الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الدين و تغريبة الكردي
بولات جان
كاتب و باحث
(Polat Jan)
2019 / 4 / 6
القضية الكردية

دور الدين في عملية الصهر القومي على الشعب الكردي
من الأهمية بمكان/ بدايةً، القول بأن الأرضية النقدية تأتي من الهاجس الوطني-القومي الكردي بالدرجة الأولى. أي ما ترتب على الهوية الثقافية و الشخصية الكردية جراء استخدام الجهات المختلفة للدين في احباط الشخصية الكردية و تغريبها و اضفاء صفة المقدس على حالة الاحتلال-السيطرة على كردستان.
و لأجل الاسهاب في هذه الاشكالية التي تثير و ستثير حفيظة البعض، مع العلم بأن الموضوع برمته يحتاج إلى جهد معرفي و بحث متعمق و نقاش هادئ، لكن بدّ من ذكر بعض الأمور:
- أولاً أقول الدين، الدين ككل و ليس الدين الفلاني أو المذهب أو الطريقة الفلانية.
- ثانياً لستُ هنا بصدد تقييم الديانات، و لا بصدد القول بأن هذا الدين سيء و ذاك جيّد، هذا يصلح و هذا يفسد. لهذا الموضوع تشعبات و اشكاليات كثيرة.
- لا يمكن الانكار بان انطلاقات الكثير من الأديان في بداياتها تكون حالة ثورة مجتمعية و سعي اخلاقي ووجداني في وجه الظلم و الاستبداد و الحرمان.
- كل انطلاقة دينية تتشكل وتتقولب وفق خصوصية و ظروف الفئة أو المجتمع المعني و ضمن سياقها التاريخي المحدد.
- كل الشواهد و النتائج تقول بكل جلاء و جهورية بأن الشعب الكردي قد تعرّض لأسوء أنواع الصهر القومي و ابعاده عن حقيقته و خلق حالة اغترابية لدى الفرد الكردي.
- لا يمكن لأي باحث موضوعي و قارئ نبيه اهمال استخدام كل من الفرس و العرب و الترك الدين بكل حنكة و دهاء في تثبيت سلطة سلالتهم و اضفاء الشرعية و القداسة الألوهية على عروشهم و قوانينهم و اجراءاتهم. و بالتالي فالذي يعارض هذه السلطات فهو يكون قد عارض المقدس الألوهي و خالف الحقيقة (المطلقة).
- و بالتالي تمكنت هذه السلالات الفارسية و العربية و التركية من فرض سيطرتها و هيمنتها على الكثير من الشعوب و الأمم و الأقوام و الاثنيات و السعي مع الوقت في صهرها ضمن بوتقتها الدينية-القومية، و بالتالي اندثرت الكثير من الأقوام جراء الصهر و الابادة.
- ما يجب أن لا ننساه بأن السلالات (الفارسية) كانت قد أبتدأت في عملية عزل أجداد الكرد الميديين عن هويتهم القومية و الدينية و ذلك بابادة الكثير من الرهاب الزرادشتيين الميديين و اجراء تحوير على الزرادشتية و تحويلها إلى دين دولة. محاولة صهر الكرد لم تبدء من الغزوات العربية بل سبقتها محاولات قورش و قمبيز و خاصة بعد فشل الثورات و الانتفاضات الميدية بقيادة الـ(ماغ) أي الرهبان و العلماء الميديين.
- عملية الصهر القومي الأخرى فقد جاءت مع العرب في القرن السابع الميلادي. الكثير من الكرد قاوموا الغزو العربي و خير مثال على ذلك مقاومة شهرزور، و لكن مناطق أخرى فقد استسلمت و لم تبدي مقاومة تذكر.
- العرب لم يأتوا غزاة من الجزيرة العربية إلى كردستان بالسيف و حسب، بل جاءوا بهدف البقاء و إلى الأبد في تلك الأرض، جاءوا بالأسماء العربية، جاءوا بالثقافة و الاعراف التي ارادوها لتحل محل السائد و الموروث في بلاد الكرد.
- لا ننكر هنا الدور السيء للكثير من الأسر و السلالات الكردية المتعاونة مع الغزاة الجدد.
- طيلة قرون كان الدين هو السلاح الأمضى في أيدي الغزاة و عملائها في كردستان بهدف الابقاء على الكرد تحت السيطرة، دون هوية و دون كيان و عرقلة نيلهم للاستقلال.
- الكثير من الحركات الكردية في بدايات القرن التاسع عشر، و خاصة في نضال الإمارات الكردية للحفاظ على ديمومتها قد تعرضت للتكفير و حاربها السلطات الايرانية و العثمانية بسلاح الدين و سلّطت عليها الملالي و الأئمة. و ما فعله الملا خاطي ضد الأمير محمد الرواندزي لمثال ساطع على ذلك.
- السلالات العربية و الفارسية و التركية كانت تقول (كلنا مسلمين) حينما يطالب الكرد ببعض من خصوصيتهم و حقوقهم الانسانية المشروعة.
- الكثير من الطرق و التكايا الدينية في كردستان لعبت دور سيء في ابقاء الكرد تحت نير الاحتلال، و الطريقة النقشبندية المستسلمة للسلطات التركية لخير برهان على ذلك.
- السلطات التركية اسست جمهورية علمانية في غرب الاناضول(ذو الاغلبية التركية) و لكنها في الوقت نفسه شجعت المشيخات الدينية و أسست الاحزاب الدينية المتطرفة (حزب الله - هدى بار و غيرها) في كردستان الشمالية(شرق الاناضول). و لا زالت الحكومات التركية المتعاقبة تستخدم الدين و خاصة الاسلام السياسي في خداع الكرد أو قسم منهم و ابقاءهم تحت إبط الدولة و القومية التركية.
- و لا ننسى ما فعله صدام حسين تحت يافطة سورة (الانفال) من جرائم وحشية ضد الكرد. و كذلك ما فعلته السلطات الايرانية المتعاقبة و خاصة في ظل ولاية الفقيه في كردستان ضد الشعب الكردي تحت يافطة (محاربة أعداء الله). ما فعلته المجموعات الاسلامية المتطرفة في شنغال و روجافا من مجازر و جرائم و احتلال عفرين تحت سورة (الفتح) مع كلاب المعارضة و بعض العملاء الكرد من الأخونجية.
- هنا يجب القول بأن الموضوع لا يمكن حصره في مقال أو كتابة مقتضبة، و كذلك لا يمكن القاء كل الملامة على الدين بعينه، و كذلك لا يمكن انكار حاجة المجتمعات الشرقية إلى جانبها الروحي-الديني و المعنوي. فهنا لا نعادي الدين كحالة اشكالية مجرّدة، و لا ندعو إلى مكافحتها، بل الدعوة كل الدعوة إلى اليقظة، يقظة المجتمع الكردي من مغبة الالاعيب المسيّرة تحت و من خلال الدين.
- بالاضافة إلى الأديان السائدة، فإن الأديان المحلية الأخرى كانت سبباً في تقوقع المجتمعات المحلية و مكونات القومية الكردية في زاويتها الضيقة و لم تتمكن من الانفتاح على باقي المكونات الكردية و كذلك فشلت في الوصول إلى مستوى يؤهلها لتبوء تمثيل الهوية الكردية ككل. و كذلك فقد فشلت في مواكبة التطورات الاجتماعية و الحضارية و بالتالي تراجع تأثيرها المعنوي و الاجتماعي و السياسي و لم تقم بالاصلاحات الجوهرية و التنظيمية المطلوبة.
الخلاصة:
لكن ما مناسبة هذا الكلام في هذا الوقت بالذات؟
الموضوع قديم و جديد. يتجدد آليات الهاء المجتمع الكردي و المجتمعات الأخرى عبر الكثير من الآليات و منها الدين.
للتو كشعب كردي خرجنا من حرب ضروس استمرت لسنوات تعرضنا فيها للتكفير و هدُر دمنا و سبيت نساءنا و قدمنا الآلاف من الشهداء حتى أبعدنا جزء من الخطر عنا.
كشعب كردي رأينا العشرات من الشباب الكرد من باشور و باكور بين صفوف التنظيمات التكفيرية الارهابية يفجرون أنفسهم في مدننا الكردية بروجافا.
رأينا العديد من الأئمة و الملالي (الكورد) يصرخون و يولولون و يكفّرون بقواتنا التي تتصدى للمجموعات التكفيرية و الارهابية.
رأينا مئات الآلاف من الناس البسطاء المخدوعين في محافظات كردية تصوّت للمحتل التركي في الانتخابات التركية متأثرين بالدعايات الدينية و الوعود الدنيوية.
و كذلك لاحظنا في الآونة الأخير و خاصة مع بدايات المقتلة السورية تنامي خطاب إخونجي و اسلام سياسي و ذوق مذهبي لدى بعض الشخصيات و التيارات الكردية في روجافا، و محاولات يائسة بائسة لإعادة تدوير النقشبندية و تسويقها على انها الحل الأفضل للاسلام المتطرف الداعشي. و بذلك يسعون إلى قطع الطريق أمام الاسلام الثقافي أو الاسلام المجتمعي البعيد عن براثن السلطة و المال و الاستبداد.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. صندوق الأمم المتحدة للسكان: على السلطات الإسرائيلية السماح ب

.. قطاع غزة.. الأمم المتحدة تدعو لحظر الأسلحة وتعليق الاتفاقيات

.. اليونيسف: الظروف الميدانية تعيق إيصال المساعدات للأطفال في غ

.. تكدس خيام النازحين قبالة شاطئ غزة وسط مأساة إنسانية

.. ألكاتراز التماسيح .. سجن أميركي يثير الرعب لاحتجاز المهاجرين
