الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله أم هاري ميلز !

وعد عباس
كاتب وباحث

(Waad Abbas)

2019 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بمجرد التفكير بالجماهير التي اجتمعت حول الأنبياء وساندتهم ، ووقفت معهم في سرائهم وضرائهم ، تتبادر إلى ذهنك تساؤلاتٌ كُثُرٌ من بينها :
- كيف استطاع أولئك الأنبياء جمع ذلك الجمهور ؟
- أهي معجزة ؟ أم وفق أساليب نفسية معينة ؟
- أكانت الجماهير على قناعة بالأنبياء كشخصيات ؟ أم بشرائعهم ؟
اخترت نبيين من أنبياء الله ، هما : النبي محمد والنبي يوسف ، وبحثتُ في حياتهما لأكتشفَ سر انجذاب الناس إليهما ، والإيمان برسالتهما ، والمراحل التي مرت بها دعوتهما ، فوجدتُ الدعوتين كادتا أن تكونا متشابهتين من حيث المراحل ، وإن الأنبياء قد سبقوا هاري ميلز مؤلف كتاب (فن الإقناع) في معرفة الطبيعة البشرية التي تحترم من يحترمها ، وتحب من يوقرها ويعطف عليها ، وإن أساس الإيمان بالعقائد نفسي لا عقلي ، وإن الانجذاب الوجداني لشخص ما ، يقودك إلى الإيمان بكل ما يقوله ذلك الشخص وما يرد عنه ، دون أدنى درجة من التفحص والتحليل .
المرحلة الأولى : العطف والرحمة التي بدأها يوسفُ منذ طفولته وتمثلت بمساعدة عبيد قصر العزيز ، إذ كان يرعاهم ويهتم بأمورهم ويرسل الطعام إليهم ، ويسمعهم من الكلام أعذبه ، حتى أحبوه حد الإعجاب الشديد ، ولما دخل السجن أخذ يمارس ما مارسه في قصر العزيز ، إذ نشر عطفه على كل السجناء واعتنى بهم .
أما النبي محمد فقد عُرِفَ خلال الأربعين سنة قبل الرسالة بلقب (الصادق الأمين) ، ما يدل على أخلاق فاضلة تميز بها هذا النبي قبل نبوته ، جذبت كثيراً من شباب مكة إليه وشيبتها .
المرحلة الثانية : بعد أن ضمن يوسفُ إعجاب عدد لا بأس به من الناس بل ومن ذوي النفوذ في مصر ومنهم (قائد حرس العزيز) ، بدأ مرحلته الثانية التي تمثلت بدعوة شبه سرية ، تضمنت دعوة السجناء الى دين التوحيد ، فما كان منهم إلا أن آمنوا به ، وقال له بعضهم (إذا كان ربك عطوفا مثلك فلماذا لا أؤمن به ، نحن لا نعرف ربك لكنه بالتأكيد ربٌّ عطوفٌ مثلك ، ... الخ) وهذا يكشف عن أن الناس معجبون بيوسف لا بربه ، وحبهم له قادهم إلى الإيمان بربه الخافي عن الابصار .
أما محمدٌ فبعد أن ضمن إلى جانبه خيرة شباب مكة الذين أعجبوا به لصدقه وأمانته واخلاقه الفاضلة ، بدأت دعوته السرية ، فآمن به من كان يتوقع إيمانهم ، والذين سيعتمد عليهم في المرحلة القادمة .
المرحلة الثالثة : بعد خروجه من السجن بدأ يوسف مرحلته الثالثة التي تضمنت غمر أهل مصر بالعطف والحنان ، وإظهاره لنفسه على أنه رجل عطوف يعتني بأهل مصر وحكيم ذو فطنة قادر على تفسير الاحلام ، كما تضمن فضح معبد الإله بطريقة ذكية ، فمن فضائحه لهم مثلا أنهم حين رموا الحنطة الفاسدة في النيل ، جمع الناس وطلب منهم رؤية ذلك الفعل ، وقال نائبه – مالك - المرسل من قبله : أيها الناس هذا ما زرعتموه وأجهدتم انفسكم في سبيله قد ضاع في النيل ، فبدا للناس أن لا مشكلة شخصية ليوسف مع الكهنة ، وإنما مشكلته هي مصلحة الناس ، وبعد أن غمرهم بكل هذه الرحمة والعناية لسنوات طوال ، بدأت المرحلة التالية .
أما النبي محمد فقد أعلن دعوته ، واظهر للناس عطفه ورحمته التي أتمها بان قال للذين على غير دينه في يثرب بان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ، اضافة إلى مواقف أخرى زاد فيها من قناعة المسلمين به وبنهجه ، لا يسع المقال لذكرها ، من بينها مؤاخاته بين المهاجرين والانصار وبين الأوس والخزرج ، ووصاياه خلال الحروب بعدم الاجهاز على جريح ، وعدم إيذاء الأسير ، وعدم قطع الاشجار ... الخ . وايضا اطلاقه سراح الأسرى في غزوة بدر
المرحلة الرابعة : أعلن يوسف أن التوحيد هو الدين الرسمي في مصر ، ولكن لا يجوز للموحدين أن يؤذوا اخوانهم الذين بقوا على دين أجدادهم ، وبذلك استطاع اقناع مجموعة كبيرة أخرى فانضمت إلى دينه .
ما يكشف عن ان الله خبيرٌ بفن الإقناع ، فقد امضى أنبياؤه سنوات في حب الناس واحترامهم ، وإظهار الله لأنبيائه على أنهم أناس ذوي اخلاق فاضلة .
فماذا أعددتم ايها المسلمون لإقناع الناس بدينكم ودعوتهم إليه ؟ سوى فنون القتل التي امتزتم بها عن غيركم !
تذكر أنك يجب أن تقنع الناس بك كإنسان ، بعدها سيعجب بك ويقرأ دينك ، أما أن يقرأ عن دينك وأنت بهذا الوضع ، فهذا أمر محال ، لأن الناس من قبل اقتنعوا بالأنبياء أول الأمر لا بربهم وشرائعهم .

مستل من كتابنا
التقيتُ الله وحدثني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا