الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية الالية الحضارية لصيرورة تقاليد راسخة

جاسم الصغير

2006 / 4 / 24
المجتمع المدني


تعتبر الديمقراطية احد النظم الفكرية والسياسية التي افرزتها قيم ومرحلة الحداثة كرد فعل على التحكم والتسلط المطلق التي سادت العالم الغربي المتمثل بالسلطات الشمولية والتي احتكرت السلطة في بلدانها وايضا كرد فعل على السلطات الدينية المتمثلة بالمؤسسة الدينية الكنيسية وما بدر منها تجاه الشعوب والمجتمعات التي سادت فيها والحقيقية ان الديمقراطية والتي تعني حسب التعريف الكلاسيكي اليوناني حكم الشعب بالشعب أي ان المجتمعات هي التي تتولى عملية ادارة شؤونها بنفسها بدون أي ارادة تعطل هذه الالية والحقيقية ان نظام الديمقراطية في عالمنا المعاصر قد قدم خدمات جلية للشعوب التي طبقت هذا النظام من سلام وتقدم وازدهار بالاضافة الى ان الديمقراطية توفر امرا رائعا كما وصفه عالم الاجتماع د. علي الوردي يتمثل في عملية تداول السلطة بشكل سلمي أي انه ينزع عن الانسان اسوأ خاصية تشكلت مع سيكولوجية الانسان منذ بدأ الخليقة الا وهي العنف أي انه بدلا من يتنازع الانسان مع اخيه الانسان بالسكين والمسدس يتنازع معه بشكل سلمي بالورقة بالاقتراع والورقة الانتخابية وهذا من افضل المزايا التي توصل اليها الفكر الحديث في اطار بحثه عن افضل السبل للتقدم والاستقرار الانساني والحقيقة ان الالية الديمقراطية وتطبيقاتها في النظام السياسي تعمل على ارساء قيم جديدة تكون الاساس الاجتماعي والسياسي لاي بلد وبالتالي تكون اطار جديد لتقاليد دستورية تعمل مع مرور الوقت على تثبيت سلطة المجتمع المدني وبالتالي يكون هناك مجتمع ودولة دستورية قائمة على مبادئ صحيحة وراسخة وبالتالي مسيرة المجتمع بشكل عقلاني وتقدم بدون أي هزات سياسية بفضل متانة القيم الديمقراطية والتي بدورها اعطت وولدت تقاليد دستورية واضحة توفر للبلد بنيانا قويا جدا يكون بمرور الوقت ضمانا كبيرا لأي خروج من أي فئة عن الاطار المؤسساتي بدعوى ثورية او اصولية وبحجة اصلاحه من اوضاع خاطئة بينما هي في الحقيقة ترتكب خطأ كبيرا بحق المجتمع لانها اوقفت بناء المجتمع المدني الذي هو دعامة وضمانة لأي نظام سياسي حقيقي ينبغي ارساء دولة فعالة ودعامة لأي مجتمع يبغي هو الاخر النهوض والسير في دولة المؤسسات والقانون والحقيقة ان النظام الديمقراطي وعلى شتى اشكاله التي عرفها العالم لابد من ان تتوفر له دعائم لكي يستطيع الاستمرار والفاعلية ومن هذه الدعائم وجود حيز ومجال كبير يجربه على المستوى السياسي والفكري وهذه الحرية يكفلها القانون لكي يستطيع المجتمع ان يعبر بثقة عن كافة آرائه حول القضايا التي هي موجودة وتشكل مجمل همومه السياسية واليومية وايضا من الدعائم ضمان وجود حقيقي قانوني ومعنوي لاحزاب وتيارات سياسية تعبر بشكل فعال وحقيقي عن مطالب المرحلة التي يمر بها الوطن والمجتمع وان تكون هذه الاحزاب والتيارات السياسية معبر حقيقي عن هوية الوطن وان تبتعد عن التعصب السياسي وان تبلور خطواتها السياسية باطار سلمي حضاري يعكس تحضرا سياسيا في السلوك والعمل السياسي وان تجعل من الانتماء للوطن هاجسا وديدنها وان تبتعد عن الامور التي تعطل المسيرة الديمقراطية وفي الجانب الاخر يجب ان يتوفر حرية على المستوى الاقتصادي في مسألة تاسيس نقابات واتحادات تخص شرائح كثيرة في المجتمع كي يكون هناك جانب من الممارسة في هذا الجانب المهم والحيوي لاننا كلنا نعرف ان الجانب الاقتصادي ركن حيوي في حياة أي مواطن واي دولة ولهذا يجب ان يشهد فاعلية في اطار تكوين رؤيا حول الاشكال التي يجب ان يشهدها هذا القطاع او المفصل فلا تقدم ولا تغيير بدون اشتراك او الفاعلية بين الجانب السياسي والفكري والجانب الاقتصادي حتى لا يكون البناء او الوليد بناء تجريدي من هنا التلاحم بين المجال السياسي والاقتصادي وهذا ما شهدته اوربا باعتبارها سبقتنا في هذا الجانب فهي لم تبلغ دولة القانون والديمقراطية الا بعد ان رتبت البيت الداخلي واعادة رسمه من جديد وممارسة انزياحات كثيرة على المستوى النظري الفكري والمستوى الاقتصادي وبعد ترتيب البيت انطلقت في نهضتها التي سادت العالم والحقيقة ان القوة الحقيقية لأي نظام او مجتمع ليس في راس المال وحده ولكنه في الانسان والعلم والبناء الذي يشهدونه والايمان بانها لن تستطيع تحقيق نهضة سياسية وفكرية فاعلة الا بالتحول من دور المستهلك للحضارة الى دور المنتج والمساهمة في انتاج الحضارة بجانبها المادي وغير المادي والاخذ باسباب العلم الحديث وتهيئة المجتمع من الناحية الاجتماعية والنفسية والايمان الحقيقي بضرورة تكامل النمو المادي مع النمو الثقافي واداء ما تم العمل بهذه الاليات والصور الثقافية فان المجتمع والثقافة ستزدهر ويعود لها بريقها ووجودها كرأسمال رمزي لذات الامة والمجتمع ومن هنا لا بد من تنمية شخصية وثقافية المجتمع ليغدو شخصية ناضجة وقادرة على مجابهة التحديات والمخاطر التي يتعرض لهما أي مجتمع او دولة ومن هنا اهمية تنمية الذات والهوية للفرد والمجتمع كي تحول دون الاستلاب الثقافي والغزو الفكري السياسي وتنمية التفاعل بين مظاهر الثقافة بكل تشكيلاتها وتنويعاتها السياسية والفكرية والاقتصادية وكل ذلك يتم من خلال التفاعل الحي بين هذه المكونات عبر آلية الديمقراطية التي تكفل الحق للجميع وبصورة متساوية وعادلة وشفافة مع ضرورة التنبيه الى اهمية التفاعل بين الديمقراطية كشكل سياسي وضرورة التطبيق حتى لا تغدو المفاهيم فارغة لان المارسة هي التي تخلق القيم والتقاليد العريقة لاي مجتمع او دولة وفي كل المستويات السياسية والفكرية والاقتصادية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا


.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف




.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا


.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة




.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم