الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص مصرية من برديّة وستكار ( الجزء الأول )

عضيد جواد الخميسي

2019 / 4 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


برديّة وستكار Westcar Papyrus والتي تعود بتاريخها الى الفترة الانتقالية الثانية لمصر (1782 - 1570 قبل الميلاد) ، وقد كُتبت على الأرجح خلال فترة المملكة المصرية الوسطى ـ السلالة الرابعة ـ (2040-1782 قبل الميلاد) ، و تُعد من أكثر القصص إثارة للاهتمام عن مصر القديمة .
تحمل البردية اسمها من الرجل الذي اشتراها لأول مرة ، "هنري وستكار "، عام 1824 م . و لم يفصح ويستكار أبدا عن كيفية وصولها إليه ، وبالتالي لا أحد يعرف الطريقة التي تمّ العثور عليها أو مكان موقعها الأصلي . وعلى ما يبدو فإن " كارل ليبسوس " المتخصص بشؤون المصريات قد اشتراها أو حصل عليها بطريقة ما عام 1839م والذي لم يتمكن من أن يفّك رموزها سوى لمقاطع قليلة منها ، من ثم ، وبعد جهد كبير تمت ترجمتها إلى الألمانية عام 1890 م من قبل " أدولف إرمان " عالم المصريات الالماني وخبير المعجم اللغوي . وترجمة إرمان تلك ، أصبحت المعيار الأساسي الذي يعتمد عليها العلماء في الوقت الحاضر ، إذ كان هو أول من أطلق على القصص في هذه البردية عنوان" الحكايات الخيالية "، وهي التسمية التي باتت سائدة فيما بعد. ولابدّ من الإشارة إلى أن القصص الأربع التي تحويها أوراق البردي تلك ، تتضمن أحداث يفترض أنها قد حصلت فعلا ولكنها بالحقيقة قصص خرافية رائعة .

الحكاية الأولى
كان هناك في الأصل خمس قصص أو حكايات في المخطوطة ، ولكن الحكاية أو القصة الأولى قد تعرّضت للتلف في معظم مقاطعها . وحسب رأي العلماء الآثاريين ، فقد تم استنتاج معاني بعض المقاطع المفقودة من سياق القصة بالكامل . وأُفتُرض أن بداية فكرة القصة كانت على أن الملك " خوفو " قام بدعوة أبنائه ليخبروه قصصاً عن عجائب الماضي العظيمة ، أو لربما كانت في الحقيقة ، منافسة بين الأبناء لتقديم أفضل قصة لسماعها (هذه بالطبع تكهنّات فقط ) ، وذلك لعدم وجود أدلّة حقيقية في النصوص كي تشير إلى بدايتها .
السطور الأخيرة من هذه القصة ، لعلّها تخبرنا عن بعض الأحداث لتلك الأعجوبة العظيمة التي حدثت في زمن الملك " زوسر أو نثرخت "(حوالي 2670 قبل الميلاد) ، وكان " إمحوتب "(2626-2600 قبل الميلاد) كاهناً ، و وزيراً للملك زوسر (وربما أيضا إلى الملوك الثلاثة الباقين في الأسرة الثالثة) ، فهو الشاعر والطبيب والفلكي ، وعالم الرياضيات والمهندس المعماري ، وأحد الشخصيات الرئيسية في القصة . وهناك مقطع من الحكاية أو القصة لم يتعرض للتلف الكامل والذي يظهر ايضاً في القصتين اللتين تأتيان بعد القصة الأولى ، حيث يقبلها خوفو، ويقرّ بأن معنى التضحية يجب ان تصل للناس بفكرة مقنعة .

التمساح الشمعي / الحكاية الثانية
تُرجمّت الحكاية الثانية عادةً باسم "الأعجوبة التي حدثت في زمن الملك نبكا".
و نبكا ، هو شخصية غامضة في التاريخ المصري القديم الذي ربما حكم في السلالة الثالثة (2670-2613 قبل الميلاد) ، وما زال علماء المصريات لا يستطيعون الاتفاق على من هو هذا الملك ومتى بدأ حكمه . إذ يعتبره الكثيرون مرادفاً لملك قديم آخر وإسمه " ساناخت " الذي ربما أسس السلالة الثالثة ، لكن هذا الأمر محل نقاش الآن . يضع علماء آخرون وجود الملك نبكا نهاية السلالة الثالثة قبل الملك " هوني " آخر ملوك المملكة القديمة في مصر .

تُعد بردية وستكار إحدى الوثائق القليلة والنادرة في مصر القديمة التي تذكر الملك نبكا . إذ إن مكانته ستأتي بعد زوسر في حال إذا كان هو الحاكم الذي سبق الملك "هوني " ولكن ليس كذلك فيما إذا كان هو مؤسس السلالة الثالثة.
يروي هذه الحكاية ابنه "خفرع " (خليفة خوفو) وتُترجم عادة باسم" تمساح الشمع ".

تبدأ القصة ، عندما كان نبكا في طريقه إلى معبد " بتاح " في ممفيس ، توقف عند قصر كاهنه ومدّونه الشخصي ، واسمه " ويبونر" لينزل عنده ضيفاً .
تلمح زوجة الكاهن شابّاً وسيماً من حاشية الملك ، فأرسلت له هدية ودعوة ، فاستجاب ، وطلب الشاب منها عند مقابلتها ، قضاء بعض الوقت معها في جناح خاص من اجنحة القصر . وافقت الزوجة ، وأمرت رئيس الخدم بإعداد الجناح لهما ، فقضوا النهار والليل كله هناك ، يشربان ويأكلان ، ويتعانقان، ومن ثم يتطارحان الغرام . بعد ذلك يذهب الشاب و يستحمّ في البحيرة المطلّة .
في صباح اليوم التالي ، شعر رئيس الخدم ، أن من واجبه أن يخبر سيده بما حدث ، وبعد ما علم الكاهن عن الذي جرى بين زوجته والشاب الوسيم ، أمر رئيس خدمه بجلب صندوق الأعشاب والمواد السحرية الخاص به ليصنع تمساحاً من الشمع ، ثم أوصى خادمه أن يلقي بالتمساح الشمعي في البحيرة خلف الشاب عند إستحمامّه في المرة القادمة .
في وقت لاحق من ذلك اليوم ، أمرت زوجة الكاهن رئيس الخدم بالإعداد والتحضير للجناح الخاص ، لها ولعشيقها ، ومثلما حصل في المرّة السابقة حصل هذه المرّة . ذهب الشاب إلى البحيرة للاستحمّام ، فقام رئيس الخدم برمي تمساح الشمع في ماء البحيرة ، وإذا به تحوّل على الفورالى مخلوق حيّ يزيد طوله على 12 قدماً ، وحالما رأى التمساح الشاب يسبح في البحيرة ، قام بمهاجمته ، و بسرعة خاطفة أطبق عليه بفكّيه ، ثمّ اختفيا معاً في قعر البحيرة .
مكث الملك نيبكا في قصر الكاهن مدة سبعة أيام ، وبينما هو يستعد للرحيل ، أخبره الكاهن عن الذي حصل بين الشاب الذي هو من حاشيته وزوجته ، ثمّ التمس من الملك بأن يرى ذلك بنفسه ، وقبل الملك التماسه . بعدئذ، توجه الملك والكاهن إلى مكان البحيرة .
نادى الكاهن على التمساح ، فظهر ومعه الشاب بين أسنانه على حافة البحيرة الذي أخلى سبيله أمام جميع الحاضرين . ارتعب الملك نبكا وخاف عند رؤيته المخلوق التمساح ، ولكن الكاهن ويبونر أسرع مندفعاً إلى التمساح ومسّ فكيه فتحول الى شمع مرة أخرى . ثم قال الملك نبكا إلى التمساح : "خذه لك ، انه من نصيبك !". مسّ الكاهن التمساح ثانية ، فعاد إلى الحياة مرة أخرى وانقضّ على الشاب وخطفه بين فكيه وقفز مُسرعاً إلى ماء البحيرة . بعد ذلك ، أمر الملك نبكا بتقييد الزوجة الزانّية وشدّها على وتد مرتفع وحرقها وإلقاء رمادها في النهر.
عندما انتهى خفرع من حكايته ، أعلن الملك خوفو بأنها قصة مثيرة ، وأمر بتقديم الأضاحي تكريما على شرف الملك نبكا والكاهن ويبونر …
" نهاية الجزء الأول " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل