الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هزيمة المسلمين

راغب الركابي

2019 / 4 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



هزيمة المسلمين



في حوار مع داعشي سابق ، تيقنت بعجز وفشل الإسلام السياسي وشعاراته ، وتيقنت كذلك إنه وبفعل المسلمين أنفسهم زادت كراهية الناس للدين ، ولم يعد يمثل لهم ذلك الشيء النبيل ، تجربة منظمات الإرهاب أعطت لنا وللناس جميعاً إن عصر الحاكمية الإسلامية ومفاهيمها قد ولى .

يقول الداعشي كنا أغبياء حين أعلنا عن الخلافة ، وكنا أكثر غباءاً حين أمنا بأن لنا حواضن ومناصرين من خارج تنظيماتنا ، وزاد الطين بله نوعية الأحكام التي تابعنا الناس فيها وفي تطبيقها ، متناسين عامل الزمن وثقافة الناس وتطلعهم لحياة أكثر مدنية ورفاهية ، كنا نصر على إستدراج حكم الخلفاء مع علمنا انهم لم يكونوا مقدسين ولا منزهين عن الخطأ ، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على إنحسار الفكر والرؤية والتجديد ومواكبة العصر ، ولم يكن خسران المعارك هو الخسران المبين ، بل كان فقداننا للنظرية وللقابلية على التعايش مع الحياة وقبول الأخر ، كان هو الخسران فكنا وكانت شعاراتنا تحمل طابع العنف والكراهية لكل مخالف حتى وان كان من مذهبنا ، ولم يسلم من أذآنا احد قريب أو بعيد ، وعرفنا ذلك بعد فوات الأوان : - بإن تجربة الحكم الإسلامي هي أشد أنواع الدكتاتوريات وأقساها - ، ولهذا أبتعد الناس عنا أبتعد الرجال وأبتعدت النساء ، وكانت أحكامنا في الغالب عبارة عن إرتجال بحسب ظنون وحفظ غير دقيق لسيرة السلف ، كانت خسارتنا حين أعتقدنا إن إعادة عقارب الزمن للوراء هي الحل .

وكانت ممارساتنا هي الهزيمة الحقيقية من نكاح الجهاد إلى بيع النساء في سوق الجواري ، إلى إعادة العمل بمذهب الغلمان والقتل بحد السيف والتعزيرات واحكام قاسية ، وكان لنا نوعية من الرجال اغبياء وجهلة ومتخلفين سويناهم أمراء وأئمة ، لقد كان جهاز الحسبة عندنا افسد جهاز ضم كل فاسد ومنحرف وكل فاسدة وسيئة السمعة ، وفجأة أصبحن أميرات يجبن الشوارع في ملاحقة النساء تحت بند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وسأقول لكم سراً : إن أسوء أيام وسنوات مرت على المجتمع الذي حكمناه هي ايام حكم داعش ومثيلاتها .

هذه الشهادة من هذا الداعشي هي توثيق لمرحلة تاريخية سوداء من تاريخ أمتنا ، لا يجب أن تمر هكذا من غير تأمل فالمستهدف هو الإسلام ، وهنا نسأل وهل الإسلام داعش ؟ ، نقول : نعم هو كذلك ، ومن ينكر ذلك فهو واهم ، الإسلام في الحكم هو سلطة يعبر أصحابها عن الحق المفوض لهم من الله ورسوله ، وفي ذلك هم أسياد يحكمون وفق ما يرون ، فتنتهي بذلك الحرية ويزول العدل خدمة للسلطان والخليفة ، ومن هنا كان الغرب ذكياً بدرجة أوصلت الشباب والشابات إلى هذه النهاية .

أن تكون الكراهية للحكم الإسلامي من المسلمين أنفسهم ، حينما أعطوهم فرصة للحكم ، وسمحوا لهم بممارسة عقيدتهم وفهمهم للدين ، كانت النتيجة كارثية ونفرة من الجميع بمن فيهم المنتظمين أنفسهم ، إذن هذه النتيجة كانت مقصودة في ذاتها وقد تحققت ، ذلك إن النصر العسكري معدوم يقينا لعدم التكافؤ ، والنصر في المجالات الأخرى كذلك معدوم ، لكن كان يجب أن يعطوا فرصة ليظهروا للناس على حقيقتهم وكان لهم ما أرادوا ، طبعاً الذي تضرر هم المسلمون أنفسهم من الذين ماتوا والذين تدمرت بيوتهم وهجروا ونزحوا وتشتتوا في البلدان ، كان إذلال ممنهج ومدروس بعناية ففقد الإسلام بريقه الأخلاقي عند أكثر المسلمين ، ولم يعد مقبولا الحديث عن الإسلام كقيمة أخلاقية بعد كل هذه المجازر والمآسي .

نعم لقد تم هزيمة المسلمين جميعاً ، المسلمين السُنة والمسلمين الشيعة فكلهم خسروا ، حين تناطحوا وتقاتلوا بينهم فتعرت سوآتهم جميعاً ، وسترون في الأيام القادمة إنتكاسات شديدة ليس لها من محيص ، وكل ذلك بفعل غباء وجهل المسلمين وعدم تعاطيهم بواقعية مع الأشياء ، حين ألقوا أنفسهم بالتهلكة عن عمد وسبق إصرار ، وحين تجاهوا الحقيقة المرة ، إن الله إنما ينصر الصالحين وليس المفسدين والقتلة ومصاصي الدماء ، إن أعظم الدواهي حين تفرغ المسلمين لبعضهم تكفيرا وقتلا وتهجيرا وتشريدا وسبيا .

لقد هُزم المسلمون حين شط بهم الخيال عكس عقارب الساعة والزمن والتاريخ والحقايق ، هزمهم البغي والفتنة وفقدان البصيرة والغي والكراهية وإنعدام الضمير ، وهم الآن أسوء أمم الله منبوذين أينما رحلوا وملاحقين في كل زواية ، يستعطفون العون من الغير لأجيئن ومهاجرين وذلك هو سوء العاقبة ...

راغب الركابي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استطلاع: 61% من اليهود الأميركيين يؤيدون بايدن| #أميركا_اليو


.. الكنيست الإسرائيلي يمرر قانون استمرار إعفاء اليهود #الحريديم




.. كيف صعد الآشوريون سلّم الحضارة ؟


.. أبو بكر البغدادي: كواليس لقاء بي بي سي مع أرملة تنظيم الدول




.. 164-Ali-Imran