الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغالطات المنطقية

عبد الله خلف

2019 / 3 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المغالطة المنطقية (Logical Fallacy) هي (قول أو رأي أو فكرة تبدو وكأنها إما برهان أو تفنيد صحيح منطقياً، وتبدو ظاهرياً أنها لا تتعارض مع المسلّمات العقلية ومنهج الاستدلال الصحيح، ولكن الحقيقة أنها أمام التحليل المتأني المحايد ليست أكثر من وهم وخداع وسلسلة من الأخطاء المبدأية أو المنطقية التي لا تبرهن على ما هو مطلوب، وتتهرب منه. فهي توحي بإثبات العكس تماماً وتشي بقوة حجة الخصم وسلامة اعتراضه) أو كتعريف مرادف: (المغالطة المنطقية هي خطأ في الاستدلال الذي يؤدي بدوره إلى انعدام المنطق الصحيح في الفكرة المطروحة، وتؤدي إلى استنتاجات خاطئة). وفي العادة فإن أدوات المغالطة المنطقية هما (أداتين) اثنين: إما استخدام وطرح نقاط أو مسائل غير ذات صلة مباشرة بالموضوع المطروح، أو طرح مقدمات (غير صحيحة منطقياً وعقلياً) ومِنْ ثم بناء استنتاجات خاطئة عليها بسبب خطأ المقدمات.

ومن المغالطات المنطقية؛ التالي:

• مغالطة الهجوم الشخصي (ad hominem fallacy):
في هذه المغالطة المنطقية يتم رد البرهان أو الاتهام أو الدليل بواسطة التركيز على (الاتهام المعاكس لشخصية المخالف وذاته بدلاً من تفنيد الفكرة المطروحة). فيتم تعمد (تحويل الموضوع بعيداً عن البرهان والدليل إلى الطعن في ذات المتكلم واتهامه والتشكيك في نزاهته). وفي هذه المغالطة، كما هو واضح، لا يتم فيها رد الدليل والبرهان والاتهام وتفنيدهم عقلياً ومنطقياً إطلاقاً، ولا يتم التعرض لموضوعه أو لبرهانه أو لاتهامه لا مِنْ قريب ولا مِن بعيد، ولكن بدلاً من ذلك يتم تحويل الانتباه إلى (الشخص المخالف والطعن فيه والتشكيك به والتجريح بشخصه). والهدف مِن هذه المغالطة المنطقية هو الحط من قدر الخصم قدر المستطاع بحيث يبدو معه أمام المستمع أو القارئ وكأنه فاقد المصداقية تماماً، فيتم الالتفات عن دليله ومحتوى اتهامه وإهمالهما حتى مِنْ دون الاستماع لأي تفنيد.
مثال ذلك:
عندما أراد ابن قتيبة الدينوري أن يرد على حجج إبراهيم بن سيار النظّام المعتزلي؛ واجهه أولاً بسيل من الشتائم، إذ كتب ابن قتيبة:
"وجدنا النظّام شاطراً من الشطار، يغدو على سُكر ويروح على سُكر ويبيتُ على جرائرها، ويدخل في الأدناس، ويرتكب الفواحش والشائنات".
• مغالطة السبب الزائف (Non Causa Pro Causa fallacy):
في هذه المغالطة المنطقية يتم تبني (سبب) لظاهرة أو موقف أو قناعة أو لفعل بينما هذا السبب كان إما نتيجة لافتراض زائف أو وهم أو اختراع متعمد، ولا يعكس هذا السبب إطلاقاً الحقيقة. وتؤدي هذه المغالطة إلى (الاغفال المتعمد لفوائد اعتراض الخصم أو موقفه أو رأيه لصالح أسباب زائفة غير حقيقية لا تملك فائدة أو نفع). وصاحب هذه المغالطة (يتوهم أو يخترع علاقة سببية تُبرر له رأيه أو فعله، وتكون نتيجة إما لخطأ في الاستدلال المنطقي العقلاني لديه أو بسبب نية مبيتة لتمويه الحقيقة).
• مغالطة الرجل القش (Straw Man fallacy):
في هذه المغالطة المنطقية يتم (تعمد إساءة فهم الخصم، أو الاجتزاء المُخل من كلامه أو برهانه، أو وضع مفاهيم وتقريرات خاطئة على لسانه، ثم بعد ذلك مهاجمة الخصم من خلال مهاجمة تلك المفاهيم أو الاجتزاء أو الفهم الخاطئ). فعند استخدام هذه المغالطة المنطقية فكأنما يتم بناء (رجل قش لا يعكس حقيقة موقف الخصم) ومن ثم مهاجمة رجل القش هذا وهزيمته بدلاً من الشخص الحقيقي، وهو بذلك يخلق (وهماً) بأن برهان الخصم، أو الاتهام الموجه من جانبه، قد تم ردّه وتفنيده. وكلما رأيت نجاحاً عند مَنْ يستخدم هذه المغالطة فالاستنتاج المباشر يجب أن يكون أن (الجمهور المستمع له هو جاهل بالضرورة بتفاصيل الموضوع وحقيقة الاتهام أو وضوح البرهان وقوته عند الخصم).
• مغالطة السؤال المركب (Complex Question fallacy´-or-Loaded Question fallacy):
في هذه المغالطة يتم طرح سؤال على الخصم ولكنه يحمل في جزئية منه فقط إما افتراض غير متفق عليه من الطرفين أو تحقير أو إهانة أو شتيمة، بينما يكون الجزء الآخر من السؤال هو قضية متفق عليها، ولكن السؤال كله لا علاقة له إطلاقاً بالموضوع. فهو وسيلة إلى دس "فرضيات" غير مبررة أو غير حقيقية ضمن السؤال بحيث أنه عندما يقر الخصم بجزء منه يقع الوهم بأنه أقر بالكل. والهدف من طرح مغالطة السؤال المركب هو إجبار الخصم على الاقرار بالجزء المتفق عليه من السؤال، وهذا يستدعي بدوره عند المستمع أو القارئ أن الإقرار بالجزء المتفق عليه هو (أيضاً إقرار بكل ما ورد في السؤال ومنه جزئية الافتراض غير المتفق عليه أو التحقير أو الإهانة أو الشتيمة)، بينما الحقيقة هي أن الجزء الأول مِنَ السؤال لا علاقة له بما ورد في الجزء الثاني، والسؤال كله أصلاً (لا علاقة له باعتراض الخصم وسؤاله).
• مغالطة التوليد المنشأ (Genetic fallacy) (fallacy of Origins) (لعن المصدر):
في هذه المغالطة المنطقية يتم قبول أو رفض الفكرة أو الدليل أو الرأي بناءً على مصدرها [مَنْ هو القائل؟]، وليس على أساس قيمتها الحقيقية أو منطقيتها أو صحتها العلمية أو البرهانية من عدمه. فصاحب هذه المغالطة يفشل تماماً في رؤية (عيوب) المقولة أو الرأي أو البرهان إذا كان (يملك ثقة عمياء في مصدرها)، أو، على العكس تماماً، هو يفشل في رؤية (صحتها ومنطقيتها وسلامة رؤيتها) إذا كان (معادياً وكارهاً لمصدرها). فـ (المنشأ) و (المصدر الأول) لكل مقولة أو رأي أو برهان هو مَنْ يحدد لصاحب هذه المغالطة مدى صحة الموقف من عدمه. وهذا بالطبع موقف منطقي وعقلاني خاطئ جملة وتفصيلاً، فـ (الثقة أو عدم الثقة في المصدر والمنشأ ليست ضمانة للحقيقة).
وهذه المغالطة هي مِنْ أكثر المغالطات التي يستخدمها أصحاب الهوى الديني ومتطرفيه.
• مغالطة التلاعب بالألفاظ (fallacy of Equivocation):
في هذه المغالطة يتم استخدام المصطلح أو الكلمات موضوع الخلاف بطريقة (تخرجها كلها من المعنى المتفق عليه وتعطيها معنى آخر غير متفق عليه بين الأطراف). أي أنه يتعمد إعطاء الكلمات معاني متعددة غير متفق عليها إلى الحد أنه مِنَ الممكن أن يخترعها اختراعاً صاحب المغالطة. إلا أنه في أغلب الأحيان (يتم إبهام المعنى الثاني للكلمات والمصطلحات) بحيث يتم استخدام الكلمة أو المصطلح في جزئية محددة من الإجابة بمعنى مخالف تماماً لمعناها في موضع آخر من نفس الإجابة. وكل مَنْ يستخدم هذه المغالطة هو (إما جاهل بمعنى المصطلح أو أنه يتعمد التضليل) ولا خيار ثالث لهذه المغالطة إطلاقاً.
• مغالطة الخروج عن الموضوع أو مغالطة تجاهل المطلوب (Red herring fallacy) (Ignoratio elenchi):
في هذه المغالطة (يتعمد) المغالط الإشارة إلى مواضيع تُضلل مستمعيه أو تشتت انتباههم عن الموضوع الأصلي، فهو بالتالي يحاول أن يجعل خصمه مضطراً إلى ترك موضوعه الأصلي الذي أحرجه وينتقل إلى موضوع آخر. فهو، أي المغالط، يتعمد البناء على مواضيع (غير ذات صلة) حتى يصل بمستمعيه إلى (استنتاج خاطئ فيما يخص الموضوع الأول الذي تم الاعتراض به عليه). فالمغالط في هذه الحالة (قد يستعمل أدلة منطقية سليمة أو قد لا يستعملها) ولكنها (كلها لا علاقة لها بالموضوع إطلاقاً ولا تبرهن على أي شيء كان قد طرحه خصمه عليه). وتتمتع هذه المغالطة (بجاذبية خفية ولكنها ناجحة)، فهي (تُظهر المغالط أمام جمهوره وكأنه مقتدر تمام الاقتدار على إثبات نتيجة ما بصورة صحيحة، ولكنه يفوتهم في نفس الوقت أن المغالط قد فشل تماماً أمام خصمه). فالسر الخفي في هذه المغالطة هو (مقدر المغالط في جذب الانتباه بعيداً عن موضوع الاعتراض).
• مغالطة تسميم البئر (Poisoning the Well):
هذه المغالطة (يتعمد المغالط أن يوجه ضربة استباقية لخصومه بحيث تكون مُركزة تركيزاً شديداً في أشخاصهم وفي مصداقيتهم بصفة عامة وشاملة، بحيث يعمل فيها تشويهاً وهدماً، حتى تنعدم الثقة تماماً فيما سيقولونه للرد عليه). إذ هذه المغالطة المنطقية تضمن للمغالط أمام جمهوره أنه حتى وإنْ كان ما سيقوله خصمه منطقياً وسليماً من حيث الاستدلال والبرهان، فإن جمهور هذا المغالط لن يسمع له إطلاقاً. فهذه المغالطة (تستهدف مصداقية الخصم بشكلها الشامل العام حتى تُلغي أي تأثير له على المستوى الخاص الذي يتناقش فيه مع المغالط). فالمغالط هنا كمن يتعمد (تسميم بئر ماء، كان قابلاً للشرب منه، بحيث يمنع أي أحد مِن أن يشرب منه). فالمغالطة هنا، أو كما تُسمى بـ "التسميم"، تأتي دائماً (قبل) أن يأخذ الخصم فرصته بالرد وعرض حججه وبراهينه، والغرض منها إعاقته عن طرح الحجة وتركيز ذهنه بدلاً من ذلك (على الإهانة الشخصية التي وُجهت له والاتهامات المتتالية التي جوبه بها أو التشكيك في ذاته). والوسيلة الذكية للتعامل مع هذه المغالطة هي (أن يتجاوز الخصم الإهانة أو الاتهام الذي جوبه بها ويعيد تركيز الانتباه على لب الموضوع ومحوره الرئيس).
• مغالطة المفهوم المسروق (Stolen Concept Fallacy):
هذه المغالطة هي من المغالطات المنطقية التي تتطلب (شرطين لنجاحه): جرأة من جانب المغالط، أو جهالة راسخة في ذهنه، تخرج إلى حد المقامرة [بالقاف] غير المدروسة في وجه خصومه، وتتطلب أيضاً جهل واضح فاضح وعام من جانب جمهوره المعجب به أو المؤمن به. ففي هذه المغالطة (يتعمد المغالط التقيد التام بمفهوم أو قانون فيما يخص جزئية أولى في إجابته على خصومه، بينما هو "يخالفها" روحاً ومضموناً وبكل رحابة صدر في جزئية أخرى مختلفة من نفس الإجابة). بمعنى أن المغالط، على سبيل المثال، يُنكر على خصومه مخالفة تعليم محدد من مصدر معروف، بينما هو نفسه، أي المغالط، عند استرساله في إجابته (فإنه يخالف أيضاً تعاليم واضحة، ولكن مختلفة، من نفس هذا المصدر الذي ذكره لخصومه وعاب عدم إلتزامهم به)، فكأنما هو (يسرق) المفهوم العام، أو المبدأ العام، الذي يطعن به خصومه ليخصصه لذاته دونهم في سبيل خداعه ومغالطته. ولهذا السبب تتطلب هذه المغالطة جرأة من المغالط، لأن الخصوم سيكتشفون ذلك التناقض الكامن في إجابته عاجلاً أو آجلاً، وتتطلب جهلاً عاماً يسيطر على جمهور هذا المغالط حتى لا ينقلب عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هلا وغلا منور أستاذ عبدالله خلف
بندر أبو سلمى ( 2019 / 3 / 25 - 13:25 )
مرحبا بعودتك بعد غيبة سنتين
تحياتي .


2 - نبغا كتابات نقدية ويسوعيات مهلبيات
بندر أبو سلمى ( 2019 / 3 / 25 - 13:27 )
زي زمان
والله زمان .


3 - تحية
عبد الله خلف ( 2019 / 3 / 26 - 00:43 )
تحية أستاذ/ بندر أبو سلمى، مشاغل الدنيا أشغلتنا.
بارك الله فيك.

اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس