الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2019 / 2 / 27
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



أملى هذا المقال على ابنتى الكاتبة الشاعرة د. منى حلمى، لعدم قدرتى على قراءة الحروف. أرقد بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة، بعد قرار الفريق أول محمد زكى، وزير الدفاع، بعلاجى على نفقة الدولة. يحوطنى الحب والتقدير، ابتداء بالمدير العام للمستشفى اللواء طبيب بهاء الدين أحمد مرسى، واللواء طبيب إيهاب يعقوب رئيس قسم العيون، واللواء طبيب أحمد فوزى رئيس قسم الأعصاب. وأحظى بالاهتمام من جميع العاملين والعاملات، وهيئة التمريض، وشباب الأطباء والطبيبات. كنت رغم المحن التى مررت بها، أؤمن بأن الانسان برىء حتى تثبت إدانته وأن الطبيعة البشرية، تميل الى فعل الخير.


فى طفولتى، وخلال مراحل عمرى المختلفة، سببت لى أفعال الناس الكثير من الأذى لكن إيمانى بقدرة الانسان، امرأة أو رجلا، على تغليب الخير، والحب والتسامح، ونبذ الكره والضغائن والانتقام لم يتزعزع يوما. وقد شاهدت قصصا إنسانية عظيمة، من أبسط الناس، تؤكد قدرتهم على العطاء دون مقابل، وتثبت أن النبل الإنسانى، متغلغل فى أعمق الجذور. لم تعد العلوم الإنسانية، تتكلم عن الطبيعة البشرية الثابتة، للإنسان امرأة أو رجلا، بل عن الدوافع، التى تقود البشر الى سلوك معين, تحت ظروف اجتماعية، وسياسية معينة. فى محنتى الأخيرة اكتشفت، بل أعدت اكتشاف قوة الحب فى الانتصار على الشدائد، وقوة الانسان على النجاة من المرض، أو حتى الموت.

كل يوم هناك القصص للبشر، نساء ورجالا، المريضات والمرضى الذين أوقفوا تغلغل السرطان فى أجسادهم، رغم تأكد الطبيب من أن حالتهم ميئوس منها. واذا بالطبيب يموت قبل المريض. واذا المريض بقوة الحياة، وارادة التحدى، يقهر الخلايا الخبيثة. بل أصبحت هذه القصص، مألوفة، بعد أن كانت ـ يوما ـ من العجائب، والنوادر. وكم هو عجيب هذا الانسان، امرأة أو رجلا، الذى يفجر كل لحظة، الحقيقة الأزلية الأبدية المتجددة، أن حب الحياة ليس مجرد غريزة تتدفق دون سيطرة. ولكنه إرادة، واعية يمكن للإنسان أن يتحكم بها ويوجهها بالقوة التى يريد، أينما شاء.

تظل العلوم الطبيعية والانسانية ومنها علم الطب قاصرة عن فهم ذلك الإنسان العجيب، الذى يتنبأ له الجميع بالموت أو فقدان البصر أو فقدان الحركة أو فقدان العقل والمنطق والذاكرة او حتى الجنون. فاذا بهذا المجنون أو المجنونة تكتشف من الفنون والعلوم ما لم يكتشفه عباقرة العلم وجهابذة الطب. نعيش فى عالم شديد القسوة على الفقراء والضعفاء والنساء، شديد الظلم على منْ لا يملك أسلحة السلطة والمال، شديد البطش بالانسان الذى لا يملك إلا الحلم، والأمل. لكن مهما تكن قسوة وظلم وبطش هذا العالم، الا أنه يقف عاجزا أمام الانسان الممتلئ بالأمل، والانسانة التى ترفض أن تُستلب أحلامها فى عالم أكثر انسانية، وعدلا، وحرية. هذا العالم الذى ينفق المليارات من الدولارات، على انتاج أسلحة الدمار الشامل، ويقتل الآلاف من الأبرياء، ويدمر فى حروب مختلفة المدن، والقرى، الآمنة، لا يمكنه تدمير الضمائر الحية المتشبثة بتأسيس حضارة عالمية جديدة.

ربما الزلازل والفيضانات والحرائق وحوادث الارهاب والأعاصير واحتمالات الافلاس والخسارة المادية، ومصائب الأقدار غير المتنبأ بها، غير المنطقية، لا تخيف العالم، مثلما يخيفه الانسان، الذى لا يتسرب اليه اليأس، والاحباط رغم الفشل أو الهزيمة، ويظل مشحونا بطاقة أمل لا تنضب. والأمل لا يقترن دائما بالنجاح، وتخطى الحواجز. هناك نجاح يصعد على أكتاف تجارب من الفشل. والسقوط من فوق أحد الحواجز، يمدنا بالقوة واليقظة اللازمتين للحواجز القادمة. حينما يسألوننى عن معنى النجاح، أقول: إنه الانتقال من فشل الى فشل دون فقدان الأمل، والنهوض بعد الوقوع عدة مرات. كان يمكن لفصيلة البشر أن تندثر، من فوق كوكب الأرض، لولا الانسانة، والانسان، الذى يؤمن أن حقه فى الأمل، وحلم التغيير، أول حقوقه الإنسانية وأيضا أول واجباته. لست أبالغ حين أقول إن الأيام التى أقضيها فى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة، أعادت الى الثقة فى وطن عظيم وُلدت فوق أرضه وشربت من نيله ونعمت بشمسه ونهلت من حضارته العريقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أولاً .. سلامتك يا دكتورة . ألف سلامة
أنور نور ( 2019 / 2 / 27 - 09:14 )
وثانياً : شكراً لابنتك الكاتبة والشاعرة الطبيبة مني حلمي - التي ساعدت علي وصول هذا المقال لقرائك
ثالثاً : نتحدث ليس مع أية مريضة . بل كاتبة كبيرة وصاحبة رأي ومناضلة . فنقول : يؤسفنا جداً أن تُعالَج نوال السعداوي في مستشفي عسكري تحت ظل نظام عسكري . يهتم بصحة العسكريين دون غيرهم , ويفتتح لنفسه أرقي المستشفيات التي يسمح من حين لآخر بعلاج بعض قليل من المدنيين المرموقين كدعاية للنظام . ليجعلنا ننشغل بصحة نوال السعداوي فلا نتذكر سوي تكييل المديح للنظام الذي تفضل وتكرم وأحسن بعلاجها بمستشفي مِلك للعسكر
لقد عسكروا كل شيء مدني .. حتي جنازة الشاعر عبد الرحمن الأبنودي
وعسكروا جنازة العالم الكبير أحمد زويل
واليوم عسكروا علاج نوال السعداوي . اذ لا يوجد مستشفي عام واحد يأتمن الانسان علي نفسه فيه - الحياة للعسكريين فقط
أيها العسكريون : لا شكر علي علاجكم للدكتورة نوال السعداوي بإحدي مستشفياتكم التي لا لا يجرؤ الشعب علي الوقوف أمام أحد أبوابها
أيها العسكريون الطغاة : لا تسحتقون شكر - الدكتورة نوال - لكم
بل تحتاجون لمن يحاسبكم : من أين لكم هذا ؟؟ وعلي ما تقترفوه بحق الشعب والوطن


2 - الف سلامة لدكتورة نوال
محمد شنان ( 2019 / 2 / 27 - 12:38 )
إلف سلامة دكتورة نوال السعداوي , نتمنى نسمع إخبار جيدة لكاتبة من طراز نوال التي أفنت حياتها في الدفاع عن قضية المرأة , من خلال مؤلفاتها ومقالاتها التي تدفع الحركة النسوية إلى الإمام . وشكرا لأبنتك الكاتبة د. منى حلمي


3 - تعقيب
على سالم ( 2019 / 2 / 27 - 18:12 )
نتمنى الشفاء للشفاء للدكتوره نوال , فى نفس الوقت يجب ان اسجل شعورى وسخطى وغضبى على عصابه العسكر المجرمه السارقه القمعيه , لقد استباحوا مصر واعتبروها تكيه لهم , هؤلاء الاشرار القتله وهم جينرلات الجيش اللصوص ومعظمهم غير متعلمين راسبى ثانويه عامه جهله وبيئه وسخه , اميركا تعطى مصر اكثر من بليون دولار سنويا معونه عسكريه ؟؟ الشعب لايعلم ان هذه المعونه يستولى عليها هؤلاء الحراميه عديمى الضمير والشرف والاخلاق , حكم العسكر البشع شر وبلاء شديد ابتلت به مصر منذ مايقرب منذ سبعين عام


4 - عاجل الشفاء
تاج السر عثمان ( 2019 / 2 / 27 - 18:32 )
الف حمد الله علي السلامة وعاجل الشفاء والصحة والعافية ..


5 - تمنيات من القلب
الرصافي ( 2019 / 2 / 27 - 21:04 )
نرجو ونتمنى لها العافية التامة والعودة الى الكتابة والحديث كما كانت ..


6 - و يظل الكبار كبارا كما هي نوال السعداوي
محمد بن زكري ( 2019 / 2 / 28 - 03:09 )
العظيمة نوال السعداوي ، أحييكِ مناضلةً تقدمية صلبة ، و مفكرةً اقتحامية من طلائع حركة التحرر النسوي العالمية ، و كاتبةً أديبة مبدعة ؛ مع أصدق و أحر تمنياتي لك بالسلامة و الصحة . شخصيا أدين لك بالعرفان ، كونك قد أضفت لي الكثير منذ أن قرأت لأول مرة كتابيك : الأنثى هي الأصل ، و المرأة و الجنس (أواخر سبعينات القرن الفائت) ، لأكتشف قامة فكرية نضالية شامخة و قيمة إنسانية راقية .. هي نوال السعداوي . التي اعتبر كتاباتها (كما الكثيرين جدا غيري) علامة مضيئة في الطريق نحو غد الحرية و العدالة و المساواة ، عبر ثورة التحرر الاجتماعي الإنسانية ، التي ستكون النساء في طليعة حركتها التغييرية ، كسرا لكل التابوهات ، و إلغاء للتمييز الجندري ضد النساء ، وصولا إلى المساواة التامة بين عنصري النوع البشري : المرأة و الرجل (أو الأنثى و الذكر) . بقي أن أقول : إن وجودك بتلك المستشفى ، هو تشريف لها . و إن و جودك بين أفراد أطقمها الطبية ، هو تكريم معنوي كبير لهم . و إنهم بعلاجك إنما يفونك - بلا منة من أي أحد كائنا من كان - قدرا يسيرا من حقك على دولة مصر .


7 - بعد التحية
حورس ( 2019 / 2 / 28 - 10:22 )
(لست أبالغ حين أقول إن الأيام التى أقضيها فى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة، أعادت الى الثقة فى وطن عظيم وُلدت فوق أرضه وشربت من نيله ونعمت بشمسه ونهلت من حضارته العريقة.)

جزيل الشكر للمعلق 1 الذي _ وبلباقة _ بيّن ما فات نوال أو ما نسته عند كتابة مقالها .


8 - نوال السعداوي التي عرفناها
عبد الله النديم ( 2019 / 3 / 1 - 16:49 )
مع تمنياتنا لها بالشفاء
أظن هذا المقال مدسوساً علي الدكتورة نوال
لأنها - في تصوري - لا تقبل العلاج بقرار وزاري الا من وزير الثقافة كأديبة وكاتبة عالمية .. أو بقرار من وزير الصحة , كطبيبة خدمت مهنة الطب لسنوات , وتفضل الموت في فراشها عما هو دون ذلك
يوجد مثقفون مبدعون كبار قضوا عشرات السنين في النضال , وعند المشيب وقرب
نهاية العمر أحبوا أن يستريحوا علي كتف نظام ديكتاتوري طالما عارضوه وطالبوا بتغييره . وقبلوا أن ينعموا قليلاً بدفء حنانه المُرّ , وبعطاياه غير المشروعه مثله . أسوة بكُتّاب السلاطين
وكذلك أشك في مقال سابق لها , لقي غضب واستنكار القُرّاء , كان عبارة عن دعاية لكتاب جاءها هدية من مؤلفته ابنة الديكتاتور مؤسس النظام العسكري . الذي سُجِنت د . نوال , في زنازينه . لعله أيضاً مقال مدسوس
لكن في مقال أسبق , كان للكاتب الأستاذ حميد الواسطي , تعليقاً يحمل معاني العتاب . اذ ذكر انه كان في السعودية وشاهد دكتورة - نوال - في التليفزيون , تتسلم جائزة سعودية , هي أعف من أن تقبلها من النظام السعودي
وتمنيت لو ان الدكتورة نفت أو كذَّبت حدوث ذلك , فلم تفعل
أحر التمنيات لها بالصحة وبالعافية

اخر الافلام

.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف


.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير




.. العربية ويكند | استطلاع أميركي: الرجال أكثر سعادة بوظائفهم م


.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد




.. توقيف سنية الدهماني يوحد صوت المحامينات في البلاد