الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحسيس لأجل قانون أسري ملائم يروم المساوة بين الجنسين في المغرب

لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)

2019 / 5 / 12
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


نظم فريق البحث في اللغة والآدب والتثاقفات بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، جنوب شرق المغرب، ندوة أريد لها أن تجري بشراكة مع اتحاد العمل النسائي فرع الرشيدية سمتها » من أجل قانون أسري يضمن الملاءمة والمساواة. «صادفت وقائع الندوة ومجرياتها مساء يوم الثلاثاء 30 من شهر أبريل من العام .2019

انتظمت الندوة في خمس مداخلات مرتبة كالتالي:

- »الحركة النسائية من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة «، الأستاذة فاطمة عراش.

- »تدبير الأموال المكتسبة بين الزوجين في ضوء مدونة الأسرة والعمل القضائي«،الأستاذة فاطمة الزهراء علاوي

- »إشكالية إثبات النسب بين النص والتطبيق«،الأستاذة ناهلة عراش.

- »نظرة اجتماعية لمدونة الأسرة «،الأستاذة سعيدة لعمارة.

- »ملاءمة مدونة الأسرة المغربية لاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل«،الأستاذ يونس الحكيم.

انطلق آداء الندوة في وقت متأخر من المساء لأسباب ما. ولغياب من يرأس الندوة وينظم أشغالها تطوعت الأستاذة سعيدة لعمارة للغاية، وهي من افتتح الندوة مذكرة بعنوانها »من أجل قانون أسري يضمن الملاءمة والمساواة . « وتأتي الندوة منسجمة والتقليد الذي دأبت على احترامه الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، التقليد المجسد »في تنظيم أنشطة ثقافية«، تنقطع لها »مختبراتها وفرق بحثها في جميع التخصصات، وكل ذلك لفائدة الطلاب«. هنالك »وجب الترحيب بالجميع«. وفي تلك الأثناء أشير إلي، لحضوري داخل المدرج، فضلا لا أمرا، بإنجاز تقرير حول أشغال الندوة. هنالك أخرجت آلة التسجيل لالتقاط المضامين بغية نقلها بأمانة، ملتزما بما سمعت هناك. وللإشارة فإن أضع كلام المتدخل (المتدخلة) بين قوسين، ولا تعنيني المراجع التي استفاد منها، إن لم يكلف نفسه عناء ذكرها. وقبل ذلك أنجزت مسودة تقرير تليت في الأخير مذيلة بتوصيات.

حصل بعد كلمة الأستاذة سعيدة لعمارة أن أعطيت الكلمة للأستاذة فاطمة عراش التي تمثل الشريك الثاني في الندوة، اتحاد العمل النسائي. ودت المساهمة في الافتتاح مذكرة، من جانبها، أن الندوة منسجمة والتقليد الذي سنه اتحاد العمل النسائي، وهي نشاط ضمن التحسيس الذي ينوب كل فترة ليعيد رسم مجال ممارسة الاتحاد ويعيد تمحيصه، ويميزه في كل لحظة. لذلك استشهدت الأستاذة فاطمة، بعد التصدية التي تلقتها وحدها دون غيرها، بورش مدونة الأسرة بعد خمس عشرة سنة من تطبيقها. هنالك يتوجب »الرجوع إلى هذه المدونة سؤلا في الخروج بتوصيات تروم تركيز النظر في هذه المدونة. ولا غرو، فالنضال قائم من قبل من أجل إخراج المدونة استجابة لسياق وطني ودولي فتح باب الاجتهاد«، ورسخ الملاءمة والمواثيق الدولية. و» حسبنا أن دستور 2011، جعل المواثيق الدولية تسمو، فور تصديقها على القوانين الوطنية. ونص في الديباجة «، بل في التصدير، الفقرة الأخيرة منه »على ملاءمة القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، في حال تعارضها وهذه المواثيق . «وأضافت أن »اتحاد العمل النسائي فتح هذا الباب أن نظم ندوة وطنية بالمكتبة الوطنية للمملكة، شارك فيها ثلة من الأساتذة الباحثين وفقهاء في القانون. « وذكرت، وهي تسرد يومية لتلك الندوات وأماكنها، أن الندوة الأولى جرت » يوم 02 من شهر فبراير من العام 2017، وتلتها ندوة أخرى في شهر فبراير من سنة .2018 ولأن مدونة الأسرة مشروع وطني، لا تعني جمعية واحدة ولا هيأة، قرر اتحاد العمل النسائي تخصيصها بمراء نشيط، فكان أن طرق أبواب الكليات، مجندا فروعها الإقليمية، وعددها 18 فرعا بتراب المغرب. «إننا نحن فروع الاتحاد مدعوين لفتح النقاش في هذا الشأن داخل الكليات، ولما لا، فالكلية وجه أكاديمي جدير بإشراكه في نقاش من نوعه «. وبدون فاصل زماني شرعت الأستاذة فاطمة عراش في سرد مداخلتها: »الحركة النسائية من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة « مشيرة إلى أن ما سلف ذكره كلمة اتحاد العمل النسائي.

ودت في البداية، إرساء للجهاز المفاهيمي الذي تؤسس به خطاب مداخلتها، الوقوف عند تعريف الحركة النسائية. فما معنى الحركة النسائية؟ »تعرف الحركة النسائية أنها حركة اجتماعية تتبنى قضية النساء في المجتمع، من منطلق القناعة بوجود خلل في ميزان القوى الاجتماعية والسياسية بين الرجال والنساء، وتقوم على الوعي والفعل، وتتشكل الحركة النسوية من الأفراد والمجموعات والمنظمات التي تشترك في الموقف. وتعرف الدكتورة نورة العدوان الحركة النسوية الغربية المعاصرة Féminisme) ) بأنها: تنظيم غربي
انطلق من الولايات المتحدة الأمريكية ويتخذ منها مركزا له، وتعتبر هذه الحركة امتدادا للحركة النسوية الغربية التي ظهرت في أمريكا وبريطانيا خلال القرن التاسع عشر الميلادي، والتي ناضلت في سبيل الحصول على الحقوق الإنسانية للمرأة، حيث كانت للمرأة في تلك البلاد محرومة من التصرف في مالها، ولا توفر لها فرص التعليم والعمل، وتمحورت مطالبهن حول الحقوق الفردية للمرأة، في أن تعامل على أساس مساو للرجل في إنسانيه. « وأضافت، إن مفهوم الحركة النسائية بشكل عام عرف أنه »كل نشاط يهدف إعطاء المرأة حقها في الحياة. لكن ذلك لم يتن مجموعة من الناشطات إعطاء هذا التعريف أبعادا مختلفة تبعا لنظرة كل واحدة منهن. « وعرجت إلى ماهية أهداف هذه الحركة، فكان الاعتراف أن للمرأة حقوقا وفرصا مساوية للرجل، وذلك في مختلف الحياة العلمية والعملية. أما معجم ويستر، فيعرفها بأنها النظرية التي تنادي بمساواة الجنسين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتسعى كحركة سياسية إلى دعم المرأة واهتماماتها، وإلى إزالة التمييز الجنسي الذي تعاني منه. « واضافت أنه «مع تقدم الوقت وبعد حصول هذه الحركة على المطالب السابقة، رفعت شعار التماثل الكامل بين الرجال والنساء في جميع الجوانب بما فيها التشريعية، وكانت دول العالم الإسلامي من المناطق التي نشطت فيها تلك الحركة... من خلال تكوين شبكات ضخمة من المؤسسات والمراكز والجمعيات، وقد امتد تأثير إيديولوجية هذا التنظيم إلى السياسة والقضاء والتعليم، وغيرها.

وتعتبر مصر أول الدول الإسلامية التي تأثرت بالحركة النسوية الغربية، فتأسس الاتحاد النسائي المصري سنة 1923، واحتفت به الدوائر الغربية بهذا الاتحاد المصري، فحضرت رئيسة الاتحاد الدولي للحركة النسوية آنذاك...

إلى مصر للمساعدة في بناء التنظيم، ونتج عن ذلك إقامة المؤتمر النسائي العربي سنة 1944 والذي تضمنت توصياته تقييد الأحكام الشرعية المتعلقة بالطالق، وتعدد الزوجات، والمطالبة بحذف نون النسوة، والجمع بين الجنسين في التعليم الابتدائي.

وسميت الحركة النسوي في مرحلتها ب« feminism Equity» ، أي: نسوية المساواة، وأما المرحلة الثانية للحركة النسوية فتسمى »Gender « feminism ، أي: نسوية الجندر، أو نسوية النوع.

بدأت هذه الحركة الأخيرة في عام 1960، ...وتبنت الحركة النسوية المعاصرة مفهومين أساسيين كقاعدة لعملها: هما: مفهوم النوع «Gender» . « Victim» وعرجت الأستاذة فاطمة عراش إلى الحركة النسائية المغربية.

وعرف المغرب، تضيف »الحركة النسائية عبر ثالث مراحل، ارتبطت ارتباطا وثيقا بالمراحل السياسية والتاريخية المختلفة. المرحلة الأولى وتمتد من منتصف الأربعينيات من القرن الماضي إلى نهاية الخمسينيات، أي: خلال معركة الكفاح من أجل الاستقلال، وهنا ارتبط اسم ملكة الفاسي بهذه المرحلة. والمرحلة الثانية انطلقت من منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وعرفت خفوتا تدرجيا، في نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة وهي المرحلة التي اشتد فيها الصراع بين الأحزاب السياسية الوطنية ونظام الحكم حول قضية الديموقراطية، والمرحلة الثالثة وهي التي تبرز مع حرك 20 فبراير، أي: منذ سنة 2011 وانطلاق موجات الاحتجاج في سياق ما سمي الربيع العربي«.. وعرجت، فوق ذلك، إلى عصر ازدهار الحركة النسائية المغربية، و»الذي صادف سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، والذي عرف حركة نسائية سميت بالعصر الذهبي أشبه ما يكون بربيع نسائي، ازدهرت فيه الحركة الاحتجاجية للنساء جراء عاملين أساسيين، أولهما، أجواء النضال الديموقراطي التي أفضت إلى ميلاد الكتلة الديموقراطية، يوم 17 مايو 1992، وصولا إلى ما يسمى تجربة حكومة التناوب بقيادة رئيس الوزراء الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، يوم 14 مارس 1998، وثانيا الدينامية التي مثلتها رائدات الكفاح النسائي المغربي المنحدرات من الاتجاه اليساري سنوات السبعينيات أمثال لطيفة اجبابدي، وعائشة الخماس، وزهور العلوي، واللائي أسسن في فبراير 1983 أول تنظيم نسائي وكان عبر جريدة 8 مارس التي لعبت دورا في تجميع الحقوقيات والمناضلات ، وكل من امتلك وعيا مبكرا بأهمية قضية المرأة في بناء المشروع الحداثي الديموقراطي، وساهمت صحيفة 8 مارس في بلورة وعي نسائي نقدي لا سيما بعد أن نشرت استطلاعات صادمة حول الطلاق . « وباحتصار، ساهمت الجريدة في إنضاج شروط تأسيس اتحاد العمل النسائي سنة .1987 ويعنينا أن الأستاذة فاطمة عراش تحسب الحركة النسائية المغربية ناجحة إلى أبعد الحدود. ويعزى نجاحها إلى دور الشركاء وانخراطهم في العمل النسائي الترافعي، وخصت بالذكر المجتمع المدني. وكيفما كانت جودة آداء اتحاد العمل النسائي في جل المحطات التي وقفت عندها الأستاذة فاطمة عراش بالإشارة أو بالتفصيل، فيمكن اختزاله بنهاية مقبولة مرضية صدور مدونة الأسرة لتشكل مجال للممارسة والاشتغال».

- »تدبير الأموال المكتسبة بين الزوجين في ضوء مدونة الأسرة والعمل القضائي«، الأستاذة فاطمة الزهراء علاوي، المداخلة الثانية من حيث الترتيب. فبعد الإفصاح عن شكرها لفريق البحث في اللغة والآدب والثقافات بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية في شخص رئيسته الأستاذة سعيدة لعمارة، وبعد شكرها للاتحاد العمل النسائي في شخص رئيسته السيدة فاطمة عراش، لدعوتهما لها للمشاركة في الندوة المنظمة تحت عنوان » لأجل قانون أسري ملائم يروم المساوة بين الجنسين«، وبعد تنبهها إلى شكر كل القائمين على هذه الندوة تنظيما وإجراء وحضورا، ودت أن تذكر الحاضرين بموضوع مداخلتها، وتستهلها بالتعريف بالزواج أن كان » الرابطة الأساسية في تكوين الأسر والمجتمع«، وأن »كل التشريعات مهتمة بالعلاقات الإنسانية في جميع جوانبها، متأثرة في ذلك بالتعاليم الدينية والقيم الأخلاقية والتقاليد والأعراف السائدة في مجتمعاتنا. ويعد النظام المالي للزوجين جانيا من جوانب الزواج التي اهتمت التشريعات الوضعية بتنظيمها وهي مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقات المالية بين الزوجين خلال الحياة الزوجية وبعد انتهائها بالطلاق، أو التطليق أو الوفاة. وإن أغلب قوانين البلدان العربية الإسلامية لا تعرف ما يسمى بالنظام المالي للزواج، كما هو منصوص عليه في قوانين الدول الغربية لأنها كرست مبدأ فصل الذمة المالية المستمدة من قواعد الفقه الإسلامي وبالتالي، فلكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، يمكنه التصرف في ممتلكاته بكامل الحرية والأهلية. وبعبارة أخرى، لا أثر للزواج على مال الزوجين سواء اكتسب هذا المال أثناء
الزواج وبعده. وقد كرس هذا المبدأ كل القوانين الأسرية للدول الإسلامية بالاطلاع على قانون الأسرة المغربي نلاحظ أنه كرس فصل الأموال بين الزوجين فالفصل 49 ينص، في فقرته الأولى، على أنه لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أن المفهوم الجديد للأسرة في بعدها الحقوقي والاجتماعي والثقافي والتربوي يرقى بحق الرعاية المشتركة بين الزوجين إلى التفكير في مستقبل الأسرة عن طريق إمكانية الاتفاق اختياريا، في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء الزواج على كيفية استثمارها وتوزيعها على أساس أن الرجل والمرأة شريكان وفاعلان في مجال يقتسمان مسؤولية تدبيره والحفاظ عليه. وفي حالة وجود عدم الاتفاق بين الزوجين يرجع للقواعد العامة للإثبات مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين، وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة، ولو تعلق الأمر بالعمل المنزل للمرأة حسب رأي بعض الفقه، بخالف ما ذهب إليه بعضهم من كون هذا الأخير – العمل المنزلي-يندرج ضمن الواجبات الملقاة على عاتق الزوجة، وهو ما كرسته محكمة النقض في عدة قراراتها من ضمنها ما ورد في قرارها الاتي.»لكن حيث إنه تنص المادة 49 فإن لكل واحد من الزوجين ذمة مستقلة عن ذمة الآخر غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام العلاقة الزوجية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، وإن لم يكن هناك اتفاق يرجع إلى القواعد العامة للإثبات مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة. « والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما صارت إلى قواعد الإثبات لعدم وجود اتفاق بين الطرفين حول تدبير الأموال المكتسبة خلال قيام العالقة الزوجية، وردت الدعوة الطاعنة لعدم إثباتها وما قدمته من مجهود وما تحملته لتنمية أموال الأسرة معتبرة أن قيامها لخدمة المنزل وتربيتها للأطفال يدخل ضمن واجباتها المنصوص عليها في المادة 51 من مدونة الأسرة، تكون قد التزمت التطبيق السليم للقانون فكالم الوسيلتين غير مؤسس. « وحسب مقتضيات المادة 49، يمكن للزوجين أن يتفقا على طريقة معينة لتدبير الأموال المكتسبة خلال قيام الحياة الزوجية، أو العالقة الزوجية، وأن يحددا طريقة وإدارة استثمار هذه

الأموال وتوزيعها بنسبة معينة يجري الاتفاق عليها في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج يمكن الرجوع إليها عند الحاجة، وذلك طبقا للفقرة الثالثة من المادة المذكورة التي أوجبت على العدلين اللذين يوثقان عقد الزواج إشعار الزوجين عند إبرام العقد بهذا المقتضى لحثهما على تنظيم أمورهما المالية إذا رغبا في ذلك، وهو ما يؤكد احترام إرادة الزوجين عند إبرام عقد الزواج، في تحديد الاتفاقات المتعلقة بتنظيم علاقاتهما المستقبلية في بعض الأمور المالية، وما حصل اكتسابه خلال الحياة الزوجية في عقد مستقل لضمان حقوقهما معا. والواقع أن السماح للزوجة بنصيب من الممتلكات التي أسهمت فيها يرتكز إلى مبدأين أساسيين، وهما مبدأ العدالة في الإسلام، ومبدأ تضحيات المرأة طوال الحياة الزوجية. وقبل الحديث عن الإشكالات التي يثيرها الحديث عن تدبير الأموال المشتركة أشير إلى بعض الملاحظات المتعلقة بصياغة المادة 49 من مدونة الأسرة. فالملاحظ أن المدونة من خلال هذه المادة سمحت بإقرار عقد بين الزوجين مستقل عن عقد الزواج يتوافقان من خلاله على طريقة تدبير الأموال أثناء قيام العلاقة الزوجية. ويجري التراضي، أيضا، بين الزوجين على كيفية استثمار هذه الأموال، وكيفية تقسيمها. وللزوجين كامل الحرية في تحديد شروط وآثار تصرفات قانونية ذات الطابع المالي. والواقع أن المشرع سمح للزوجين المتعاقدين بالقيام بتصرف مباح أصلا ويجوز القيام به من غير التنصيص عليه، أنه ليس من الشروط المنافية لعقد الزواج، ولا آثاره. ويلاحظ أن مسألة الاستفادة من الثروة المكتسبة أثناء الحياة الزوجية تطرح بالنسبة للزوجة أكثر مما تطرح بالنسبة للزوج لذلك نرى أن المشرع لا يوفر حماية كافية للزوجة في أن يكون لها نصيب في ثروة الزوج، وقد تكون أسهمت بشكل، أو بآخر، في تنميتها، سواء تعلق الأمر بالعمل داخل البيت، أو خارجه، مادام ذلك ليس حقا للزوجة بمقتضى قاعدة قانونية ملزمة. ومن ثمة يتعين على الزوجة أن تضمن حقوقها بإيراد شروط اتفاقية في عقود أخرى غير عقد الزواج. ومن الناحية الواقعية نادرا ما تلجأ الزوجية إلى شروط اتفاقية لضمان حقوقها لاعتبارات اجتماعية وأخلاقية كالحشمة مثلا أو الغفلة. كما أن ظروف الحياة الزوجية العادية لا تقتضي التفكير في المسألة. ومن ضمن الملاحظات: ما جدوى تذكير الشاهدين العدلين بمقتضيات المادة 49؟ من مدونة الأسرة للزوجين المقبلين على إبرام عقد الزواج مادام اتفاقهما على تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء الحياة الزوجية لا يجري التنصيص عليها في صلب عقد الزواج بل في وثيقة مستقلة، كما ورد في الفقرة الثانية من هذا الفصل. وإذا أصر الزوجان على تضمين عقد الزواج بالاتفاق على كيفية تدبير أموالهما فهل يعد هذا العقد باطلا؟ لا يمكن الحديث عن البطلان بطبيعة الحال، لأن مثل هذا الاتفاق لا يبطل العقد بصفة قطعية. لذلك كان أحرى بواضع النص ترك الحرية للمتعاقدين في تضمين هذه الاتفاقات والشروط في صلب العقد، أو في اتفاق الحق. وتنص المادة 49 في فقرتها الأخيرة على أنه إذا لم يكن هناك اتفاق يرجع للقواعد العامة للإثبات مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين، وما قدمه من مجهودات، وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة. ويستخلص من هذه الفقرة أنه في حالة عدم وجود اتفاق الزوجين على كيفية تدبير الأموال المكتسبة أثناء قيام العلاقة الزوجية، فإن المحكمة عند قيام النزاع تطبق القواعد العامة في الإثبات، ويترتب عن ذلك ضياع حقوق المرأة نتيجة الاحتكام إلى القواعد العامة في الإثبات، إذ يصعب عمليا في العديد من الحالات إثبات الحق في ممتلكات الزوج، أو حتى في أفات بيت الزوجية. ومن ضمن الإشكالات التي تثار ضمن المادة 49 من مدونة الأسرة، حول زمان دعوى اقتسام الأموال المكتسبة أثناء فترة الزواج، أي: هل خلال سريان العلاقة الزوجية بين الطرفين، أم بعد انتهائها بالطلاق أو التطليق. نرى أنه مادامت مقتضيات المادة المذكورة، لم تحدد زمانا معينا لرفع دعوى اقتسام الأموال المكتسبة أثناء فترة الزواج، فإن ذلك يعني إمكانية رفعها خلال العلاقة الزوجية، وبعد انفصامها شريطة إثبات المساهمة في تنمية الأموال. لكن عند عدم وجود أي اتفاق مكتوب بين الزوجين، ووجود خلاف حول ملكية ما حصل تجميعه خلال الحياة الزوجية من أموال فإنه طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 49 يجري الرجوع للقواعد العامة لإثبات بين الطرفين مع اعتبار ومراعاة عمل كل واحد من الزوج والزوجة، وما قدماه من مجهودات وما تحمله من أعباء ساهمت في تنمية أموال الأسرة. وتثير هذه الحالة العديد من الإشكالات، في تفسيرها وتطبيقها لدى المحاكم. فبعض محاكم الموضوع تتعامل مع النص تعاملا جامدا، بل وتعاملا سطحيا مما يؤدي إلى عدم الاستجابة إلى طلب الزوجات في استحقاق نصيب من أموال الزوج استنادا إلى عدم الإثبات. فالمطلوب من الزوجة إثبات المساهمة والذي يجري في الغالب بالإدلاء بلفيف عدلي لإثبات مشاركتها، لأن المحكمة غير ملزمة بإجراء بحث أو تحقيق في القضايا المعروضة عليها. ولأ هذا اللفيف يجري استبعاده أحيانا بعلة أن الشهود لم يبينوا آثار المساهمة أو الشراكة في الأموال أو لوجود تناقض في التصريحات في الاستماع إليهم مع أن وسائل الإثبات المقررة قانونا، حسب مقتضيات الفصل 404 من قانون التزامات والعقود هي إقرار الخصم والحجة الكتابية وشهادة الشهود والقرائن واليمين. ويثار التساؤل أيضا: هل تسجيل الممتلكات باسم أحد الزوجين في الرسم العقاري يعتبر حجة نهائية على أن هذه الأموال خلال الحياة الزوجية ملك خالص له دون مراعاة ما بذله الطرف الآخر من مجهود في تنمية هذه الممتلكات؟ لقد وضحت محكمة النقض في أحد قراراتها المقصود من المادة 49 بكونها، أن الرجوع إلى وسائل الإثبات يقترن بمراعاة عمل كل واحد من الزوجين، وما قدماه من مجهودات أو تحمله من أعباء، رغم وجود الرسوم العقارية في اسم أحد الزوجين. ومحكمة الاستئناف لما عملت قرارها، أن ما تمسك به الطاعن من آداء ديون في شكل أقساط باقتناء قطعة أرضية أو شقة بحساب بنكي في اسمه ليس حجة كافية بأن هناك اتفاق في تدبير الأموال بينهما أو أنهما قدما مجهودا أو تحمل عبئا لتنمية الأموال دون أن تقوم بإجراء بحث أو خبرة للتحقق مما إذا كانت المبالغ التي كانت تقتطع من حساب الطاعن قد ساهمت فعال في تنمية أموال الأسرة أم أن صدور هذا القرار يكرس تفسيرا صحيحا وسليما لعبارة القواعد العامة للإثبات إذ لو كان المقصود منه الوقوف عند الرسوم العقارية لما كانت الحاجة إلى صياغة الفقرة الأخيرة من المادة 49، لأ الجديد والذي يصب في مدونة الأسرة هو إنصاف الطرف الآخر في العلاقات المالية بين الزوجين، وتحقيق العدالة عندما لا يكون ظاهر الأمور لا يعبر عن حقيقة الواقع. هذا القرار إذن يجيب عن السؤال المطروح بأن وجود أحد الزوجين في الرسوم العقارية لا يكفي أن يكون حجة .... بل إن الباب مفتوح بحكم خصوص العلاقة بين الزوجين للبحث والتحقيق في مصدر مساهمة في كل طرف. وإذا كانت الوضعية في هذه النازلة هو أن الزوج هو الذي يطالب بالنصيب من الأموال المكتسبة خلال الحياة الزوجية، فإن الغالب الأعم في النزاعات المطروحة أمام المحاكم أن الزوجة هي التي تتقدم بعد طلاقها إلى المحكمة للمطالبة بنصيبها بما ساهمت به في تكوين الثروة أثناء الزواج. وإن التفسير الذي صارت عليه محكمة النقض في هذا القرار يسعف كثيرا تلك الزوجات الاسترجاع حقوقهن المالية عند إيثارها، وتبعا لذلك فالقضاء في ظل المدونة يقضي للزوجة بنصيبها من الأموال المشتركة كلما ثبت أنها تمارس عملا مدرا للدخل، ويشترط في ذلك إثباتا لمساهمتها في تلك الأموال، وغالبا ما يكون بلفيف عدليـ قد يجري استفسار شهوده في بحث أو تحقق وإن هذه أحكام قضت مرة بمبلغ مالي وأخرى بتحديد نسبة في العقار، وإن لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في تحديد المبلغ أو النسبة بالنصف أو الثلث أو نحوهما كما أن هناك أحكاما سهرت في اتجاه أخذ العمل المنزلي باعتباره مجهودا وعملا منتجا يصب في تكوين ثروة الأسرة لكن محكمة النقض، لم تحسم بعد في هذه النقطة. هذه بعض الإشكالات التي يثيرها موضوع الأموال المكتسبة بين الزوجين والتي تثير اختلافا عميقا ونقاشا أعمق. والأمل معقود على محكمة النقض في التطبيق السليم للمادة 49 تحقيقا للعدل والإنصاف، وهي لذلك، وأن رأيها متداول جماعيا وأنها تفصل في وقائع معيشية بملابسات خاصة مع ارتفاع نسبة الطلاق وغياب الأسرة الممتدة التي كانت الملاذ الوحيد للمرأة عند الطلاق.

- المداخلة الثالثة: »إشكالية إثبات النسب بين النص والتطبيق«، الأستاذة ناهلة عراش. بعد شكرها السيدة المسيرة والكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، وفريق البحث في اللغة والآداب والثقافات بالكلية نفسها والحضور الكريم ذكّرت بعنوان مداخلتها وموضوعها«. في إطار الفصل 156 من مدونة الأسرة والتطبيق. تقول «إذا كانت مدونة الأسرة قد أتت بمشروع متكامل، كان قد أسس إبان صدوره لثقافة مجتمعية جديدة، فبعد مرور أزيد من 14 سنة من التطبيق، أثار نص المدونة مجموعة من الإشكالات مما يجعلنا حقيقة في المزيد والمزيد من الجهد من أجل رصد الحصيلة الكمية والكيفية لتطبيق المدونة وتليين الصعوبات التي تكتنف أقسام قضاء الأسرة خصوصا تجاه قضية تعتبر من الأهمية بمكان، ألا وهي النسب. ولقد عرف المشرع المغربي من خلال حديثه عن إثبات النسب في الكتاب الثالث من مدونة الأسرة، المادة 150 منها على سبيل الخصوص، على أنه لحمة شرعية بين الأب وولده تنتقل من السلف إلى الخلف. وميزت مدونة الأسرة بين أسباب لحوق النسب ووسائل الإثبات فالأولى تؤدي إلى لحوق النسب بشكل تلقائي، أي: الفراش. وفي حالة وجود النزاع، فيقضي ذلك اللجوء إلى القضاء لإثبات أسباب تحقق لحوق النسب، انطلاقا من الشبهة أو الإقرار مع إمكانية اللجوء إلى الشرعية والخبرة الجينية. ولا أحد ينكر أنه من بين المستجدات التشريعية التي حملتها مدونة الأسرة والتي توفر مجموعة من الضمانات الكفيلة بحماية حقوق الطفل ولا سيما الشق المتعلق بحقه في النسب تلافيا لحالة أطفال الشوارع، ولعل من بين أبرز هذه المستجدات المادة 156 المذكورة. ورغم أن المادة المذكورة حسمت جدالا فقهيا وقضائيا حول النسب الناتج أثناء الخطبة، فلقد كرست حق الطفل المزداد في هذه الفترة في نسبه لأبيه الخاطب، إلا أن الجدال ظل قائما حول الطبيعة القانونية لهذا الفصل، كما أن إعمال هذه المادة يلزمه توافر مجموعة من الشروط التي نصت في الفصل 156، وهذا المقتضى القانوني أتى بالجديد مفاده أن الخطبة تثبت النسب، وبوسع طرفيها إذا حافظا على الشروط المنصوص عليها قانونا أن يلزما القضاء بضرورة نسبة الابن للخطيب، إلا أن هذا النص طرح على المستوى العملي عدة إشكاليات سأحاول تأطير أهمها، وسأحاول إبراز وجهة نظري من خلال قراءتي لهذا الفصل. وبقراءتي للمادة 156 يتبادر إلى ذهني مجموعة من التساؤلات، أهمها: ما هي الصعوبات التي تطرحها هذه المادة، 156؟ وهل هي فعلا قابلة للتطبيق عمليا، وكيف يمكن تكييفها على أرض الواقع؟ هذه الأسئلة سأحاول الإجابة عنها من خلال المحاور التي سأناقشها. وسأحلل مقتضيات المادة 156 في المحور الأول. إن قضايا النسب أضحت تشكل أغلب الدعاوى المعروضة على القضاء الأسري نظرا لأهمية النسب وارتباطه الوطيد بقضايا المجتمع، وما يثيره من إشكالات عملية لتباين الأحكام القضائية في هذا الخصوص. ولقد نصت هذه المادة على أنه إذا جرت الخطوبة وحصل الإيجاب والقبول، وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج، وظهر الحمل لدى المخطوبة، ينسب للخطيب للشبهة، إذا توافرت الشروط الآتية: إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، واتفقا ولي الزوجة عند الاقتضاء، وإذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة، وإذا أقرا الخطيبان أن الحمل منهما. وتجري معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي، غير قابل للطعن. وإذا أنكر الخطيب أن يكون ذلك الحمل منه، فيمكن اللجوء إلى الوسائل الشرعية في إثبات النسب. تناولت هذه المادة إثبات النسب المشروع الذي يعد مدخلا من مداخل استقرار المراكز القانونية للأفراد داخل المجتمع. ولقد استعمل المشرع في هذه المادة عدة مصطلحات تدور بالأساس حول مؤسستين مختلفتين، مؤسسة الخطبة ومؤسسة الزواج. ومن الواضح أن المشرع لم ينتق، حسب نظري، المصطلحات المناسبة: فتارة يتحدث عن الزواج وتارة يتحدث عن الخطبة... وسنناقش هذه الشروط الثلاثة كل شرط على حدة. فإذا اشتهرت الخطبة في أسرتيهما واتفقا والي الزوجة عند الاقتضاء. ومن خلال قراءة هذا الشرط يبدو أنه من المستحيل تطبيقه عمليا وعلى أرض الواقع بحيث أن المشرع اعتبر إشهار الخطبة بين أسرتين شرطا لم يكن قد نص عليه إبان تنصيصه على النصوص الخاصة بالخطبة، ويعتبر شرطا جديدا غير منصوص في نظام الخطبة. وذكر في هذا الشرط موافقة الوالد، بمعنى أن الخطبة قاصر من حيث السن المطلوب في الزواج، وهنا نجزم أن المشرع وقع له اضطراب في الصياغة وكأنه يتحدث عن الزواج والحال أن المخطوبة ليست بزوجة، وإنما هي خطيبة، فقط. والشرط الثاني، مفاده إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة ، فهذا الشرط يفتح باب سوء النية لدى الخاطب أمام مخطوبته، وقد يكون الطرفان مخطوبين لمدة معينة، ويأتي الخطيب ويدعي أن الحمل وقع قبل الخطوبة، أو يدعي أن الحمل حصل بعد فسخ الخطوبة، ويثبت ذلك بواسطة شهادة شهود. والحال أن المخطوبة ملزمة، كذلك، أن تثبت أن الحمل حصل أثناء الخطوبة، وليس قبلها أو بعدها. وبالتالي فالطرفان يخضعان لإشكالية معقدة مفادها الحصول على وسائل الإثبات الشرعية. وأما الشرط الثالت فيتصل بإقرار الخطيبين. وفي هذه الحالة ال يطرح أي إشكال. لكن، من الناحية العملية، هناك العديد من الحالات التي يمكن فيها الخطيب وقوع الخطبة حينما يظهر الحمل على
المخطوبة في بداية الأمر، لكنه يتراجع قبل الوالدة، ويبرم مع المخطوبة عقد الزواج، ظنا منهما أنهما قاما بالتسوية القانونية للمولود فيما يخص النسب، إلا أن الأمر يتعقد لأنهما يصبحان في وضعية غير سوية. إذا وضعت الزوجة خارج المدة القانونية المسموح بها التي هي ستة أشهر من تاريخ إبرام العقد، وأن مصير هذا العقد في هذه الحالة البطلان. والا يترتب عنه أي إلحاق الابن بنسب أبيه. قد يقول البعض إن هناك وسائل إثبات، ومنها الخبرة الطبية. إلا أن تجربتنا لدى المحاكم بينت لنا أن الخبرة لا يمكن اللجوء إليها إلا بأمر قضائي إضافة إلى أننا حينما نتقدم بطلب إجراء خبرة جينية، فإن هذا الطلب يقابل بالرفض لكون الخبرة الطبية لا تعتبر من ضمن وسائل الإثبات الشرعية، وسبق لهذا الاتجاه أن كرسته محكمة النقض في عدة قرارات، أن الخبرة الجينية ليست وسائل إثبات النسب ويمكن اللجوء إليها إذا تقدم الطرف المدعي بحجة أو بوسائل أخرى، حتى تعزز طلبها لطلب الخبرة، كذلك، قبل أن أمر إلى المحور الثاني، كان من الضروري أن نقف عند الظروف القاهرة التي تحدث عنها المشرع. تلك الظروف التي تتمثل في الزلازل والفيضانات والكوارث الطبيعية بصفة عامة، والأحداث الفجائية لا يمكن أن نتصور ذلك، لأن هذه الحوادث تستغرق أسبوعا أو أسبوعين، أو شهرا على أبعد تقدير والسؤال، هنا، ما هي حدود هذا الظرف القاهر ولما لم يعبر المشرع المغربي بمصطلح القوة القاهرة، كما فعل في المادة 269 من قانون الالتزامات والعقود؟ فمن هذا نستخلص أن الحكم في المسألة يظل مرتبطا بالسلطة التقديرية لكل قاض، وتبعا لظروف كل نزاع على حدة. فمن خلال تحليلنا لمقتضيات هذه المادة، يتبين لنا أن هذه المادة يستحيل عمليا بل أنها تفتح باب المشاكل في وجه الزوجات، غالبا ما يستغلها الأزواج في رغبتهم للتعدد وفي وجه المخطوبة لأن الزوج غالبا ما يتملص من مسؤوليته.

وسأتطرق في الشق الثاني من مداخلتي، إلى مدى تداخل وتعارض المادة 156 من مدونة الأسرة، مع باقي النصوص والقوانين؟ فإذا كان لا أحد يجادل في أن المادة 156 من مدونة الأسرة أتت بحلول إنسانية لمشاكل اجتماعية عديدة، إلا أنه لا أحد يستطيع أن يجادل بأن مقتضيات هذه المادة تثير مجموعة من الإشكالات القانونية على مستوى النص، وكذا العملية على مستوى التطبيق، وذلك لتداخلها مع مقتضيات قانونية أخرى حينا وتعارضها مع مقتضيات قانونية حينا آخر. وهذا التداخل ما بين النصوص يترجم مدى الارتباك والحرج الذي استشعره المشرع المغربي وهو يقر بشرعية الحمل والأطفال المزدادين في فترة الخطبة وفق المادة 156، وهو الشيء الذي انعكس بشكل سلبي على الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن. هناك تعارض ما بين المادة 5 من مدونة الأسرة والمادة 156 منها. فالمادة 5 عرفت الخطبة أنها « تواعد رجل وامرأة على الزواج، »فهي بمثابة تمهيد للزواج إلا أن المادة 156 تعتبره الزواج الذي تتوافر في الشروط لكنه لم يكتمل. وإني أرى أن هناك تعارض بين المادة 156 والمادة 140 من قانون العقود والالتزامات. ذلك أن المادة 140 تجعل الوعد، لا ينشيء التزاما إعمال لهذا الفصل، وفي الخطبة، إذا اكتمل الشروط، يصبح وعدا ملزما، وتترتب عنه عدة آثار. والمادة 10 من مدونة الأسرة خصصت الإيجاب والقبول لمؤسسة الزواج، في حين أن المادة 156 أضافت شرطا آخر للخطبة الذي لم ينص عليه من قبل. وهناك تداخل ما بين المادة 16 من مدونة الأسرة التي تتحدث عن دعوى سماع الزوجية والمادة .156 وهناك المادة 19 والمادة 20 اللتان تنصان على أهلية الزواج، كلما اكتمل الفتى أو الفتاة سن 18 سنة. فإذا كان المشرع قد اشترط سنا محددا، إلا أنه بخالف ذلك لم يشترط سنا محددا في الخطبة. إن عدم تحديد سن الخطبة يتنافى مع إرادة المشرع الأسري الذي نص صراحة على أن الإذن في الزواج لمن تقل أعمارهم عن 18 سنة وبالتالي فهذا الفصل فتح أمام القاصرين ذكورا وإناثا بابا للتحايل على القانون في حال رفض قاضي الأسرة الإذن بالزواج. وهناك مقتضيات المادة 54 من مدونة الأسرة التي تتعارض مع المادة 156، إذ يحدث أن تجري الخطبة بين الطرفين وتتوافر جميع النصوص المنصوص عليها في المادة ويظهر الحمل على المخطوبة، ويسارع الطرفان إلى إنجاز عقد الزواج إلا أنه إذا كان وقت الإنجاب أقل من ستة أشهر فالابن الذي يلحق بمقتضى القانون ألبيه. لدينا كذلك المادة 490 التي تنص على أن كل علاقة جنسية بين المرأة والرجل لا تربط بينهما علاقة زوجية [ماكاينش الخطوبة]، باللسان الدارج، تشكل جريمة الفساد المعاقب عليها قانونا. فقد يحدث أن تتابع النيابة العامة الطرفين من أجل جنحة الفساد، فيدليان أمام القضاء الجنحي
بحكم شرعي قضى بالنسبة حمل الخطيب للمخطوبة في إطار المادة 156، فكيف ستتعامل المحكمة؟ هل ستعفيهم من العقوبة؟ إن هذا التساؤل ومجموعة من التساؤلات الأخرى، تستدعي مناقشة وتفكيرا عميقا طمعا في إعادة النظر في مضمون هذه المادة وصياغتها علها تفي بتحقيق تطلعات المجتمع في تلبية حاجيات المواطن المغربي وتكريس حقوقه الأساسية. فالمتفحص لهذه المادة سيلاحظ الحضور القوي لهاجس إثبات النسب لدى المشرع المغربي ونوجز ذلك فيما مؤداه أن حماية الطفل وفق مدونة الأسرة تجد مرجعيتها الأساسية في الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية التي صدقها المغرب في هذا الإطار وبالتالي يتوجب أن ينعكس ذلك إيجابا على الطفولة المغربية ذلك أن النهوض بها يعد مدخلا حيويا وضمانة أساسية لدعم حقوق الإنسان كنحو الحق في النسب الذي كان المشرع شغوفا بإلحاقه عوض نفيه. أظن أنه قد حان الوقت ليضع المشرع المغربي نظاما خاصا للخطبة وربما بوضع وثيقة خاصة تسبق عقد الزواج وتكون حجة يمكن للمخطوبة أن تتمسك بها عند ظهور الحمل. ويبدو، كذلك، من اللازم توحيد بعض الشروط المنصوص عليها في المادة 156، إن لم نقل في أفق تعديلها، وتعديل مجموعة من مقتضيات مدونة الأسرة التي أثبتت عمليا أنها لا تفي بالغرض ولم تحقق الغاية التي أتت بها المدونة. «

- »نظرة اجتماعية لمدونة الأسرة«، سعيدة لعمارة. أكدت أن مداخلتها ستأخذ الشق الاجتماعي من مدونة الأسرة، وليس من مجموع مدونة الأسرة. ذكرت أن »هناك نقاط أثارت عدة تساؤلات. أبداها بالمقدمة«. وهي كالتالي: «شهد المغرب منذ أواسط القرن الماضي تغيرات جذرية. أدت إلى إصلاحات متتالية في عدة ميادين. ولتفعيلها كان من الضروري تجديد القوانين التي تؤطر سيرها. ورغم هذه الدينامية يبقى القطاع الاجتماعي محور التنمية. ولهذا وجب النهوض به وتفعيل آلياته باعتباره دعامة اساسية لاستكمال البناء الديموقراطي الحداثي. وإذا نظرنا إلى ما تحقق من إنجازات فقد وجب التذكير بدور جمعيات المجتمع المدني التي قادت محطات نضالية عديدة للعمل على ملاءمة القوانين والواقع الاجتماعي الذي أثبت سرعة تطوره وبالتالي صعوبة مواكبته. ونخص بالذكر الجمعيات النسائية التي تعبر اليوم وسيطا وشريكا في عملية التنمية مثلت سنة 2004 تجسيدا لهذا الدور حيث أثمرت الجهود المشتركة للفاعلين الاجتماعيين والسياسيين نصوص مدونة الأسرة، وهي تعبير عن إرادة حقيقية للنهوض بأوضاع الأسرة المغربية، ومواكبة التيارات الحداثية التي تمثل خطرا فكريا أطاح بالعديد من القيم والمبادئ الإنسانية. إن مستجدات قانون الأسرة سواء فيما يخص المسؤولية المشتركة بين الزوجين أو الحضانة أو الطلاق وغيرهم هي تدارك لثغرة ما فتئت أن عادت للواجهة لتكشف أن الممارسة اليومية داخل المحاكم تواجه تحديات فعلية شكلت مراجعة مستمرة للقوانين. وإذا كان لكل قانون نقائصه، ولكل حقبة خصوصيتها، فإن مدونة الأسرة لسنة 2004 رغم استجابتها لتطلعات المجتمع المغربي، إلا أنها عرقلت بعض الظواهر الاجتماعية ونخص بالذكر زواج القاصرات. وفي نفس السياق، سندرج ظاهرة الطلاق لعلاقته الوطيدة، ولما له من تداعيات سلبية على المؤسسة الأسرية. فالطلاق ظاهرة اجتماعية شملت المجتمعات منذ القدم واختلفت أسبابها وتداعياتها إلى جانب اختلاف تمظهراها. ومن هذا المبدأ فإن الطلاق في المجتمع المغربي يخضع لنفس القوانين والأعراف لكونه يتسلل إلى كل الأوساط بدءا من الأغنياء ومرورا بالطبقة المتوسطة لينتهي بالطبقة الفقيرة. كما أنه يمتد إلى جميع الفئات العمرية، ويشمل أيضا الأوساط القروية والحضرية. ومن هنا نستشف أن الطلاق لا يتعلق بسبب واحد وقار، بل هو نتاج لتركيبة معقدة من العوامل المادية والنفسية التي تتأثر بالمحيط الخارجي بجميع مكوناته لتفرز واقعا معيشيا. تكمن مقاربة هذه الظاهرة، في كونها تشكل نقطة تحول لتركيبة المجتمع وعنصر مؤثر في صيرورته من أجل رفع الستار جزئيا عن ظاهرة الطلاق. اخترنا الكشف عن بعض الصور النمطية التي تحجب دراستها بوضوح. ويعتبر الطلاق من المنظور الديني أبغض الحلال وقد أجازه الإسلام مع التشديد على جعله الحل الأخير، بعد البحث عن كل الخيارات المتاحة. وأما من المنظور القانوني فهو حق يمارسه الأفراد بضوابط تضمن لكل الأفراد كرامتهم وحقوقهم. وداخل هذه المنظومة نلاحظ أن السلط المذكورة لم تجرم الطلاق كما لم تعاقب عليه. وبعكس ذلك، فإن القواعد الاجتماعية التي تخضع للتقاليد والأعراف تتخطى مبدأ الحريات الفردية وتقلب موازين الحلال والحرام بوضع الطلاق داخل خانة التجريم مع تخصيص هذا الحكم للمرأة دون الرجل، علما أن النص الديني والقانوني أديا موقفا محايدا، كما هو أصل هذا التجريم الذي يبديه الرأي العام إزاء المرأة المطلقة. تشكلت الصور النمطية داخل المجتمع العربي، منذ القدم واستمرت في التداول رغم تكريم الإسلام للمرأة. طبعت مكانة المرأة بالدونية فكانت متاعا يورث يباع ويشترى لغرض المتعة والمنافع الاقتصادية أو الأغراض السياسية. حرمت المرأة من الإرث ومن حقها في اختيار الزوج المناسب لها، إلا بحالة النسب الشريف. وتعود جذور هذه العادات إلى عاملين أساسيين. العامل الأول يتمثل في ذكورية مجتمع ما قبل الإسلام، حيث تؤول السلطة للذكر سواء داخل الأسرة أو القبيلة، وسط هذا التنظيم القبلي الذي بني في بيئة اعتمدت أساسا على القوة الجسدية تبنت مكانة المرأة لظروف بنيتها، وعدم قدرتها على تحمل أعباء السفر أو التجارة أو خوض الحروب. فالصورة النمطية ارتبطت هنا بالدور الوظيفي للمرأة حيث عمل المجتمع على إلغاء مهارتها وسلط الضوء على وظيفتين أساسيتين قدرتها على ضمان استمرارية من خلال الإنجاب وقدرتها على إشباع الغريزة الجنسية. نستنتج أن مكانة المرأة أطرت بمدى استجابتها التي أناطها بها الفكر الذكوري، والذي حصر وجودها من خلال نظرة الرجل لها. وأما العامل الثاني الذي حكم دونية المرأة، احتكاك الأعراف العربية والعبرية وتفاعلها. وبعودتنا لكتاب العهد القديم، فإن المرأة رغم كونها رفيقة الرجل، فقد خلقت من ضلعه، والمقطع التالي يصف لنا حكاية خلق المرأة. « قرأت المقطع باللغة الفرنسية ، وفسرته أن كتاب النشوء يروي »أن المرأة خلقت من ضلع آدام. ورغم أن الخالق هو الله فتكوينها اعتمد على جزء من الرجل مما جعلها تابعة له. واستوحى تأويلات دونية المرأة من نصوص أخرى للعهد القديم. ففي سِفر [بكسر السين] اللاوين نجد ما يلي: ]قرأت النص باللغة الفرنسية]. ووضحت أن »المرأة تصبح منبوذة في وسطها طالما تدخل فترة الحيض. فانفرادها بهذه الخاصية بعيدا عن الرأي العلمي عن الرأي العلمي والمنطقي شكل مبدأ دونيتها لعجزها عن القيام بواجباتها الدينية والزوجية. وتكتمل الصورة النمطية بجعل المرأة أساس الشر عندما يحمل كتاب النشوء مسؤولية الأكل من الشجرة المحرمة والخروج من الجنة للمرأة فهي من استمع للثعبان الذي هو في الأصل الشيطان وهي من أعطى آدام الفاكهة المحرمة. لا يسعنا أن نطيل الصورة الخاطئة التي تداولتها المجتمعات وعبر الزمان فالفكر العربي الحاضر بحمل في طياته بقاياها. ويبقى تثمين المرأة موقوف في أغلب الأحيان على الإنجاب وقيامها بواجباتها الزوجية بعيدا عن إمكانياتها الفكرية. ولتصحيح هذا الوضع يجب الرفع من قيمة دور المرأة في المجتمع، وإعادة الاعتبار لقدرتها داخل نظام يعترف بالتخالف كأساس للتكامل. وأما تزوبج القاصرات فقد أتى قانون الآسرة لسنة 2004 بتعديل أساسي ألا وهو الرفع من السن القانوني للزواج ليصبح 18 سنة بالنسبة للذكور والإناث. وفتح المشرع الباب أمام السلطة التقديرية للقاضي في حالة استثنائية لمن هم دون السن القانوني عندما أصبح الاستثناء قاعدة، ارتفع عدد طلبات الزواج للقاصرين من 18341 حالة سنة 2004 إلى 39031 حالة سنة 2011 مع الأخذ بعين الاعتبار الطلبات المرفوضة وبين إدانة القضاء والقانون أو الأسر تبقى الأرقام دليلا مؤشرا على تفشي ظاهرة خطيرة لكنها ليست جديدة. ذلك أن زواج القاصر عرف وتقييد. دأبت عليه مجتمعات عديدة أوروبية وعربية بسبب ارتفاع نسبة الوفيات، وبتقدم العلم ارتفع متوسط العمر لنشهد، الآن، مجتمعات فاق معدل الشيوخ فيها معدل الوالدات. ومن هنا فإن زواج القاصر رجال أو امرأة عادة محمودة ألنها وسيلة تضمن استمرار الحياة وبغض النظر عن هذا المعطى التاريخي والعلمي، حكم زواج القاصر، وهنا نخص بالذكر المرأة والفتاة بمبدأ العار، والطابوهات التي أحاطته بعادات ال تخلو من الإجحاف في حق ضحاياه فالفتاة القاصر وسيلة لجلب العار في حالة الاغتصاب أو الطلاق، وهي سلعة للمقايضة ففي مجتمعنا يصبح السن لدى الفتاة ميزة يضمن للأسرة الفقيرة موردا ماديا في حالة زواجها وعند طلاقها حيث تصبح فردا سهل الإقناع، ومجبرا لدخول عالم التجارة الجنسية. وأما بالنسبة للزوج فهي شريك سهل المراس ولما تطول مدة الإنجاب لديها داخل نظام يكرس ذكورية المجتمع ويسعى للحفاظ على نظام أسري موسع تؤول المسؤولية فيه للجد والجدة. ورغم تعدد أسباب ظاهرة زواج القاصرات فإنها تبقى موحدة في اختيار الطلاق بما هو حل وحيد، حال الاستحالة تحمل الفتاة القاصر أعباء المسؤولية الأسرية. حيث إن الإنجاب حسب دراسات طبية يشكل خطرا حقيقيا على الفتاة القاصر لعدم اكتمال تكوينها البيولوجي، وبالتالي استحالة تحمل جسدها لعبء الحمل والإنجاب. كما أن الفتاة القاصر في حالة طلاقها تتحمل التبعات النفسية لفشلها من تضييق أسري واجتماعي لحريتها، وأما في حالة الإنجاب فيبقى المورد المالي عالتها هي وطفلها، الهاجس الأساسي الذي يتعذر عليهم في غالب الأحيان العيش الكريم. ال يسعنا الإحاطة بكل تبعات زواج القاصر من كونه عنف جسدي ونفسي، يمارس من قبل مجتمع يرى في العنصر النسوي عبئا في كثير من المناطق، يجب التخلص منه، أو سلعة لجلب منفعة ما. ونعود إلى إجماع المواثيق الدولية على اعتبار كل فرد دون الثامنة عشرة سنة طفال يحتاج إلى الرعاية والاهتمام. وبناء عليه، فإن اهتماماته يجب أن تنصب في تكوينه، وضمان حمايته داخل الأسر. وتبقى الأعراف سائدة باستمرار في كيان رجعي حكمته التقاليد. فبالرغم من التحولات الجذرية التي يشهدها البناء الاجتماعي. فإن تخطي هذه الظواهر رهين بتصحيح قراءتنا للواقع الاجتماعي وقدرتنا على تجاوز
الحدود الموضوعة من قبل محيطنا الاجتماعي» وشكرا

- «ملاءمة مدونة الأسرة المغربية لاتفاقيات دولية لحقوق الطفل»، للأستاذ يونس الحكيم. بعد شكره لفريق اللغة والآداب والتثاقفات بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية ، وتوجه بالشكر للأساتذة على حضورهم، وشكر الطلاب على صمودهم بالقاعة من أجل الاطلاع على محاور الندوة «العلمية المتعلقة بمدونة الأسرة: من أجل قانون أسري يضمن الملاءمة والمساواة. هنالك أتت الفكرة على صيغة سؤال: لماذا الملاءمة؟ وفوق ذلك اقترن هذا الموضوع بالفئة الضعيفة. واستنادا إلى الخطاب الملكي أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين أثناء مناقشة مدونة الأسرة أتى الخطاب مناسبا لما سطر في ديباجة مدونة الأسرة الصادرة في شهر فبراير من سنة 2004، وأن تبني هذه المدونة أتى من أجل رفع الحيف عن المرأة واحترام كرامة الرجل، وصيانة حقوق الطفل. والطفل عضو غير قادر على معرفة حقوقه وطبيعتها فضلا عن عجزه عن المطالبة بها أو المحافظة عليها. بمعنى أن هذه الحقوق التي حصل سردها في مدونة الأسرة بالإحالة على مجموعة من القوانين فيما يخص باقي الحقوق غير الأسرية، لا يمكن للطفل الحصول عليها إلا من خلال الأغيار. وهذا الغير قد يكون الوالدين أو النائب الشرعي أو مؤسسة الدولة أو غيرها، كما أن هذه الحقوق لا يقابلها واجبات. فحق الرضاعة والحضانة تعد حقوقا عامة للطفل ولازمة له بوصفه طفلا. واستنادا إلى تصفح هذه المدونة نرى أن فلسفة هذه المدونة تتجلى فيما يسمى بالملاءمة بما هي تقنية تتضمن ملاءمة التشريعات الداخلية والاتفاقيات الدولية علما أن المغرب قد سعى، خاصة في العقد الأخير من القرن الماضي، إلى نهج سياسة الانفتاح نحو الخارج وكذلك تدعيم ترسانته القانونية وتمتينها والحقوقية في هذا المجال خاصة مع مصادقة المغرب على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل لشهر نونبر سنة 1989، صدقها المغرب سنة 1993 ونشرها في الجريدة الرسمية سنة 1996. وظلت الملاءمة مسألة شد وجدب بين الطرفين، خاصة وأن دستور سنة 1996 ينص على أن المغرب يتشبث بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها. والجزء الآخر م الفخ من يطعن في هذا المبدأ مبدأ الملاءمة والتشبث بها كما هي متعارف عليها دوليا. فجاء دستور 2011 واعتبر الديباجة [التصدير] أنها جزء من الدستور لذلك جرى النص بصريح العبارة على مسألة الملاءمة، أي: التشريعات الداخلية والاتفاقيات الدولية. فبمجرد المصادقة على هذه الاتفاقيات فهي جزء من التشريع الداخلي بل هي تسمو كما جاء في » ديباجة الدستور على التشريعات الداخلية. أرجع إلى أصل هذه الاتفاقيات وهي اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، نجد أنها تضمنت مجموعة من المقتضيات عمل المشرع الأممي لاتفاقية حقوق الطفل سنة 1989، وعمل المشرع الأسري على تبني مدونة الأسرة، خاصة المادة المفتاح في هذا الأمر المادة 54 التي تضمنت مجموعة من الحقوق التي جرى النص عليها في مجموعة من الاتفاقيات الدولية بما فيها الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، نونبر 1989 التي تعد بحق دستورا لحقوق الأطفال. واستنادا إلى مدونة الأسرة نرى تكريس المشرع المغربي في هذه المدونة لمجموعة من الحقوق، هناك الحديث عن الحضانة والنفاقة والنسب، كما سلفت الإشارة إليه، والتوجيه الديني والتربية والحرص والوقاية من الاستغلال في مجموعة من الأوجه سواء في إطار القانون الجنائي، أو كذلك في مدونة الشغل أو في غيرها من القوانين. وعمل المشرع المغربي على ضمان فلسفة الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل ويتعلق الأمر بمبدأ المصلحة الفضلى للطفل في العديد من المقتضيات المتعلقة بالحضانة كما جاءت في القسم الثالث من المواد 163 وما بعدها باعتبار الحضانة حفظ الولد مما قد يضره، والقيام بتربيته ومصالحه. وجرى الاستغناء عما يراعى المصلحة الفضلى في تعيين الحاضن، وهي مسألة إيجابية، وفضلا عن ذلك، وكما جاء في المادة 166 في عدم الموافقة، في حال الطلاق بين النائب الشرعي وبين الأم يرفع الأمر إلى القاضي ليبت وفق مصلحة القاصر، وهذا تكريس لحقوق الطفل وملاءمته مع الاتفاقيات الدولية. وهناك مسألة مهمة، وتعني سكنى المحضون. وقد جرى في هذا الصدد فصل سكنى المحضون عن النفقة، وجعلته المدونة حقا مستقلا عن النفاقة، وذاك تكريس للحماية الدولية التي أتت بها مجموعة من الاتفاقيات في هذا المجال. وهناك مسألة انتقال المحضون إلى الخارج، وغيرها من المقتضيات في هذا المجال، وكذلك النفاقة التي تشمل الغذاء والكسوة والعلاج وما يعتبر من الضروريات، وتعليم الأولاد. وما يعاب عن الأحكام المرتبطة بالنفاقة طول إجراءات التقاضي فيما يتعلق بها –النفاقة- لذلك عمل المشرع في المادة 190 ونص على أنه يتعين البت في القضايا المتعلقة بالنفاقة في أجل أقصاه شهر، وهذا تحد كبير بالنسبة للقضاء الأسري، وأقسام قضاء الأسرة في المغرب. وهناك مجموعة من المقتضيات المتعلقة بالنفاقة وأموال القاصرين، وغيرها. كذلك ونحن نتحدث عن الملاءمة استوقفتني مسألتي أساسيتين : المسألة الأولى وتخص الحرية الدينية للطفل ومسألة تعارض المادة 114 من اتفاقية حقوق الطفل التي تمنح للطفل حرية اختيار دينه، وبينما ما نص عليه المشرع في المادة 54 مسألة التوجيه الديني للأطفال وهي مسألة مهمة للغاية. إن مسألة الملاءمة مهمة لكن ينبغي مراعاة خصوصيات الدين الإسلامي، باعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا ماديا لمدونة الأسرة. وينبغي المزاوجة بين المرجعية المتمثلة في الاتفاقيات الدولية والاتفاقيات الثنائية، والمرجعية الدينية المتمثلة في ما جاء في المادة 40 للفقه الإسلامي والاجتهاد الذي يراعي مصلحة جميع أفراد الأسرة، سواء تعلق الأمر بالزوج أو الزوجة، وكذلك الأطفال. وهنا المس بالنظام العام، وخاصة ما يتعلق بحماية حقوق الأطفال. فإذا جرى منح حق حرية الطفل في اختيار دينه. فإن هناك مس بحقوقه الفضلى في هذا المجال. وهناك ما يتعلق، وكما ورد في مداخلة الأستاذة ناهلة، وهو ما يتعلق بنسب الطفل غير الشرعي، وهناك تعارض في هذا المجال، خاصة وأن المشرع في مدونة الأسرة قد نفى النسب عن الابن غير الشرعي، ونحن نعلم أن النسب تنتج عنه مجموعة من الحقوق الأخرى، وقد نفى هذا الحق عن الولد غير الشرعي. وكما ورد في مداخلة الأستاذة، [الأستاذة ناهلة عراش]، إذا لم يجر احترام المقتضيات المنصوص عليها في المادة 156، فيما يخص ابن المخطوبة، فالابن، هنا، يحسبه الأب ابنا غير شرعيا. ويتنافى الأمر مع مقتضيات الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، وخاصة المادة الثانية التي تكرس عدم التمييز بين الأطفال في هذا المجال. وهناك أسس مرجعية الفقه الإسلامي، يؤسس عليه فقهاء الإسلام ويبنون عليه، وذلك بنفي النسب عن الابن غير الشرعي بالنسبة لأبيه استنادا إلى حديث: الولد للفراش وللعاهر الحجر. وهذا الحديث المستند عليه، وهو مستند عليه في غير محله، لأنه فيما يتعلق بهذا الحديث، هناك تنازع بين صاحب الفراش وبين الزاني في هذا المجال، حيث تعطى الأولوية لصاحب الفراش إلا أنه فيما يتعلق بالابن غير الشرعي: ما ذنب هذا الابن غير الشرعي أن يتحمل وزر أبيه وأمه في هذا المجال. وكما أشرت فالنسب تنتج عنه مجموعة من الحقوق. ويجري حرمان هذا الابن غير الشرعي من الإرث وأنتم تعلمون، وأنتم تعلمون أن الزنا يعد من موانع الإرث في هذا المجال. لذلك فأي حماية نتحدث عنها للأطفال؟ وما ذنب هذا الابن غير الشرعي أن يتحمل وزر آبائه في هذا المجال؟ ويجري الاحتجاج أن الزنا نقمة والنسب نعمة، ولا يمكن أن ينتج عن النقمة نعمة. ويبدو الأمر سهلا بالفعل، إلا أنه ينبغي مراعاة حقوق هذا الطرف الضعيف، وهو الطفل في هذا المجال. وهناك فقه آخر يطالب بتكريس الحماية أو العدالة الأسرية بالنسبة للأطفال، أو الأبناء غير الشرعيين في هذا المجال. وينبغي ترتيب المسؤولية المدنية على الابن على الأب الذي اقترف هذه الجريمة ومتابعته بالنفقة بل بالتعويض استنادا للمقتضيات للفصلين 78 و79 من قانون الالتزامات والعقود خاصة الفصل الأول الذي يلزم كل إنسان ارتكب فعل عن غير قصد، من غير أن يسمح به القانون بالتعويض عما لحقه من ضرر مادي أو معنوي بشرط وجود العلاقة السببية بين الخطأ والضرر. بل هناك بعض الفقه والذي يمثله الأستاذ أحمد الخمليشي، والحسين بنحساني، من دفع بإمكانية منح الاسم العائلي لهذا الابن الطبيعي. وهناك تيارات بل لماذا لا يجري منحه اسم العائلي لهذا الأب المرتكب لهذه الجريمة منحه الاسم العائلي والنص على الأمر في سجلات الحالة المدنية. وهناك اجتهادات في هذا المجال كما هو الشأن بالنسبة للكفيل. ذلك أن هناك مطالبات مفادها أنه يمكن للكفيل أن يمنح اسمه العائلي للمكفول كما هو الشأن في تونس. لماذا لا يجري حماية للأطفال، كذلك النص في سجلات الحالة المدنية على منح الاسم العائلي للابن الطبيعي في هذا المجال؟ إن كنا نتحدث عما يسمى العدالة الأسرية. وهناك مجموعة من المقتضيات من شأنها حماية حق الطفل في الأسرة، وهو حق من الحقوق المهمة».
هنا أتدخل بصفتي دعيت مقررا على حين غفلة لأضع بعض التوصيات:
- أن تلائم قوانين الطفل والأسرة المرجعية الكونية لحقوق الإنسان دون إغفال المرجعية الدستورية والقيم الوطنية.
- تثمين الانتقال من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة.
- تعميق القراءة في النص القانوني سؤلا في تجاوز الشبهة التي تتصل بالخطبة حين حصول الحمل.
- حمل المشرع لسن مرجع قانوني خاص بالخطبة يلزم بوضع وثيقة خاصة تسبق عقد الزواج وتكون حجة تتمسك بها المخطوبة عند ظهور الحمل.
- توثيق الاتفاق بين الزوجين، وجوبا، حول أموالهما أثناء الزواج في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج أو في صلب العقد، إن كان رأي الزوجين مستقر على ذلك.
- استثمار اجتهادات قضائية وأحكام تفيد في إنصاف الزوجين العلاقةِ بينهما والاستشهاد بها في الحملات الإعلامية ذات الصلة بالموضوع.
- تعمي
- جعل مدونة الأسرة مجالا لممارسة مستديمة تروم تجويد هذا القانون وتوجيهه لتحقيق المساواة وإعمال حقوق الإنسان.
- - وجوب الدفع بإمكانية منح الاسم العائلي للابن المولود خارج مؤسسة الزواج.
- ترتيب المسؤولية المدنية على الأب الذي اقترف هذه جريمة الإنجاب خارج مؤسسة ومتابعته بالنفقة بل بالتعويض استنادا للمقتضيات للفصلين 78 و79 من قانون الالتزامات والعقود خاصة الفصل الأول الذي يلزم كل إنسان ارتكب فعل عن غير قصد، من غير أن يسمح به القانون بالتعويض.
- المطالبة بتكريس الحماية، أو العدالة الأسرية، بالنسبة للأطفال، أو الأبناء غير الشرعيين.
- وجوب المزاوجة بين المرجعية المتمثلة في الاتفاقيات الدولية والاتفاقيات الثنائية، والمرجعية الدينية المتمثلة في ما جاء في المادة 40 للفقه الإسلامي والاجتهاد الذي يراعي مصلحة جميع أفراد الأسرة، سواء تعلق الأمر بالزوج أو الزوجة، وكذلك الأطفال.
- العمل على إلغاء الصورة النمطية المتصلة بالدور الوظيفي للمرأة إذ عمل المجتمع على إلغاء مهارتها، وسلط الضوء على وظيفتين أساسيتين قدرتها على ضمان استمرارية من خلال الإنجاب وقدرتها على إشباع الغريزة الجنسية.
- تعديل مجموعة من مقتضيات مدونة الأسرة التي أثبتت عمليا أنها لا تفي بالغرض ولم تحقق الغاية التي أتت بها المدونة.
- حث المشرع المغربي ليضع نظاما خاصا للخطبة، وربما بوضع وثيقة خاصة تسبق عقد الزواج وتكون حجة يمكن للمخطوبة أن تتمسك بها عند ظهور الحمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلاميات مداهمة ستيرك وميديا خبر هي لطمس وإسكات صوت الحقيقة


.. دراسة بريطانية: الرجال أكثر صدقا مع النساء الجميلات




.. بسبب فرض الحجاب وقيود على الملابس.. طلاب إيرانيون يضربون عن


.. سعاد مصطفى :-المرأة السودانية هي من تدفع ثمن الحرب-




.. لتقليل الخلافات.. تطبيق جديد يساعد الرجال على التعامل مع الن