الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنمر أنظمة

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2019 / 2 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حاولت تصنيف ما تفعله بعض الأنظمة العربية بخيرة أبناء البلد من متعلمين ومثقفين ونابهين، من مطاردة وتشويه وتنكيل وتلفيق تهم فلم أجد تصنيف ملائم أكثر من "التنمر" .
وللحصول على فهم أكبر حول أسباب ذلك قرأت في مجال علم النفس بعض المقالات المتخصصة التي تبحث في نفسية الشخص المتنمر، وقد أجمعت هذه المقالات على أن المتنمر شخص لم يتلقى تربية حسنة، فقد نما في وسط لا يحترم فيه الأباء والأمهات بعضهم البعض ولا يعاملون أولادهم بالشكل اللائق.
أي أن التنمر بدأ في المنزل، الأب يتنمر على الأم – أو العكس – وكلاهما يتنمران على الأطفال فلا يجد الطفل سوى زملاءه ليفرغ فيهم هذا النوع من القهر فيبدأ في التنمر عليهم وايذاءهم، وعندما يكبر هذا الطفل الغير سوي ويمسك بأحد المناصب أو حتى تتاح له الفرصة لايذاء غيره فلن يتوانى للحظة فهذا يعوض الكثير مما لديه من نقص ويفرغ طاقة الغضب والاذلال التي لديه.
الأمر الثاني يكمن في شعور المتنمر بالعار، فالأنظمة المتنمرة كلها بلا استثناء أنظمة فاسدة لا يتورع افرادها عن ارتكاب أي نوع من الجرائم، وهم يعملون ضد صالح البلد وصالح الشعوب على طول الخط، ولا يعنيهم الا ما يصل اليهم من مصالح خاصة ولو كان ذلك سببا في دمار وخراب المؤسسات التي يتحكمون بها أو تبديد وتجريف ثروات شعوبهم وافقارهم وامراضهم وتدمير اقتصاد الدولة.
ان هذا الشعور بالعار يجعل لدى افراد النظام كراهية شديدة ضد كل انسان شريف وكل انسان وطني وكل انسان جاد ومجتهد وكل انسان موهوب فهؤلاء يذكروهم بمدى حقارتهم واجرامهم، ولذلك يعمل شخوص النظام على تشويه كل من تثبت عليه تهمة الشرف وقد يتم ادارة الآلة الاعلامية بالكامل من اجل هذا الغرض، حيث لا يصبح لهم شغل شاغل الا تشويه الشرفاء، ولا يصبح للأجهزة الأمنية شغل شاغل الا تتبع سقطات المعارضين وانتهاك أدق خصوصياتهم، بينما لا يحرك هؤلاء اصبعا تجاه المهربين وتجار المخدرات واللصوص والداعرين وكافة صنوف المجرمين فهؤلاء لن يشعروا امامهم بالضئالة وانما هم ادوات قد يستخدموها في اغراضهم الدنيئة عند الحاجة.
اما السبب الثالث فهو الشعور بالضعف وانخفاض الثقة بالنفس، وهو ما يجعلهم يحاولون اظهار قوة خارجية تخيف من حولهم، فبمجرد أن يطلع الناس على مدى خواء وضعف هؤلاء وقلة ما لديهم من موهبة وعلم وثقافة ووعي سيحتقروهم، ولذلك هم يتعمدون الفجر في الخصومة وينكلون بالشرفاء اقصى واقسى درجات التنكيل لينشروا الخوف ويخرسوا الجميع.
ان هذه الأنظمة من كثرة ما شهرت بالمعارضين والخصوم بالأكاذيب لم يعد هناك من يصدق اكاذيبهم ولذلك اصبحوا يوقعون بالناس من خلال التجسس عليهم وتتبع عوارتهم فربما يقعون منهم على شئ يمكن استخدامه عند الحاجة، فإذا لم يكن في حياة هؤلاء ما يمكن أن يشينهم، فسيستخدم النظام المراقبة في حد ذاتها كعقوبة للتنكيل بالناس والتضييق عليهم.
وبالنسبة للسبب الرابع فهو أن هؤلاء يفتقرون الى الصداقة الحقيقية النزيهة فيجمعون حولهم ضعفاء النفوس ممن يتقون شرهم بخدمتهم أو يحاولون تحقيق مكاسب من خلال الانصياع لرغباتهم المختلة.
ولذلك لا يؤيد هذه الأنظمة الا مجموعة من المنتفعين المنافقين معدومي الموهبة ممن ليس لهم أي قيمة في دولة قانون يحتل فيها المناصب اصحاب الكفاءة، وهؤلاء المنافقين ينقلبون على النظام بمجرد أن تنتهي المنفعة التي كانوا يتحصلون عليها منه، وهم ينافقون كل من كان في السلطة أيا كان هذا الذي في السلطة ومهما فعل طالما مصالحهم الخاصة محفوظة.
ان هذه الأنظمة ضعيفة .. مشوهة .. ضئيلة .. فقيرة اخلاقيا .. ولو عرفت الشعوب مدى ضعفها لما تركتها يوم واحد تتحكم في الثروات والرقاب، ولذلك فهذه الأنظمة حريصة على نشر الجهل وتغييب الشعوب وتحارب الكلمة بكل وسيلة ممكنة فهي قبل غيرها تعلم بمدى وهنها وتعلم أن اليوم الذي ستفهم فيه الشعوب هو اليوم الذي ستنتهي فيه هذه الأنظمة الى الأبد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو