الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصفوات والمجتمع

صاحب الربيعي

2006 / 4 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لاتقتصر مقومات الأمة على الحجم السكاني لها وأنما على تاريخها وحضارتها وقيمها ودياناتها ومساهماتها المعرفية في الحضارة الإنسانية واستناداً لذلك تمارس الأمة دورها في الحاضر وتتطلع نحو المستقبل ومن أكثر العناصر أهمية في المقومات هو مساهماتها المعرفية المحددة لدورها وحضورها الأممي.
هذا الحضور ليس نتاجاً لحراكها الاجتماعي وأنما عملاً يقتصر على عدد محدود من صفواتها التي تشكل حلقة الوصل بين حلقات التاريخ والحاضر ولتمتد السلسلة التاريخية-المعرفية نحو المستقبل بحلقات معرفية رابطها الأساس صفوات الأمة وأي انقطاع بهذه السلسلة يعني هناك خللاً ما أصاب صفواتها.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن الأجيال تتماسك في الأمم القوية، كما تتماسك حلقات السلسلة الفقرية في الأجسام الصحيحة".
وتقل أهمية وفعالية بقية مقومات الأمة دون صفواتها لأنهم العنصر الأساس في الحراك الاجتماعي، فهم أعلى سلطة في الأمة لمسؤوليتهم عن القيم والأخلاق والديانة والأفكار العليا المحركة الأساس لعملية الصراع الاجتماعي والمفعلة لحراكه الايجابي أو السلبي.
وبغض النظر عن توجهات الصفوات الايجابية أو السلبية فإن الذي يحدد دور الأمة في التاريخ ويرسم ملامح حاضرها ومستقبلها، هم صفواتها المتحكمين بالسلطات القابضة على شؤون الدولة والمجتمع.
فتوجهات الصفوات لاتفرض حضورها على الواقع الاجتماعي حسب، بل تترك أثرها على مجمل عواطف وأحاسيس أبناء المجتمع إيجاباً أو سلباً. ولكلا الأمرين أثره على مسيرة الأمة عبر التاريخ والحاضر لأنها بالمحصلة تشكل القوة الدافعة أو المعيقة لمسيرتها.
إن الصراع أساسه نخبوي يستند إلى تقاطع المصالح بين الصفوات ليمتد لهيبه إلى الفئات الاجتماعية الممثلة لها، وبالتالي فإنه صراعاً يبدأ من القمة إلى القاعدة وليس العكس. وغالباً ما تكون الفئات الاجتماعية وقوده وما يتمخض عنه من نتائج ايجابية تحصده الصفوات، إما نتائجه السلبية فهو من نصيب فئات المجتمع التي لاتعي حقيقة ودوافع الصراع!.
يقول ((باريتو))"أن حركة التاريخ قائمة بالأساس على صراع الصفوات وأدوارها وقدرتها على تأجيج العواطف الكامنة في عمق الذات الإنسانية، باعتبارها تمثل العناصر الحقيقية الدافعة لحركة التاريخ".
ويعود السبب الأساس لإحكام الصفوات قبضتها على القوانين والأخلاق والقيم الروحية وبالتالي الدولة والمجتمع لآلية الحراك (الاشتغال) فالصفوات تحتكم لعقولها في إحكام السيطرة على عواطف الآخرين، والمجتمع يحتكم لعواطفه في جملة حراكه الاجتماعي ليكون مسيراً وغير مخير في خوضه الصراع خاصة في المجتمعات المتخلفة المثقلة بالأزمات والتناحرات الاجتماعية. فعلى طول مسيرة التاريخ كان مفروضاً على المجتمع تلبية حاجات صفواته، لكن الواقع المعاصر فرض علاقة جديدة أكثر تعقيداً من الأولى بين الصفوات والمجتمع.
يرى ((منشيوس))"ثمة فريق يعمل بعقله وأخر يعمل بقوة ساعده، فمن يعملون بعقولهم يحكمون الآخرين ومن يشتغلون بسواعدهم يحكمون الغير ويتولى العاملون بسواعدهم إطعام العاملين بعقولهم".
اختلفت آلية الصراع الاجتماعي في الواقع المعاصر كثيراً عما كان سائداً في عمق التاريخ، فالصفوات السياسية مازالت متحكمة بآليات الصراع ليس بالعنف والاستبداد وأنما بالانتخاب في ظل الأنظمة الديمقراطية. وهذا التغيير لم يصب في مصلحة المجتمع حسب، بل طال الصفوات أيضاً التي رسمت أبعاد الأنظمة السياسية الجديدة لتعزيز سلطاتها أكثر بآليات معاصرة.
تتحكم من خلالها بالصراع الاجتماعي ليس بالعنف والاستبداد وأنما بأساليب ديمقراطية تستند لآليات تحقيق المصالح بينها وبين المجتمع الذي مازال ضحية صراع الصفوات، ومازالت أرضية الاشتغال قائمة على أساس الصفوات تحتكم لعقولها ومصالحها والمجتمعات تحتكم لعواطفها ورغباتها الآنية!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟