الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القتل والجريمة غريزة بدائية أم سلوك حضاري؟

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2019 / 5 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أرسل أحد الأصدقاء فيديو يقارن فيه أحد المذيعين اللبنانيين بين السلوك البشري والحيواني في تعاطيه مع بني جنسه وكذلك مع الآخرين حيث الحيوان يتعاطف مع الآخر، بينما ما يعرف ب"الإنسان" يتعامل بقسوة ووحشية مع الطبيعة ومع بني جلدته، بل مع الأقربون وأولهم الأبناء الضعفاء الذين هم بحاجة للحنان والعطف بدل القسوة والضرب وهنا يطرح الإعلامي اللبناني وبكل حسرة؛ أليس أولى بالحيوان أن يستنكر ونحن نصف أحد البشر بالحيوان؟! إن الفيديو المشار إليه طرح لدي مجدداً ذاك السؤال الإشكالي والذي أعتقد بأنه لم يغب عن بال الكثيرين منا، بل يتجدد كل فترة لدى أحدنا وخاصةً عندما نقف على سلوك وحشي للبشر بخصوص الآخرين؛ إن كان الآخر يختلف عنا سياسياً أو دينياً أو قومياً عرقياً أو حتى لو كان الاختلاف هو في الطبيعة الوجودية كأن يكون الآخر حيواناً أو الطبيعة عموماً!

طبعاً ربما البعض يستنكر تلك المقارنة والتوصيف؛ لا نقصد فقط مقارنة الإعلامي، بل تساؤلنا حول مفهوم الجريمة والقول: "هل هو سلوك حضاري"، كون المفهومين في الحقل المعرفي والأخلاقي ينتميان لضفتين مختلفتين، لكن لو عدنا للواقع اليومي الحضاري وقارنا بين سلوك البشر والحيوانات لوجدنا بان الأخير يلجأ للقتل بغريزة البقاء؛ إن كان البقاء بدافع مسألة الجوع أو الجنس والتناسل حيث يلجأ الحيوان في الحالتين للصراع مع الآخر –إن كان من نوع مختلف أم من نفس النوع وذلك بحسب تنوع الغريزة- بينما "الإنسان" لا يكتفي بالحالتين السابقتين حيث يقتل لأسباب أخرى مختلفة منها تتعلق بالمبادئ والقناعات الفكرية وأحياناً بدافع غريزة القتل –الحالات السلوكية المرضية لبعض المرضى النفسانيين- بل وصل الأمر بالبشر إلى تكريس العقل واستخدامه في سبيل تطوير آلة القتل والجريمة حيث وصل الأمر بنا نحن البشريين لأن نرتكب -وعبر مختلف العصور التاريخية- أفظع الجرائم بحق الآخرين.

وهكذا فقد انتقل مفهوم القتل من مبدأ غريزي بهدف البقاء إلى وسيلة وأداة وسلوك لمجتمعات تستخدم العقل في سبيل تدمير الآخر تحت مسوغات ومبررات "معرفية حضارية" بالمفهوم التجريدي للمعنى حيث قمنا بوضع نظريات فلسفية مختلفة؛ عقائدية دينية أو قومية أو أيديولوجية سياسية لنبرر "الجريمة"، رغم أن الجرم بالأساس ناتج عن مفاهيم نظرية معرفية وكنتيجة لسلوكيات بعيدة كل البعد عن الدوافع البدائية بخصوص قضية البقاء والحفاظ على النسل، بل بدوافع تهدف لقمع الآخر المختلف معنا وبعد كل ذلك نأتي لـ"نبرر" سلوكنا الوحشي بمفاهيم ونظريات فلسفية، كما أشرنا قبل قليل ولذلك فمن حق أحدنا أن يتساءل؛ هل سلوكنا الإجرامي هو بدافع غرائزي بدائي أم ناتج عن أزمة حضارية نعاني منها شعوب ومجتمعات وبالتالي بات من الضروري أن نقف وننظر خلفنا لندرك حجم الكارثة والخواء والتصحر الأخلاقي والفكري لمجتمعاتنا، لعلنا نصحح المسار وندخل المرحلة الإنسانية التي ندعي إنها "حضارتنا" على كوكبنا الأزرق!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدرخان: السؤال هو.. ما هو حجم الهزيمة التي سيمنى بها حزب الم


.. حزب الله يقصف إسرائيل بالصواريخ والمسيرات ويهدد باستهداف موا




.. -جهاز التكييف وصل سعره إلى 40 ألف جنيه مصري- موجة حرارة غير


.. الجيش الأوكراني يؤكد انسحابه من حي في مدينة تشاسيف يار الاست




.. توصف بـ-بترول سويسرا-.. هذه أغرب حقوق الأبقار في أوروبا