الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية بين المفهوم والتطبيق / حاجتنا الى العلمانية /4

خليل صارم

2006 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد أن أوضحنا حقيقة مفهوم العلمانية الذي يبرز الوجه النبيل والإنساني لكافة الرسالات السماوية وفق ماهي حقيقتها بمعاييرها الأخلاقية وليس وفق المفاهيم التي يضخها القسم الأعظم من رجال الدين الذين سعوا لتحويله الى أسس وقواعد سلطة بقصد السيطرة على المجتمعات لصالح الظلم والسلطات الظالمة عبر التاريخ , في حالة من التحالف معادٍ للانسانية والدين بين الأنظمة الأوتوقراطية وبينهم . وهذا من أهم أسباب هذا الانحراف الفظيع والاختلاق والأكاذيب في مفاهيم الأديان الذي نعيشه عبر الأجيال , حتى أوصلونا الى مرحلة من ازدحام المفاهيم الخاطئة والمخالفة للمنطق أنتجت كل هذه الموبقات التي تفكك المجتمعات وتدفع بها نحو الانهيار وأهم هذه الموبقات هي حالة العداء والتعصب الديني والطائفي , وهي أسوأ أنواع الموبقات التي أنتجت قوائم طويلة من العادات السيئة المخالفة للمنظومة الأخلاقية بكافة قيمها النبيلة . لقد بات الكذب والنفاق والانتهازية والظلم وكافة القبائح الأخرى أموراً أكثر من عادية في المجتمعات التي تشهد تشدداً دينياً وخلافات وصراعات قائمة على قاعدة أو خلفية دينية أو مذهبية .. ؟ هذا واقع يؤدي بمن يستمر بتجاهله ويكابر عليه الى التفكك السريع والانهيار الذي لارجعة فيه .
لما كانت العلمانية تساوي بين كافة المعتقدات وتبرز الوجه النبيل لها وتتعامل معها من خلال حرية المعتقد وتقف منها على قدم المساواة دون أي تحيز أو تمييز والأهم من ذلك أنها تقف بوجه أية محاولة فرض لرأي أو معتقد على الآخر .. من خلال رفضها تدخل رجال الدين في سياسة الدولة وسلطتها عبر قوانين تفرض المساواة بين مواطنيها .. وتعتبر أن حق المواطنة هو السقف الذي يتحرك تحته الجميع بحرية مطلقة دون أي فرض أو إكراه مادي أو معنوي .
لذا فان العلمانية تصبح هي الدواء الأفضل والأكثر نجاعة الذي يوفر الشفاء الحقيقي من كافة العلل التي تعاني منها مجتمعاتنا وأسوأها على الاطلاق . الطائفية والاثنية ومايقع تحتها من قوائم الانحراف .
- إن علمنة المجتمع لايمكن أن تتم بقرار أو بمرسوم صادر عن السلطة مهما كانت هذه السلطة شفافة وصادقة في نواياها . إلا أنه يمكن التأسيس لهذه العلمنة استناداً لقوانين واضحة ودقيقة تعتني بأدق التفاصيل التي تمس حياة المجتمع وحقوق أفراده تضمن حريتهم التامة ومن ضمنها حرية المعتقد وتوفر لها الحماية التامة بحيث تكون هذه الحماية قادرة على الاستمرار والتطور الموازي لتطور المجتمع . بحيث أن السلطة مهما تبدلت وتغيرت عبر السبل الديمقراطية تكون عاجزة عن المساس بهذه القوانين بل أنها تأخذ دور الحارس على تطبيق هذه القوانين .
- إن هذا مايؤكد تلازم العلمانية مع الديمقراطية بحيث لايمكن أن تعيش إحداهما دون الأخرى مهما كانت المحاولة وبغير ذلك تكون المناداة بالديمقراطية هي عملية خداع للمجتمع لاتتعدى الوهم .
- إن محاولة الفصل بين العلمانية والديمقراطية التي تقوم بطرحها القوى المتشددة دينياً الطامحة الى السلطة من خلال تسفيه العلمانية وتكفيرها والزعم بالتمسك بالديمقراطية ليست سوى كذبة كبيرة وخدعة تطمح أن يبتلعها المجتمع لتنسف كافة أسس وأشكال الديمقراطية عند وصولها الى السلطة . فأية ديمقراطية يمكن للقوة الأكبر دينياً أو قومياً أن تطبقها طالما أنها تعتمد على الكثرة العددية في الاستيلاء على السلطة .. إنه ومهما كانت الانتخابات التي أو صلتها الى السلطة نزيهة وشفافة فانه لاعلاقة لهذه الانتخابات بالديمقراطية كونها محسومة مسبقاً وبالتالي فان ممثليها لن يأبهوا إطلاقا باعتراضات ومطالبات القوى المجتمعية الأخرى بالمساواة وضمان حقوقها الأمر الذي يدفع بها الى المطالبة بحقوقها عبر أساليب وطرق أخرى . وهكذا تبطل المزاعم الديمقراطية في هذه الحالة لتتحول الى صراعات وتشظي للمجتمع .
- ان العلمانية من خلال اعتماد قوانين محايدة بين كافة قوى المجتمع الدينية والمذهبية والقومية تهدف الى التعامل بالتساوي مع الجميع دون أية استثناءات وضمان حريتهم بحيث تمنع فرض منطق القوة الأكبر دينية كانت أم قومية تكون قد أسست حقيقة للديمقراطية حتى ولو وصلت القوة الأكبر للسلطة . إلا أن مايضمن سلامة هذه الديمقراطية على المدى البعيد والدائم هو أن تنص القوانين على عدم السماح بتأسيس أحزاب على أسس قومية أو دينية أو مناطقية لتتحول القوى السياسية الى قوى مواطنة وبالتالي تكون برامجها وأهدافها متكئة على أسس تخدم المجتمع ككل وبالتالي فان صناديق الانتخابات تكون من نصيب القوى صاحبة البرنامج الأفضل سياسياً – اجتماعياً – اقتصادياً .
- ان بقاء قوانينا بعيدة عن التطوير مستمدة من مفاهيم ثبت عدم صحتها وخاصة شرع وفقه هو بالأساس لايتطابق وخط الدين الصحيح بل هو فقه الشريحة الأقوى والأكثر عدداً والذي أنتجه فقهاء السلطة الأمر الذي تسبب بحالات من القهر والظلم الطائفي والجنسي والعرقي لحساب الأكثرية العددية أمر يعوق أية بادرة تطوير ويفشلها تماماً مرسخاً الاحساس بالظلم والقهر وقد حقق الفائدة الكبيرة للسلطة عبر التاريخ ووفر لها أسباب الشمولية والتحكم المطلق بالمجتمع حتى الآن دون خوف من قانون يحاسبها على أخطائها وانحرافاتها عند حصولها الأمر الذي جعل من هذا الاحساس بالظلم والقهر لدى بقية شرائح المجتمع يتنامى ويشكل خطراً على مصير الوطن/ الأوطان في العصر الراهن بعد انتشار ثقافة الديمقراطية وسهولة التواصل بين شعوب العالم وتمازج الثقافات .
- لهذا تبرز الحاجة الماسة والشديدة لقوانين مدنية تحكم المجتمع مستمدة من روحية العصر ولاتتكيء على أية مفاهيم دينية وتحترم كافة العقائد من خلال احترامها وتقديسها لحرية الفرد في اعتناق مايراه مناسباً له اضافة لكافة أشكال الحرية الأخرى .
هذه القوانين يجب أن تنص على أن ضخ أية مفاهيم معادية بين الأديان والطوائف والقوميات والجنس يعتبر جريمة وتعد ٍ على الحرية وبالتالي تقضي على ثقافة التمييز وضخ الحقد والكراهية بين الأديان والطوائف والقوميات لحساب الوطن وحقوق المواطنة حاسمة الجدل الذي استمر طيلة أكثر من أربعة عشر قرناً حول من هو المؤمن ومن هو الكافر والذي هو من اختصاص الله عزوجل وحده وفقاً للنصوص وبالتالي لايحق لأحد أن يكفر الآخرين ويزعم أنه يحتكر الحقيقة لوحده وهذا مارسخ حالة العدائية بين الطوائف رغم أشكال النفاق التي تظهر بين الفينة والأخرى بزعم التصالح والتفاهم الديني والمذهبي لتنتقل الى حالة تصالح فعلية وثابتة عبر فرض الاحترام المتبادل وفقاً لمفاهيم الحرية المقوننة . كذلك التبدل في معايير من هو الوطني وغير الوطني ومن هو الأفضل من ناحية الجنس . ليصبح الملتزم بواجباته تجاه المجتمع والتباري في تقديم أفضل الخدمات للمجتمع / الوطن بما يحقق تطوره ورفاهيته هي المعايير الأساس في تقييم المواطن بغض النظر عن أية انتماءات أخرى تقع تحت سقف المواطنة .
- لقد ثبت بما لايقبل الجدل أن كافة المعايير السائدة في مجتمعاتنا هي معايير جهل وخرافة وتخلف وعدائية قادتنا الى مانحن فيه من تردي ووضعتنا خلف كافة الشعوب الأخرى نتطلع الى ماوصلت اليه الشعوب الأخرى من حضارة وتطور بحسرة وألم عاجزين عن مجاراتها أو اللحاق بها . نلقي بخيباتنا وعجزنا على الاستعمار متناسين أن الأسباب كامنة فينا . فهل نحن بحاجة لأربعة عشر قرناً أخرى لنتأكد من هذه الحقيقة . أربعة عشر قرناً تضمنت المجازر وإهدار الدماء البريئة ولجم الشعوب عن التوجه الحضاري الإنساني . والمزيد من التشظي والتخلف وانتشار ثقافة الخرافة والغباء والتجهيل المدروس بعناية من قبل فقهاء السلطة لحساب شمولية السلطة . الذين أطلوا برؤوسهم في كل مرة يتهيأ فيها المجتمع لنقلة حضارية لتكفير رموز التطور والحضارة والثقافة والتخلص منهم ليعيدوا المجتمع الى نقطة الصفر ضمن دائرتهم الجهنمية المغلقة .
- لاحظوا الآن هذه الهجمة الشرسة من قبل رجال الدين والقوى المتشددة التكفيرية ضد كل رموز التطور في المجتمع وكيف يكفرون العلمانية بحالة من السعار المحموم بقصد ابقاء المجتمع رهينة لهم . والمصيبة أنهم يمارسون كل موبقاتهم ضد المجتمع من ضمن مجتمعات علمانية في الغرب العلماني . أليس في هذا التناقض إدانة ثابتة لهم وتأكيد على سوء النوايا .
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية