الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيير بورديو و إعادة الإنتاج

عصام الخدير

2019 / 6 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن بيير بورديو Pierre Bourdieux في سياق نظريته الفذة حول إعادة الإنتاج de la reproduction وخاصة في كتابه الأشهر الأول حول هذه النظرية الثورية (الورثة) les héritiers سواء في حينها في ستينيات القرن الماضي أو لحدود الساعة، و الذي وضعه رفقة باسرون Passron.. كان الكتاب بكل عنفوانه ونقديته وجراته في فرنسا لا تزال محافظة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مرتبطا بالنسق التعليمي الجامعي الفرنسي خصوصا والتربية و التعليم في باقي اسلاكه عموما و هو الكتاب الذي ظهر سنة 1964 اي قبل أحداث ماي 1968 الثورية بسنتين والتي عرفت بثورة الطلبة والعمال، وكان من تداعياتها تقديم الرئيس الرمز شارل دوغول لاستقالته و قيام الجمهورية الخامسة.. فلقد انتقد بيير بورديو المدارس الخاصة وهي المدارس الكبرى كبوليتكنيك و المدرسة الوطنية للإدارة ENA.. و التي لا تضم سوى أبناء الطبقات الإجتماعية العليا.. وباقي المدارس العامة فهي للعموم وكان الحراك الاجتماعي Mobilité Sociale والرقي المجتمعي بطيئا في مستواه العمودي.. و ظل منحصرا في شكله الأفقي.
لتأتي سنة 1970 مع المناخ التحرري والليبرالي الأكثر انفتاحا الذي طبع فرنسا بعد انتفاضة ماي 1968 ليخرج بورديو للعلن كتابا لا يقل أهمية عن سابقه.. إنه كتاب (إعادة الإنتاج) والذي يعتبر مؤلف فذ من نوعه بحق، و يعد طفرة كبرى في مجال الحقل السوسيولوجي، مؤلف خصب من حيث مادته المفاهيمية و يمكن تصنيفه إلى مستويين :
1) التأسيس النظري لمفهوم العنف الرمزي la violence symbolique حيث وظيفة التربية هي بالأساس تأسيس العنف الرمزي و الحفاظ على هذا العنف ومن ضمن هذا التأسيس استعمال أدوات حولها بورديو إلى مفاهيم كازدواجية التحكم في الفعل البيداغوجي و السلطة التربوية التي تتجلى في ثقلها التربوي حيث أن السلطة هنا كيفما كانت تتوصل إلى فرض انماطها الرمزية و تضفي عليها المشروعية عبر القوة الرمزية.
2) الفعل البيداغوجي l acte pédagogique يتجلى في إنتاج وإعادة انتاج الهابيتوس l Habitus.. إذ النظام التعليمي في هذا السياق ينم عن بروز خلفية ثقافية سابقة عن الفعل التربوي وهذا ما يعزز الراسمال الثقافي الرمزي للنخب المسيطرة.. وهنا يمكن الإحالة إلى مفهوم قريب من طموح بورديو لتفسير المؤسسة التعليمية.. حيث نورد تعريف هوريو Maurice Hauriou للمؤسسة يقول فيه " المؤسسات تمثل القانون كما في التاريخ، مقولات المدة والاستمرار والديمومة والواقع، و عملية تشييدها تمثل الأساس القانوني للمجتمع والدولة "..
إن مفهوم الهابيتوس الدقيق والعميق كابداع محفوظ الحقوق كنحت مفاهيمي لبورديو، يعني إنتاج سلطة تربوية قادرة على الاستمرار بعد توقف الفعل و العمل البيداغوجي.. و هنا خطورة الفعل البيداغوجي فيما بعد المدرسة فالتربية بحمولاتها تتحول إلى ثقافة مجتمعية و العكس صحيح و هي عملية تخدم في آخر المطاف الفوارق الطبقية المهيمنة وتعمل على ترسيخها والتطبيع معها.. فتحول المنطق الداخلي لنسق التعليم إلى تقديم رأسمال اقتصادي واجتماعي Capital Social متوارث ومملوك من طرف جماعات أو طبقات اجتماعية معينة إلى رأسمال ثقافي ومعرفي وسلوكي و العكس صحيح أيضا Capital Culturel يصبح تجاوزه صعبا للغاية ويحتاج مجهودا فكريا و نقديا فوق المعتاد للكشف عنه، وهنا يعتقد بورديو أنها تكمن وظيفة السوسيولوجي الملتزم و المناضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة