الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرّروا الإنسان... وأنقذوا الله

جوزف قزي

2019 / 4 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حرّروا الإنسان... وأنقذوا الله

1 . ليس لديّ دليل على أنّ الله هو الذي صنع الأديان، ووضع قوانين للإنسان، وسنّ له شرائع وفرائض، ليسير الإنسانُ بموجبها. لقد خلق الله الإنسان حرّاً، يتميّز بهذه الحرّيّة عن الكائنات كلّها، ولم يقيّد الله نفسه، ولا الإنسان، بدين أو بناموس.
2 . فالذي يشترع للإنسان هو الإنسان نفسه، أو هو المجتمع الذي ينتمي إليه ويعيش فيه. وهذا المجتمع متغيّر متطوّر، وعلى الإنسان أن يواكبه في تطوّره وتغيّره.
3 . هذا المجتمع الذي يشترع للإنسان هو : إمّا هيئة الأمم المتحدة، أو الدولة، أو الكنيسة، أو الحزب، أو الجمعيّة، أو القبيلة... هذه جميعها تتولّى شؤون الإنسان وتعمل على رقيّه ومواكبته في تطوّره وتغيّره في جميع مراحل حياته...
4 . هذا يعني أنّ ما يُسمَّى أديانًا سماويّة لا يمكن أن تواكب الإنسان في تطوّره، ولا أن تجاري العلم ومتغيّرات الكون والحياة... تعاليم هذه الأديان هي تعاليم ثابتة لا تتغيّر ولا تتطوّر ولا تعنيها ثقافات البشر وحضاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم...
5 . فيما هدف هذه الأديان هو أن تقدّم للإنسان كلّ ما يعود إلى خلاصه وسعادته الأبديّة، وأن تساعده على معرفة الله ومحبته،ؤ ونيل القيم الروحيّة والماورائيّة... ولا شأن لهذه الأديان في مسيرة الإنسان الدنيويّة ولا في قوننة حياته وتنظيم أعماله...
6 . ليس الله هو الذي صنع الأديان، ووضع القوانين، وسنّ الشرائع. وليس هو الذي عيّن أنبياء، وبعث رسلاً، ونزّل كتباً ورسائل، وحدّد للإنسان سلوكَه، فقيّده. فالله لم يقيّد حرّيّة إنسان.
7 . وأخشى فوق هذا كلّه، أن يقول المؤمنون المطمئنّون بأنّهم يدركون مشيئةَ الله، ويعرفون هويّتَه، ويحدّدون كمالاته وصفاته، ويُخضعونه لبراهينهم العقليّة، وأدلّتهم المنطقيّة. فاللّه هو الكائنَ المطلق، الكلّي الكمال، الذي لا يطاله عقلُ إنسان...
8 . وإنّي أخشى أيضاً أن يغيب عن بالنا كلامُ يسوع الذي قال: "قيل لكم... أمّا أنا فأقول لكم".. والذي قال أيضاً: "لا أحد يعرف الآب إلاّ الابن"؛ أي إنّ الإنسان المحدود في الزمان والمكان لا يمكنه أن يعرف اللهَ اللامحدود واللامتناهي..
9 . فما بال "رجال الدين" يتّهمون الله بصنع أديان، وسنّ شرائع، وتنزيل كتبٍ؛ ويدّعون معرفةَ الله كما هو، ويطمئنّون إليه وإلى ما جاء به السَلَف، فيقيّدونه بمنطقهم وبمقولاتهم...ونسأل: هل لغير الله يستطيع أن يقول شيئاً عن الله؟!
❊❊❊

1 . يهمّنا من هذه الأديان، التي اتَّهمنا الله بصنعها تلك الأديان المسمّاة "سماويّة" أو "توحيديّة"، كاليهوديّة، والمسيحيّة، والإسلام؛ لأنّها تعنينا، وتشغل حياتَنا، وتملأ عقلَنا، ونعيش معها. وهي أيضاً تدّعي معرفة الله وكنهَ سرّه.
2 . أنا لا أدعو إلى إلغاء ما قدّمتْه الأديان للبشريّة من حضارات وثقافات وعلوم وفنون؛ بل أدعو إلى تبرئة الله من هذه الأديان، من معتقداتها، وتعاليمها، وشرائعها، وقوانينها، وكتبها، ورسلها، وأنبيائها... فليس الله هو الذي صنعها، وقيّد البشر بها.
3 . ما من عاقلٍ يقول إن الله أعطى هذا الدّين لهذا الإنسان وذاك الدّين لذاك الإنسان، واختار شعباً من دون شعوب الأرض، وأوحى لهؤلاء ولم يوحِ لأولئك، فميّز النّاس بعضهم عن بعض، فاختلفوا بسببه، وتقاتلوا من أجله...
4 . إذا كان الله هو الذي أوحى بهذه الأديان المختلفة، فيكون هو نفسه الذي شاء للبشر أن يختلفوا ويتقاتلوا. فيكون الله بذلك غيرَ عادل، لا يعرف الرحمة ولا المحبّة، بل هو إله شرّير. وإذا كان ثمّة شيطانٌ، فهو هو الشيطان الرجيم.
5 . ثمّ إنّ رسلاً وأنبياء كثيرين قالوا إنّ الله هو الذي بعث بهم، وأوحى إليهم بهذه الأديان، وزوّدهم بشرائع وتعاليم أزليّة أبديّة، ثابتة لا تتغيّر. هؤلاء أشرار، مثل إلههم، عمّقوا الإختلاف، ودعوا إلى اقتتال الناس بعضهم مع بعض.
6 . هذه حالٌ لا يقبل بها إنسان. ولهذا، رفضها كثيرون وأنكروها، وحرّروا الله والإنسان منها. ولهذا أيضاً اعتُبروا ملحدين وكافرين. وبسبب إنكارهم لهذه الأديان، أنكروا الله نفسه. وكان سبب إنكارهم الله لا عدم معرفتهم له فحسب، بل اطمئنانهم.
7 . يشجّعني على هذا الكلام يسوعُ نفسه، الذي كان أول من تجرّأ على تبرئة الله مّما قيل بقوله: "قيل لكم، أمّا أنا فأقول لكم..."، ومن التقاليد الموروثة، ومن الشرائع السماويّة الجامدة، ومن التعاليم اليهوديّة الثابتة، ومن رجال الدين: فرّيسيّين وكتبة وأحبار ورؤساء... هؤلاء هم الذين صلبوا يسوع، بحقّ، لأنّه لم يترك عليهم ستراً؛ حتّى إنّه هاجمهم في عقائدهم الدينيّة وممارساتهم التقويّة، مثل الختان، ورجم الزانية، وحرمة يوم السبت...
8 . لقد كان يسوع، حقّاً، أعظم ثائر في التاريخ، لا على الحكّام الظالمين فحسب، بل على الله نفسه، الذي اتُّهم ظلماً بأنّه هو الذي صنع أدياناً ومذاهب، وسنّ شرائع وقوانين باسم الله... وهو بهذه الثورة على الله، فتح يسوعُ الباب واسعاً للملحدين. فإذا به كان هو رأس الملحدين، وأوّل الرافضين، وأعظم الثائرين من أجل حريّة الإنسان وكرامته وتطوّره.
9 . وإذا كان ثمّة من يقول بأنّ هذه الأديان هي من صنع الله، فيجب ألاّ تختلف مع بعضها، لأنّها من مصدر واحد... والحال إنّها تختلف ، وتتباغض، وتتناحر، وتتقاتل، وتتحارب، لأنّ كلّ دين يدّعي امتلاك الحقيقة من دون سواه. فيما الله وحده يملك الحقيقة كاملةً...
10 . هذا علماً بأنّ الله خلق الناس إخوةً بعضهم لبعض، وأبناء له، خلقهم بمحبّةٍ إلهيّة متساوية ، غير محدودة. وهو يشاء خلاص الجميع بمحبّة إلهيّة متساوية وغير محدودة... هذا الخلاص لا يحرم الله منه أحداً، لأنّه هو الذي خلق كلّ أحدٍ. وسوف يخلّص أيضاً كلّ أحد. لهذا فهو بريء من هذه الأديان المختلفة والمتناقضة والمتقاتلة جميعها، ولا يدَ له فيها.
11 . المسيحيّون وحدهم يستطيعون اليوم القول بتبرئة الله من هذه الأديان السماوية، ومن الكتب المنزلة، والقول أيضاً بتحرير الإنسان من الناموس والشرائع التي اتَّهمنا اللهَ بتقييد البشر بها. يسوع كان مثال الثائرين على كلّ ما قيّد الإنسان به نفسه باسم الله.
12 . فالإنسان حرّ، وهذه هي عظمته وكرامته. هكذا خلقه الله، وهذه هي أيضاً عظمة الله، فلا الله يتخلّى عن عظمته هذه؛ ولا يُخلي الإنسانَ من حرّيته؛ ولا الإنسان يتخلّى عن كرامته وعن حريّته... لن يتخلّى الإنسان عن حريّته، والله لن يرجعه إلى العدم بسبب عصيانه.
13 . الدين، إذاً، كما أفهمه، يطعن في الله وفي الإنسان معاً. لهذا يجب أن أعمل على تبرئة الله والإنسان منه، مهما كلّف الأمر. بذلك تسلم البشريّة ويسلم الإنسان، ويسلم الله، ويتقدّم العالم نحو كماله، وتنجلي صورة الله الحقيقيّة الرائعة في الكون.
14. يسوع، في المسيحيّة، إذاً، ليس مؤسّس دين، ولا راباناً يهوديّاً، ولا كاتب إنجيل، ولا باعث رسائل، وليس حكيماً كالحكماء، ولا زعيماً كالزعماء، ولا قائد حركة سياسيّة أو اجتماعيّة، ولا واضع قوانين وشرائع، ولا مرسِلاً رسلاً وأنبياء... إنّما يسوع هو مُخلِّصُ الإنسان ومحرِّرُه. هكذا يعني اسمُه. وهذه هي مهمّته ورسالته.
15 . يسوع هو مخلّص الإنسان، لا من خطيئة آدم، كما تقول الأديان؛ بل هو مخلِّص الإنسان من شرائعَ وعقائدَ ومحرّماتٍ وممنوعاتٍ، قيّد الإنسانُ بها نفسه باسم الله، فقيّد بها الله وحرّيّتَه. لهذا جاء يسوعُ ليخلّص الإنسان ويحرّره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اجب سؤالي
احمد علي الجندي ( 2020 / 8 / 7 - 18:28 )
-
15 . يسوع هو مخلّص الإنسان، لا من خطيئة آدم، كما تقول الأديان؛ بل هو مخلِّص الإنسان من شرائعَ وعقائدَ ومحرّماتٍ وممنوعاتٍ، قيّد الإنسانُ بها نفسه باسم الله، فقيّد بها الله وحرّيّتَه. لهذا جاء يسوعُ ليخلّص الإنسان ويحرّره.
-
لا يوجد دين غير المسيحية تقول بان المسيح هو مخلص الانسان من خطيئة ادم
وانت نفسك لا تعتبر المسيحية دين
فماذا تقصد في كلامك عندما قلت الأديان
ألم يكن الصحيح أن تقول المسيحية ام لا تحب ذكر المسيحية بأي سلبية الا في حالة جمعها الأخريات مع تذكيرنا بانك لا تعتبر المسيحية دين

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال