الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة وأجوبة في فكر ( عقيدة الحياة المعاصرة ) / 5

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2019 / 5 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


س 12 : يقول الفيلسوف ( ليبنتز ) إن الذرات تسير بإرادة الله وتعمل بقدرته بصورة يظهر منها أنها تتصل ببعضها وهي في الحقيقة لا تتصل ولكن قدرة الله تجعل كل ذرة تسير سيرا يوافق سير الذرات الأخرى ، فالذي يظهر لنا من التوافق هو أثر قانون ( التناسق السابق التوطيد ) فإن المادة لا تعقل القوانين التي تُطبق عليهـا ولا يوجد واجب عقلي يحتم أن يغلي الماء عند درجة مائة مئوية ، أو أن تتباعد جزيئات الماء بالغليان ، ما هي رؤيتكم لهذه المسألة ؟
ج 12 : رؤيتنا تتمثل في ان المادة والطاقة هما جوهر الكون وقد خلقهما خالق الكون بانواع مختلفة ووضع لكل نوع صفاته وخصائصه المميزة ووضع القوانين التي تتحكم في سلوكهم مع بعضهم البعض ، ثم اطلقهم جميعا في الحيز الكوني من خلال انفجار عظيم ، وتركهم يتصرفون داخل الكون بشكل تلقائي وفقا للقوانين التي وضعها لهم ، وهكذا هو حال الكون في كل دورة من دوراته منذ نشأته الاولى والى الابد ، خالق الكون لم يتدخل في توجيه مسار حركة المواد ، ولم يتدخل في النتائج المترتبة على سلوك هذه المواد ، كما انه لم يتدخل في رسم خارطة الكون وفي تحديد عدد مجراته ونجومه بعد الانفجار العظيم ، ولم يتدخل في تحديد عدد الكواكب والاقمار لكل نجم ، ولم يتدخل في اختيار الكواكب التي تنشأ فيها ظاهرة الحياة ، هذه الاحداث صنعتها تفاعلات المادة والطاقة تحت تأثير قوى الطبيعة وقوانينها مع عدم انكار دور الصدفة في صنع بعض الاحداث ، فاذا كانت نظرية التناسق السابق التوطيد ( pre-established harmony ) تعتبر سلوك المواد مع بعضها البعض تعبير عن ارادة الخالق ومشيئته في الزمان والمكان فاننا لا نتفق مع هذه النظرية ونرى بانها غير واقعية ، نعم ان المادة لا تعقل القوانين ولا يوجد واجب عقلي يدفعها للالتزام بهذه القوانين ، كما انها ليست بحاجة الى العقل لكي تعرف كيف تتصرف وكيف تسلك مسارها ، ولكنها تخضع لقوى الطبيعة وقوانينها تلقائيا ، فمثلا عند اتحاد ذرتين من غاز الهيدروجين مع ذرة من غاز الاوكسجين لتكوين جزيئة ماء فان هذا السلوك يمثل خضوعا تلقائيا لسلطة قوانين الطبيعة وليس استجابة لارادة الخالق ومشيئته ، اذ باستطاعة الانسان تفكيك هذا الاتحاد وفصل الهيدروجين عن الاوكسجين باستخدام قوانين الطبيعة ذاتها ، قدرة الانسان على استخدام قوانين الطبيعة وتسخيرها لتوجيه مسار المادة والطاقة وفقا لارادته تنفي وجود هدف محدد لدى خالق الكون ، قد تكون لدى خالق الكون غاية عامة ومطلقة دون تحديد لهدف معين بالذات وفي الزمان والمكان ، وان ما نلاحظه من توافق وتناسق في حركات الذرات انما هو نتاج هذه القوانين الثابتة والصارمة التي تحكم المادة والطاقة ، ولكن حالة التوافق والتناسق هذه قد تتحول في ظروف معينة الى حالة تصادم وتضارب نتيجة تعارض القوانين مع بعضها البعض وتقاطعها ، مثل هذه الحالات تحدث بالصدفة وليس عن قصد ، فيكون القانون الاقوى هو الذي يسري اما القانون الاضعف فيتعطل مؤقتا لحين زوال تأثير القانون الاقوى ، في مثل هذه الظروف يزول التناسق ويحصل الصدام لينتهي لصالح سيادة المادة ذات القانون الاقوى ، هذا الكون هو نظام مغلق للطاقة وكل ما يحدث بداخله من نشاطات للمادة والطاقة يبقى داخل الحيز الكوني فقط ، قوانين الكون هي التي تحدد مديات انشطة المواد المختلفة وتفاعلاتها مع بعضها البعض بوجود الطاقة ، وهذه التفاعلات والنشاطات للمادة والطاقة هي التي ادت الى نشوء ظاهرة الحياة ومن ثم ظهور الكائنات الحية ، كل المواد تتصرف وفقا لقوانين الطبيعة التي تتحكم في سلوك المواد بطريقة تلقائية دون توجيه مباشر من قبل خالق الكون ، فكل ما يحصل في الطبيعة من حوادث او كوارث مثل الفيضانات والاعاصير والزلازل والبراكين والاوبئة وما تخلفه من مآسي انسانية ونتائج كارثية مدمرة هي ليست حوادث مقصودة ولا يمكن اعتبار خالق الكون هو المسؤول عنها ، كما انه غير مسؤول عن ولادات الاطفال المشوهين او المصابين بعوق ذهني او خلقي بحكم كونه غير مسؤول عن خلق البشر ، الظواهر التي تحدث في الطبيعة او في منتوجات الحياة انما هي نتاج تفاعلات المادة والطاقة وفقا للقوانين الموضوعة لهما مسبقا دون توجيه معين ، وان منتوجات ظاهرة الحياة من الكائنات الحية وبضمنها البشر هي منتوجات تلقائية خضعت لقوانين التطور بشكل تلقائي بما يتوافق مع ظروف بيئتها وليست هناك غاية من ورائها ، كما ان ما موجود لدى الكائن الحي من غرائز انما هي موروثة من اسلافه الذين اكتسبوها اثناء الصراعات التي خاضوها في بيئتهم من اجل البقاء ، الغريزة او الفطرة هي ميراث مكتسب من الطبيعة وليست منحة من قبل خالق الكون .
س 13 : نظرية الإنفجار العظيم لتفسير نشأة الكون تثبت أن الكون مُحدث وليس أزلي ، بمعنى فشل نظرية الكون الثابت المستقر ( الازلي ) وسقوط فكرة أن الطبيعة ظهرت فجأة ، ما هو موقفكم من هذه المسألة ؟
ج 13 : نحن نتفق مع فكرة ان الكون مُحدث وليس أزلي ، فالكون بدأ بالانفجار العظيم الذي نعتقد بانه حدث بفعل فاعل واجب الوجود وهو خالق الكون ، الكون في صيرورته له بداية وله نهاية ،وهذا يعني ان الكون أشبه بكائن حي له دورة حياة تبدأ من نقطة البداية التي هي لحظة الانفجار العظيم ، نهاية الكون لا تعني نهاية الوجود .. لان الوجود عبارة عن سلسلة لا نهائية من الدورات الكونية المتوالية والتي تستغرق كل واحدة منهاعشرات المليارات من السنين ، و لا نعلم في اي دورة كونية نحن حاليا ؟ كما اننا لا نعلم هل ان الوجود يحتوي على كون واحد ام عدة أكوان ؟ وعلى الرغم من قناعتنا بوجوب وجود الفاعل لغرض احداث الانفجار العظيم في اول دورة كونية الا ان الفاعل ليس واجب الوجود لغرض احداث الانفجار العظيم في الدورات اللاحقة .. حيث من الممكن جعل الانفجار العظيم يحدث تلقائيا في كل دورة جديدة وفقا لآلية معينة من قبل خالق الكون دون تدخله المباشر ، قبل الانفجار العظيم كانت المادة الاولية للكون بحالة كثافة عالية جدا وبرودة شديدة جدا وضغط شديد جدا بتأثير قوى الجاذبية المهولة المتركزة في مركز الحيز الكوني الذي كان خاليا من أي ضوء ومن اي نوع من الموجات او الذبذبات الكهرومغناطيسية حيث السكون المطلق ، ثم حدث الانفجار العظيم بقدرة خالق الكون لتبدأ مرحلة التمدد والتوسع في الكون مع انتشار الطاقة في ارجاء الكون باعثة النور والحرارة في كل مكان ، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة توقف التمدد والتوسع وذلك لحدوث توازن بين قوى الانفجار التوسعية وبين قوى الجاذبية المعاكسة للتوسع ، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة الانكماش والانقباض حيث تتغلب قوى الجاذبية على قوى الانفجار التي تكون قد فقدت الكثير من طاقتها الحرة ، وهكذا تكون العودة الى نقطة البداية كما كانت اول مرة لكي يتهيأ الكون لانفجار عظيم جديد ، اذن الكون غير ثابت وغير مستقر .. الحركة والزمن من صفات الكون الحي ، نتفق مع فكرة ان الطبيعة المادية غير الحية لم تظهر فجأة ولا صدفة وانما هي نتاج تفاعلات مادة الكون وطاقته ، هذه التفاعلات تخضع لسلطة القوانين الكونية التي وضعها خالق الكون لضبط سلوك المادة والطاقة ، فكل موجودات الكون نتاج طبيعي لتفاعلات المادة والطاقة ، ولكننا نرى بان ظاهرة الحياة التي تمثل الطبيعة الحية في الكون لا تخضع لنفس منطق نشأة الطبيعة غير الحية ، فعلى الرغم من ان ظاهرة الحياة هي ايضا نتاج تفاعلات المادة والطاقة الا انها تتميز بميزة القدرة على تحويل الطاقة من صورة الى اخرى لاستخدامها في ممارسة نشاطاتها وفعالياتها الحيوية ، هذه الميزة المجهولة المصدر هي التي ميزت المواد التي تتمتع بصفة الحياة ، هذا مع العلم بان ليس كل مادة غير حية قابلة للتحول الى مادة حية ، ومن المناسب ان نشير هنا الى ان الصدفة قد لعبت دورا في نشوء ظاهرة الحياة على كوكب الارض ، الصدفة لها وجود في الطبيعة وفي حياة البشر ، وبوجود الصدفة في نشأة الحياة انتفى وجود القصد منها .
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي