الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية كردستان السوفيتية-2

بولات جان

2019 / 4 / 23
القضية الكردية


جمهورية كردستان الشوفيتية

الجزء الثاني

قد تكون ثورة اكتوبر سنة 1917 حالة و حدثاً ثورياً مبنية على أسس نظرية و صراعات طبقية في المجتمع الروسي و المدن الكبرى مثل موسكو و سان بطرسبرغ و غيرها، و لكن الأمر مختلف لدى و مع الشعوب و البلدان الأخرى التي كانت تحت سلطة القياصرة الروس جبراً أو طواعية. لم تستقبل كل الشعوب في البلدان المختلفة مثل جورجيا و ارمينيا و طاجيكستان و أوكرانيا و غيرها البلاشفة بالورود و الاحضان، بل حدثت معارك و اتفاقيات و تفاهمات و مجازر و اعدامات و نفي و قبول و تفهم و محاولة للدمج على أساس التقبل أو الرضوخ. كل ذلك دفعت بالسلطات الروسية البلشفية في موسكو إلى اعطاء حق التنظيم المحلي للشعوب المختلفة و القبول بالجمهوريات الذاتية (شبه فيدرالي- حكم ذاتي) داخل الجسد السوفياتي الكبير، فكانت هنالك 15 جمهورية و العديد من الجمهوريات الأوتونومية.
الصراع في روسيا لم يكن صراعاً قومياً، بل كان صراع أيدولوجي في بدايات تشكل السوفيات و خاصة في عهد لينين، لذا لم تجد السلطات البلشفية من حرج في اعطاء أو السماح للعديد من القوميات بتشكيل جمهورياتها و إداراتها المحلية شرط أن تكون تحت سلطة الكوادر البلشفية و تسير على نهجها و لا تتمتع بالسلطات الكاملة. بالاضافة إلى جمهوريات ارمينا و اذربيجان و جورجيا في القوقاز ظهرت جمهوريات أصغر ايضا مثل جمهورية كردستان الحمراء الواقعة بين ارمينا و اذربيجان و جمهورية ابخازيا و غيرها.
جمهورية كردستان الحمراء (كوردستانا سور- Красный Курдистан /Krasnyy Kurdistan) تم تأسيسها في شهر تموز سنة 1923 في عهد لينين (قائد ثورة أكتوبر الروسية)، كانت عاصمتها مدينة لاجين(Laçîn) الكردية بالاضافة إلى مدن قوبادلي و شوشى و كلباجار (تعني المدينة العتيقة). و هي، أي كردستان الحمراء منطقة جبلية مشجرة و فيها الكثير من المراعي و القرى و النواحي الصغيرة، اشتغل أهلها بتربية الماشية و زراعة الكروم و المحاصيل المختلفة. كانت للجمهورية (ذاتية الحكم) برلمانها و قيادتها و ميزانيتها السنوية. الأكثرية الساحقة من سكان كردستانا سور كانوا من العشائر الكردية (الكرد المسلمين و الأيزيديين) و يقطن معهم نسبة من الأرمن و الأذريين.
علينا أن نشير إلى أنه لم يكن جميع أكراد القوقاز يقطنون في أراضي كردستان الحمراء، فعشرات الآلاف من الكرد كانوا يقطنون في جبالهم بمنطقة ألاغاز و تالين و اوكتمبريان و گومري و كذلك في العاصمة الجورجية تبليسي و باكو و العاصمة يريفان و أطراف بحيرة سيفان و جبل منطقة أبوفيان.
الكرد بشكلٍ عام حصلوا على بعض من حقوقهم الثقافية، حيث كانوا يتعلمون اللغة الكردية في المدارس، و كانت لهم حصة في الإذاعات المختلفة في الجمهوريات القوقازية و خاصة في إذاعة يريفان و كذلك تمكنوا من إصدار جريدة خاصة بهم باسم (ريا تازه- الطريق الجديد) باللغة الكردية و كانت الكتب الفلكلورية و الثقافية و الأدبية تطبع للكتّاب و المثقفين الكرد.
من الأهمية بمكان أن نقول بأن العديد من المثقفين الكرد العظماء كانوا من الذين نجوا من المجازر التركية و بقوا أيتاماً تربوا في دور الأيتام و المدارس الداخلية، على سبيل المثال البروفيسور حاجي جندي و قاناتى كوردو و أمين أفدال، جركس باكييف، جردويى گنجو، سيامند سيامندوف(بطل سوفياتي) و غيرهم الكثيرين. العشرات من هؤلاء الأيتام تمكنوا من تطوير اللغة و الثقافة و الأدب الكردي و تأليف العشرات من الكتب و حافظوا على الأدب الشفاهي و الفلكلوري للشعب الكردي و تحولوا إلى منارات في حقبة الظلم و المجازر و الصهر التي كان يتعرض له الكرد في باقي أجزاء كردستان.
كما أن الشعب الكردي المنتشرين في القرى و المناطق الجبلية تمكنوا من الحفاظ على الهيكلية الاجتماعية و التقاليد الخاصة بهم، ظلوا يرعون مواشيهم في الجبال و يعيشون حياة القرى و البداوة و لم يتحولوا إلى الشيوعية ما عدا القلائل من المثقفين و أبناء المدن. و كذلك لم يندمج الكرد في القرى و المزارع التعاونية (الكولخوز و السوفخوز) بل حافظوا بشكل و آخر على طرازهم القبلي السابق.
الكرد حافظوا على أغانيهم و ملابسهم و عاداتهم الاجتماعية و لهجتهم (الكرمانجية) النقية، بينما عمل المثقفون الكرد على أرشفة كل ذلك و الابداع في مجالات الأدب و الثقافة و اللغة و المساهمة في الدراسات الكوردولوجية التي كانت منتشرة في يريفان و باكو و موسكو. كما أن العديد من الكتّاب و المثقفين الأرمن و الروس قد ساهموا في دراسة المجتمع الكردي و تدريس الطلبة الكرد و تطوير مواهبهم و مداركهم العلمية و تصوير الأفلام (فيلم زارى Zarê، يعد أول فيلم سينمائي عن الكرد سنة 1926).
توفي فلاديمير لينين سنة 1924 و خلفه كل من ستالين و كامينيف و زينوفيف كقيادة ثلاثية، لكن ستالين المتعطش للسلطة و التفرّد لم ينتظر طويلا حتى تمكن من إزاحة رفقائه و منافسيه و منتقديه و تحول إلى الرجل الاوحد سنة 1927، حيث بدأت مرحلة الستالينية التي غيّرت وجه الاتحاد السوفياتي إلى الأبد و كانت تأثيراته ستصيب الكرد في القوقاز و كردستان الحمراء و في كافة أجزاء كردستان.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة تحصل على شهادات لأسيرات تعرضن لتعذيب الاحتلال.. ما ا


.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة




.. كلمة مندوب فلسطين في الأمم المتحدة عقب الفيتو الأميركي


.. -فيتو- أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة




.. عاجل.. مجلس الأمن الدولي يفشل في منح العضوية الكاملة لفلسطين