الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل النساطرة هم أحفاد الآشوريين؟ (5) (الحلقة الأخيرة)

مهدي كاكه يي

2019 / 4 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين والعلاقة بينهم (84) – الآشوريون

هل النساطرة هم أحفاد الآشوريين؟ (5) (الحلقة الأخيرة)

كيف إكتسب النساطرة الإسم (آثوريين) أو (آشوريين) (4)

يذكر الأستاذ (حارث غنيمة) في هامش صفحة 47 من كتابه المعنون (البروتستانت والإنجيليون في العراق) الصادر في عام 1998، بأن تسمية النساطرة بالآثوريين أو الآشوريين ليست قديمة بل جاءت في النصف الأول من القرن التاسع عشر وقد زعم بعض الكُتّاب والمؤرخين النساطرة بأنهم أحفاد الآشوريين القدماء وأن القس البريطاني (وليم ويگرام) ساندت هذه الفكرة، حيث أنه قام بنشر هذه التسمية الجديدة في أشهر كُتبه مثل كتاب (الآشوريون وجيرانهم) وكتاب (حليفنا الأصغر).

ينقل الأستاذ رياض ناجي الحيدري في مقدمة إطروحته المعنونة (الآثوريون في العراق 1918 - 1936) لنيل شهادة الماجستير، رسالة للمؤرخ طه باقر، يُبدي فيها رأيه حول المسألة الآثورية و إختلافات تسميات النساطرة، حيث يقول الأستاذ طه باقر في رسالته أنّ اللغة التي يتكلم بها الاثوريون الآن ليست لغة آشورية و لا منحدرة من الآشورية القديمة و إنما هي إحدى اللهجات الآرامية من الفرع الشرقي منها مثل لهجة الصابئة المندائيين في العراق. يمضي الأستاذ طه باقر في حديثه ويقول أن تسمية الآشوريين هي مجرد إدّعاء سياسي محض جاء بعد إهتمام الانگليز بهم.

يذكر الدكتور طارق مظلوم مدير الأبحاث الآشورية في مديرية الآثار العامة العراقية أنّ إدّعاء النساطرة بالآشورية هو سياسي، قاموا بالتركيز عليه بعد المكتشفات الآشورية التي قام بها عالِم الآثار البريطاني (لايارد)، وسمَّى النساطرة أبناءهم (سرجون) و(سنحاريب) لِربط نسبهم بالآشوريين، ويؤكد الدكتور طارق مظلوم أن الأدلة التاريخية لا تؤيد صحة إدعائهم.

في أواخر القرن 19 ومطلع القرن العشرين، بدأ النساطرة يتداولون مصطلح (آثور) ووجدوا ضالتهم بتسمية الآثوريين كنوع من تأسيس هوية تحفظ لهم كينونتهم من الضياع، وقد أجاد المحتل البريطاني بدهائه وخُبثه أن يوظف الموروثات والتسميات مُعداً جنود فوج الليڤي النساطرة من سكنة جبال كوردستان أحفاداً للآشوريين المقاتلين، وتمسك النساطرة بهذه التسمية إلى الوقت الحاضر (مصدر 1).

يقول الصحفي الهولندي (ماليبارد) أنّ النساطرة أطلقوا على أنفسهم إسم (الآشوريين) بعد نزوحهم إلى العراق بعد الحرب العالمية الأولى، ولم يُعرف حتى ذلك الوقت إسمهم بالآشوريين (ماليبارد، نواعير الفرات أو بين العرب والأكراد. ترجمة د. حسين كبة، مطبعة الرابطة، بغداد، 1957، صفحة 63 – 65).

يقول المؤرخ العراقي صديق الدملوجي في صفحة 13 من كتابه الموسوم (إمارة بهدينان)، إن المسيحية في بهدينان (كوردستان) هي النسطورية نسبة إلى نسطور، ولا يصح أن يُعدَّ هؤلاء النصارى آشوريين إذ لا علاقة لهم بالآشوريين.

يذكر الأستاذ عبد المجيد حسيب القيسي أنه بِصرف النظر عن صحة أو بطلان إدّعاء النساطرة بأصولهم الآشورية، ففي الواقع أنهم سكنوا العراق منذ عشرين قرناً لا بِوصفهم آشوريين وإنما بِكونهم بقايا النساطرة القدماء، وتبعاً لذلك فقد إتخذوا لأنفسهم هذا الإسم على أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، وأطلق عليهم العثمانيون لقب النساطرة، في حين يؤثر العراقيون تسميتهم بالتِياريين نسبة إلى قبيلتهم، وإستقر وصفهم أخيراً بالآثوريين وهو تحريف لكلمة (آشوريين) (عبد المجيد حسيب القيسي: التاريخ السياسي والعسكري للآثوريين في العراق. الناشر: الدار العربية للموسوعات، 2004، صفحة 1–2).

يقول الدكتور شاكر خصباك أن الآشوريين الحاليين (النساطرة) ليست لهم علاقة بالآشوريين القدماء، وحتى أنّ إسم الآشوريين الذي أطلقه الرحالة والكُتّاب الإنگليز على النساطرة في أواسط القرن التاسع عشر هو تحريف لِكلمة (سريان) بإعتبارهم من الأقوام التي تتحدث بالسريانية، ويضيف قائلاً: إن بعض الكُتّاب الغربيين قاموا بِربط الإسم سياسياً وتاريخياً مع الإسم الآشوري القديم وعدّوا هؤلاء القوم أحفاداً للآشوريين القدماء (الدكتور شاكر خصباك: العراق الشمالي لنواحيه الطبيعية والبشرية. جامعة بغداد، بغداد، 1973، صفحة 224 – 225).

تقول الأستاذة عائشة خير الله محمد الزين أنّ نساطرة كوردستان تمسكوا بالنسطورية وفيما بعد تمّ إطلاق إسم (الآشوريين) عليهم (عائشة خير الله محمد الزين: الموسوعة العربية، المجلد 20، 2003، صفحة 650).

يقــول المـؤرخ جيمـس موريـس فـي الصفحـة 105 من كتابـه (الملـوك الهاشميون) ليـس للنساطرة أيـة علاقــة عرقيـة بـِ( آشـور) نـينوى، وهـم من المسيحيين النساطـرة كــان (تيمـورلنـك) قــد دمّـر كنيستهـم وبـدّد شملهـم ولكنهـم ظلـوا يعيشـون في المنطقـة الجبليــة الـواقعــة في شـرق تركيــا (إقليم شمال كوردستان) (جيمـس موريـس: الملـوك الهاشميون من الشريف الحسين بن علي حتى الملك عبدالله الثاني. ترجمة وتحقيق: أحمد محمد خالد، الدار العربية للموسوعات، 2006، صفحة 105).

يقول الأستاذ يوسف إبراهيم يزبك أنّ بريطانيا أتقنت اللعب بدهاءٍ نادِر بعقول التِياريين الذين أسبغَ عليهم إسمَ (الآثوريين) خطأً من خلال إيجاده لهم مِن قِبل مبعوثي كنيسة كانتربري الإنگليزية في نهاية القرن التاسع عشر بقيادة القس (وليم ويگرام) الذي بذل جهداً كبيراً جداً لغرض تنسيبهم الى الآثوريين وأنّ وسائل الإعلام البريطانية ساهمت في جلب إنتباه العالَم وكسب الرأي العام العالَمي لِدعم هؤلاء المسيحيين المُضطهَدين مِن قبل الأكثرية المُسلمة (يوسف ابراهيم يزبك: النفط مُستعبد الشعوب. الطبعة الأولى، مطبعة الفن الحديث، بيروت، 1934، صفحة 233 – 234). يضيف الأستاذ يزبك في الصفحة 238 مِن كتابه المذكور، بأن القبائل التِيارية لم تكن يوماً وارثةً للآشوريين ولم تكن تعرف عن آشور شيئاً، حيث أنها تلك القبائل الساذجة التي خدعها البريطانيون وجعل مِنها حطباً لِموقد مطامعه.

يقول السيد (لوقا زودو) أنّ دوائر الإستخبارات العسكرية البريطانية عملت على توطين مَن أسمَتهم بالآثوريين في منطقة نينوى عاصمة الآشوريين القدماء وقامت بِتشكيل جيش من عشائرهم ليكون نواةً لحماية الوطن القومي المقترح إقامته لهم، عند إعلان إستقلال آشور طبقاً للوعود التي قطعها الإنگليز على أنفسهم لقاءَ إنضمام الآثوريين للقتال الى جانبهم، إلا أنّ بريطانيا لم تكن مُخلصة في سعيها هذا، بل كانت تلعب دوراً مُزدوجاً، حيث كانت تُحَرِّض "الآثوريين" على المُطالبة بالإستقلال و في نفس الوقت كانت تشي بهم للحكومة العراقية وتُحَرِّضها على قمع حركتهم (لوقا زودو: المسألة الكُردية والقوميات العنصرية في العراق. بيروت، 1969، صفحة 97 – 98). هذا ما يُشير إليه أيضاً الأستاذان مظفر عبدالله و جهاد صالح، حيث يقولان أنّ النساطرة الذين تأَثوَروا، قد توَرَّطوا بِقيامهم في عهد الملك فيصل الأول وخلال الفترة التي سبقت وفاته، في القيام بِحركة تمَرُّدٍ في شمال العراق خلال وجود الملِك فيصل الأول خارج العراق، حيث قام قائد الجيش العراقي آنذاك (بكر صدقي) وبالإتفاق مع ولي العهد (غازي) ورئيس الوزراء (رشيد عالي الگيلاني) ووزير الداخلية (حكمت سليمان) بقمع التمَرُّد والقضاء عليه في شهر آب من عام 1933 ميلادية (د. مظفر عبدالله أمين و د. جهاد صالح العمر: العراق في التاريخ. المجمع العلمي العراقي، بغداد، 1983م، صفحة 661 – 662). آخر إنتكاسة وهزيمة للنساطرة "المُتأَثورين" ثُمَّ "المتأشورين" كانت في منطقة (سميل) وضواحيها، حيث تمت هزيمتهم من قِبل القوات العراقية التي هاجمتهم وفتكت بهم نتيجة قيامهم بِحركتهم المسلحة الفاشلة ضد الحكومة العراقية بِتحريضٍ من الإنگليز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل