الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهاني الكترونية باردة

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)

2019 / 6 / 4
المجتمع المدني


تهاني الكترونية باردة
رائد شفيق توفيق
ما عادت الكلمات تستطيع وصف ما يجول في دواخلنا او تعبر عما يعتمل في نفوسنا من مشاعر وما عادت بلاغة البلغاء واشعار الشعراء تجدي نفعا في تخفيف ما يعتلج فينا من الام حتى اصبحنا كرسالة عبد الحميد الكاتب التي احرقها ابو مسلم الخراساني قبل ان يقرأها .. تمر الايام سراعا ويحل بنا عيد اثر عيد لكنه غير سعيد برغم اننا نتبادل التهاني والاماني عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبخاصة موقع الـ فيسبوك لا اكثر انها تهاني باردة بلا مشاعر بلا احاسيس ، بعد ان كنا نهنىء بعضنا بحرارة ونحتضن بعضنا اثناء التهنئة بصدق تجده في نبرات اصواتنا التي تصطبغ بفرحة العيد وفي الوجوه المستبشرة وفي بريق العيون وحتى في اشعة الشمس برغم حرارتها الا انها كانت ضاحكة فرحة بنا حنونة علينا ، اليوم يتملكنا الحنين لا الى الوطن لانه وطن بل الى تلك الايام الماضيات والطيبة التي اغتيلت والفرحة التي دنست نشتاق الى اؤلئك الناس الطيبين الذبن ما كنا نعرفهم الا انهم يساعدوننا بحب بدون ان نطلب منهم ذلك ليودعونا بانواع الدعاء ترتسم على وجوههم هالات الفرح والمحبة الغامرة التي تفيض من اعماقهم تشعر بانها تحيط بك من كل جانب لانها كانت صادقة نابعة من قلوب عامرة بالمحبة للجميع ما كان هناك من يعرف شيئا اسمه طائفة او عرق فالكل كانو يتالمون للكل ويفرحون للكل ويتشاركون الحياة برغم بساطتها بكل تفاصيلها فقد كان هناك اجماع على فكرة واحدة يقومون بتنفيذ ها وفقا لما تتطلبه منهم الفكرة التي اجمعو عليها وهي المحبة والتواصل والمواساة من دون ان يوجههم احد فقد كان الجميع مسلمين وغير مسلمين عربا وكردا واقليات اخرى يحبون بعضهم بعضا وما كانو يطلبون المساعدة فقد كانت تقدم بغير طلب فتجد ان الناس تحزن جميعها لحزن احدهم وتفرح لفرحه .
اليوم مزقتنا الطوائف والملل والاثنيات العرقية التي روج لها تجار الدم .. اليوم نحن غرباء في بلاد غريبة برغم ان الارض هي نفس الارض والسماء نفس السماء لكننا غرباء برغم الامان الذي نعيشه وهاهو العيد يحل بننا وحالنا اسوأ من حال الايتام اذ لا اهل ولا اصحاب ولا اصوات تكبيرات العيد واغلب الاصدقاء والاقرباء قطعو اتصالهم بنا خوفا على انفسهم ان تطالهم الاياد الخبيثة التي طاردتنا وهجرتنا .. يحل بيننا العيد ونحن فرادا وحيدين يلفنا الصمت بصوته الذي يمزق احشاءنا ويقتلنا ببطىء، انه صمت ليس فيه سوى رائحة الغربة وبرودة الوحدة حتى نبضات قلوبنا ما عدنا نسمعها او نشعر بها .
يكذب كل من يقول انه سعيد في الغربة ، فالغربة لاسعادة فيها برغم ما نحاط به من اهتمام وعناية والكثير من المغتربين ينغمس في شتى الممارسات الحياتية هروبا من الوحدة والصمت القاتل مدعيا ان يعيش مع انه هارب من الحقيقة ، فان تعيش شيء وان تحيا شيء اخر والسعادة ذاتها ليست فرحة فالفرح جزء من الرضا والرضا هو الحياة الحقيقية لذا فاننا نبحث عن الحياة بكل معانيها ، فحتى الميت اكلينيكيا يعيش بمساعدة الاجهزة الطبية لكنه ميت غير حي ونحن في الغربة اموات نعيش بمساعدة مؤسسات هذه الدول التي وفرت لنا وسائل العيش الامن ، اما الحياة فقد نزعت منا منذ ان ولى العيد وانتزعت فرحته من قلوبنا وضاع الاحبة في فيافي الارض وبحارها .
عبر الانترنت نقول لبعضنا: كل عام وانتم بخير
كلمات فقدت معناها وحرارتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين


.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين




.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا


.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين




.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر