الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكران الأمبراطورية العثمانية وتركيا العلمانية لفضل الكرد على جمهورية تركيا الحديثة

خالد يونس خالد

2003 / 3 / 26
القضية الكردية


                                                             
  باحث وكاتب صحفي مستقل- السويد


تمهيد
كردستان، تعني بإختصار "وطن الكرد" ، وهذا الوطن مقسم بالدرجة الرئيسية بين العراق وتركيا وإيران وسوريا. وبسبب هذه التركيبة المعقدة لوضع الكرد أصبحت القضية الكردية من القضايا المعقدة في نظام االشرق الأوسط والنظام العالمي. وأصبح الكرد عامل قلق في المنطقة، مثلما هم عامل سلام وإستقرار إذا ما توفرت الديمقراطية ، والإعتراف بحقوقهم. وإستنادا لهذا الواقع المقسم فقد جزأ الشعب الكردي على أرض وطنه كردستان بين هذه الدول الأربعة بالدرجة الرئيسية. ولأهمية كردستان الإستراتيجية والجيوبوليتيكية فقد تعرض الكرد وكردستان لمؤامرات دولية كبيرة ، وأصبحوا ضحية مصالح القوى الدولية منذ أن قسم وطنه. في حين تعرض الكرد داخليا لحملات إبادة منظمة من قبل الأنظمة التي تحكم كردستان بالعلاقات الإستعمارية ، وغياب الديمقراطية، وإنكار حقوق الإنسان الكردي، وإنكار حقوق العرب والترك والفرس، حيث تحكم هذه البلدان أنظمة شمولية، وعقليات لاتفهم لغة الحرية وحقوق الإنسان.
   ما يهمنا في هذا المقال هو وقوع الكرد وبعض قياداته في فخ القوى  العربية الإسلامية والشرق أوسطية والدولية، والوعود الكاذبة بدعوى تحرير الشعب الكردي، حتى أصبح الكرد ضحية تلك القوى، بعد أن تحققت مصالحها فأنكرت للكرد حقوقهم، مثلما تنكروا لوعودهم. ومجرد نظرة متمعنة للتاريخ المعاصر، وكيفية تعامل الكرد مع هذه القوى، يظهر لنا كيف أن الكرد أصبحوا ضحية الإستسلام للوعود الكاذبة. ويكفي أن نشير إلى مثال من هذه الأمثلة العديدة ، فنرجع إلى الوراء قليلا، ونربطه بالحاضر، ليتسنى لنا رؤية المستقبل.
 
   -  نكران الأمبراطورية العثمانية المسلمة وتركيا العلمانية الحديثة  لفضل الكرد على جمهورية تركيا.
كانت كردستان العثمانية التي تعرف اليوم بكردستان الشمالية والجنوبية والغربية والتي تحكم اليوم من قبل الدول التركية والعراقية والسورية، ضمن ما كان يسمى "بلاد فارس" إلى جانب كردستان الشرقية التي تحكم اليوم من قبل إيران. لكن أثناء الحرب الكبيرة بين الأمبراطورية العثمانية بقيادة السلطان سليم الثاني والأمبراطورية الفارسية الصفوية بقيادة الشاه إسماعيل الصفوي، إنحازت أغلبية الكرد إلى جانب العثمانيين بإعتبارهم مسلمين سنة ضد الشاه الشيعي. وتمكن الكردي ملاي بدليسي (من مدينة بدليس الكردية) الذي يلقبه بعض الكرد بملاي إبليسي (كناية بالشيطان) من جمع الكرد وقيادتهم لدعم السلطان العثماني في معركة جالديران أو تشالدران كما يسميه بعض المؤرخين عام 1514. وكان النصر للعثمانيين، وبذلك تم إستقطاع الجزء الاكبر من عموم كردستان إلى الأمبراطورية العثمانية، وإقرار هذا التقسيم بموجب إتفاقية قصر شيرين أو أرضروم عام 1639. وتنكر السلطان التركي العثماني لحقوق الكرد، واستغل بعض السلاطين ومنهم السلطان عبد الحميد الثاني، تمسك الكرد بالإسلام بإستخدامهم لمآربهم الشخصية، بتشكيل قوات عسكرية خاصة. وبقيت الحال كذلك إلى إنهيار الأمبراطورية العثمانية وتشكيل الدولة التركية العلمانية الحديثة، وتقسيم كردستان العثمانية بين تركيا والعراق وسوريا بموجب إتفاقية سايكس بيكو عام 1916.
 لاشك أن كل مَن له إطلاع على تأسيس دولة تركيا بعد إنهيار الأمبراطورية العثمانية يدرك بجلاء بأن للكرد يد طويلة في إنشاء جمعية الإتحاد والترقي التي ناضلت بضراوة ضد الإستغلال العثماني. وقد عمل الكرد جنبا لجنب مع إخوانهم الأتراك من أجل تشكيل جمهورية ديمقراطية تضم الكرد والترك وتعترف على قدم المساواة بينهم. ولكن بعد التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الكردي في طريق الحرية تنكرت تركيا العلمانية الإستبدادية (تمييزا عن العلمانية الديمقراطية) لحقوق الشعب الكردي. فإتفاقية سيفر لعام 1920 والتي هي جزء من معاهدة فرساي بين سلطان تركيا من جانب، وأنكلترا وفرنسا واليونان وإيطاليا ورومانيا ويوغسلافيا وجيكوسلوفاكيا وبولندا وبلجيكا واليابان والحجاز وأرمينيا الطاشناقية من جانب آخر، أقرت في موادها 62، 63 و64 بحقوق الشعب الكردي وموافقة الحكومة التركية على ذلك. وأكدت المادة 62 بأنه في خلال سنة من هذه الإتفاقية، وفي حالة إعتراف عصبة الأمم بأن الكرد أكفاء للعيش حياة مستقلة، فإنها توصي بمنح الكرد الإستقلال. أُجهضت الإتفاقية من قبل كمال أتاتورك بالتوقيع على إتفاقية لوزان عام 1923 ، وفسخ إتفاقية سيفر، وبذلك تنكرت الحكومة الكمالية الطورانية بحقوق الكرد. وبلغ التعصب الأعمى لهذا االموقف الظالم بالتنكر لوجود القومية الكردية في كردستان تركيا. ومن المضحك المبكي أن يقرأ المرء التاريخ كيف أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر جاوب معارضة السفير التركي في القاهرة لسماح الحكومة المصرية بفتح إذاعة كردية. قال الرئيس الراحل عبد الناصر للسفير التركي في القاهرة: إنكم تدعون بعدم وجود شعب كردي ومشكلة كردية في تركيا، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تعارضون فتح إذاعة كردية في القاهرة؟ وسكت السفير التركي وعجز أن يدافع عن موقفه الشوفيني. فعلى سبيل المثال إعلان صحيفة "سون بوستا" في 11 نيسان عام 1946 مايلي: " لا وجود في تركيا قط لأقلية كردية، لا مستوطنة ولا مرتحلة طلبا للرعي، ولا هي ذات وعي قومي ولا هي بدونه". ولكن تركيا تواجه لحد اليوم تنامي الوعي القومي الكردي، وتواجه معارضة دولية، بإعترافها مؤخرا بوجود القومية الكردية، وضرورة إعترافها غدا بحقوق الشعب الكردي.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصول عدد من الأسرى المفرج عنهم إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير


.. الدكتور محمد أبو سلمية: الأسرى يمرون بأوضاع مأساوية بسبب الإ




.. أهالي الأسرى: عناد نتنياهو الوحيد من يقف بيننا وبين أحبابنا


.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر




.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم