الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقائد أرضية: خرافة العقائد السماوية

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2019 / 1 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السماء تصور وخرافة كهنوتية أخرى، من جملة تصورات كهنوتية غيبية خرافية قاصرة رُسمت عن العالم والكون بقصور وضمور العقول التي رسمتها في حينه، فلا وجود عملياً ولا علمياً لشيء اسمه سماء كما يتم إيرادها بالمفهوم الغيبي، فالسماء، وكما وردت بالكتب المسماة بالسماوية هي عبارة عن "سقف" محدد بعلو وارتفاع محدد و"طابق" أي طباقاً، أي هناك عدة طبقات، وتنتقل بها الكائنات الخرافية من طابق لطابق، دون معرفة الآلية وطريقة الانتقال، وهي بذلك، أي السماء، مجرد خرافة وتصور بشري قاصر قياسي وأنسنة واضحة لشكل الكون برسمه على شكل البيوت ومساكن وحياة البشر ومستوى التفكير في حقبة التفسيرات الغيبية للكون، وإسقاط ذلك على السماء، ولو كانت البشرية قد توصلت للاختراعات الحالية والإنجازات البشرية العلمية الحالية لرسم الأنبياء والكهنة والشيوخ ورجال الدين تصوراً آخر للكون والله والسماء، مختلفاً ومتناقضاً تماماً، مع التصورات القاصرة المتوارثة، فربما كان "الله"، مثلاً، عبارة عن "كومبيوتر" عملاق يحتفظ بملفات و"داتا" لمليارات البشر على "سيرفرات" عملاقة خاصة لا تتلف، ولا يمكن لـ"فيروس" أن يضربها، ولديه كاميرات بدقة "بكسل" خرافية وأقمار صناعية تراقب على مدار الساعة حركة مخلوقاته وتسجل ذلك أوتوماتيكيا كما يحدث اليوم بالمولات والشوارع والمكاتب العامة والشركات ووو، وليس مجرد امتلاك "صحف أولى" بالية ومكدسة بأكوام وتقوم بتسجيل للحسنات والسيئات، ملائكة (موظفون) جالسة تراقب وتكتب وتسجل أعمال البشر ليل نهار وتحصي عليهم أنفاسهم، تعلم ما في الصدور، وتراقب مستويات عمل الوسواس الخناس.
فالفضاء، من هذا المنظور العلمي البحت، هو مجرد فراغ لا متناه غير محدود لا بداية ولا نهاية ولا سقفاً أو "طوابق" (أدوار) له وبالتالي لا وجود لشيء اسمه سماء ومنه، حكماً، لا وجود لعقيدة، وتوابعها، تأتي من هذه السماء، أو رسالة سماوية، أو كائن ما يسكن بها أو قادر على بلوغها، فالعقائد أو الأديان (نظم الحياة البدائية)، كلها أرضية، نشأت وترعرعت بالأرض، والعقائد التي تقول عن نفسها سماوية، والتي تبحث وتقرر وترسم شكل الحياة ما بعد الموت وتضع التصورات الميتافيزيقية لها دون وجود أي دليل أو برهان علمي لذلك، هي عقائد خرافية وهمية، لا يمكن الاقتناع بها، أما العقائد والتشريعات الأرضية، التي تعنى بتنظيم حياة والعلاقات بين البشر على الأرض فهي العقائد الأكثر واقعية من تلك التي تقول عن نفسها سماوية.
غير أن الأهم من ذلك كله، هو قيام العقائد التي تقول عن نفسها سماوية، أي أنها نازلة من السماء، بممارسات كلها أرضية عبر الطموح للتحكم بالأرض ومن عليها، ومحاسبة البشر وهم أحياء على الأرض، وليس وهم أموات وبعد الحياة كما ورد بالـ"مانيفستو" الخاص بها وبرسالتها، وادعاء معرفة ما في نفوسهم، وتكفير من يحلو لها ذلك، وتأليه وتعظيم وتقديس من تريد، أي نفي وإلغاء والتطاول على المهنة والعمل والوظيفة الأساسية لمن أرسل الرسالة وهو ذاك الكائن الخرافي العملاق الجبار الذي يسكن بالسماء، وهو صاحب الأمر والقرار بكل ما يتعلق بشؤون الكون ومشتقاته، فنرى بالعقائد التي تسمي نفسها سماوية قيام بشر بتولي مهمة وعمل ذاك الكائن الخرافي، والجلوس مكانه، وإقامة "الحدود" وتطبيق أحكام أصدرها "الله" وإقامة المحاكم "الشرعية" وجعل كل يوم وكل دقيقة في حياة البشر هو يوم حساب وعقاب رغم أن الرسالة السماوية تدّعي أن يوم الحساب والعقاب غير معلوم ولا يعرف توقيته وساعته إلا من يسكن بالسماء، والبشر فيها، وليس الله المفترض، هم من يقررون من هو صالح ومن هو طالح، ومن هو مؤمن ومن هو ضال، ويعلمون ما في الصدور ويصدرون الأحكام الأرضية والوضعية البشرية على الناس، ولا ينتظرون موت البشر وترك أمر محاكمتهم ومساءلتهم نيابة عن صاحب القرار وهو "الله" المفترض، ومن هنا فكل العقائد والرسالات التي تدّعي بأنها "سماوية" هي ليست سماوية ولا من يحزنون أو يفرحون بل مجرد سلطات أرضية تمارس هيمنة كهنوتية ووصاية فكرية وعقلية على كائنات تعيش على الأرض وليس بالسماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اله الكون ساكت
ايدن حسين ( 2019 / 1 / 26 - 05:08 )
الاخ سامي سيمو
المسلم يؤمن بان الله ساكت منذ 1400 سنة
و السبب معروف .. المسلم يدعي ان محمد خاتم النبيين
لكن ماذا عنك
لماذا اله الكون ساكت منذ 2000 سنة ان كنت مسيحيا
مع احترامي
..

اخر الافلام

.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي