الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدمة الحداثة الهوية والنهضة المفتقدة بين تحدي الاخر وعدم تبلور الشروط الموضوعية

جاسم الصغير

2006 / 5 / 2
المجتمع المدني


إن مسألة حضور الأمم وكثقافة فاعلة حضارية على الأجندة العالمية لهي مسألة تعد اليوم من الضرورة بحيث لا يمكن أن نتخلى عن التفكير فيه حتى يمكن أن تكون أمة متكافئة مع باقي الأمم التي تشكل حضوراً قوياً في المشهد السياسي والثقافي وغيرهما من المجالات وهذا يستدعي دول ما يستدعي أن نسأل ذواتنا هل نحن أمة تحتل اليوم مركزاً مرموقاً بين الأمم التي تساهم في تشكيل المشهد في المجالات آنفة الذكر ام الالعكس هو الصحيح فنحن أمة وعت ذاتها في عالمنا الحديث وعلى نغمات الحداثة على هجمات وغزوات نابليون بونابرت لمصر 1789 وتحت دواعي براقة من الشعارات والأهداف التي أعلنها الغازي ولكن أيضاً تحت مدافعه وآلته العسكرية الكبيرة التي تفاجأ بها المصريون والعرب بشكل عام وهم الذين ينامون في سبات تام عن تطورات العصر . ومن هنا السؤال الهام هل قدر الأمة أن يرتبط مسألة إحساسها بالهوية الذاتية وشروط النهضة بواقع قاسي وعبر الآلة أو الترسانة الحربية على عكس إحساس الغرب بالهوية وحصول النهضة في كل جوانبها وتحقيقهم تفوقاً كبيراً في هذا المجال مقارنة مع باقي الأمم الأخرى، ويستشهد الاستاذ رضا الملولي بمقولة للمفكر العربي محمد عابد الجابري في هذا الجانب ((عندما نتحدث عن النهضة فإننا نتحدث عن مشروع نأمل تحقيقه أما في أوروبا فكلمة نهضة تشير إلى واقع تحقق بالفعل فالمشروع النهضوي لا يكون جديراً بسمة النهضة إلا إذا كان من يؤسسه وينميه عقل ناهض غير مكبل)) ، وهكذا تستمر صيرورة الزمن في تطورات دراماتيكية عنيفة ومحاطة بسور من التحديدات المحكمة من قبل الاخر المتفوق إلى أن تصل إلى وضعها اليوم في العالم المعاصر حيث لم نصحو على مقولات وشعارات الديمقراطية والعالم الحر والعولمة الا على أساطيل البوارج والآلة العسكرية الأمريكية –البريطانية وبث خطاب إعلامي حول أن العراق نموذجا سيتحول إلى واحة خضراء بالديمقراطية ستكون مناراً وقبلة للشرق الأوسط في هذا المجال تماماً وكما نقل عن نابليون بونابرت في غزوه لمصر عندما خاطب المصريون قائلاً ((من الآن فصاعداً لا ييأس أحد من أهالي مصر من الدخول في المناصب السياسية وعن اكتساب المراتب العالية والحكماء والفضلاء والعقلاء ، بينهم سيسيرون الأمور وبذلك يصلح حال الأمة)) .
(في الحداثة والتقدم – رضا الملولي – دار نقوش عربية – تونس – ص6).
إن تكرار أو إعادة التاريخ نفسه وعلى نفس الأحوال السيئة التي يعاني العالم العربي وبعدما يقارب قرنين من الزمان ونيف له من الدلالات الكارثية الكبيرة جداً على ذات الأمة وضياع كل تلك الفترة الزمنية دون أن يحسن العرب استثمارها بشكل سليم والحقيقة أن جزء كبير من اللوم تقع مسؤوليته على السلطات السياسية في العالم العربي التي لم تقرر كيف تفهم تلك المتغيرات وما يخصنا منها ولانعدام الحس والاستراتيجية البعيدة المدى في كيفية التعامل مع هذه المتغيرات وأيضاً لم تجري محاولة جدية في النظر إلى الإشكالات والأمراض البنيوية التي تعاني منها الأمة من عدم وجود مؤسسات ديمقراطية عصرية او حتى هامش حرية وتدني مستوى الفاعلية الاقتصادية لمعالجتها والتخلص منها لتهيئة الأرضية المناسبة في التواصل مع الآخر المتفوق سياسياً وفكرياً وعسكرياً . إن معالجة الأوضاع الداخلية وترتيب البيت العربي من الداخل حتى يمكن ان نعي ذاتنا اسوةى بالعالم المتقدم الذي لم يحقق التقدم الا بعد ترتيب البيت الداخلي له وتهيئة المناخ الملائم لذلك واننا اليوم مطالبون نخبا مثقفة وسياسية بهذه الاصلاحات الحيوية والبنيوية في ذواتنا السياسية والثقافية وهي اليوم من الأولويات القصوى التي تفرض نفسها وأيضاً التواصل مع متغيرات وسمات العصر والدخول فيها والتي غالباً ما يتخذ الآخر المتفوق منها ذريعة أحياناً تجد التعاطف معها من قبل أبناء الشعب العربي لافتقداهم إليها ولعدم إحساس بالجدية من قبل حكامهم وسلطاتهم في معالجة الاوضاع السياسية وغيرها معالجة جدية وليست شكلية .
إننا هنا ومن هذه المنطلقات وتأشيرنا إلى السلبيات التي يعاني منها عالمنا العربي والتي أحسن الغرب في التعامل معها لصالحه عبر خطابه السياسي وبالتالي آلته العسكرية لا يفهم من كلامنا أننا ندعو إلى القطيعة مع الآخر بل إلى فهم موقعنا المناسب في العالم المعاصر وإلى ضرورة التنبه أن إصلاح الأوضاع الداخلية باتت من الضرورة بمكان بما لا يمكن التغاضي عنه فهل من قدرنا أن لا يكون دخولنا إلى سمات العصر الجديد الا عبر الآلة الحربية والعنف واستباحة ذات الأمة ووجودها الإنساني ، ومن هنا دعوة إلى كل زعماء الأمة إلى ضرورة التنبه إلى مخاطر النهج المتبع من قبلهم الذي لم يعد يلائم العصر وأن يجري معالجة آلية التعامل مع الآخر بشكل جديد لا يعرض ذات الأمة إلى الاستباحة لأن الأمة قد خسرت كثيراً بما يكفي في الماضي وعلى حساب الإنسان الذي أن ويئن تحت أوضاع سياسية واقتصادية بائسة والتي أصبحت تشكل ضغطاً كبيراً على الفرد العربي ولا قول المواطن لأنه لم يعامل على هذا الأساس من قبل السلطات فيه أبداً . إنها دعوة أطلقها الكثير من المثقفين في السابق ولم يجري التعامل معها بجدية ، فهل تنتظر أن يجري احتلال العالم العربي بالكامل وساعتها نقول ((يا ليت الذي جرى لم يكن)) ولكن ساعتها لا فائدة ويكون الزمن قد فات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا


.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف




.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا


.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة




.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم