الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حى على الصلاة

ماجد محمد فرج

2006 / 5 / 3
المجتمع المدني


لكل مصيبة وجه آخر قد يكون فيه بعض المصلحة... وكما يقول الله فى كتابه الحكيم فى سورة البقرة آية 216: {وَعَسَى أن تَكْرَهُواْ شَيْئْاً وهُو خَيْرٌ لَكُم}... فبعد مأساة الأسكندرية والإعتداء على أهلنا هناك يوم عيدهم فى كنائسهم، ثم بتعمّد المخابيل من مؤذنى زوايا »تحت السلّم« بعدها رفع صوت الآذان لمستوى غير محتمل نكايةً واستفزازاً... جهلاً وغفلاً... أو بتعليمات وأوامر من أصحاب الجاز وأمراء الجاهلية الوهابية... أخيراً تحركت وزارة الأوقاف المصرية وفَعَّلت القرار المنسى بتوحيد الآذان فى العاصمة فى محاولة لوضع حداً للفوضى المتفشية فى جوامع ومساجد وزوايا الوطن والتى حوّلت حياتنا مسلمون ومسيحيون، كبار وصغار، مواطنون وأجانب، إلى جحيم أزلى بتنافس مؤذنو زوايا البدروم هؤلاء (وأغلبهم من بوابين العمارات المجردين من الفقه والعلم والثقافة الدينية، وعن قبح صوتهم ونشاز لحنهم فحدث ولا حرج) على رفع درجة صوت الميكروفون إلى أقصاها والصراخ أمامه فى سباق إستعراضى أحمق على السيطرة السمعية ومنافسة باقى »بوابين الِحتَّه«... راية أخرى من رايات النصر يرفعها المتأسلمون ومن يظنون فى نفسهم حكّاماً بأمر السماء بجانب راية الحجاب والنقاب، ضاربين عرض الحائط بأعصاب الجيران وراحتهم مع علمهم بوصية رسول الله على سابع جار وبالحديث الشريف »لا ضرر ولا ضرار«...ه

أخيراً تحركت وزارة الأوقاف المصرية، نعم... ولكن... هل يكفى توحيد الآذان إلكترونياً؟ ألا توجد هناك وسيلة بسيطة تعيد لنا الزمان الجميل الذى كنا نستمتع فيه بآذان المؤذنين من على مآذن المساجد بأصوات رخيمة بديعة، حنونة المشاعر، خاشعة النبرات، خالية من الجعار والسعار... متداخله نعم ولكن فى هارمونية عذبة النغمات... تطمئن قلب المؤمن وتشرح فؤآد المسلم وتثير إعجاب واحترام، بل وخشوع الآخرين... بدون هذا الجهاز اللعين المسمى بالميكروفون خاصّةً ذو »الهورن« منه! لقد عاش الإسلام لما يقرب من أربعة عشر قرناً من الزمان بدون هذا الجهاز (الذى هو بدعة والبدع كما يقولون ضلالة وكل ضلالة فى النار... صح؟) حتى دخل الپترودولار فى حياتنا وبفضله أصبح الإيمان يقاس بكثافة حجاب النساء وبقِصَر جلباب الرجال وطول الذقن وقبح التكشيرة وب»ديسيبل« الآذان... بلال لم يستعمل ميكروفون، فلماذا يصرّون على البدعة المزعجة هذه إذن؟ هل هناك مُصَلٍ لا يعرف مواعيد صلاته؟ هل هناك من لا يحمل ساعة حول رسغه فى هذا العصر؟ هل يستحق الساهى عن موعد صلاته أن تتجاوز درجة التلوث السمعى فى بلدنا كل حدود الإحتمال الآدمية لتنبيه حضرته؟ هل نفرض على الجميع الإستيقاظ فزعاً مع سيادته فجراً، بغض النظر عن ظروف وأحوال وأعمار وصِحَّة وأديان الآخرين؟ هل استسلم العقلاء والمتحضرون من أبناء الوطن لطغاة المتأسلمين والمتمشيخين فسكتوا وتنازلوا عن حقهم الشرعى فى الهدوء فى بيوتهم وأعمالهم؟ أم خافوا من إتهامهم بالضلال والكفر أو بالعلمانية على أقل تقدير والعياذ بالله (!!) لو اعترضوا على هؤلاء المتزرزرين منزوعى دسم العقل؟

جميل أن يكون لوزارة الأوقاف الفائض المالى بملايين الجنيهات لاستثمارها فى الأجهزة اللاسلكية الجديدة الموحدة للآذان ولكن... ألم يكن من الأجدى توفير هذه الملايين وصرفها على فقراء البشر والإكتفاء بالتعليمات والأوامر المشدَّدة بتطبيق القانون الموجود فعلاً بمنع استخدام الميكروفونات على الإطلاق بل ومصادرتها لكونها غير قانونيه ناهيك عن كونها منفِّرة ولا حضارية؟ ألم يكن من الأجدى توجيه هذه الأموال بالإضافة إلى عائد بيع الميكروفونات المصادرة لتمويل دورات تدريبية للقائمين على دور العبادة بدرجاتها لتوعيتهم وإقناعهم بأنه لا علاقة على الإطلاق بين عمق الإيمان وارتفاع الصوت... وإذا وجِدَت هذه العِلاقة فهى حتماً عَكسِيَّة؟ وبالمرّة... ليتهم يقنعوهم بالتركيز فى خطبهم ودروسهم على حلاوة الإيمان وسماحة الأديان وفلسفة الخير وأخوَّة البشر والبعد عن موضوع كراهية وتكفير الأغيار إياه؟

أخيراً وطالما نحن على هذا الدرب... أدعو السيد المحترم وزير التعليم المصرى لأن ينظر جدياً إلى ميكروفونات مدارسه المنتشره فى كل مكان وإلى العذاب الذى يعانيه المحيطين بها أثناء طابور الصباح... أما ماذا يقال فى ميكروفونات الطوابير هذه فموضوع آخر... أخطر بكثير جداَ....ه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس


.. متظاهرون إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإتمام صفقة الأسرى مع حم




.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن


.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات




.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب