط كما تعلمون).. أقول عندما نرد على من يقولون أن إخوتنا المسيحيين يوالون الغرب ويستعدونه علينا.. فعممنا ما يفعله بعض فاقدي الانتماء في الخارج (أو الداخل) على جميع اخوتنا وشركائنا.. ونسينا أن بين من يحملون بطاقة هوية اسلامية من هم أشد خيانة وموالاة للاستعمار والصهيونية

نحن قتلناه .. عندما اعتبرنا الأمر لا يعنينا وسكتنا على أساليب التضييق الحكومية المفتعلة على اخوتنا في أداء شعائرهم وإقامة ما يشاءون من كنائس فيما يمتلكون من أرض كما نقيم نحن ما نشاء من مساجد.. وسكتنا على الاستفزازات التي تتم لهم علنا في برامج تليفزيونية تسبهم وتهين عقائدهم التي لا يحق لنا إهانتها مهما اختلفنا معها.

نحن قتلناه عندما سكتنا على البعض الذين يحاولون التهوين من الجريمة وفي نفس الوقت التهويل من رد الفعل عليها ويستكثرون أن يكون للمجني عليه رد فعل فيحرمون على المطعون أن يصرخ بأعلى صوته ويلعن طاعنيه

نحن قتلناه.. لأننا ابتعدنا عن تعاليم ديننا الصحيح وقول رسولنا "من أذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة" وقرآننا الكريم الذي يقول "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين" ويقول "لتجدن اقرب الناس للذين امنوا الدين قالو انا نصارى"
ولا أستثني بالطبع من المشاركة في القتل بعض من يحمل هوية تنص خانة الديانة فيها على أنه "مسيحي" وهو يشارك في إشعال نار الفتنة بالهتاف ضد بلده والتهديد بالاستعانة بأمريكا أو حتى بشارون،لكنهم بالطبع لايختلفون عن مسلمين بالاسم أيضا يدعون للاستعانة بأمريكا ولا يمانعون في أن تحتلنا كما فعلت في العراق لتنشر ما يسمونه بالديمقراطية.. فهؤلاء وهؤلاء عملاء مأجورون.. وأنا لا أتحدث إلا عن الشرفاء أصحاب البيت الحقيقيين.

باختصار.. نحن قتلناه لننا لم نكن مسلمين حقيقيين .. ولم نطبق العدل الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى.. واعتبرنا أن من حقنا أن نعاقب اخوة لنا لأنهم لم يختاروا نفس معتقداتنا.. ونسينا أن الواحد الأحد هو الذي سيفصل في النهاية بين مؤمن حقيقي ومؤمن بالوراثة والنسب.. وأن معاييره في المحاسبة والحكم لا تدركها عقولنا القاصرة وتختلف عن معاييرنا المتخلفة في الحساب

لقد عودتنا حكومتنا من أيام السادات أن تندلع فتنة طائفية ينشغل فيها الجميع بمجرد أن يقع النظام في ورطة تنزع عن عورته ورقة التوت، فكانت أولى الفتن الطائفية بينما يموج المصريون بالغضب ويطالبون في الجامعات والمصانع عبر المظاهرات والاجتماعات بخوض حرب تحرير لاستعادة ما سلب منا في 1967 واستمرت الفتن فاندلعت فتنة بعد زيارة القدس "إياها" ولوراجعنا تواريخ الفتن الطائفية في المجتمع المصري لوجدناها تتواكب عادة مع مأزق وقع فيه الحكم.. ولا أستبعد أن تكون أحداث الأمس القريب في الإسكندرية محاولة للتشويش على تصريحات مبارك "الورطة" التي زعم فيها أن الشيعة في العالم العربي ينتمون لإيران أكثر من ولائهم لدولهم وما تبع ذلك من ردود فعل عربية ومصرية لم يخفف منها محاولاته أو محاولات رجاله التخفيف من اثر التصريحات ومحاولة لي عنق الكلمات لتعني غير ما
عنت بالفعل
لقد سارع عدد من ذوي النوايا الحسنة من المسلمين الطيبين إلى إبداء الاعتذار لأخوتهم المسيحيين (ولن أقول الأقباط فكلنا أقباط في مصر كما تعلمون) لكنني لا أستطيع الاعتذار.. ولا أجرؤ عليه..
لن أعتذر..فلا معنى لاعتذار من قاتل دم ضحيته على يديه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض