الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمضان عذوبة كنا نعيشها

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)

2019 / 5 / 5
المجتمع المدني


رمضان عذوبة كنا نعيشها
رائد شفيق توفيق
منذ ان يهل علينا شهر رجب حتي يتوجه الناس بالدعاء الشهير (( اللهم بلغنا رمضان )) حتى قرب هذا الشهر الفضيل فهو توجه فكري واخلاقي ووجداني وروحي وليس كلمات جميلة ومجاملات وتبادل الكلام المنمق ورسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي بحلوله بل هو عذوبة كنا نعيشها ولم يبق منها الا الذكريات لقد كان فرحة في أشد المواضع قسوة وسلامة وطهارة قلب وسماحة روح في أشد لحظات الضيق فرمضان نبض قلب صادق، هذا ما عهدته منذ نعومة اظفاري ليس في بيتنا بل في عموم محلتنا التي كانت لي هي العالم باسره فانا لم اعرف غيرها وسط فرحة الجميع بهذا الضيف الكريم تلك الفرحة كنت اشعر بها في بريق العيون ونبرات اصوات اهالينا وقسمات الوجوه التي لا تفارقها الابتسامة ما كانت ابتسامة عادية انها ابتسامة ممزوجة بفرحة غامرة ؛ حينها كنا صغارا لكننا كنا نعلم انه عما قريب سيجتمع كل الاهل مساء على مائدة واحدة على غير عادتهم كانهم مدعوون الى عرس ، ومن ثم يتحفوننا بالوان الحلويات التي اعدت خصيصا لهذا الشهر ؛ يلي ذلك انصرافنا لاحتفالاتنا الخاصة مع جيوش اولاد المحلة التي نملأها ضجيجا ومع ذلك تسعد المحلة باهاليها بضجيجنا باحتفالنا في ليالي رمضان ونحن نقف عند ابواب بيوت المحلة ونغني ( ماجينة ) واهالي المحلة يغدقوننا بعطاياهم بينما ينصرف الاهالي الى زيارة الاقارب او الجوامع بعد الافطار وبعدها يتجمع الرجال في مقهى المحلة حيث لعبة المحيبس التى تنتهي قبيل صلاة الفجر ليبدأ يوم جيديد من ايام رمضان التي كانت كلها اعيادا .. ما كان رمضان مقتصرا علي المتدينين ولا المسلمين فقد كان الجميع يحتفي به مسلمين وغير مسلمين في بلادي البعيدة .. هذا في الماضي السعيد لكننا ومنذ سنين بتنا نستقبل هذا الشهر الفضيل باحزان ما بعدها احزان وهموم تثقل الجبال بحيث انها لم تبق مكانا للفرح في هذا الزمن الذي ملىء بكل انواع الظلم والقهر .
في كل عام يعود رمضان لكنه ما عاد كما كنا نراه بقلوبنا وما نشعر بفرحة قدومه بل بتنا نستقبله قلوبنا مليئة بالمرارة التي لا يفارقنا مذاقها فنرى انفسنا خاوين من كل شيء فقد أرهقنا الإمتلاء المفرط بالقهر والالم والمعناة والذلة ، فقد قتلت أحلامنا ولم يبق لنا في ليالي رمضان سوى الألم ؛ انه شعور سيء أن تكتشف مؤخرا أنك تعاملت دائمًا مع الأشباه ، أشباه الأحبة ، وأشباه الأصدقاء اذ لا شيء حقيقي وثابت في حياتك كما قال (دستويفسكي) .. ففي هذا الزمن يقيم الظلمة احتفالا ويقيم المواطنون مأتما ليضع الظلمة عليه بصمتهم بصمة الذلة وزياده كفة الشر والقبح في وغياب الخير والجمال حتى بتنا نعيش في مجتمع غريب لا ينتبه الى احزان الناس والامهم ودموعهم .
ما اجمل ان نعذر ونسامح بعضنا بعضا فنحن لا نعرف حقيقة ظروف الغائبين عنا وقد روي ان الخشب قال للمسمار: لقد كسرتني
فرد المسمار قائلا : لو رايت الضرب فوق رأسي لعذرتني .
اهلا بك يا رمضان ما اسعدنا بك برغم مرارة ما نعانيه نرجوك بلسما لجراحنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين