الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الصراحة و الوقاحة

رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)

2019 / 6 / 3
المجتمع المدني


أن تكون صريحا فإنك قد تقحم نفسك في معضلة لا حل لها أو ورطة لا تدري كيف تخرج منها خصوصا في ثقافات تخلط الصراحة بالوقاحة و تراهما وجهين لعملة واحدة .
و هناك من يرى في الصراحة حماقة ..! و منهم من يراها صلافة و قلة أدب ، و اخرون يعتبرونها معيارا
من معايير الشجاعة و البداهة ، أو براءة و سذاجة و يعدها الكثيرون تهورا و طيرانا خارج السرب ..
و بمعزل عن كل ذلك ، تبقى الصراحة مالكة لخصوصيتها حسب ضرورتها و تواقيت و أساليب اطلاقها ، وهي سلاح ذي اكثر من حد يستوجب التعامل معه بحرص نابه لاستخدامه بالشكل الذي يحقق الغاية . فكما ذكرنا فهناك حالات استخدام لا عقلانية لها تستحق و بكل جدرارة و صفها بالحماقة و الطيش ، فبعض الآسرار و الخصوصيات الشخصية لا تتحمل الآقتحام الصريح لها الذي يتحول فتيلا يفجر قنبلة تعقد الأمور أكثر بدلا من ان تكون اداة للوصول الى فهم مشترك لحل ازمة و فكّ عقدها ..
و الصراحة تحتاج ثقافة ، و ثقافة الصراحة كسلوك اجتماعي في مجتمعاتنا الشرقية المتزمتة ، إن لم تكن معدومة بالأساس ، ضحلة .. فنراها حتى و إن كانت بنية اصلاح او تصحيح موقف أو كأنتقاد مهذب جميل ، ينظر اليها فورا كوقاحة و اهانة او تعبيرا عن حالة عداء و رفضاَ مطلقاَ لواقع مقدس ، بدلا من أن ينظر اليها كنافذة تفتح على المشهد الواقعي و الصورة الأصلية للموضوع او الحدث ، بهدف تجاوزالتصورات الخاطئة و الأضافات المفبركة ، بحثا عن و فاق و مصالحة و اتفاق ..
و الصراحة قد تمنح الكثير من الراحة النفسية لمطلقها ، لكنها في بعض قوالبها عواقبها الخذلان و الندم . نعم هنالك الكثير من الناس ممن يتصدون بعنف او ردود افعال مبالغة فيها للصراحة بأعتبارها وقاحة ، لكنها كضرورة اجتماعية ترتبط بالوعي و السلوك الفردي و العام ، و كثقافة تعامل جدي مع الواقع يجب فصل الصراحة عن الوقاحة و فهمهما كأتجاهين متعاكسين و متناقضين بالكامل ، فالصراحة الموضوعية الواعية مطلوبة كضرورة ايجابية اصلاحية لتنقية النفس البشرية من روح الآنتهازية و المداهنة و النفاق و تبني الحقيقة كما هي بفضح الباطل و شطبه من الفهم .. فقط الحقيقة المنقاة من الشوائب و الأضافات و من التحريف و التحويرات و بالشكل الذي يضع نهايةحاسمة لسوء الفهم ويمنع ا ستمرار المضي على الخطأ .
أما الوقاحة ، فهي لا تعبر ألا عن حالة رد فعل عصابية او انفعال سلبي مريض خصوصا اذا جاء من دون سبب واضح ، فلا يستشف منه شيء غير حقد كامن و اشهار فجائي لحالة بغض و عداء كامنين الامر الذي يؤدي على الأغلب الى تصعيد الموقف الى حالة صِدامْ و أحيانا صِدام عنيف ، بعكس الصراحة بمفهومها الثقافي الحضاري و كحالة راقية من حالات شفافية التعامل مع الآخرين ، الذي يحمل في جوهره النية المخلصة و المحاولة الجادة لتصحيح اشكال او تقويم اعوجاج قد تسبب في حال استمرارها المزيد من الخسائر و
الأضرار ..
خاتمة لهذه الملاحظات ، أقول :
ليس الخلل في الصراحة و انما هو في ناس تصدمهم الصراحة و الوضوح ، فتراهم ينفرون منها و يطلقون عليها اقبح النعوت ..
و اقول ايضا :
كونوا صُرحاء مع كل من يبحث عن الحقيقة و يحترمها ، فالباحثون عن الحقيقة أشخاص يمكن الوثوق بهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط