الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع أهل القرآن وأهل الأحاديث

محمود يوسف بكير

2019 / 5 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك جماعة تسمى بأهل القرآن وهي جماعة تؤمن بأن القرآن هو المصدر الوحيد لتعاليم الإسلام الصحيح وأنه لا يحتاج إلى كمالة في شكل أحاديث، بمعنى أن الإسلام قد اكتمل بانتهاء نزول الوحي والقرآن وأن ما يسمى بالسنة هو سنة الله وشرعه وليس سنة محمد الذي يؤمنون بأنه كان رسولا قام بالتبليغ ولكن كلامه ليس مكملا لكلام الله كمآ أنه لم يكن مشرعا.
ويقول أهل القرآن إن كل ما فعله من يسمون بالصحابة والأئمة ورواة الأحاديث لا يزيد عن كونه اجتهاد بشري يمثل وجهة نظرهم ولكنه غير ملزم للمسلمين ولا صلة له بالإسلام المنزل من قبل الله ولا يمكن وضع تنظريهم على قدم المساواة مع القرآن.

وهناك من أهل السنة والجماعة من يقول بأن جماعة أهل القرآن جماعة مارقة ولا ينبغي الاهتداء بهم. وفي هذا فإننا نرى أن على كل إنسان أن يجتهد وأن يعتمد على نفسه في إزالة التناقضات والتعامل مع الخرافات التي قد يواجهها في دينه دون أن يكترث بآراء الآخرين عملا بالمبدأ الإسلامي القائل بأن من اجتهد وأصاب له أجرين ومن اجتهد وأخفق له أجر. وهي مقولة رائعة تحث على إعمال العقل دون خوف وهو شيء ينقصنا كثيرا كمسلمين.

وهناك حديث آخر أعتبره من الأحاديث التي شكلت منظومتي الفكرية أيام دراستي الجامعية بالقاهرة يقول:
" استفتي قلبك ولو أفتوك" بمعنى أنه لا يمكنك أن تتبع أي فتوى دون تمحيص ودون أن تستفتي قلبك وعقلك لأنك في النهاية مسؤول عن أفعالك وليس من قام بالإفتاء، كما أن هذا الأخير إنسان مثلك يخطئ ويصيب ومن ثم فإنه ليس من المنطقي أن تتبعه بشكل عمياني.

وخلاصة هذه القضية هي أن الله خلقنا أحرارا وأنه لا وصاية لإنسان على آخر ومن ثم فلك الحق بإن تتقبل آراء أهل القرآن أو ترفضها، والأهم من هذا أن تؤمن بحق الآخر أيضا في أن يرفض أو يعتنق ما يشاء، بمعنى أن حق حرية الاعتقاد مثله مثل حق الحياة مكفول للجميع وليس للمؤمنين فقط.

ولو إننا نجحنا في تطبيق واحترام ما ندعو إليه فإننا سوف نعالج أحد المعضلات الكبرى في حياة وتاريخ المسلمين ألا وهي النزاعات والحروب الدينية التي نكابدها منذ نزول الاسلام والتي ترجع بالأساس إلى الخلط بين ما هو إلهي وما هو بشري وتحويل مسألة الإيمان من شأن خاص إلى شأن عام. وبالنتيجة يعاني المسلم أينما وجد وتحولت حياته إلى بؤس وشقاء ونزاعات لا نهاية لها مما جعلنا في مؤخرة الأمم بسبب إصرارنا على الاضراب عن التفكير.
فلو أن أحدنا آمن بأفكار أهل القرآن فما الذي يضير الآخر؟! وما الذي يمنعنا من العيش في سلام مع الآخر عملا بمبدأ العيش المشترك رغم اختلاف المعتقدات الشخصية كما هو الحال في أوروبا؟ وهل يعني أن أعتنق نسقا فكريا مخالفا لما تعتنقه أنني عدو لك وأنه ينبغي أن يقتل أحدنا؟ أليس التنوع والاختلاف في كل شيء في هذا الكون الفسيح هو أساس الوجود؟

والآن دعونا نختبر وقع ما أوردته سابقا على الآخرين ومدى تقبلهم له بشكل عملي من خلال عرض ليعض الأحاديث الغريبة التي ورد الكثير منها في كتب الصحاح بالرغم من عدم معقوليتها واستحالة أن تصدر عن نبي الإسلام. والأحاديث التي اخترناها تتسم بالظرف من باب الترفيه عن الصائمين في شهر رمضان الذي تحول من شعر للعبادات والتدبر إلى شهر للأطعمة الدسمة والكنافة والقطايف والطرشي والمخللات وبرامج الطبيخ والفوازير والمسلسلات والمسابقات التليفزيونية والكاميرا الخفية ولعب الكرة في الشوارع بعد منتصف الليل ولا مانع من تحبيش العملية من باب الستر ببعض البرامج ا الدينية المليئة بالمواعظ المعادة للمرة الألف بعد المليون.
وأتذكر أنني كنت في زيارة للقاهرة في رمضان منذ سنوات عديدة وقد دعاني أثنين من الأصدقاء لحضور سحور راقص في أحد فنادق القاهرة وفعلا كانت هناك راقصة شرقية وشيشة على كل مائدة.

وتماشيا مع هذا الجو الرمضاني اخترنا الأحاديث التالية والتي ربما كانت أحد أسباب بزوغ حركة أهل القرآن:

- حديث البطيخ والذي يقول: "عليكم بالبطيخ؛ فإن فيه عشر خصال: هو طعام، وشراب، وأشنان، وريحان، ويغسل المثانة، ويغسل البطن، ويكثر ماء الظهر، ويقطع البرودة، وينقي البشرة"

-حديث عن الهريسة " أتاني جبريل بهريسة من الجنة فأكلتها فأعطيت قوة أربعين رجل في الجماع"

- حديث عن جبريل عندما طلب الاذن من الله بان يقوم بقياس عرض الجنة فأعطاه الله الاذن بذلك فانطلق جبريل ليقيس عرض الجنة فطار مدة 300 الف عام ثم توقف وطلب من الله ان يمده بالعون ليطير 300 الف عام اخرى فأمده الله سبحانه وتعالى وهكذا حتى قطع جبريل 900 الف عام يطير في الجنة ثم توقف فرأى قصرا قد اطلت منه احدى الحوريات فقالت له يا جبرئيل ماذا تفعل ؟ قال اريد ان اقيس عرض الجنة ، قالت : يا جبريل لا تتعب نفسك انت الان منذ انطلاقتك الاولى تطير في حدود مملكتي ، قال: ومن انت ؟ قالت: انا زوجة لاحد المؤمنين .

-حديث 1361 في صحيح مسلم: "لا يستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى" والغريب أن الحديث الذي بعده مباشرة أي رقم 1362 يقول : بجواز الاستلقاء على الظهر مع وضع إحدى الرجلين على الأخرى!

-حديث عن 10 مزايا تمتع بها النبي منها " أنه ولد مختونا، وأنه كان يرى بظهره، وليس له ظل، وأن الذباب لا يقترب منه، وأن البهائم كانت تعرفه فتسرع له حتى يركبها"

-وهناك أحاديث منسوبة لبعض زوجات النبي عن حياته الشخصية لا أعتقد أنه من اللائق أن نذكرها. وكما هو ملاحظ فإن العامل المشترك بين كل هذه الأحاديث هو المبالغة الفجة والسذاجة والابتذال.

هذه عينة صغيرة جدا من بعض الأحاديث الشاذة التي لا يعقل أن تصدر عن النبي، وتجدر الإشارة هنا الى أن البخاري قام بتجميع أكثر من 700,000 قام باختيار حوالي 6000 حديث منها على أنها صحيحه ولم يقبل الباقي. أي أن الأحاديث الصحيحة تبلغ نسبتها 1% فقط وال 99% الأخرى ما هي إلا أحاديث مضروبة؟
البعض يقول إن هذا دليل على دقة الرجل في بحثه. ولكن أليس هذا دليل أيضا على أن الأحاديث المنسوبة للنبي كانت موضع تلاعب خطيرة من رواة الأحاديث؟

ومن الناحية العلمية وكما يعرف كل الباحثين والأكاديميين فإنه لا يمكن الوثوق في نتائج أي بحث أو أطروحة تقوم على عينة إحصائية بمثل هذا التشوه كما أنه لا ينبغي أن ننسى أن البخاري لم يكن معصوما من الخطأ والهوى شأنه شأن أي إنسان آخر.

وبعد كل هذا فإننا نتساءل أليس في معتقدات أهل القرآن ما يستحق التفكير والتأمل؟

محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلمة صدق خير من اللف والدوران
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 5 / 24 - 03:28 )
بعد التحية وجزيل الشكر اقول وبالله المستعان ان الانسان يجب ان يكون صادقا مع نفسه احسن من حرف الكلمات عن مقاصدها ونحن اذ نحيي القرآنيين ونعتقد بحرية الراي الا ان بعض ما يبدون فيهم رايهم تدحضه الافعال التي قام بها النبي والاصحاب انفسهم وهذا واضح وجلي كـ قطع يد السارق وغيره. على القرآنيين ابداء الحقيقة التي بتفق معهم فيها المنصفون من جميع المشارب هي ان القرآن صالح لزمانه ما عدا الاخلاقيات وما يمت لحقوق الانسان بصلة فقط. اما اختلاف معان لكلمات واضحة المعنى كـ قطع يد السارق وضرب الامراة الناشز في الفراش بمعان لا تتفق مع سياقها القرآني وما قام به الاولون منذ بزوغ فجر الاسلام الى وقتا الحالي في الدول التي تتخذ شرائع الاسلام دستورا لها كـ السعودية وايران والسودان فهذا تمويه والحق احق ان يتبع.
السلام عليكم


2 - الهروب من المصيدة للوقوع فيها
محمد البدري ( 2019 / 5 / 24 - 08:55 )
تحياتي وتقديري العميق للعزيز الفاضل د. بكير لمساهماته دعما للعقلانية المفتقدة في حياتنا.
فوضي التراث الاسلامي من لحظة نشأته ادت لفوضويات اخري كثيرة، آخرها وليست الاخيرة، اهل القرآن. فالاجتهاد نشا لمعالجة ما ليس به نص وهو يعجز عن انتاج خرافات البطيخ والخيار لان الاسلام نشا علي قاعدة المعجزة التي لا تحكمها قوانين. لاحظ ترادف لفظي العجز والاعجاز!!
فهل يعي اهل القرآن مأزق القرآن نفسه في قوله:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ-;- فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ... 59 النساء
فلماذا تحض الاية علي رد الامور الي الله ورسوله بينما اختلافهم وتنازعهم نابع بعد انطلاقهم من طاعة اقوال الله ورسوله؟
اما لو شرع أحد في فهم الامور وحلها من خارج تراث الاسلام فان الاسلام بالقرآن الذي هو اساس الدين يقف له بالمرصاد وهو التكفير.
الا ببدو الامر وكأنه مصيدة كلما هرب العقل منها وقع فيها ثانية بفعل ذات النصوص، طاعة كانت أم عصيانا.
مع وافر اعتزازي


3 - رد الى: المفكر الكبير الاستاذ محمد البدري
محمود يوسف بكير ( 2019 / 5 / 24 - 20:59 )
أشكرك يا أخي العزيز على إضافتك القيمة وأنا أتفق معك في تشخيصك بأن تناقضات الأحاديث مع القرآن وتناقضات الآيات مع بعضها وتناقضات الاحاديث مع بعضها ناهيك عن الكم الهائل من اللامعقول في المنظومة برمتها تناقضات لا حصر لها ولذلك ذكرت في المقال بإنه على الانسان أن يحل مشاكله مع هذه التناقضات بالشكل الذي يتوافق مع عقله وضميره دون خوف من الآخر .وأنا أميل في مقالاتي الدينية الي عدم الزج برأيي الشخصي بشكل مباشر وأترك للآخرين مساحة للتفكير أملا في أن يستنتجون ما أهداف إليه اعتقادا مني بأن هذه المنهجية المحفزة على التفكير تفتح العقول بشكل تدريجي .مع جزيل شكري وتقديري لأفكارك التي أستقيد منها كثيرا


4 - القرأنيين
على سالم ( 2019 / 5 / 24 - 23:03 )
اتفق معك استاذ محمود فى هذا الطرح العقلانى , الدكتور احمد صبحى منصور رائد القرأنيين يكتب بأستمرار فى موقع الحوار منذ اعوام طويله , هو يشرح منهاج القرأنيين بشكل احادى , فلسفه القرأنيين بها ثغرات وفجوات عميقه , الدكتور يغلق باب التعليقات منعا للصداع ومطالبته بالرد على اسئله المتطفلين لغرض فى نفس يعقوب , الذى الاحظه فى مقالاته هو انه يكتب عباره ( الله جل وعلا ) كثيرا جدا , يكتبها ويكررها بشكل ملفت للنظر لدرجه انه كتبها فى مقاله واحده عشرين مره ؟ لاادرى لماذا يهتم بهذه العباره القرأنيه بالذات


5 - الاستاذ سمير البحراني
محمود يوسف بكير ( 2019 / 5 / 25 - 08:34 )
اشكرك على تعليقك وأنا معك أن هناك آراء كثيرة لأهل القرآن مثيرة للجدل ولكن الإطار العام لدعوتهم الأساسية يستحق النظر والتأمل. مع تحياتي


6 - إلى الاستاذ علي سالم
محمود يوسف بكير ( 2019 / 5 / 25 - 08:45 )
أنا أعرف د.أحمد صبحي منصور جيدا وهو باحث محترم وجريء ولكنني مثلك مندهش من عدم فتح منصته للحوار والمفروض أن تسعي إدارة الموقع لتشجيعه على هذا خاصة وأن الموقع ، أسمه - الحوار المتمدن -وانا أعتقد أنه سيوافق . مع أطيب تحياتي وأمنياتي


7 - غلق باب التعليق هو لتفادي نقض التاويل بالدليل
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 5 / 25 - 09:42 )
الاخ الكريم بعد التحية. اي كاتب تثقيفي يغلق باب التعليقات على مقالته ـ وبالاخص العقآئدية ـ يعترف اعترافا لا يعتريه الشك بانه غير قادر على دحض حجج المعلقين على الثغرات الغير منطقية او علمية او تاريخية التي يحويها المقال ان وجدت او انه يكتب بما لا يؤمن به تقية لالا تنكشف سريرته في الردود على التعليقات. لذى لا فائدة في قرآءة مقال غير قابل للنقذ لان قرآءته ستزيد المعارضين لافكاره وهو بهذا الفعل يؤكد عبثية مقالاته الا للمؤيدين لافكاره. الحوار المتمدن هو تبادل الافكار وليس الادعاء بان راي غيري هو الخطا ورايي هو الصواب لذى لا اقبل النفذ. فاذا كان حقا ان القرآنيين هدفهم التنوير وتبرئة الاسلام مما نسب اليه من تشريعات لا يقبلها العقل السليم فيجب فتح باب التعليق لتبادل الآراء للاستفادة والقارء الكريم له الخيار في تحكيم عقله بالسلب او الايجاب.


8 - تصحيح
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 5 / 25 - 11:48 )
التعليق رقم 7 موجه الى الاخ على سالم. شكرا لكم

اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة