الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفاؤل

امين يونس

2019 / 4 / 23
المجتمع المدني


رُبما يكون القَول بأن " القلوب عند بعضها " صحيحاً ، فلقد كُنتُ اُفّكِرُ ب حمكو في نفس اللحظة التي سمعتهُ يقول : مرحبا . في أعماقي ، إرتحتُ لقدومه ، لكني إجتهدتُ كي لا اُظهِر ذلك ! .. بل بالعكس أجبتُ على تحيته ببرود مُصطَنَع ... لسببٍ بسيط ، هو ان حمكو كُلّما أحّسَ بأني لا أستطيع الإستغناء عنهُ وأنني أ شعرُ بِفراغٍ عندما يغيب ، فأنهُ يتصّرَف معي بِندِية ويُحاول رفع الحواجز بيننا ... في حين اُريدُ أن اُشعِرهُ دائماً بأنني أرفعُ منهُ مَنزِلةً وأحتفظ بمسافةٍ تفصلنا ... بل يسعدني أن أنهرهُ هنا وأنتقده هناك وأسخرُ من تصرفاته وأفكاره بين الحين ِ والحين ، مُستنداً على أنني أكبرُ منهُ سّناً ومُتئِكاً على أنني في زمانٍ مضى علّمته بعض الأشياء ! .
لكن مهلاً .. هل ان ما أقوم بهِ تجاه حمكو ، أمرٌ صحيح ؟ أليسَ في تعامُلي معهُ شئٌ من الدناءة ؟ .. كُنتُ ساهِماً في لُجةِ هذه الأفكار .. حين قالَ حمكو ضاحِكاً :
* خيراً يارجُل .. غارِقٌ في " الدالغات " ؟
- ها .. نعم .. في الحقيقة كُنتُ اُفّكِر فيك .
* واو .. جّيِد . فها قد أصبحتُ جُزءاً مُهِماً من تفكيرك .
- وما لكَ فرحانٌ هكذا ؟ ألا يجوز أن اُفّكِر فيك بطريقةٍ سلبية ؟
* لا أرى ذلك بالتأكيد . فالعديد من الأشياء الصغيرة ، تُشير بوضوح إلى أنكَ بالمُجمَل تنظر إليّ نظرةً إيجابية .
- قُل لي بِرَبِكَ .. من أينَ تأتي بهذهِ الروح المُتفائِلة ؟
* عجيبٌ أمرَكَ يارجُل .. ها ها ها .. هل باتَ التفاؤل صعباً وغير مفهوم ؟ يا سيدي .. ببساطة ، اُحاوِل أن أكون مُتصالِحاً مع نفسي ومع مُحيطي .. وذلك ليس سهلاً كما لا يخفى عليك ، لكنني اُحاوِل جاهداً ، فأنجحُ تارةً وأفشلُ اُخرى .. واليوم من الأيام التي إستطعتُ فيها تجاوِز المعوقات المُحبِطة اليومية .. أمّا كيف ؟ فلا أدري بالضبط ! . نهضتُ باكِراً وكان الجو جميلاً وربيعياً بإمتياز .. شربتُ كالعادة لتراً من الماء الدافئ مع الليمون ، ثم بدأتُ المشي الصباحي لنصف ساعة مع أغاني فيروز .. وحتى حين إستيقظتْ زوجتي وإبتدأت مَوال الشكوى المُعتاد وعزفتْ سيمفونية التذمُر الصباحي ، لَم أرُد عليها .. بل قُمتُ بإغلاق باب المطبخ بهدوء حتى لا يصلني صوتها . وجلستُ على مقعدٍ مُريح لأكمل قراءة رواية علاء الأسواني " جمهورية كأنَ " . بعد الفطور ، شربتُ كوباً كبيراً من القهوةِ . في الأثناء نزلَ ولدي مُتثائباً ، فتفادَيتُ إنتقاده وتكرار الإسطوانة المُمِلة حول تأخُره في العودة ليلاً وعدم تناوله الفطور ، بل قُلتُ لهُ بِمَوّدة : هل أوصلك ؟ قال : كلا سوف يقّلني صديقي بعد دقائِق .
بعد ذلك جِئتُ لزيارتك .. أي بالمُحّصِلة : وسط الفوضى الموجودة ومع اللاعدالة ومع الفساد المُنتشِر .. وحتى مع إزعاجات تفاصيل الحياة اليومية وعشرات المواقف الداعية الى الإحباط .. نستطيع إقتناص لحظاتٍ من الصفاء الذهني والراحة النفسية .. بل نحنُ بحاجةٍ مّاسة إلى مثل تلك اللحظات ، للتخلُص من طاقتنا السلبية .
- طيب ياحمكو .. وإلى متى ستستمر موجة التصالُح مع الذات التي يمُرُ بها جنابك ؟
* لا أعرف بالضبط .. لكن إذا إستمرَيتَ على قنوطكَ الحالي وتجهُمَك .. فرُبما تنقل لي العدوى .. ها ها ها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد