الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فُلان الفُلاني

امين يونس

2019 / 5 / 28
المجتمع المدني


قالَ لي حمكو : لطالما أردتُ أن أسألك عن موضوعٍ ... لكنني كُنتُ أترّدَد كُل مرّة .. غير أني قررتُ أخيراً أن أفعلها الآن : هل تحبُ المدينة التي ولدت فيها ؟
- يالهُ من سُؤالٍ بليد ... وهل هنالك مَنْ لا يفعل ؟ طبعاُ أحب المكان الذي ولدت فيه أنا وأبي وجديّ وجد جدّي .
* إذن لماذا لا تُلحِق مدينتك الأُم ، بإسمِكَ ، وتجعلها كُنيةً لك ، كما يفعل معظم الناس ؟
- وما علاقة حُبّي للمدينة بذلك ؟ نعم أنا لستُ فقط أحب المدينة بل أعشقها بِكُل طبيعتها الخّلابة... لكني لم أخْتَر أن أولَد فيها ، وكوني من أهاليها لا يُعتَبَر " إنجازاً " لي . ثم أن " المكان " أي مكان ، يُحدِث إنطباعات مُعينة عند المُتلقي عادةً ، سواء كانتْ هذهِ الإنطباعات إيجابية أم سلبية . وعندما يُكّنى شخصٌ ما ب " مكان " ، فمن المُتوقَع أن تنعكس بعض الصفات الشائعة عن المكان ، على الشخص نفسه بدرجةٍ أو بأخرى . وأنا أريد أن أكونَ أنا مُجّرَداً ، فلا اُجّيِرَ محاسن " المكان " لحسابي الشخصي ولا اُسْقِطَ مساوئي على المكان ... أحبُ أن أكون إسماً فقط بلا كُنية مدينة أو عشيرة أو حتى مِهنة .
* وتكملة لسؤالي : هل تُصّدِق .. لِحَد هذه اللحظة ، لا أعرفُ من أي عشيرةٍ أنتَ ؟
- تلك من المسائِل التي لا أهتمُ بها إطلاقاً .. فما الفَرق من أي عشيرةٍ أكون أو من أية قبيلةٍ أنحدِر ؟ أعتقد أن " البيئة " التي ينشأ فيها المرء والعائلة التي يتربى في كنفها ، تلعبُ دَوراً أساسياً ، في دَرَجة أهمية العشيرة والتفاخُر بها والإنضواء تحت معاييرها وعاداتها . ومِنْ حُسن حظّي ( أو رُبما من سوء حظّي .. لا أدري ) .. أنني نشأتُ وترعرعتُ في بيئة ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم ، في بغداد ، بغداد التي كانتْ واعدةً حينذاك . وفوق ذلك ، لا أتذكر في كُل طفولتي وشبابي ، أن أبي أو أمّي أو أخوتي الكِبار ، ذكروا يوماً أي شئ عن الإنتماء لعشيرة أو قبيلة . وتعّزَزَ ذلك بإنخراطي المُبّكِر في التنظيمات الطلابية ثم الحزبية اليسارية ، التقدُمِية المنفتحة بطبيعتها ، إضافةً إلى مَيلي للقراءة والمُطالعة الخارجية .. كُل هذه العوامِل ، أدَتْ إلى ترسيخ الإنتماء ( الإنساني ) لديّ ... بعيداً تماماً عن كُل تلك الإنتماءات الفرعية ، العشائرية والمدينية بل حتى القومية والدينية .
ومادُمتُ لستُ مُهتماً بهذه المسألةِ أساساً ، فمن الطبيعي أن لا تعرف ياحمكو ياصديقي .. مِنْ أي عشيرةٍ أنا . فأنا نفسي وفي وقتٍ مُتأخِر عرفتُ عَرَضاً ومن خلال إبنِ عمٍ لي ، بأننا أصلاً من قريةٍ على الحدود وجئنا إلى المدينة منذ قرون . فلا ذلك يُضيفُ لي شيئاً ولا ينتقص مِنّي .
* ولكن ذلك يُفّسَر أحياناً بطريقةٍ خاطِئة ... فهناك مَنْ يقول ، بأنكَ تستنكِف أن تُكّنى بمدينتك أو عشيرتك ، وفي ذلك شئٌ من التكبُر والنرجسية .. فماذا تقول ؟
- هه هه هه .. أي تكّبُر ونرجسيةٍ يارجُل ؟ بالعكس .. فأنا أعتزُ حقاً بمدينتي التي ولدت فيها ولا أراها بحاجةٍ إلى إسمي لتقترن بهِ . أما عن العشيرة ، فأحترم كونها تنظيماً لها العديد من الوظائِف الإجتماعية ، لكّني لا أستسيغ الكثير من " القِيَم " العشائرية التي لا تنسجم مع التمدُن والتحضُر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحان حق: الأمم المتحدة شكلت لجنة لتقصي الحقائق في الهجوم عل


.. الأونروا تحقق في لقطات نشرها الجيش الإسرائيلي




.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة