الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادتى - عن المد الدينى فى عروس الصعيد

اشرف عتريس

2019 / 4 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




لأننى فوق الخمسين ويزيد ومنذ ولادتى اقيم فى المنيا – فقد عاصرت بعض الاحداث حول المد الدينى فى بداية الثمانينيات وكل فترة التسعينيات حتى الان ولى ان اطرح بعض التصورات عن الاسباب الحقيقية التى شهدتها تلك الفترة التاريخية من حركات التأسلم وتوغلها فى الشارع والجامعة والمدينة وقراها وكل تجمعات الشباب فى غياب أمنى متعمد أحيانا وبين حضور باهت فى احايين اخرى ..
نعم كانت فترة السادات بداية هذا الزحف والانفجار لاحقا فى اطراف المدينة وداخل جامعة المنيا وتخريج معظم القيادات من كلية (الهندسة ) تحديدا ..
غياب المؤسسة الدينية ودورها المنوطة به لم يعد مؤثرا فى تلك المرحلة وتخاذل المؤسسات الاخرى فى صد هذا الهجوم والتوغل فى شرائح المجتمع مع توافد الفكر الوهابى القادم بقوة من شبة الجزيرة العربية والذى أصبح نموذجا وقدوة لتسييد بعض الافكار وتحريم كل شئ تقريبا اعتاد عليه جمهور المنيا واهالى هذا البلد الهادئ الذى يسكنه البسطاء واغلب سكان المدينة من الموظفين (الطبقة الوسطى ) وعمال مصنع الغزل والسكك الحديدية – اما ابناء القرى مزارعون كما فى صعيد مصر والدلتا ..
كان مسجد ( الرحمن ) يعج باعضاء الجماعة الاسلامية ومسجد (المبرة ) يستحوذ عليه الاخوان – اما السلف فى كل مكان وكان هناك ايضا مسجد الجمعيةالشرعية جنوب المدينة – الكل يعمل وينشط تحت سمع وبصرالجميع وتواجدهم فى الشارع له تأثير كبير على كل شرائح المجتمع حتى ان بعض الاخوة المسيحيون كانوا يلوذون بهم احيانا فى بعض مشاكلهم مع البلطجية والمسجلين خطر ولا يذهبون الى أقسام الشرطة ولايعترفون بالقانون فى دولة المفترض انها دستورية والقانون يحمى المؤسسات والافراد وكل الممتكات العامة والخاصة - هكذا أفهم – هكذا أذهب للاستفتاء فى حالتى الاضافة والتعديل ..
لكن على أرض الواقع حدث العكس تماما فى حينها (تلك الفترة الاستثنائية ) من تاريخ المنيا وظهور المد الدينى بين أحفاد اخناتون .
فى منتصف الثمانينيات تحول اشهر شارع تجارى فى المنيا (الحسينى ) الى محلات لاصحاب اللحى وتجارة الملابس والعطور والاحذية والحجاب والنقاب وكانت (ظاهرة ) تغافل عنها علماء الاجتماع ( السسيولوجيا ) لكنها ارتبطت بظهور الجماعات الاسلامية فى المنيا دون شك ودخل الحجاب جامعة المنيا ولم تكن (موضة) قدر ماكانت (توجه) بالفعل ..
هكذا رصدنا فى حزبنا اليسارى ( التجمع ) منذ اللحظة الاولى وهذا ليس تمجيدا لدور حقيقى شهده الجميع وكتب عنه بعض الساسة فى حينها ( صلاح عيسى ، جمال فهمى ، حسين عبد الرازق ) ونشر فى جريدتنا ( الاهالى ) برئاسة فيليب جلاب ثم صلاح عيسى وقد اشير الى خطر هذا السلوك والتنبؤ به فى فترة التسعينيات وقد أصبح واقعا مريرا حيث ظهر العنف والصراع بالسلاح ضد الشرطة والاهالى على حد سواء وقدعانينا منه فترة كبيرة مثل مجازر (زراعات القصب ) فى مركز ملوى

وتكسير صيدليات ومحلات الذهب فى ابو قرقاص والمدينة
(صيدلية ثروت - حى شاهين ) مثلا
لم يكن لجماعة ( الاخوان المسلمون ) قوة تحسب لهم فى هذة الفترة فى المنيا – قد يعملون فى الخفاء وتحت الارض لكن الظهور والمواجهة المسلحة و المد الفكرى وتوغله كان للجماعات الاسلامية واسماء يذكرها شعب المنيا جيدا ..
كل هذا حدث بسبب الفقر وقلة الوعى وانتشار الافكار الظلامية التى حرمت الفن والفكر والتوجه اليسارى واعمال العقل ورفض التبعية الدينية فكانت الصدامات اكثر عنفا وتكفير لاصحاب الابداع لدرجة ملاحقاتهم فى محافلهم فى قصر الثقافة وحزب التجمع وجمعية الجيزويت (الاباء اليسوعيين ) ومنع المسرح والعروض المسرحية فى جامعة المنيا (مسرحية منين اجيب ناس ) اخراج حسن رشدى
المؤسف ان بعض الطلاب غير أعضاء الجماعات الدينية كانوا يستسلمون تماما والقليل منهم من دافع واستبسل وقاوم بحماية حرس الجامعة من دون فكر المقاومة والتصدى والنضال بشرف المواجهة وقيمة الايديولوجيا – بمعنى ان تتبنى فكر وتواجه فكر آخر شرط الا تختبئ خلف الامن .
ماذا عن الحزب الناصرى وحزب التجمع فى المنيا فى هذا الصراع – الاجابة ليست
فى صالحهما بل أحيانا قد تنهزم هذة الكيانات من القوتين فى الشارع ( الامن والجماعات ) فلم نكن ونحن فى اتحاد الشباب التقدمى داخل حزب التجمع نعقد لقاءات ولا امسيات ولا ندوات الا القليل بحجة (الظروف الامنية ) فتكلس دورنا وتراجعنا كثيرا واستجبنا طواعية لقيادات اللجنة المركزية فى القاهرة ..
أقول هذا بصراحة شديدة بغية الشهادة والرصد لاحداث كنت جزء منها وشاهد على بعضها سواء فى تنظيم سياسى ( حزب التجمع ) أو مع الناس فى الشارع المنياوى
خلال فترتى الثمانينات والتسعينيات ..
ماصنعه التيار الدينى فى الشارع المصرى والشارع المنياوى تحديدا أكثر تأثيرا وقوة من كل الافكار المستنيرة لدى الاحزاب والكيانات الثقافية والسياسية والجمعيات المدنية ويحتاج الى سنوات لتغيير افكار ومفاهيم تسيدت ودخلت بيوت الفقراء والبسطاء وطلبة الجامعات ومراكز الشباب وبعض المؤسسات وهكذا ....
هى معركة الوعى التى لابد ان تسود وتنتصراذا كانت لدينا النية الحقيقية فى تغيير المجتمع ومقاومة الارهاب ليس بالسلاح والرصاص فقط ..
هذة روايتى لاحداث عايشتها واشهد لها حتى الان فى مدينتى الجميلة
( عروس الصعيد ) التى انجبت طه حسين واحمد رشدى صالح والشيخان على عبد الرازق ومصطفى عبد الرازق ولويس عوض وآل الشارونى والفنانين الشريعى وسناء جميل والعديد من الرموز والشخصيات العامة ومازالت تعانى من الارهاب الفكرى وتصدير الافكار التى تهدم اى مجتمع يحاول الترقى والنهوض فيصاب بالانتكاسة والتراجع كما قال ت س اليوت ( نحن نتقدم تقدما باهرا نحو الخلف ) ..


كلنا أمل فى ان نواجه ونتفاعل ونناضل من اجل انسانية وكرامة
تليق بشعب يعشق الحياة ..
يملك أكثر من (40) مزارا سياحيا وأثريا فى مغاغة وتونة الجبل والاشمونين وتل العمارنة بملوى وديرمواس ثم مقابر بنى حسن الشروق فى ابو قرقاص وجبل الطير بسمالوط والبهنسا فى بنى مزار – ولاأحد يهتم –
لم نزل نحلم بنهضة سياحية وثورة فكرية ورغبة فى تغيير بعض المفاهيم التى تسيدت وتأصلت للأسف الشديد بين أهالينا وشبابنا من الجيل الجديد الذى لايعرف شئ عن المنيا غير القليل النادر رغم مركز الاعلام بالمدينة وهيئة الاستعلامات بالمحافظة - الجميع لايعترف بالتقصير – وهذه هى آفة تلك البلاد
اللهم أنى شهدت بما اعرفه من الحقيقة ولا أريد سواها
هذا وعلى الله قصد السبيل
ولنا حق الاجتهاد أذا أصبنا

أشرف عتريس
– عضو اتحاد كتاب مصر

- عضو حزب التجمع – المنيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استاذ أشرف عتريس
أكرم فاضل ( 2019 / 4 / 8 - 15:27 )
شرحت الظاهرة ولكن هل بالامكان شرح الدوافع وراءها؟


2 - و ايضا
ركاش يناه ( 2019 / 5 / 10 - 12:14 )

ينتسب اول ممثل عالمي من اصل مصري حائز علي جائزة الأوسكار الي محافظة المنيا

شكرًا استاذنا

...

اخر الافلام

.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس


.. 17-Ali-Imran




.. 18-Ali-Imran


.. 19-Ali-Imran




.. 20-Ali-Imran