الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أدب الطفل في العراق منذ العام 1922 ومراحل تطوره وتعثره... ندوة لتجمع شارع المتنبي الثقافي

تضامن عبدالمحسن

2019 / 4 / 13
المجتمع المدني


بعد التراجع الحاصل في مجال أدب الطفل ومايشكله من ظاهرة خطيرة في تنمية قدرات الاطفال الذين يعول عليهم بناء المستقبل، فقد اقام تجمع شارع المتنبي الثقافي محاضرة اقترنت بالعلمية لما تضمنته من احصاءات وقراءات بحثية، قدمتها التدريسية في جامعة بغداد الدكتورة طاهرة داخل، صباح يوم الجمعة في المركز الثقافي البغدادي في المتنبي، وشهدت حضورا متنوعا من مختلف الاوساط الثقافية.
تناولت الدكتورة مراحل تطور أدب الطفل منذ عشرينيات القرن المنصرم وصولا الى مابعد 2003، ومانال هذا الجانب من تغييرات خطيرة، حيث بدأت محاضرتها قائلة (ان الطفل بنية اصيلة تبنى بعد قواعدها البنى الاخرى) مستشهدة بمقولة لتولستوي، "من السنة الخامسة الى سن الخمسين خطوة واحدة، ولكن من الطفل الوليد الى السنة الخامسة مسافة شاسعة جدا"، اي ان الخمس سنوات الاولى هي التي يبنى فيها عقل وفكر الطفل وثقافته، ويتم فيها توجيهه، وذلك ما اثبتته جميع الدراسات التي صبت في علم النفس الاجتماعي وعلم النفيس التربوي من خلال احصائيات ودراسات مكثفة على مختلف الاطفال، وبضمنهم الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

متى بدأ أدب الاطفال في العراق
أكدت د.طاهرة (نشأ أدب الاطفال في العراق عام 1922 وهناك حقيقة ملازمة لنشأة ادب الاطفال والتي تقول ان الأدب نشأ على صحافة الطفل وان المهتمين الذين اسسوا لثقافة الطفل وادبياته هم من فئة المعلمين وفيما بعد دعم الادباء ثقافة الطفل).
فأول مجلة ظهرت في صحافة الطفل كانت بعنوان (التلميذ العراقي) بادارة سعيد فهيم صاحب الفكرة، والتي تعد القاعدة الاساسية لأدب الطفل، ولكنها لا تعد التجربة الفنية التي تحتوي على جميع اشتراطات الكتابة للطفل.
مشيرة الى انه بسبب قلة الخبرة وانعدام الاصدارات في هذا المجال، فقد كانت القصص تقريرية تتحدث عن التلميذ بالدرجة الاولى وبشكل تربوي. وبعد ذلك تناول الادباء العراقيين الرواد ادب الطفل من امثال الرصافي والزهاوي وسواهم.
هذا وقد أخذت صحف الاطفال بالظهور المتقطع من عام 1922 وحتى عام 1968. ولكن في عام 1969 انتظمت مجلة بصدورها وهي (مجلتي)، للأطفال من عمر 3-10 والتي مازالت تصدر الى اليوم، وبعدها صدرت مجلة (المزمار) عام 1970، للأطفال من عمر 11- 15 سنة.

مرحلة السبعينيات
وتعد هذه مرحلة رخاء اقتصادي في العراق، وصار هناك اهتماما واضحا بأدب الاطفال ولكن لم تكن هناك مطبوعات كثيرة باستثناء تجربة دار ثقافة الاطفال، التي كانت تصدر مطبوعات للأطفال واول مطبوع لها كان ثورة الطيور لعبدالرزاق المطلبي.

مرحلة 1980
وهي المرحلة الاهم في ثقافة الطفل إذ اصبحت الفكرة ناضجة للكتابة للأطفال والوضع الاقتصادي اتسم بالرخاء وظهر عدد كبير من الاصدارات التي تنوعت كما نوعا، منها سلاسل ادبية مختلفة وقصص ومجلات ومجلدات، بالاضافة الى مجلتي والمزمار. كما اخذ الكتاب بالكتابة بطريقة جميلة، متناولين كتابة كل مايخص الطفل وبناء شخصيته.
لافتة الباحثة والدكتورة طاهرة الى ان بظهور الحرب العراقية الايرانية اخذت الكتابة تميل الى العسكرة، وتناول القتل والموت وظهور رسومات الطفل العسكري، وجندت جميع المطابع لطبع القصص واصدار المنشورات المتعلقة بالحرب، متساءلة (هل من الصحيح ان ندرس قصص الحرب للأطفال، خاصة وان من كتب في هذا المجال هم من اكبر الكتاب واهمهم من العرب والعراقيين). داعية الى ان هناك مضار في هذا المجال بسبب تناول قصص الموت وعودة الروح والخلود، مشيرة الى انه (في هذا المجال لم نستطع ان نعطي اراءً علمية دقيقة سوى انطباعات ووجهات نظر، وقد طلبت وبحثت في دراسات علم النفس في جامعات بغداد، ولكني لم اجد شيئا في ذلك المجال). ولكن في عام 1986 تضاءلت هذه الاصدارات.

في التسعينيات
تناولت طاهرة داخل هذه المرحلة وهي مرحلة الحصار الاقتصادي التي انعكست بشكل كبير جدا على هذا المجال، حيث اتسمت بالجنائز الجماعية والتي انعكست على شعر الاطفال وقصص امريكا والحصار ايضا كانت من ابرز المواضيع، وبالعودة الى الخطوط الحمراء في ادب الاطفال سنعرف انه ممنوع تناول السياسة والحرب والموت، ولكن في الثمانينيات تكلموا عن الحرب وفي التسعينيات تناولوا السياسة.
وهنا توقفت المطبوعات تماما، والتي كانت تظهر فانها تظهر باللونين الاسود والابيض، واحيانا يضاف الاحمر فقط، وهو لون الدم.
وتضيف طاهرة الى ان (في عام 2001 صدر مطبوع واحد يتضمن مقولات (القائد) الطاغية فقط).

بعد 2003
لغاية 2006 كان هناك توقف تام لمطبوعات الطفل، واختفت مطبوعات دار ثقافة الاطفال، وخلال اربع سنوات طبعنا ثمان مطبوعات فقط، بعدها تم معاودة الطبع والنشر لكتب كانت جاهزة قبل 2003، وتم طبعها في دار الشؤون، وبالنسبة لمجلتي والمزمار فانها صارت تطبع كل ستة اشهر، بسبب ضعف الميزانية، الا اذا حصلت على دعم خارجي مثل اليونسيف، كما قامت الدار باحالة عدد كبير من الرسامين والكتاب حسب السن القانوني الى التقاعد، هنا افرغت الدار من خبرتها وخبراءها.
اما مايحدث في الشارع الادبي الآن في مجال الطفل، فقد اصبحت معظم المؤسسات تكتب للأطفال بضمنها وزارة الداخلية وهيئة النزاهة ودور النشر الاهلية، وكذلك جميع العتبات الدينية وبعض منظمات المجتمع المدني، وذلك يعد سيف ذو حدين، اذ هل ان كل ماينشر هو بمستوى الطموح، حيث تعتبر "طاهرة" ان ادب الاطفال هو ادب عالمي، اي ان القيم التربوية واحدة في كل العالم باستثناء مايتقاطع مع الدين، ولكن قيم المحبة والسلام واحترام الآراء الى ماذلك من المباديء هي واحدة، وان مايصدر عن هذه المؤسسات يتناول القيم الاخلاقية التربوية الاجتماعية فقط، وكأن الحياة لاتتوافر فيها سوى هذه القيم الثلاث، رغم اهمية هذه القيم ولكنها تشبه وضع المسطرة التي تجعل الطفل تابع بشكل اعمى، وماينبغي فعله هو خلق عقل مفكر ومبدع وباحث.
كما عرجت الباحثة في محاضرتها قضية رسم هيئة البنات في القصص والتي غالبا تأتي وهن يرتدين الحجاب، بينما علينا تنوير هذه العقول بمباديء الدين ونسمح لهم بالاختيار، (اي يجب خلق حرية الاختيار لدى الاطفال من خلال القصص لصناعة طفل قادر على اتخاذ القرار) دون مصادرة حريته.
اما مايخص المناهج التربوية فقد أكدت بانها تطورت في تناول القصص، حينما ضمنتها حقوق الانسان والمباديء الاخلاقية المختلفة، ولكن في دراسة عن (الانثى) اتضح انها مهمشة ودورها أم او أخت فقط، وحوارها قليل وليس لها اي دور ايجابي ودور الام او اي امرأة هو دور نمطي وربة بيت فقط، وبدراسة قدمتها الدكتورة طاهرة حول المنهاج اكدت فيه على اهمية تنمية دور المرأة في القصص فيما يخص وضعها الاجتماعي والعلمي والوظيفي.
كما اشارت الى ظهور اصدارات للديانة المسيحية، حيث لم يكن لهم الحق في الكتابة قبل 2003، في حين ظهرت مجلة الزنبقة بعد 2003 وتناولت قصص مختلفة. وهذا دعا الى تنوع الكتابات من مختلف الاديان والطوائف.

الخطوط الحمراء في ادب الطفل
اشارت الدكتورة الى وجود خطوط حمراء كانت معروفة قبل 2003، اما بعد هذا العام ظهرت خطوط جديدة هي الحب والجنس، وهذان الموضوعان من اخطر المواضيع التي لا يجب ان توضع تحتها خطوط حمراء، على ان يكون بشكل مدروس لتوعية الطفل. وقد تقدم علينا الادب العالمي في ذلك المجال بعد التجارب التي تناولها في هذين المجالين حيث أدى غياب الوعي الجنسي الى مشاكل اجتماعية خطرة، كان يجب تلافيها بتوعية الاطفال بها.
كان للحضور مشاركات ومداخلات أكدت خلالها رئيسة رابطة المرأة العراقية شميران مروكل على أهمية التنسيق بين وزارتي التربية والثقافة للإهتمام بأدب الطفل لما له من أثر في تنشئة جيل أرشد الوتري على اهمية تنوير فكر الطفل من خلال القصص والاحتفاء بالمبدعين منهم وبنتاجاتهم الفكرية.
واختتمت المحاضرة بتقديم الشهادة التقديرية تثمينا للدكتورة طاهرة داخل وكل ماتقدمه للطفولة في بحثها العلمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة


.. تراجع الاحتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية.. واعتقال أكثر




.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ