الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر الثوري

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2006 / 5 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


- الفكر :
الفكر قوة خلّقة أتى من عدد متسلسل من الأفكار المنسجمة بأساس فلسفي جعلت من لا جود الذات، وجود. أي حس الإدراك الذي كان مفقودا عند الإنسان البدائي قد أخذ يتضخم عند المتحضر مع أن الإنسان دائما ما كان يفكر ويخلق أحيانا ، لكنه يتميز عن الإنسان الحاضر بأنه لا يمس جوهر الأشياء بشكل مباشر. إذا الفكر تلك القوة التي اتسقت من الأجيال المتتالية أو الأدمغة المرتقية عبر التطور الحضاري الطويل.
إن المدى التاريخي هو سر الحضارة الفكرية واختمارها. مارسها الإنسان في أول حياته بطرق عدة. الاحتيال على الفريسة وتطوير أسلوب حياته وأدوات استعمالاته. وكان انسجامه مع الطبيعة في قمته في تلك المرحلة.
- الفكر الثوري :
إن الفارق واسع بين الفكر الإنساني العام والفكر الثوري. لأن الفكر بشكل جاف لا يعني إلا التفاعلات الكيميائية التي تخدم حاجات الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل البحث الفلسفي. أما الفكر الثوري بالمعنى العام فهو نشأ مع حاجة الإنسان للتغيير وقد مارسه منذ أن بنى لنفسه كوخا ومدينة، وهو يعمل على تغيير وضعه وأحواله بأحسن من سابقه بطرق معينة يستعملها أحيانا بالتأمل وأحيانا باحتكاكه مع الواقع. أما المعنى الخاص فهو المراد حيث انطلقت هذه الشرارة الحقيقة في أواخر القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر. فقد وجد الإنسان الأوروبي الضلال الاجتماعي والفكري فأخذ في أول الطريق يعطى حلولا أصلاحية، لكن كان أكثرها يفشل . وليس باستطاعتنا أن نعده ثوريا، لأنه إصلاحي لا يخدم التغيير السريع. وأول من ظهر بهذا التيار مفكري الماركسية. والفكر الذي أثبت جدارته الواقعية، مع العلم أن الكثير من الفلاسفة قد خدموا الفكر الثوري حيث أتى الأخير وانهي ما بدأه المفكرين من قبله. عندما أثبت أن فساد البشر لا يحل إلا بالثورة بجميع المعاير الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ولقد كان الفيلسوف الألماني " نيتشه" حد فصل الفكر الثوري من النواحي الدينية. فتكلم عن أن المجتمع وضلالاته ليس له أصل إلا في الديانات الفاسدة التي لعبت في عقل الإنسان منذ النشأة وراح يتخبط فيها لا يعرف موطئ قدمه ولا يعرف أين يحط. فقد أثبت فشل الآلهة التي يعبدها البشر، وقال أن هناك الإنسان المتفوق الذي يجب أن نعطي كل قوتنا لنخلقه. فهو فكر استئصالي للدين بشكل عام، حيث وقف وقال أن المسيحي الوحيد في العالم هو الذي صلب على الصليب بل كانت فلسفته بمثابة فأس حاول فيه تهديم صرح المفاهيم المسيحية في أوروبا من خلال مؤلفات كثيرة أهمها (هكذا تكلم زرادشت).
الفكر الثوري في هذا المضمار يختلف عن المفهوم المتداول بأن الثورة هي ماركسية الوقوع. ألم يحمل أدولف هتلر فكرا ثوريا غير فيه وجه أوروبا لفترة ما. بل كانت فيه الانطلاقة الأولى للفكر النازي العنصري الذي جسد مطامح الشعب الألماني. وكان يوازيه بالفكر الجذري هذا الثورة الروسية وما حملته من بذور التغير في القرن العشرين. الفارق مابين الفكر والثورة هو مثل الفلسفة والعلم ومن ثم نتائج هذا العمل النظري على أرض الواقع.
- ثورة الإنسان المتحضر:
حملت المتمردات التاريخية عبر التاريخ بصمات ضد أشكال العسف التي مارسها الذين يملكون ضد الذين لا يملكون فقد تجسدت بثورات كثيرة من ثورات العبيد في روما إلى ثورة الزنوج في العصر العباسي ومن ثم إلى الثورات المتتالية في العصر العشرين. حاول الكثيرون أن يفسر هذه الظواهر ضمن منظور أيديولوجي كي يبرهن على صحة التحليلات السياسية والاقتصادية التي بشر بأنها علاقات البشر لا تفهم إلا من منظور طبقي ومن ثم كل شيء يجب أن يفسر من مفهوم الطبقة والإنتاج. أي كان هناك واقع جمع البشر والمجتمعات ضمن طبقات وشرائح وتكتلات ، وهذا نصف الحقيقة . والنصف الأخر أن البشر لا يخضعون ضمن السياق التاريخي إلى برمجة أو موديل أو مسطرة لاحتواء يهم. ولذلك قد تفهم بعض الحقائق والمجريات الحاضرة والماضية ، لكن أن تنظر للمستقبل فهنا المشكلة والخطأ في صنع صندوق أو مقاييس مستقبلية تضع بها الإنسان وتتعامل معه على أنه كائن مبرمج.
الثورات في العالم لا يمكن أن تتوقف والتنظير لا يمكن أن يتوقف . لأن التفاوت المعيشي بين البشر والطبقي والديني والحضاري ، كل هذا بذرة للصراع الذي سيولد معه ثورات وحروب. والصراع ضمن مجتمع ما سيولد بالتأكيد حرب داخلية موجهة ضد الذات وتدميرها كما قال فرويد أو صراع يوجه ضد الخارج ويحمل معه الحروب ضد الدول المجاورة أو البعيدة
الإنسان المتحضر يحاول أن يحل أشكال هذا الصراع الأزلي الذي فرضته الطبيعة بكل ثقلها على البشر. بأن يتواصل مع الآخرين بإقامة علوم غايتها الأولى فهم المجتمعات البشرية وتفاوتاتها وأهم ذلك هي علوم الإناسة (أنثروبلوجيا) وعلم النفس الاجتماعي الذي يبحث في العادات والتقاليد وثقافات البشر والتجمعات كي يفهم هذا الجانب المظلم للإنسان بشكل عام والمجتمعات بشكل خاص.
الصراع بين البشر لن يتوقف، وكل ما نستطيع أن نفعله كبشر هو الحد من أسباب هذا الصراع وفهمه كي نسيطر عليه. وسيظل في العالم أناس أنانيين أناس مظلومين وستستمر الحياة كما بدأت منذ الخلية الأولى في البحار أو كما بدأت بعهد آدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلجيكا ترفع دعوى قضائية ضد شركة طيران إسرائيلية لنقلها أسلحة


.. المغرب يُعلن عن إقامة منطقتين صناعيتين للصناعة العسكرية




.. تصاعد الضغوط على إسرائيل وحماس لإنهاء الحرب| #غرفة_الأخبار


.. دمار واسع طال البلدات الحدودية اللبنانية مع تواصل المعارك بي




.. عمليات حزب الله ضد إسرائيل تجاوزت 2000 عملية منذ السابع من أ