الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم العدالة بين أفلاطون وارسطو

عصام الخدير

2019 / 6 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من المعروف أن أرسطو طاليس الفيلسوف اليوناني الأشهر قد قسم العلوم إلى حدود عصره و منتهى علمه إلى جنسين : علم نظري(تاملي)، وعلم عملي(تطبيقي).. فالعلم النظري هو العلم الحق بدون عمل أسماها ما بعد الطبيعة (الميتافيزيقا) و علم التعاليم (الرياضيات و الهندسة) ثم العلم الطبيعي البيولوجيا والنفس (السيكولوحيا).
أما العلم العملي فهو الحق بالعمل ويتضمن علم الأخلاق و علم السياسة - و هنا ستلاحظون تشابه تصور كانط مع هذا الجانب في القرن 18 م في كتابه نقد العقل العملي الذي خصصه لاشكالية الأخلاق -..
في الواقع لقد كان أفلاطون سباقا لتطارح إشكالية العدالة والتفكر فيها ففي العديد من محاوراته الشهيرة ولكن تحديدا في كتابه الأهم في هذا الموضوع الذي هو الجمهورية الذي يحاول فيه التساؤل حول سبل قيام مجتمع مدني بديل لما كانت عليه أثينا التي اغتالت استاذه الكبير سقراط، فاهتدى إلى أفضل السبل إلى ذلك هو تحقيق العدالة في الفرد.. في البدن و في الجماعة ومن خلالها في المدينة/الدولة.. بتطبيق طبقيته الشهيرة بين الفلاسفة الحكام و فضيلتهم الشجاعة بمثابة الراس من المدينة، والجنود الحراس و فضيلتهم الشجاعة بمثابة الصدر من المدينة، و العبيد و الخدم و الحرفيون و الصناع والنساء و المنتجون فضيلتهم العفة بمثابة البطن من المدينة.. ينطلق أفلاطون في ذلك سيرا على فن منطق التوليد (المايوتيقا) السقراطي من بادئ الرأي الحس المشترك أو الدوكسا بلغة الإغريق المنتشر لدى عامة الناس منطلقا من البسيط إلى المركب ومن المشخص الواقعي إلى المجرد.. فالعدالة عند أفلاطون هي إحقاق الحق في موضعه وفق استعداد الناس طبيعيا لما اهلوا له..
أما عند أرسطو فيتخذ هذا المفهوم بعدا أكثر اتساعا ورحابة.. فالعدالة باعتبارها حالة اعتدال وسطى بين حدين متنافرين بين الإفراط والتفريط بين الخير المطلق وبين الشر المطلق فهي حد أوسط .. العدالة عند أرسطو ناموس و قانون اجتماعي بدءا ولكن كوني منتهى، وهي بذلك حكمة وانصاف وخير و توسط ومساواة.. إنها فضيلة أخلاقية معرفية وسلوكية.. فالعدالة عند أرسطو إذن حد أوسط بين إفراط هو الظلم وتفريط هو الانظلام..
فالعدالة في التصور الارسطي فضيلة تامة لكونها يجب أن تكون في خدمة الغير والآخر قبل أن تكون خدمة أنانية للفرد /الشخص..
وهي أنواع أي العدالة عند أرسطو.. فهي توزيعية و تعويضية، فالأولى خيرات مادية كمساواة و الثانية علاقات بين الناس كالقاضي و المشرع المطبق للقانون، وهنا يضيف أرسطو في كتابه العاشر للسياسة أن المساواة غير كافية فهي تحتاج لكي تتم إلى الإنصاف بأن ياخذ المشرع أو القاضي الحالات الخاصة الاستثنائية التي قد لا ينتبه إليها أو قد تسقط سهوا..
فالقاضي و المشرع عند أرسطو يجب أن يطبق القانون دون إدخال للاعتبارات الذاتية للشخص المحكوم ( كالجاه أو السلطة أو المال أو النسب أو النفوذ..)
يمكن اعتبار كتاب السياسة عند أرسطو محاولة مبكرة فذة للإجابة عن جدوى الوجود الإنساني ودخوله في علاقة اجتماع و دولة مع بني جنسه، من أجل تحقيق معنى لوجوده بتحقيق العدالة كخير تام من أجل بلوغ درجة السعادة الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات