الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكفير جزاء من تجرأ على التفكير :

حمزة الذهبي
كاتب وباحث

(Hamza Dahbi)

2019 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مما لا شك فيه ، اليوم ، أن هناك علاقة بين التفكير والتكفير في مجتمعنا العربي ، لكن ليس أي شكل من التفكير ، بل فقط ذلك التفكير الذي يكون غير سائد - أو بالأحرى التفكير النقدي الذي يهدف إلى كشف ما هو مستور أو ما تم إخفاؤه عمداً أو عن غير قصد - والمرتبط خصوصا بالمجال الديني ، المحاط بحراسة ، لن أكون مبالغا إذ قلت ، أنها شرسة من طرف أولئك الذين ليست لهم القدرة على مواجهة الفكر بالفكر ، لأن هذا سيكشف تهافت أفكارهم ، لهذا يلجئون - كما يقول الكاتب المصري ، الذي اكتوى بنار التكفير ، نصر أبو زيد – إلى سلاح العجزة من الجًهّال والصبية ، سلاح التكفير . ثم يضيف فيما بعد قائلا أنه من المخجل أن يوصف بالكفر من يحاول ممارسة الفكر ، وأن يكون التكفير هو عقاب التفكير .
إنه لشيء مخجل فعلا وخطير في الآن نفسه ، فالتكفير هو البداية التي تؤدي مباشرة وبشكل حتمي إلى القتل ، إنه في النهاية اغتيال رمزي يتبعه اغتيال مادي . فابن تيمية في مجموع الفتاوى يقول " المرتد يُقتل في كل حال " وبالتالي فعندما تقوم فئة ما لها السلطة في إطلاق هكذا أحكام في تكفير أحد المفكرين فالنتيجة الحتمية والمباشرة لهذه الأحكام هي في أن يُقتل .
إنه ثمن التفكير خارج ما هو مسموح التفكير فيه ، وهو ثمن غالي وباهظ ، إن فعل التكفير الذي ينتج عنه لا محالة فعل القتل هو فعل غبي وساذج ، فإذا كنت قد تعلمت شيء طوال هذه المدة التي قضيتها متبحرا في عالم الأفكار ، فهو أن فعل قتل المفكرين الناتج عن تكفيرهم تكون له نتائج عكسية عكس ما تطمح له جيوش الظلام هذه ، فبقتلهم قائل الأفكار ، يساهمون بدون وعي منهم بجعل أفكاره حية أكثر ، يجعلونها متداولة بين الناس أكثر ، فكم من مفكر لم نكن لنقرأ أفكاره لولا اغتياله بعد تكفيره .
ومن المفيد هنا في ختام هذا المقال القصير الذي سأعتبره عبارة عن مقدمة لمقالات قادمة سأخصصها لأولئك الذين تعرضوا للتكفير لأنهم مارسوا التفكير ، الإشارة إلى أن الأمر لم يكن هكذا دائما ، أو بالأحرى كي لا نجانب الصواب ، نقول أنه لم يكن بالشدة التي أصبح عليها في القرون الأخيرة حيث ضاق الأفق ، فقراءة تاريخنا الإسلامي تكشف لنا أنه كانت هناك مناظرات فكرية ومناقشات فلسفية بعيدة كل البعد عن سيف التكفير وأحكام الردة وهذا ما تنبه إليه أيضا توماس باور في كتابه ثقافة الالتباس - نحو تاريخ آخر للإسلام - إذ يقول " وبينما كان علماء القرن الرابع عشر يعتبرون تعددية النص القرآني إثراءً ، يعتبر مسلمو اليوم وجود قراءات مختلفة للقرآن في الغالب شيئا غير مرغوب فيه ، وبينما يرحب علماء الاسلام التقليدي بتعدد إمكانيات تفسير القرآن يعتقد مفسروا القرآن الحاليون سواء في الغرب أو الشرق سواء كانوا أصوليين أو إصلاحيين بأنهم يعلمون بالضبط ما هو المعنى الحقيقي لموضع قرآني ما ، وبينما كان اختلاف العلماء في الرأي في العصور الأولى بناءً على حديث معروف للنبي رحمة للأمة تعتبر اليوم عند الكثيرين شراً لا بد من استئصاله " ( ص 12 )..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها