الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقعة جمعة اسحيم: عنف العنف ؟

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2019 / 6 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


سياق المقال :
*** خلال شهر رمضان الماضي 2018 حادثة عرفتها احدى قرى جمعة اسحيم القريبة من مدينة اسفي الساحلية , حين قام مجموعة من شباب القرية باحتجاز رجل و امراة في خلاء في شهر رمضان في منتصف النهار و ثم الاعتداء عليهم وبقسوة مبالغ فيها مع توثيق لحظات العنف , وافتخار الشباب انهم يقومون بحماية و حراسة اخلاق و قيم قريتهم من حماقات و فساد الغرباء , الفيديو عرف انتشارا كبيرا و خلف نقاشا عموميا ***
بجمعة اسحيم خلفت حادثة عنف مادي على فتاة و سائق سيارة من طرف مجموعة من الشباب الملتمين نقاشا حادا . القضية لم تعد فعل احتجاز و تعنييف فقط و انما تدخلت النيابة العامة و توثرت الاجواء و تدخل اعيان و شباب القرية من اجل عدم اعتقال الشباب , بعدها انتهت الامور بمباشرة التحقيقات و القاء القبض على متهمين اثنين و تسليم اكثر من اثنى عشر شابا لا نفسهم للدرك الملكي معتبرين ان ما قاموا به هو امر عادي ؟
الموضوع اثار نقاشا واسعا و خلف موجة استنكار واسعة حول الحدث و طبيعته و خطورته وهو ما يتيح لنا اعادة قراءة الحدث وفق مقاربة سوسيولوجية من اجل اثراء النقاش .
اولا : القروي و الجنس .
من خلال متابعة وقائع الفيديو يتضح مدى السعار و الهيجان لذى القرويين المعتدين على الفتاة و السائق وهو امر يقتضي تحليلا اولا قبل اطلاق مجموعة من الاحكام العنيفة و القاسية , لان اطلاق الحكم يقتضي الفهم الجيد للفعل كمفهوم انسجاما مع القاعدة السوسيولوجية :
مالا يوجد كمفهوم لا يوجد بالمرة .
فالعالم القروي كفضاء مغلق هو فضاء مسيج باعراف و تقاليد قيمية صارمة تفترض معاقبة كل من يحاول المساس بها , و عدم التسامح مع كل انفلات ضد القيم المحروسة داخله .
و يمكن الوقوف عند مجموعة من التصرفات المرتبطة بالفعل الجنسي بالمجال القروي و التي تؤكد حالة التشدد مع كل فعل جنسي منها , موقف الشباب القروي من واقعة الصاروفة حيت صراع مجموعة من الكلاب من اجل السيطرة على الانتى / الكلبة و بعد عملية الصراع ينتهي الفعل بعملية تزواج طويلة تسمى بالتلاسيقة حيت يلتصق الكلب بالكلبة و يصعب افتراقها , الامر الذي يشكل حالة استفزاز لمشاعر الشباب القروي حيت يتم حمل العصي و الهروات و الحجارة من اجل الحاق اكبر عنف على الكلب اساسا و هو اختيار مبرر لا شعوريا .
لذا نجد ان الثقافة الشعبية لدى القرويين ا ناي فتاة تضبط في حالة تلبس توصف بالكلبة احتقارا لهم و تصبح بلا قيمة لدرجة انه يتم عزل طعامها و مبيتها و عن باقي اسرتها كفضاء خاص و عن الدوار كمحيط عام , و بالمقابل لا يوصف شريكها بالكلب رغم ان الفعل لا يتم الا بوجود الطرفين وهي مفارقات تؤشر على طبيعة الثقافة بالعالم القروي في علاقته بتدبيره لموضوع الجنس كطابو ؟
لذا فسيكولوجية الانسان القروي مؤسسة على مبدا السعار من خلال ممارسة العنف المقدس امام كل فعل جنسي علني , بدعوى حماية الفضيلة و الدفاع عن القيم , و الانتصار لطهرانية القرية كفضاء مقدس يجب الحفاظ على نقاءه و معاقبة كل من يحاول خدش النظام الأخلاقي .
هذا السعار الأخلاقي ينحصر فقط في المجال الجنسي لانه يشكل استفزازا لذكورتهم , و بالمقابل يلاحظ غياب أي رد فعل رادع ضد أي خرق لأركان الإسلام المتبقية كالصلاة مثلا باعتبارها الركن الاهم في الدين , وهو ما يجعل الاحتجاج بالدفاع عن حرمة رمضان الواردة في تصريحات المعتدين مجرد اداة لتبرير عقلية ذكورية لا تتسامح مع الجنس لانها عقلية تعتبر المراة هو نوع من الملكية الخاصة التي لا يجوز للأخر الاقتراب منها .
و ما يفسر هده الملكية المؤدية الى العنف ان بعض القبائل تحرم زواج بناتها من خارج القبيلة, أي ان المرأة تصبح ملكية جماعية غير قابلة للتفريط فيها ليس حبا فيها و لكن حماية لوحدة القبيلة و ضمان تماسكها , لدى قبائل أخرى و التي تسمح بزواج بناتها خارج القرية يتم منعها من الإرث حماية للأرض , بذلك تصبح المرأة أداة ووسيلة لحماية الأرض وضمان استمرارية وحدة القبيلة
ربما الأحكام القاسية التي أطلقت و بكثافة حول الفعل و اعتباره فعل داعشي مؤسس على إقامة الحد بحد السيف وهي أحكام عنيفة حول فعل عنيف .
فالاعتداء ليس نتيجة سلوك ديني متطرف يتقاطع مع الفكر الداعشي , و إنما هو نتيجة عقلية محافظة تعتبر الاقتراب من المراة لاسيما من طرف الغرباء هو اهانة لكبرياء القروي و استخفاف بالقبيلة , و هو ما يفسر حجم العنف و قساوة الأدوات المستعملة في الاعتداء : هروات و عصي و أدوات فلاحية ؟؟
تاريخ الفكر السوسيولوجي يبين ان علاقة الرجل بالمرأة هي علاقة تحكم , فمثلا بالهند كشف الانتربولوجي كلود ليفي ستراوس ان المراة الخائنة يتم قطع انفها عقابا لها و لا تتزوج من اجل ضمان سيطرة الذكور على الارض و على المرأة و على السلطة ؟
درجة حساسية القروي مع الجنس تصل الى مراقبة المجال العام و التحكم فيه , على اساس ان السيطرة على المجال العام يفترض اساسا التحكم في المرأة, و هو ما يتيح لنا فرضية تحليل و قراءة فعل الاعتداء حتى و ان قبلنا بموقف الشابة التي اعتبرت انها مجرد طالبة جامعية تنجز بحثا جيولوجيا وهو امر يطرح أكثر من إشكال كيف لطالبة تنجز بحثا أكاديميا وفق تقاليد وقيم علمية و منهجية ان لا تتسلح بالحذر ألقيمي و ان لا تراعي عقلية و تقافة و قيم مجال الدراسة من باب تجاوز منطقة الشك او مناطق العثمة , هو سلوك يعكس عبثية و ارتجالية البحث العلمي – ان صح ادعاء الشابة كونها طالبة - فلا يعقل ان يترك الطالب وحده يعاني بل يحتاج الى ضمان شروط البحث من خلال توفير كافة الضمانات لانجاز بحث ميداني له صعوبته ما يفترض اخبار السلطة و حتى مرافقتها من باب تامين ظروف البحث .
فقداسة الموضوع يرفع درجة السعار لدى القروي مما يجعل كل اختلاء بين رجل و امراة هو فعل جنسي لا يجب التساهل معه .و يجب ان يبق فعلا محتكرا من طرف شباب القرية و هو ما يفسر الحجم الكبير من الحكايات حول المغامرات التي يقوم بها شباب القرية لاسيما في الليل من اجل ممارسة الفعل لكن في الظلام و بعيدا عن رقابة الفضاء العمومي للقرية كفضاء مغلق .
ما سمعناه حول دعشنة الحدث يعكس عنف مركبا انه عنف حول العنف ؟؟؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيبة
بلبل ( 2019 / 6 / 5 - 13:07 )
هؤلاء البلهاء يقومون بافعال ابشع من تلك التي يتفاخرون بمحاربتها ويرون ان هم وحدهم من لهم الحق بالقيام بهاكما ان فعل من هذا القبيل يفتح الباب على مصرعيه لشرعنة شرع اليد وكاننا نعيش في دولة بدون مؤسسات ومنها الى منطق السيبة لهذا من واجب القضاء ان يزجر هؤلاء الاوباش بعقوبات صارمة ليكونوا عبرة لسواهم

اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-