الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتراب المبدعة العربية ، ما الاسباب ؟

صبيحة شبر

2006 / 4 / 21
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


تعاني المراة العربية المثقفة من أنواع مترابطة متشابكة من الاغتراب سواء في وطنها ، او في غيره من الأوطان التي تذهب اليها ، اذ لا يفهم الآخرون ما ذا تريد ان تقول / وماذا تقصد ه من أفكار ومعان ، فكلماتها المثقفة المستمدة مما اطلعت عليه من كتب ، وما آمنت به من وجهات نظر حين قراءاتها للنظريات العلمية والأدبية الحديثة والتي لم يتمكن الآخرون من الإطلاع عليها ، كما ان لغة المثقفة عالية المستوى ، رقيقة الأسلوب ، وقد لا يمكنها ان تجاري عامة الناس الذين لم يحصلوا على الثقافة العالية ،، ولم يطلعوا على الأسلوب الرفيع ، فان المراة المثقفة عادة تتهم انها تقول أشياء لاتفهم ، لانها تلجأ عادة الى المجاز والاستعارات ، في كلامها ، فتزين حديثها ، بما لا تستطيع الأذن العادية ان تلم به وتفهمه ، وتدرك المراد الحقيقي منه ،، بينما الرجل يحرص غالبا على ذكر الأمور التي يفهمها السامعون ، والسبب يعود الى تفشي الأمية بين صفوف النساء العربيات أكثر بكثير من انتشارها بين صفوف الرجال العرب ، كما ان الرجال عادة ما يكونون اكثر حرية في الاتصال بالثقافات العالمية بسبب السفر والصداقات التي يعقدونها ، بالاضاقة الى ان لغة المراة أكثر شاعرية من الرجل بسبب رهافة أحاسيسها ورقة مشاعرها المتأصلة بها ، وهذه الصفات مما لايمكن ان يخفى على المنصفين ، المراة المثقفة في محيط الأسرة والعمل قد تردد كلمات ثقافية ليس بمقدور السامعين ان يفهموها على حقيقتها ، فتتهم أحيانا إنها خيالية لاتفهم الواقع وتعيش في عالم غامض من المشاعر والاحاسيس ،،وإانها تحيا بعالم من اختراعها هي لا يدركه الواقعيون
المراة المبدعة في عالمنا العربي الإسلامي في مختلف مجالات الإبداع من كتابة ورسم ونحت وتمثيل وعزف ورقص ، كل هذه المجالات تعاني المراة العربية فيها من سياسة التهميش والإلغاء ، وتتهم المراة بها انها معقدة تقول أشياء لا يفهمها الحاضرون ، فإذا ما رسمت لوحة فنية اتهمت لوحتها انها تقول أشياء عديدة قد تكون اللوحة بعيدة عنها في واقع الأمر ، والمراة الكاتبة ان كتبت قصة او رواية اتهمت انها مارقة خرجت على ما تعارف عليه المجتمع الكريم منذ مئات السنين ، وقد تتهم انها تتحدث عن تجربتها الشخصية ، واذا ماكانت الشخصية الرائية او القصصية تتمتع ببعض الحرية ، طاب لبعض القراء او ممن يحلو لهم ان يصفوا أنفسهم انهم نقاد ،، انها تخون زوجها ان كانت القصة عاطفية وان تحدثت عن الخلافات الزوجية وهي كثيرة في مجتمعاتنا العربية اتهمت انها تسب زوجها ناشرة على الحبل خلافاتهما الزوجية ، ويتناسى أولئك المنتقدون ان التجربة الأدبية التي تجعل الأديب يكتب ليس شرطا بها ان يعيشها بنفسه اذ قد يكون قرأها ،، فأعجب بها ،، كما فعل الشاعر المعروف علي محمود طه عندما تحدث عن فتح الأندلس على يد القائد الشهير طارق بن زياد ، فان الشاعر لم يحضر حادثة فتح الأندلس وانما قرأ عنها وأعجب بها واستطاع ان يكتب لنا عن تلك التجربة الخالدة أعظم القصائد الشعرية وأجملها ، لهذا كانت تجارب المراة العربية ادبيا مقتصرة على الامور التي لاتسبب لها النقد والهجاء ووتكون بعيدة عن امكانية اتهامها ،،انها قد خرجت على التقاليد المعترف بها ، اغلب أديباتنا يتحدثن عن الحب العذري وعن النضال ضد الاستعمار ، تاركات المجالات الأخرى ، وعي متنوعة و جميلة فعلا ومن حق المراة العربية ان نحياها وتكتب عنها ، المراة العربية المبدعة مجالات الإبداع عندها محدودة ، على الضد من أخيها الرجل الذي نراه حرا بالتطرق الى كل الأمور ، المراة العربية تخشى من كلام الناس ومن الاتهامات التي يمكن ان توجه إليها من انها عاشت التجربة حقا ، لهذا نرى مجالات الإبداع لديها محدودة ومقصورة على الأمور التي لا تسبب نقدا او استهجانا من جاهل لم يتعلم بعد ما هو الأدب ؟ وما هي مميزات الإبداع ؟ ولا سيما في المجتمعات التي تشتد بها التقاليد الرجعية التي تقلل من شأن المراة ولا تعترف بحقها الطبيعي والعادل بتكافؤ الفرص ،،المراة العربية المبدعة تعاني من شعور بالغربة د=اخل وطنها ، فاذا ما اجبرت على ترك وطنها العزيز الى وطن اخر بديل نتيجة اسباب معينة فان احساسها بالغربة قد يتضخم وتزداد وطأته على نفسها المرهفة الزاخرة بالاحاسيس ، فهي تظل تحيا بالوطن وان ابتعدت عنه كثيرا ، وتبقى احلام ذلك الوطن البعيد والامه واوجاعه من الضخامة والكبر حيث لاتستطيع ان تنساها ، واذا ما حاولت ان تجد لها متنفسا به بعض الراحة ، فان تلك الالام والاوجاع ما تلبث ان تناديها ، وتحيط بحياتها لاتحدث عن نفسي مثلا
، فقد أرغمت في العراق مثلا على الهجرة منه الى أوطان بديلة رغبة بالأمان والهروب من البطش والتنكيل الذي تعرض له العراقيون ابان حكم الدكتاتورية الطويل ، والابتعاد عن الوطن يسلب المهاجر،، الشعور بالانتماء والدفء الذي يمنحه الوطن له بوجود الأحباب والأصدقاء والأهل والإخوة ، وان كنت احيا في وطن شقي ، يشاركني اللغة والاهتمامات والتاريخ المشترك ،، فان العراق بوضعه الحالي ينادي ابناءه ان يلبوا دعوته المتكررة بان ينقذوه مما الم به من خراب ،، والعراق اليوم يعاني من تصارع الاحزاب ومن انعدام الامن والأمان ، والشعور المتفاقم ان الأعداء المجهولين والمعلومين ،، ما فتئوا يتربصون بالإنسان البريء الأعزل وهو واقف حائر ،، لاحول لديه ولا قوة ن يساءل نفسه ماذا جنى ليعاقب هذا العقاب الأليم والقاسي دون ان يحظى بجواب شاف يضع حدا لعذاباته المتعددة التي مازالت تتزايد وتفتح فاها طالبة افتراس حيوات الآمنين ، وبلا ان يعثر على ضالته في معرفة الأسباب التي تجعل حياته قاسية اليمة بلا أي امل ان يكون الغد المشرق قريبا
المراة العربية المبدعة تعاني من تشعب الاهتمامات وتزايدها ، مما يسبب الإرهاق والتعب ، فهي تشتعل خارج المنزل لتساهم في إشباع طلبات الأسرة والأولاد ، وهذا العمل يأخذ منها الكثير من الوقت الذي يمكن ان تستغله في تنمية معلوماتها وتثقيف نفسها وصقل موهبتها ، كما ان المراة تتراكم عليها الأعباء المنزلية ، مما يسبب تعبها فلا تجد الوقت المناسب لكي تعنى بإبداعها ، فتضيع الفكرة وراء الفكرة وهي تلبي العديد من الطلبات التي يطلبها الاخرون منها وتنسى طلباتها التي قد تكون مصيرية واساسية
ان لنا ان نهتم بالإبداع وان نعنى به ، فهو ثروة للوطن وللناس وان لنا ايضا ان نهتم بالمراة المبدعة التي تتراكم عليها الأعباء فلا تدع لها وفتا كي تصقل ابداعها وتتقنه وتتغنن في موهبتها وايجاد السبل الكفيلة في ابراز كتاباتها في ثوب جميل ممتع قادر على التاثير وامتلاك الاعجاب ،، ان ما يدعو الى الابداع والى الاجادة به ان تكون العواطف في قلب المبدع حية قوية ، تاخذ بيده وتدفعه الى الكتابة والى الفنون الاخرى ، والمراة بما حباها الله من عواطف جياشة واحاسيس مرهفة ، تكون قادرة على التعبير عندما يكون قلبها عامرا بالدفء والمحبة والحنان ، اما اذا كانت تشكو الغربة والوحدة ، وتسهر لوحدها بعيدا عن الخلان والأصحاب ،وتكون حياتها سلسلة متواصلة من الاعمال المرهقة التي لامعين بها ولا مساعد ، لاروضة جميلة تكون في طريقها الشاق الطويل فتمنحها بعض الراحة ، ولا حبيب رحيم يشاركها همومها ، ويخفف عنها الاوجاع المتراكمة ، فان عاشت المراة العربية محرومة من الراحة ومن لمسات الحب الظليلة ،، فسوف يكون إبداعها مصبوغا بألوان الحرمان ، مغلفا ببرد الصقيع الذي تحياه يحدثها القلب دائما بمتاعب لازال الاهل يتلقونها في العراق مثلا وهي عاجزة تماما عن المساهمة بتخفيف الآلام والحيلولة دون تفاقم الأحزان ، فتترك الموهبة تذبل شيئا فشيئا دون ان تتمكن المبدعة من بذر بذور التفنن والتجميل التي لابد منها في كل فن ، والأدب في الصدارة منها والتي يجب العناية بجمال الشكل بالاضافة الى سمو المضمون ونبل المعاني واهميتها في الدفاع عن قيم العدالة والحق المبدع العربي يجد نفسه محروما من الوان متعددة من الحقوق التي يحظى بها المبدع في البلدان المتطورة ، من امكانية العيش المرفه الجميل ، والضمان الصحي ، والمعونة الاقتصادية ، ومن توفر الاعلام المشجع الذي ياخذ على عاتقه الاخذ بيد المبدع سواء كان فنانا ام اديبا ، كما يحظى بالحرية المتوفرة والتي لايعاقب عليها القانون
ويتكمن ان يحيا حياته ويتمتع بها متذوقا كل الطيبات التي حباها الله ، نجد كل هذا بينما المبدع العربي يعاني من كل شيء ، انعدام الحريات ، الغلاء الفاحش الذي يقضي على كل حلم في الرفاهية ان استطاع المبدع ان يحصل على العمل ، واكثر المبدعين في وطننا العربي يعانون من شظف العيش ان كانوا يحظون بالعمل ومن البطالة ان لم يتمكنوا من الحصول على تلك النعمة البعيدة المنال ، يعاني المبدع العربي من تشعب الاهتمامات وكثرتها ومن عدم الاهتمام به وبابداعه من مختلف وسائل الاعلام ، والمراة العربية في الصدارة دائما في التهميش وعدم فهم ابداعها او تشجيعه بالطريقة المناسبة وتعاني من ضياع حقوقها الكثيرة كما تعاني من عدم فهم الغالبية من الناس لمعنى ما تبدعه المراة العربية وكانها من جنس حكم عليه ابدا بالحرمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتقادات حادة لتنازل أممي ضد النساء لصالح حكومة طالبان


.. نصب لشيرلي تشيشولم




.. اليمن النازحات في مواجهة الحرب والجوع والفيضانات


.. رغم الإحباط والرفض تونسية تنجح في إنتاج السكر والعسل من ن




.. مركز الأمل لمعالجة الإدمان يساهم في الحد من تفشي آفة المخدرا