الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطلوب سحب صفة الانسانية مع الجنسية

عادل صوما

2019 / 3 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وصفت شميمة بيغوم، الداعشية التي فرت من لندن للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في سورية، قرار سحب الجنسية البريطانية منها بأنه "قرار غير عادل". وقالت الفتاة ذات التسعة عشر خريفاً في مقابلة تلفزيونية مع قناة "أي تي في" أن قرار وزارة الداخلية البريطانية "حطّم قلبها"، لكنها ستحاول الحصول على جنسية زوجها الهولندي، الذي جندته فاكتسب دينها. وقد رد متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية على مسألة تحطّم قلبها بقوله "إن الوزارة لا تعلق على حالات فردية، "لكن قرار سحب الجنسية استند إلى أدلة، ولم يُتخذ باستخفاف"، وأضاف: "في الأيام القليلة الماضية، أوضح وزير الداخلية موقفه الذي يتضمن أن أمن وسلامة الناس الذين يعيشون هنا في بريطانيا لهما الأولوية".
القانون والشريعة
بعد سحب جنسية شميمة بأيام، قال الرئيس دونالد ترامب: إن المرأة التي غادرت الولايات المتحدة لتعمل في الدعاية لتنظيم الدولة الإسلامية، لن يُسمح لها بالعودة إلى البلاد. وكتب على موقعه في توتير أنه "أعطى التعليمات إلى وزير الخارجية، مايك بومبيو، بعدم السماح لهدى مثنى بالعودة إلى الولايات المتحدة". وقد اندهشت هدى من قرار الرئيس الاميركي، وستلجأ مثل أختها الداعشية شميمة إلى المحاكم.
ثم حذت السعودية حذو القرارات نفسها، وأكّدت جريدة "أم القرى" نقلاً عن "وكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية" أنه "صدر أمر ملكي بشأن الموافقة على إسقاط الجنسية السعودية عن حمزة أسامة محمد بن لادن من السجلات الرسمية" بتاريخ 22 شباط/فبراير.
ما يلفت الانتباه في الحالات الثلاثة هو تصريح شميمة وهدى للإعلام بأنهما سيقاضيان بريطانيا وأميركا لاسترداد جنسيتيهما مرة ثانية، بينما لم يعلّق المراهق قائد القاعدة بالوراثة على القرار الملكي، وكأن الطعن فقط يجوزعلى دول يحكمها القانون ولا يجوز على مملكة تحكمها الشريعة، فالمستفيدون من الاسلام سياسياً كدأبهم يستفيدون من "العلمانية والدولة والديموقراطية" في الحصول على مبتغاهم، لكنهم يكفرون في الوقت نفسه هذه المنظومات، التي تسمح لهم بمقاضاتها، وهذا بيت القصيد الذي يجب أن يجد القيمون على الدول العلمانية حل له.
الدولة والوطن
لا يوجد مفهوم للوطن في الفقه الاسلامي، ونجد في مواقعهم ما يطلقون عليه المجتمع، وهنا قبس مما كتبوا: "يُطلق مصطلح المجتمع على مجموعة الناس الذين يعيشون على شكل جماعة منظمة تحكمها مجموعة من القوانين والأعراف والتقاليد الخاصة، بحيث يشتركون في البقعة الجغرافيّة، والاعتقادات، والدين، أمّا المجتمع المسلم فهو المجتمع الذي يحمل خصائص تميّزه عن باقي المجتمعات الأخرى، وحينما نتحدث عن المجتمع المسلم لا نقصد مجتمعاتنا الحالية التي انسلخت عن هويتها وحضارتها ودينها".
الامر يعني بدون مواربة مفهوم "الأمة الاسلامية"، و"الخلافة" التي ترعاها، وهو المفهوم الذي يريدون به إسقاط الدول القومية في أي دولة حلوا فيها. هذا المفهوم وُجد في وقت كان يُقال فيه "موطن الإبل" حيث الكلآ والمرعى في الصحراء والانسان ينتمي إلى قبيلة، بينما الامبراطورية الرومانية المعاصرة للمفهوم نفسه كانت تُطلق "المواطن" على رعاياها.
ورغم تطور النظم السياسية والمدن وحتى مجتمع الصحراء، لم يزل المستفيدون من الاسلام سياسياً يتمسكون بهذا المفهوم، بدءا من سلطنة بروناي حتى الامبراطورية الاميركية حيث يوجد "أمة الاسلام".
مفهوم الدولة الذي يتمسك به ظاهرياً المستفيدون من الاسلام سياسياً، لا وجود له إطلاقاً وفق الفقه الاسلامي، لأن هذا المفهوم علماني صرف ولا شأن له بأي كتاب في الادبيات الابراهيمية. وما يُكتب عنه في أدبياتهم مجرد سفسطة وأكاذيب وتلفيقات للدخول في المنتديات الدولية بصفة حديثة تواكب العصر، لهدم الدول والمنتديات في نهاية المطاف، لأن ما يريدوه حقيقة هو جواز سفر "دولة" يتيح لهم التجوال في أوروبا وباقي دول العالم، لبث الكراهية والعنصرية وازدراء الآخر وتكفيره وتمكين عدم التوافق في النفوس.
إذا كان المستفيد من الاسلام سياسياً من أمثال شميمة وهدى وحتى طارق رمضان حفيد مؤسس "الاخوان المسلمون" ومحمد مهدي عاكف صاحب "حديث طز في مصر" وراشد الغنوشي لا يعترفون بوجود دول مثل مصر أو سورية أو الجزائر أو تونس، فيكف يقتنع أي رئيس دولة غربية بأنهم يؤمنون بوجود دولته؟ وإلى متى يستمر التكاذب وحماية من لا يستحقون وفتح الحدود لمن لا يؤمن بالدولة؟
في اللغة الانكليزية يطلقون المفترس predator على من يغتصب فتاة بدون إرادتها لأنه ببساطة فقد صفة الانسانية وأصبح وحشاً، فهل يأتي يوم تسحب فيه الدول صفة الانسانية علاوة على الجنسية عن أعدائها الذين يريدون اغتصاب جنسياتها لمأربهم ولهدمها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran