الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


# # الغراب لن يغرد أبداً !

عبد الحكيم الكعبي

2019 / 2 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


# الفكر السلفي: سرطان العصر وبؤرة التخلف والفساد والإرهاب:
يُحكى: أن غرابا أراد أن يقلد صوت البلبل فلم يستطع، ثم أراد أن يرجع غرابا فنسي، فبقي في حالة عدم التعيين، فلا هو غراب ولا هو بلبل، وهذا هو حال السلفيين اليوم وغدا وما بعده.
يقع المتطرفون عادة ـ ونتيجة للجهل ـ في خلط والتباس وعدم القدرة على التمييز بين مفهومين أو مصطلحين هما (الأصالة) و(السلفية)، فالأصالة لها مفهوم إيجابي حي، لأنها تجمع بين عنصرين متتامين هما: الِقدم، أي الجذور الضاربة في التاريخ، وبين الحيوية أي الاستمرارية والتواصل في العطاء.
أما السلفية، التي هي دعوة إلى إتباع خطى السلف ـ بقطع النظر عن مفهوم الزمان والمكان ـ فهي وفق هذا المعنى عكس الأصالة تماما، أي التمسك بالقديم بشكلياته وأنماطه بما فيها تلك التي ماتت واندثرت ولم يعد لها القدرة على العطاء أو الانبعاث من جديد ، بحسب سنّة الحياة المتجددة وقوانين الكون التي أوجدها الخالق ـ جلت قدرته ـ

السلفي: إنسان مقلد، إضافة إلى أنه قد أهمل الزمان والمكان واغتال التاريخ وأسقط العقل. يعيش السلفي في القرن الحادي والعشرين مقلدا القرن السابع الميلادي؛ والتقليد هنا مستحيل، لأن ظروف القرن السابع تختلف عن ظروف القرن الحادي والعشرين، فمهما حاولنا الرجوع إلى القرن السابع لا يمكننا أن نفهمه كما فهمه أهله الذين عاشوه فعلا، لأننا نرجع إليه من خلال نص تاريخي فقط، ولهذا السبب وقع السلفي في فراغ فكري وصل إلى حد السذاجة، فقد ترك القرن الحادي والعشرين عمدا، ليعجز في الوقت نفسه عن أن يعيش في القرن السابع كما عاشه أهله، فوقع في شرك الغراب.

إن هذا الهروب المقّنع للسلفيين، أو قل الفشل الذريع والهزيمة أمام تحديات العصر الحديث ومتطلباته، جاء بسبب أنهم حجّروا الإسلام وفق نمط واحد في قولهم (إن الإسلام هو وفق نمط القرن السابع الميلادي)، ويقولون في الوقت نفسه، (إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان) !؟، ومن هنا وقعوا في معضلة غير قابلة للحل ـ نتيجة لجهلهم في فهم حقيقة الإسلام نفسه ـ كل ذلك الفشل أوقعهم في شراك النزعة العدوانية وزرع في نفوسهم روح الكراهية للآخرين وكل ما يحيط بهم، ثم تحول هذا الشعور إلى أفعال عنف وقتل وتدمير، والتمتع بإزهاق الأرواح ومرأى الدماء تسيح من الأبرياء أطفالا أو شيوخا أو نساء، مع الحرق والتدمير للممتلكات وكل ضروريات الحياة العصرية.

وجدير بالإشارة إلى أن الظاهرة السلفية لا تخص مذهبا محددا، فهي موجودة بشكل أو بآخر في كل المذاهب، ولا تخص الإسلام وحده، فقد عرفت العديد من دول العالم هذه الظاهرة في القضايا الدينية والسياسية والفكرية والمذهبية، ووجدنا أشكالا للسلفية تطرح حلولا نظرية تعمل في فراغ وفق نموذج متحجر وتعده منهجا مقدسا لا يمكن الخروج عنه، إنها تيارات لا تعيش زمانها ولا تتفاعل معه، وقد أثبتت الأحداث فشل هذا النموذج وعجزه عن تقديم الحلول لمشاكل الواقع المعاصر ومتطلباته.
ــــــــــــــــــــ
المصادر:
ـ عبد الحكيم الكعبي، التعددية الفكرية وشرعية الاختلاف.
ـ محمد شحرور، الكتاب والقرآن قراءة معاصرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين


.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ




.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح


.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا




.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم