الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهر عضال الحساسية التدينية المفرطة

حنا زيادة

2019 / 5 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لماذاهناك ضرورة لنقد الدين وبل أكثر السخرية منه يسألني بكثير من البراءة متابعي منشوراتي على وسائل التواصل الإجتماعي؟ خصوصا متابعي من الوطن العربي المتحرر، المليء بالمساواة والتسامح، المبني على سيادة القانون واحترام حقوق الاقليات يصدمهم تركيزي على نقد الدين وافكاره. نقد لا يأخذ بعبن الإعتبار قدسية شهر رمضان.

الجواب بسيط.
إن الفكر السائد في منطقتنا، التي هي ثقب اسود لحقوق الانسان، هو الفكر الديني المبني على تبجيل الذات، بمعنى الفرد المنتمي الى الطائفة والمجموعة الدينية، تحريم النقد وتسخير الخوف لفرض الطاعة العمياء لقدر سمائي غاشم تقابله وتدعمه سلطة وضعية ظالمة.
تسخير الفكر الديني وذهنيته التحريمية، القابلة بقوة لهذا التسخير ، هو من اهم ادوات الحكم والتحكم في الشرق الاوسط، أكان يهوديا في اسرائيل، مسيحيا بشكل ما في لبنان، اقلواتيا علويا/مسيحيا/شيعيا في سوريا وإسلاميا، سنيا وشيعيا، في كامل العالم العربي والاسلامي.
القاعدة الاهم لدي كمفكر ومعارض هي انه كلما سيطرت فكرة ما، كلما احتاجت هذه الفكرة الى نقد ومعارضة. كلما فرضت فكرة ما سيطرتها وسيادتها من خلال التقديس والتحريم، كلما اصبح واجبنا ان نسخر وننتقص من قدسية هذه الفكرة. مهما كان غطاؤها الديني. لا يهم إن كانت الفكرة شيعية تفخيذية في ايران، سنية نكاحية في السعودية، طائفية مافيوية في لبنان، فاشية أقلوية في سورية ام فكرة جهادية تناكحتية وحشية في بقية عالمنا الذي امسى ليس دار حرب او دار سلام ولكن دار التكفير الدويعشي ال soft وافكاره التي تنتشر ثقافيا حتى بعد هزيمة التنظيم الإسلامي عسكريا.

الافكار الدينية السائدة لدينا ليست شكل من اشكال التعبد بل هي ايديولوجية حكم، وتفردها وتقديسها لبنة اساسية في منظومة اللاعدالة وصناعة التخلف والكراهية من قبل حكامنا وحلافاؤهم في المؤسسة الدينية في بلداننا.

من اكبر نجاحات هذه الفكرة التسلطية تمرير القناعة ان لها الحق لعدم التعرض لأي نقد إحترما لمشاعر المؤمنين، التي هي من يؤطرهم فكروايمانيا، بينما تمارس الاضطهاد لكل من يخالفها - مشركين، كفار ومرتدين، تحت شعار تمثيل الاغلبية في الشرق - وهي لذلك ديمقراطية - وتمثيل الاقلية المضطهدة في الغرب - وبذلك تكون حقوقية.

تقديس الأفكار القمعية والإقصائية بإسم الدين وإحترام المعتقدات تشمل كل منظومة حقوق الانسان:
رفض المساواة المطلقة بين المراة والرجل، رفض حرية المعتقد ومن اهمها حرية اللامعتقد، اي الكفر والزندقة، رفض الخصوصية والحرمة الجسديّة، فاذ بآلهاتهم تنام في فراشنا، تقرر شكل اعضائنا التناسلية ومتى واين يسمح لهذه الأعضاء المسكينة ان تدخل او تخرج تحت طائلة الموت والرجم وضرب السياط، بينما تشرعن تفخيذ الاطفال ونكاح القاصرات، الى جانب قطع الايدي والصلب وخلافه.
في رمضان يصبح الترهيب الديني فعلا مجتماعيا شاملا يشارك فيه الزميل في العمل، السائق في الشارع، الاستاذ في الصف، وليس فقط الشرطي والشيخ والاب كما في باقي اشهر السنة. كم من مرة اتعرض للتأنيب والتجريح لأني كغير مسلم اريد ان اشرب او اكل وكقاعدة في العالم الإسلامي اضطر الى ان اشهر هويتي لإثبات انه لم تلدني امي مسلما! في اغلب الدول العربية، من الاردن الى مصر، حيث يوجد اقليات غبر مسلمة، بمنع شرب الماء في اي مكان عام. شهر حيث يجرم فيه فعل طبيعي، اساسي لأي كائن بشري او حيواني، هو ليس شهر فضيل، هو شهر قمعي.

متنبي عصرنا، ويا له من عصر وضيع، صديقي الشاعر أدونيس أصم أذنيا شخصيا وهو يوصيني وآذان كل من يريد ان يسمع أن لا فجر في ظلمتنا العربية من دون فصل الدين عن السياسة، فإذ بهذا المتهم براديكليته، يمسي بعيني متساهلا. إذ اني بت، بعد عشر سنين من العمل في مجال حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، أعتقد ان المطلوب هو تحطيم هيمنة الفكر الديني على الفكر: شعر، فن ، صحافة، تعليم، وعلم.

رمضانا، شعبانا ام غيره، يجب على كل من يدعي إحترام حقوق الانسان ان يرفض الترهيب من من جنتهم تناكح سرمدي. لذا اقول لكل من رفع شكاوى الى سلطات بلاده انكم لن ترهبوني وتخضعوني لفكركم الظلامي، يا انصار الترهيب في الارض والترغيب في جنات الخرافة، يا من تسكتون عن إبادة الآزيدين وتشاهدون ىسبي نسائهم كمسلسل رمضاني من دون ان ترف لكم جفن، بينما يفقدكم عقلكم رسمة فيها عمامة وقنبلة فيسال الدم وتحرق السفارات.

لن أقول زمن عربدتكم قد دنى ولكن زمن إلزامنا بإحترام قمعكم قد ولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي