الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متاهات الحواس و العقل والفلسفة!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2019 / 5 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هل العالم بالفعل كما ندركه بحواسنا وبعقولنا، أي كما يريد لنا الله أن نراه !؟ أم أن العالم بشكل موضوعي وكما هو في الحقيقة يختلف عن هذا العالم المرئي والمسموع الذي نراه ونتصوره بحسب تركيبتنا الذهنية والبدنية الدنيوية الحالية!!؟؟؟
************************
شاهدت شريطاً وثائقياً الفترة الماضية عن حقيقة وطبيعة الوعي والادراك البشري، وهي قضية فلسفية تمت مناقشتها منذ القدم ومنذ الفلاسفة الاغريق، وهي مسألة ارتبطت ايضا بقضية ((مصادر المعرفة)) بما فيها معرفة واثبات الذات! ((كيف أتأكد بأنني موجود حقيقي!!؟؟)) .. لكن الجديد في هذا الشريط الوثائقي عن الوعي والادراك هو الاعتماد على ((العلم والتكنولوجيا)) وليس ((الفلسفة والأيديولوجيا))!.. ففي هذا الشريط مقارنة بين طريقة ادراك الانسان للاشياء وطريقة ادراك الكومبيوتر!!... ووصل مقدم البرنامج الى حقيقة أننا ندرك أنفسنا والعالم وفق نظام العقل المرتبط بالحواس كلواقط للعالم الخارجي المحسوس!، فما نراه هو ((صورة العالم)) كما يرسمها لنا العقل وفق امكانياته وقد لا يكون ((العالم الحقيقي)) هو بالفعل كما نراه ونعقله ونتصوره بعقولنا!!، فالحواس والعقل قد يكونا بمثابة حاجز وساتر يمنعنا من رؤية العالم كما هو بالفعل!!... وهذه ((النتيجة)) التي ينتهي اليها هذا الشريط الوثائقي بالاعتماد على العلم والتكنولوجيا، وهي ذاتها فكرة فيلم المصفوفة ((الماتريكس))!، هي ذاتها التي وصل اليها بعض الفلاسفة منذ القدم إلى درجة الشك في حقيقة العالم كما نراه!، الشك في حقيقة العالم من حولنا كما لو اننا نرى سراباً نتيجة تفاعل حواسنا وعقلنا مع الواقع المادي الخارجي!، نحن نراه هكذا لأن تركيبتنا الحسية والذهنية هي هكذا والا لربما رأيناه بصورة مختلفة او لرأيناه كما هو على حقيقته!، وهذه النتيجة هي ما اثارت موجة هائلة من الشكوك في صحة المعلومات التي تقدمها لنا الحواس بل وحتى العقل!!... وهذا ما ناقشه الفيلسوف والفقيه العربي أو الفارسي ((ابو حامد الغزالي)) - القرن الثاني عشر - في كتابه ((المنقذ من الضلال)) وهو كتاب يناقش الطريق الى معرفة الله بشكل حقيقي حيث انتهى الغزالي الى أن طريقة التعبد والتصوف والذوق والتجربة الوجدانية هي الطريقة الوحيدة للتعرف على الله!!... ويبدو أن موجة الشكوك الفلسفية في طريقة معرفتنا لأنفسنا وللعالم ولله قد عادت بقوة مرة اخرى في القرن السابع عشر بل دار لغط فلسفي وجودي حول طريقة اثبات وجود الذات، هل نحن موجودون بالفعل!؟ أم أننا مجرد أوهام أو أننا مجرد أفكار في عقل الله!!؟؟، حيث وجدنا الفيلسوف وعالم الرياضيات والفيزياء الفرنسي (ديكارت) الذي يلقب بأبي الفلسفة الحديثة قد تأثر على ما يبدو بالفيلسوف والفقيه المتصوف (الغزالي) خصوصاً مناقشته لمصادر المعرفة في كتابه (المنقذ من الضلال)، حيث شكك كما فعل الغزالي في قدرة الحواس على تقديم صورة حقيقية للعالم!، وانتهى الى أن التحقق من اثبات وجود الذات إنما يكون من خلال التجربة الذاتية والادراك المباشر للذات، فأنا أفكر أو أشعر إذن أنا موجود!... وهذا المبحث بلا شك جزء من الفلسفة الوجودية التي تتمركز حول مشكلة طبيعة الذات من جهة ومن جهة حول مشكلة الوعي الانساني للذات أي الوعي للوجود الذاتي الداخلي، وأيضاً الوعي الانساني للكون أي للوجود الموضوعي الخارجي!!.... وفي تقديري هذه كلها متهات، فالعقل لا يشبع من الجدل ((وكان الانسان أكثر شيء جدلا)) كما يقول القرآن!، فالمنقذ من الضلال هو القرآن الكريم وحده، قال تعالى: ((إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)) والقرآن مرتبط بالعقل الطبيعي الواقعي للبشر الذي يتميز به كافة الناس الطبيعيين العقلاء في كل زمان ومكان، بعيداً عن الخيالات السريالية أو الفلسفات السفسطية، فالقرآن يخاطب الانسان العاقل سواء أكان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة أو كان يحمل شهادة برفيسور في الفيزياء والفضاء، فالانسان العاقل هو الانسان العاقل، ومنطق العقل واحد بغض النظر عن كمية العلم!.
سليم نصر الرقعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصديق سليم نصر الرقعي
nasha ( 2019 / 5 / 24 - 01:24 )
الحواس والعقل بالفعل متاهة وتفاهة وسخافة اذا استخدمت بدون هيكل منطقي مبني على العلاقة بين الذات الفردية وبين الموضوعية بشقيها المادي والتجريدي.
قبل كل شيئ الذي يبحث في الفلسفة والمنطق عليه ان يتجرد من ذاته باقصى قدر ممكن بالرغم من استحالة التجرد من الذات.
شيئ اخر في غاية الاهية عليك الانتباه له وهو:
الوجود مكون من عنصرين فقط لا غيرهما وهما الذات او الانا the subjectivity والعالم الموضوعي الخارجي the objectivity
من هنا عليك ان تعي جيدا انك انت من يمثل المطلق انت الانسان المحدود وانت الاله اللامحدود انت من يقرر ذلك وليس العالم الموضوعي خارج ذاتك
وكذلك عليك ان تعي ان العالم الموضوعي خارج ذاتك بما فيه من كائنات مادية حية وكائنات مادية جامدة وحتى الكائنات المجردة بما فيها الله ذاته نسبية بمعنى تنتسب الى عقلك.
اذا اتفقت مع طرحي بامكانك ان تفتح حوار معي اذا احببت ذلك
تحياتي صديقي العزيز


2 - مرحبا صديقي nasha العزيز
سليم نصر الرقعي ( 2019 / 5 / 25 - 01:28 )
صديقي اتفق معك في أن العقل يحتاج الى منهج منطقي عقلاني يلتزم به للتفكير في سر الحياة والوجود ، اقصد ضرورة وجود ضوابط او سكة حديدية يتحرك فوقها قطار العقل والتفكير كي لا يضل الطريق او ينقلب رأسا على عقب، هناك مباديء للعقل والتفكير المنطقي متفق عليها بين كل العقلاء والحكماء والفلاسفة قديما وحديثا ولكن هناك جوانب اخرى هي موضع اختلاف عظيم، أما القول بأن العالم الموضوعي هو جزء من الذات والعالم الذاتي كما فهمت من طرحك فهو ما سيوقعنا في متاهات الفلسفة الوجودية المتطرفة كما حدث لدى بعض المتصوفة اصحاب وحدة الوجود الذين ليس لديهم حد فاصل بين الانا و العالم الموضوعي بما فيه الخالق!،ولكن عقلا لابد من الاقرار بوجود فاصل حقيقي بين الأنا وبين العالم الخارجي، بين الذات والموضوع بشقيه المنظور وغير المنظور، فالذوات المدركة والشاعرة والواجدة تدرك الوجود الموضوعي بزوايا مختلفة هي رؤيتها للوجود ولكن للوجود وجود موضوعي منفصل عن ذات كل منا، نموت وتتلاشى ذواتنا ويتلاشى هذا الوجود في اعيننا ولكنه في الحقيقة الموضوعية يظل موجودا بشكل منفصل عنا سواء كان هذا الوجود الموضوعي هو هذا الكون ام خالق هذا الكون،تحياتي


3 - وحدة الوجود والله
nasha ( 2019 / 5 / 25 - 02:38 )
وحدة الوجود) و (الله( )
pantheism and theism
أو فلسفة وحدة الوجود كالتي تبناها الفيلسوف باروخ سبينوزا والتي اخذ فسلفتها من لاديان الشرقية البوذية والهندوسية والفلسفة الاهوتية التي تبنتها الأديان في الجزء الغربي من العالم
انا لم أقل أن العالم الموضوعي هو جزء من الذات لأن الذات ليست مادة الذات وعي والوعي الفردي مستقل.
الجسد الإنساني مادة بالتأكيد وعندما يغيب الوعي عن هذه المادة يرجع الجسد إلى المادة التي ينتمي إليها .
أما الوعي( وهنا الإشكالية التي ليس لها حل) فيعتبر في الفكر اللاهوتي هو الروح الخالدة التي لا تموت وتعود أيضا إلى مصدرها الأصلي وهو الوعي الكوني أو مصدر الأرواح.
ومن هنا فاللاهوتيون يستنتجون ضرورة وجود المصدر الاخر للوجود وهو الوعي الكوني خارج المادة او ما نسميه بالعربية الله .
هل وضحت الفكرة؟
تحياتي


4 - نعم اتضحت
سليم نصر الرقعي ( 2019 / 5 / 25 - 03:07 )
مشكور صديقي العزيز على هذا التوضيح المهم واتفق معك أن لغز الوعي لدى الانسان لغز محير بالفعل حتى الآن!، سواء على المستوى الفلسفي أو حتى على المستوى العلمي، فالانسان ليس مجرد آلة حيوانية ذكية بالغة التعقيد بل هو فوق كل هذا ، هذا الشعور بالانا والوجود ووعي الذات والعالم الخارجي، إنه لغز الألغاز بالفعل!، وتقبل خالص احترامي وتحياتي


5 - شكرا
nasha ( 2019 / 5 / 25 - 03:19 )
اشكرك على قبول الفكرة
ومستعد لتوسيع الحوار أن احببت؟
صدقني انا أشجعك للحوار معي لاستفيد انا من الحوار لا لفرض رأيي عليك انا احاول ان اتعلم واتفادى الأخطاء المنطقية التي ارتكبها عن طريق المحاورة المنطقية.
المحاورة المنطقية هي أسمى واحسن وأكفا طريقة للتعلم
أحييك واشكرك على التواضع والتفاهم والاحترام

اخر الافلام

.. مراسل فرانس24 يرصد لنا حالة الترقب في طهران تحسبا لهجوم إسرا


.. غارات إسرائيلية -عنيفة جدا- تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت




.. هل يؤثر مقتل هاشم صفي الدين على معنويات مقاتلي حزب الله في ج


.. انفجارات متتالية تهز ضاحية بيروت الجنوبية جراء القصف الإسرائ




.. غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات في غزة تسفر عن شهداء وجرحى