الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا مثقفي التنوير اتحدوا

عبد المجيد حمدان

2019 / 6 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يا مثقفي التنوير اتحدوا

في 2/6/2013 ، نشرت هنا ، على الحوار المتمدن وفي ملف الحوار ، موضوعا تحت عنوان : الإسلام السياسي .. معارك الدفاع الأخيرة وفلسطين . حَظِيَ الموضوع بدخول كثيف ؛ 112 ألفا ، وأيضا بحصة لا بأس بها من عدم القبول ، دللت عليها قلة عدد التعقيبات من ناحية ، حوالي العشرين ، ونتيجة التصويت 55% من ناحية أخرى . تساءلت آنذاك ، بالرغم من اعتيادي على منح المصوتين غير القابلين للفكرة المطروحة في مقالاتي ، وهم في العادة من مشايعي تيارات الإسلام السياسي ، علامة تقرب من الصفر ، وفي أحسن الأحوال 20% ، تساءلت : لماذا ؟ وما هي مبررات عدم القبول ؟
الموضوع تم إعداده ونشره في وقت بدا على السطح ، أن قوى الإسلام السياسي تشن هجوما كاسحا ، وتحقق انتصارات كبيرة وساحقة ، على جبهات تغطي معظم شرقنا العربي والإسلامي ؛ تعزيز ، وتعظيم مكانة نظم إسلامية قائمة ؛السعودية ، تركيا ، السودان . قفز إلى سدة الحكم ؛ مصر وتونس ، وانتصارات متوقعة ؛ العراق ، سوريا ، ليبيا ، واليمن ، وأخرى على قائمة الانتظار ؛ الأردن ، فلسطين ولبنان . وأخيرا تململ وحركات كثيرة في أقطار عربية ؛ المغرب ، الجزائر ، عمان … الخ ، وفي أقطار إسلامية ؛ مالي ، نيجيريا ، إندونيسيا ..الخ ، وجذل وَتأسلم في الجاليات العربية والإسلامية في مختلف البلدان الموصوفة بالغربية .
إذاً ، وبالرغم من واقع الحال هذا ، آتي أنا وأقدم في العنوان وصفا نقيضا . أقول للقارئ : نعم ، ما تراه هو ما يجري على سطح الأحداث . هو ، إذا استعرنا من علم الفيزياء بعض ظواهر الضوء ، نوع من خداع بصري . المعارك ، بالرغم من اتساعها وعنفها ووحشيتها ، هي في الحقيقة معارك دفاع لا معارك هجوم . كيف ؟
استحضار الماضي لفهم الحاضر :
قلت في الإجابة ، ما معناه أن فهم الحاضر، واستكشاف المستقبل ، يتطلب استحضار الماضي ، ذلك أن الهجوم الذي نراه ، باتساع جبهاته ، وعنف ، شراسة ووحشية ممارساته ، وَبأهدافه المعلنة والمستترة ، ليس جديدا ، وإنما يتسم بنوع من التكرار الهزلي لآخر سبقه . ولهذا عدت لاستعراض سريع لصراع أهل النقل ، وأهل العقل ، قرب نهاية العصر العباسي الذهبي ، والذي تواصل على مدار معظم العصر العباسي الثاني ، و انتهى قرب نهاية القرن العاشر الميلادي ، الرابع الهجري ، بانتصار ساحق ، كامل وتام لأهل النقل . وقلت ما معناه أيضا ، أن أهداف أهل النقل لم تقف عند حدود التنحية التامة لتيار العقل ، ومن ثم إدخال العقل العربي الإسلامي في غرف العناية المركزة ، وإنما تعدته لإطفاء كل أنوار الحضارة التي بناها تيار العقل ، واتخاذ كل التدابير الكفيلة بالإبقاء عليها مطفأة ، وذلك من خلال إقرار تدابير تضمن منع عودة تسلل هذه الأنوار من جديد . تلك كانت طبيعة النصر آنذاك ، وذلك كان جوهره ، وهو ما كان سيشد انتباه المعقبين ، حسب تصوري ، لكن ذلك لم يحدث .
والغريب أن كل الانكسارات التي تعرض لها عالمنا العربي ، وبدءا بما عرف بالحروب الصليبية ، وقيام ممالك الفرنجة على أراضينا ، والغزو المغولي ..الخ ، كلها وقعت أيام عز هذا النصر ، الذي دام لثمانية قرون في بعض البلدان ، وَلعشرة قرون في أخرى، ودون أن يلتفت أحد إلى مسؤولية هذا النصر عن كل تلك الانكسارات . وَأكثر دون الانتباه لتخلي أصحاب النصر هذا عن ركن رأوه ، وما زالوا ، من أركان الخلافة ؛ استبدال قريش بِقبيلة تركية ، ودفع الشعوب الإسلامية لقبول تقديم فروض الطاعة لسلاطين طغاة ، حولوا السلطنة لخلافة جديدة .
جديد :
ولعل قارئا يبادر إلى السؤال : هل وقع جديد دفع الكاتب لإعادة التذكير بموضوع ملف الحوار ذاك ؟ والجواب نعم ، وقع الكثير من هذا الجديد ، وآخره خروج أقطاب التشدد الوهابي ، الشيوخ ؛ سُليمان العودة ، عائض القرني وآخرون ، على شاشات الفضائيات السعودية ، والاعتذار عن كامل منهج التشدد الذي قادوه ، و رضاهم عن سيادة مظاهر التدين الشكلي ، والإعلان عن عودتهم للنهج الحق ، نهج الدين والتدين الوسطي .
اعتذار أئمة التشدد هؤلاء ، دفعني لإعادة محاولة إلقاء الضوء على جوهر القضية التي يعيشها عالمنا العربي منذ قرن تقريبا . وَلأعاود التأكيد على أن ما شهدناه من معارك هجومية واسعة لتيارات الإسلام السياسي ، ليست في حقيقة الأمر غير معارك دفاعية ، بدأت منذ قرنين تقريبا ، أي ما يعرف مجازا ببداية عصر التنوير ، وهي توشك على الوصول إلى نهايتها .
عصر التنوير.
قلنا أن نصر أهل النقل استقر ثمانية قرون في بعض البلدان ، ومنها مصر ، وعشرة قرون ويزيد في بلدان أخرى ، ومنها السعودية . لكن ، ولسوء حظ أرباب النقل ، وفي مطلع القرن التاسع عشر ، هبت رياح معاكسة على أشرعة الاستقرار الذي ظنوه قد حاز شهادة الأبدية . فقد كشفت غزوة نابليون لمصر ، 1799 - 1802 ، أن الاستقرار الذي جلبه أهل النقل لم يكن غير زرع وتثبيت دعائم ثالوث الجهل والفقر والمرض . حدث هذا من خلال اكتشاف المصريين لحالة التخلف التي يرسفون فيها ، ومعها عمق وسعة الهوة التي تَفصلهم عن النهضة الحديثة ، فَاقتناعهم بضرورة التخلص من كل الإرث المثبت لحالة التخلف هذه . هكذا تصدر تحديث مصر ، نقل العلوم وإدخال نظام تعليمي عصري ، جدول أعمال محمد علي باشا ، أَول والي لِمصر بعد الغزوة الفرنسية .
لكن ، وبالرغم من ضعفها ، فقد نبهت أشعة النور التي سكبتها إصلاحات محمد علي ، شيوخ النقل إلى عِظم الأخطار المحدقة بحالة الاستقرار الممتدة على مدار القرون الثمانية السابقة . دفع التنبهُ للأخطار بالشيوخ إلى خوض حرب لصدها . ولأن الشيوخ وجدوا في الخديوي توفيق حليفا كارها لِأحلام وأفكار جده ، فقد نجحوا في اعتراض تلك الإصلاحات مؤقتا . لكن استئناف البعثات التعليمية بعد توفيق ، والتطلع إلى التخلص من حالة التخلف الخانقة ، والرغبة الحارقة للالتحاق بركب الحضارة ،كما عبر عنها منهج الخديوي اسماعيل ، أنتج ، قرب نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ، ما عرف بحركة التنوير ، والتي ضمت كوكبة من خريجي تلك البعثات ؛ رفاعة الطهطاوي ، مصطفى المنفلوطي ، لطفي السيد ، طه حسين ، الشيخ محمد عبده ، الشيخ جمال الدين الأفغاني ، قاسم أمين وآخرين .
صراع بأدوات جديدة .
زكان أن وجد حراس الاستقرار أنهم أمام حالة غير مسبوقة ، وأن عليهم خوض حرب لا يملكون إلا القليل من أدواتها . ففي حرب العصور العباسية ، ملك طرفاها ذات الأدوات . وَلأن الصراع انحصر داخل البيت الواحد ، الدولة العباسية التي شكلت قطب العالم الأوحد آنذاك ، حسم انحياز الخليفة الصراع لصالح أهل النقل . وكانت مصادر النور ، وهم أعلام الحضارة ؛ مَراصدهم ، أبحاثهم وَأوراقهم ، مرئية ، محسوسة وملموسة . ومن ثم كان بالإمكان حجب أشعتها وَإطفاؤها . والأهم أن انحياز السلطان ، في هذا النوع من الصراع ، ظل يوفر لواحد من طرفيه ، ضمان تحقيق النصر وتثبيته في آن . أما في الوضع الجديد فقد انتبه حراس استقرار العتمة أن مصادر النور ، والتي وضعوها تحت مصنف الفسق والفجور ، هي خارجية ومتعددة بتعدد دول منشئها ، وأن العلماء ، كما مختبراتهم وأبحاثهم وتطبيقاتها ، بعيدة عن متناول أيديهم ، ومن ثم من غير الممكن إِطفاء أنوارها ، ولا حتى إغلاق منافذ دخولها . كما وتقدم تقنيات تطبيق علومهم من الأدوات ما لا سابق معرفة لأهل النقل هؤلاء بها ، وما لا قبل لهم بمواجهتها ؛ مطابع ، صحافة ، سينما ، مسرح ، تليغراف ، تليفون ، دراجات ، سيارات ، كهرباء ، شبكات مياه ، صرف صحي ..الخ ، ثم من النظم ؛ دساتير ، مؤسسات ، أحزاب ، نظم قانونية ، نظم إدارية ، نظم مالية ، نظم تعليمية ، نظم صحية ، نظم عمل ، نظم دبلوماسية ، علاقات دولية ..الخ وكلها يحسن مفكرو التنوير التعامل بها ومعها .هذا غير تسلح هؤلاء بأفكار ومفاهيم جديدة ؛ دولة وطنية ، مدنية ، دِيموقراطية ، علمانية ، حريات ، حقوق إنسان ، مساواة ، مواطنة ..الخ .
تحليل البدع :
أَدرج حراس استقرار العتمة كل ما سبق ، وهو ليس كل جديد عصر النهضة ، تحت مسمى البدع ، فَالضلالات والمحرمات ، وَألحقوه بتكفير معتنقيها ومستخدميها . وَتنبهوا إلى حقيقة أن درء كل هذا الحرام غير ممكن بالاعتماد على الأدوات السابقة وحدها ، ولا يتم بِالمحاججة وتحريض الرعاع ، كما حدث في التجربة الأولى ، إضافة لافتقاده نصرة السلطان ، خاصة في بلدان حركة التنوير ؛ مصر وبلاد الشام والعراق . احتاج الأمر إذاً إلى تفعيل قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ، فتحليل استخدام الكثير من هذه البدع التي كان تحريمها قد أفضى إلى ارتكاب جرائم بحق مستخدميها ومعتنقيها .
ليس المقصود هنا أن الإسلاميين عادوا مثلا عن تحريم ركوب السيارة والطائرة ، وعن استخدام التلغراف والتليفون ، واستعمال حنفية الماء ، والتعامل مع المطابع والصحافة ، ثم مع الإذاعة ، التلفزيون ، ووسائل التواصل الاجتماعي ، وكل ما يستجد في هذه المجالات وغيرها ..الخ . ما قصدته هو قيامهم ، ولأول مرة في التاريخ الإسلامي ، بتشكيل أحزاب دينية ، وحرصهم الحصول على تراخيص لنشاطها ، متسترين على حقيقة صارخة ، وهي أن كل خطوة خطوها ، ممهدة ولاحقة ، كانت ، وَبلسانهم ، تندرج تحت مسمى البدعة فَالضلالة والحرمانية . قيل ، وصدَّقَ البعض ، أن حزب الإخوان المسلمين ، مولود الأحزاب الدينية الأول - 1928- ، ولد كجماعة دعوية ، استهدفت تعليم وتعريف الناس بدينهم . كما قيل أن ولادته جاءت ردا على إعلان أتاتورك إلغاء الخلافة ، وَبهدف استعادتها . وفي ظني أن ذلك كان ظاهر الأمر .
ربما لا يتذكر كثيرون أن تدشين حقبة الأحزاب الدينية ، بولادة حزب الإخوان المسلمين ، زامنت نهوض حركة التنوير ، وأن دعوية الإخوان ؛ تعريف الناس بدينهم ، جاءت للرد على طروحات دعاة التنوير ، من نَهضويين وطنيين ، قَوميين عروبيين ، دِيموقراطيين ، ليبراليين ، اشتراكيين ، شيوعيين وحقوقيين ..الخ . وأن هدف استعادة الخلافة كان يخفي تحته حلم استعادة حالة استقرار غيبوبة القرون الثمانية السابقة . بكلمات أوضح : استهدف برنامج الإخوان ، تحت مسمى الدعوة ، والعودة للخلافة ، سد الأبواب ، النوافذ ، وحتى الشقوق ، التي يحتمل أن تعبر منها نسائم عصر النهضة إلى أي من المجتمعات العربية أو الإسلامية . ولذلك رأينا كيف لم يكن مجديا ذلك النقاش حول السؤال : وهل كان المصريون ، الشوام ، والعراقيون ، قبل الإخوان ، بلا دين ، لا يؤدون فروضهم ، كي يحتاجوا لمن يتفرغ لتعريفهم بدينهم ؟
طوفان المدنية :
وكان أن واجه الإخوان ، في بداية مسيرتهم ، واقعا صادما بوقائع بدت عسيرة الحل . تطور عاصف لمختلف الفنون ؛ سينما ، مسرح ، أوبرا ، رسم ، نحت ، موسيقى ، رقص ، غناء ..الخ ، يرافقه تصاعد متواصل لمختلف مظاهر المدنية في الشارع ، وفي المقدمة خروج المرأة للعمل ، وما تبع هذا الخروج من خلع لِلحجاب واختلاط بين الجنسين ؛ على مقاعد التعليم ، في أماكن العمل ، وفي الأماكن العامة والخاصة . وبدا واضحا عجز أدوات وأساليب الدعوة الإخوانية ، عن مواجهة هذا الطوفان . هكذا ، ومبكرا ، سعى الإخوان إلى التحالف مع الحكم ، في محاولة لاستنساخ تجربة صراع أهل النقل وأهل العقل في العصر العباسي الثاني . . وجاء قبول المؤسس والمرشد ، حسن البنا ، لعون شركة قناة السويس المالي ، وفي قول ، المساعدة البريطانية المباشرة ، ليشير إلى استعداد الإخوان للتحالف مع سلطان أجنبي ، يوظف قوته الباطشة في صد هذا الطوفان .
لكن ، وربما لسوء حظ الإخوان ، ومن سار على دربهم ، أو تفرع عنهم ، أن نظم الحكم الناشئة في الوطن العربي ، وفي البلدان الإسلامية ، جاءت حاملة لمفهوم الدولة الوطنية ، وقابلة لأفكار مدنية الدولة ، من واقع استنادها إلى مذاهب التدين الوسطي ، وما يوجبه من التسامح الديني . هكذا وبعد فترات قصيرة من الاستقلال بَدا لشيوخ النقل ، كما لقادة الإخوان ، أن المسؤولية عن انثيال مظاهر المدنية ، والتي جرى تصنيفها في خانات الفسق والفجور ،على شوارع البلدان حديثة الاستقلال ، تقع على عاتق تلك النظم من جهة ، وعلى عاتق مذاهب التدين الوسطي التي تأخذ بها نظم الحكم كما المؤسسات الدينية ، الرسمية وشبه الرسمية من جهة أخرى . الأمر الذي أفضى إلى أفكار التخلي عن محاولات التحالف مع هذه الأنظمة ، بعد وضعها تحت مصنف الطاغوت ، من جهة ، وإلى استبدال المذاهب الوسطية بِنقائضها المتشددة من جهة أخرى .
القبلة السعودية :
لكن ، وعلى الجانب الآخر وقفت العربية السعودية بتجربتها الفريدة ، لتكون قبلة أنظار الإخوان ثم تيارات الإسلام السياسي . فقد نجح نظامها ، والذي هو نتاج تحالف ، وتقاسم وظيفي ، بين الإخوان الوهابيين والعائلة المالكة ، بِنموذج تطبيقه المتشدد للشريعة ، نجح ، وعلى مدار عشرات السنين ، في الحيلولة دون وصول ولو قبس ضعيف للمدنية الحديثة إلى ربوع هذه المملكة . واكتسب هذا النجاح ، المصنف بحماية المملكة من الفسق والفجور ، جاذبية أكبر بعد تدفق الثروة البترولية الهائلة ، وحيث جرى تفسير هذا التدفق كهبة من السماء ، ودليل لا يقبل الجدل على رضى الله عن انتماء السعوديين للمذهب الوهابي المتشدد ورفضهم للمذاهب الوسطية ، وبديهي رضى الله عن التطبيق المتشدد لأحكام الشريعة ، واجتراح أنموذج التدين الشكلي . لكن لم يكن تطبيق الشريعة وحده هو ما جعل السعودية قبلة أنظار تيارات الإسلام السياسي ، بدءا بالإخوان المسلمين .
السعودية ، كما هو معروف ، قامت بالمساعدة البريطانية ، واستقرت بحمايتها . والنظام السعودي قام بالتطبيق المتشدد للشريعة ، أو بعبارة أخرى ، بسد أبواب ونوافذ البلاد في وجه أنوار الحضارة الحديثة ، في ظل ، وتحت رعاية هذه الحماية . وفي العام 1945 انتقلت السعودية من حضن الحماية البريطانية إلى حضن الحماية الأمريكية . ومن جديد ليس فقط لم تعترض الحماية الأمريكية على معاداة التطبيق السعودي لأحكام الشريعة لمبادئ الحضارة الإنسانية ، بالرغم من الزعم الأمريكي بحماية هذه المبادئ ، بل وشجعت السعودية على نشر مذهبها الوهابي ، وتطبيقه المتشدد لأحكام الشريعة ، ليس فقط في البلدان العربية ، بخلق تنظيمات الإسلام السلفي ، وإنما بين الجاليات الإسلامية في بلدان الغرب ذاتها ، وبما في ذلك تشجيع هذه الجاليات على حالة انفصامها عن مجتمعاتها الجديدة ، تحت زعم وقايتها من الفسق والفجور من جهة ، والحفاظ على هويتها الإسلامية من جهة أخرى . وعلى سبيل المثال ، لم يفت على انتباه الإخوان المسلمين أن الحامي الأمريكي ، وعلى مدار عقدين كاملين ، لم يلفت نظر تابعيه السعوديين إلى تطبيق قوانين تحريم العبودية ، حتى كانت إيماءة الرئيس جون كينيدي الخجولة للأمير فيصل بن عبد العزيز ، الذي استجاب لِلإيماءة ، بعد تتويجه ملكا مطلع سبعينات القرن الماضي . وخلال كل العقود التي تلت ، لم تعترض أمريكا على التصعيد الوهابي ، داحل المملكة وحولها ، لا في التحريض على قيم الحضارة ، ولا على حشو المناهج المدرسية بالكراهية للآخر . واستمر هذا الحال حتى 11 أيلول / سبتمبر / 2011 .
وقِبلة التحالفات :
و في ظني ، أنه فات على مثقفي التنوير الوقوف على قراءة الإخوان ، ثم تنظيمات الإسلام السياسي الخارجة من رَحْمه ، أو المنافسة له ، لطبيعة وجوهر معاهدات التحالف البريطانية السعودية بداية ، والأمريكية السعودية لاحقا . فات عليهم أن هذه التنظيمات رأت أن جوهر المعاهدة يتمثل في غض دول "منارات !"الحضارة الحديثة ، ودول حماة الديموقراطية ، الحريات وحقوق الإنسان ، النظر عن مناهج ، وسائل ،أساليب وأدوات تطبيق شيوخ الوهابية لأحكام الشريعة ، فَحماية البلاد من شر ما تحمله رياح المدنية من أشكال الفسق والفجور ، مقابل : 1- ضمان المملكة وشيوخها الوهابيين للمصالح البريطانية ، ثم الأمريكية في الخليج والمتمثلة باستغلال الثروة البترولية بالأساس ، ومعها ، فيما بعد ، توظيف النفوذ السعودي في منظمة أوبك لتعزيز السيطرة الأمريكية على هذه الثروة الاستراتيجية عالميا 2- توظيف الدين لخدمة الحلفاء ، زمن الحرب الباردة ، في محاربة الشيوعية وحليفاتها من حركات التحرر الوطني ،كما محاربة الأنظمة العربية والإسلامية المناهضة للنفوذ الأجنبي ، والساعية لتصفية تركة الاستعمار الثقيلة ، ولتعزيز وتثبيت الاستقلال الوطني ، وتحسين معيشة مواطنيها . كما فات عليهم أن بنود هذا المقابل تقع في خانة التوافه ، قياسا بالهدف الأسمى ؛ إعادة تثبيت حالة الإستقرار التي تهددها أنوار الحضارة .
الحاكمية لله :
هكذا ، قاد فشل الإخوان بداية ، وتنظيمات الإسلام السياسي لاحقا ، في صد طغيان مظاهر المدنية على الشارع المصري ، الشامي والعراقي ، ونجاح الإخوان الوهابيين ، في سد أبواب ، نوافذ ، كوى وشقوق المملكة السعودية ، في وجه مظاهر " الفسق والفجور " هذه ، إلى تصاعد هجر الوسطية من جهة ، وتبني الفكر الوهابي من جهة أخرى . تمثل ذلك في انتقال فكر الإخوان من الدعوية إلى إنشاء الجهاز السري من جهة ، وإلى تبني فكر سيد قطب ؛ جاهلية المسلمين الأشد من الجاهلية الأولى ، حكم الطاغوت ، فَرَفْع شعارات الجهاد ، الحاكمية لله ، تطبيق حكم الشرع ، والإسلام هو الحل ..الخ
لقد قيل الكثير في تفسير توجه تنظيمات الإسلام السياسي نحو هجر الفكر الوسطي ، رفض التسامح ، والاندفاع نحو التشدد ، وكذلك في دوافع سيد قطب لوصف المجتمعات العربية الحديثة بالجاهلية الأشد من الجاهلية الأولى ، وإطلاق شعار الحاكمية لله ، وتبني تنظيمات الإسلام السياسي لشعار الإسلام هو الحل . ومن بين ما قيل ، تصاعد الغطرسة الإسرائيلية ، وإذلالها المتواصل للكرامة وللمشاعر العربية والإسلامية ، وفشل الأنظمة الوطنية المتلاحق في المواجهة مع هذا العدو شديد الوقاحة . وفي ظني أن كل ما قيل ، أو أغلبه على الأقل ، غير صحيح ، أو عكس عجزا ، وربما رفضا ، لمواجهة الحقيقة . الحقيقة التي يعرفها عن يقين كل مشتغل بالفكر وَبالسياسة ، والقائلة بأن مواجهة الغطرسة الإسرائيلية ، وما تلحقه بالكرامة والمشاعر من إذلال ، مؤجلة إلى ما بعد استكمال توحيد " الأمة الإسلامية ! " باستعادة الخلافة ، وربما إلى ما بعد تحقيق شعار أستاذية العالم . ومرة أخرى ، يعرف كل مشتغل بالفكر والسياسة أن الأستاذية هذه تعني تحويل سكان العالم أجمع إلى الديانة الإسلامية . ويعرف أن الحضارة الإنسانية ، بكل مكوناتها ، هي ، في فكر تيارات الإسلام السياسي ، الحائل دون تحقيق هذه الأستاذية ، والذي تَتوجب إزالته . أي بصريح العبارة ، تأجيل المواجهة مع إسرائيل إلى ما بعد إطفاء كامل أنوار الحضارة الإنسانية ، وإعادة البشرية ، وليس العرب أو المسلمين فقط ، إلى ما كان عليه أهل الحجاز قبل 1400 سنة .
وقبل ذلك وبعده ، يعرف كل مقترب من القضية الفلسطينية ، وعن يقين ، مسيرة تحالفات الإخوان المسلمين بدءا ، والأحزاب والتنظيمات المستجدة لاحقا ، مع الأنظمة التي لعبت أدوارا نشطة وفاعلة في النكبة الفلسطينية . ويعرف أن جهد هذه الأحزاب والتنظيمات في التحالف ، تركز على :1- تخريب التعليم لكونه مصدر مشاعل التنوير من جهة ، ولأنه مفتاح المواجهة الناجحة مع العدو من جهة أخرى . 2- تفريغ الدساتير من أي محتوى تقدمي من خلال : ا- التركيز على أن الإسلام دين الدولة ، ب - وأن الدين مصدر التشريع . 3- إعاقة البناء والتطوير المؤسسي للدولة الحديثة ، وما لاقت من هوى الأنظمة عالكة الديموقراطية والحريات وَالجانحة للاستبداد بأشكاله المختلفة .
والآن ، هل يغيب عن ذهن مبتدئ في السياسة ، أن تلك الجهود ، وفرت لإسرائيل كل فرص التمكين ، بدءا من الإفلات من جريمة تطهيرها العرقي للأرض الفلسطينية ، مرورا بتثبيت احتلالها ، وتعبئة فراغ الأرض بالتطهير ، فالتحول ليس فقط إلى دولة من دول العالم الأول وإنما إلى دولة نووية ، تغرس وتمدد جذورها عميقا في تربة فلسطين ، وبما يضاعف مرات ومرات مصاعب النضال الوطني الفلسطيني ، وبما يقلل من احتمالات تحقيق أية مكاسب لهذا النضال ؟
وخلاصة ، أو خاتمة :
والآن ، أعود للتذكير بأن ما دعاني إلى العودة لطرح موضوع ملف الحوار ، هو رؤيتي بأن حروب الدفاع الأخيرة لتيارات الإسلام السياسي ، تقترب حثيثا من نهايتها المحتومة ، وهي الفشل التام في تحقيق هدف حجب أضواء الحضارة الإنسانية عن أوطاننا العربية . كيف ؟ ولماذا ؟
منذ ذلك الوقت تتابعت خسارات حروب الدفاع تلك . سقط حكم الإخوان في تونس ومصر ، قامت ثم دالت دولة داعش وخلافة أبي بكر البغدادي . عاد العراق للبناء ولحل مشاكله المزمنة . سقط حكم الإخوان في السودان . انحسر حكم جبهات التأسلم في سوريا وليبيا . في الأولى انحشرت في إدلب ، وفي الثانية حول طرابلس وَمصراتا ، وفي الاثنتين يسرع الخطى نحو النهاية . وفي اليمن لا تحقق حرب السعودية وحلفائها نتائج تذكر ، والقائمة طويلة .
وقبل هذه الحروب وأثناءها ، خبرت شعوب عربية وإسلامية ؛ إندونيسيا ، باكستان ، إيران ، أفغانستان ، السودان ، خلافة داعش ، تونس ، ثم مصر ..الخ ، خبرت تطبيق شعارات ؛ الحاكمية لله ، حكم الشرع ، والإسلام هو الحل . وكان أن هذه الشعارات لم توفر لها غير نظم ديكتاتورية مستبدة ، أدخلت شعوبها في أزمات متلاحقة ، وتراجع مضطرد في مستويات الحياة ..الخ . كما خبرت حقيقة أن البلدان التي نجحت في الخروج من حالة التخلف ، والانتقال إلى نادي الدول المتقدمة ؛ سنغافورة ، ماليزيا ، تركيا ، الإمارات العربية ..الخ ، فعلت ذلك لأنها اعتمدت شعار : العلم هو الحل ، بديلا للإسلام هو الحل . ورأينا كيف أدت خطوات تراجع تركيا عن العلم هو الحل نحو الإسلام هو الحل ، إلى انحدار يهدد نظام حزب الحرية والعدالة بالسقوط في الهاوية .
وفي موضوع ملف الحوار ، كنت قد أشرت إلى موضوعة التحالف ، والذي يشكل التحالف الأمريكي السعودي أُنموذجه . قلت حينها ما معناه ، أن أمريكا ، وحليفاتها الغربية وهي تنشئ ، تنظم ، تسلح وتدرب ، وتوفر كامل الدعم لمنظمات الإسلام السياسي ، فإنها تفعل ذلك لاستخدام هذه المنظمات في حماية وتثبيت مصالح هذه الدول . لكن لن تسمح لها بتهديد حضارتها ، كما أشارت أحداث 11 أيلول / سبتمبر ، وأفعال الإرهاب الأخرى في عديد من الدول الأوروبية . وَآنذاك تركت للقارئ تذكر إسقاط أمريكا وحلفائها لنظام طالبان ، النظام الذي كانت أمريكا قد أقامته . واكتفيت بالقول أن أمريكا وحليفاتها في الناتو ستجد نفسها مضطرة لمواجهة خطر هذه التنظيمات على الحضارة الإنسانية ، وقد كان .
أخيرا ، استوقفتني خطوات السعودية في توسيع الشقوق والكوى لعبور أنوار الحضارة إلى أرض المملكة . استوقفني المعنى لا المبنى ، المحتوى لا الشكل ، لخروج شيوخها على الفضائيات ، وَاعتذاراتهم المتتابعة عن فتاويهم ومنهجهم المتشدد ، والإعلان عن العودة للمنهج الوسطي . استوقفني المعنى ، المحتوى ، الجوهر ، بسبب دور فكر السعودية الوهابي المتشدد ،ودور مالها النفطي المحوري في الجرائم التي ارتكبتها حروب تنظيمات الإسلام السياسي الدفاعية . إعلانات واعتذارات شيوخ السعودية لا تعني غير الإقرار بحقيقة فشل أهداف تطبيق حكم الشرع في السعودية وغيرها ، في مواصلة منع وصول أنوار الحضارة إلى أرضها ، وإطفاء هذه الأنوار في البلدان التي وصلت إليها . كما تعني الإقرار بحقيقة فشل حروب الدفاع هذه ، وطي صفحتها قريبا ، والبدء في تطبيق مناهج فتح الأبواب والنوافذ كلها لاستقبال أنوار الحضارة .
سيقول أكثر من قارئ أن هذا مجرد تفاؤل ، تعارضه وقائع تمسك الشعوب ، كما في فلسطين ، بأهداب التدين الشكلي . وأقول أن الحال على السطح يبدو كذلك . وأن مظاهر التدين هذه ربما سَتتزايد . لكن إمعان النظر في حالة النفاق التي تلف كل هذه المظاهر ، يرينا أن خطوات انزياح كل هذه المظاهر باتت واضحة ، وأنها آتية لا ريب فيها .
بديهي أن لا يحدث ذلك بدون مقاومة ، والتي قد تكون شرسة في بعض مناحيها . لكن لنتذكر : 1- أن السلطان لن يبقى حليفا لقوى العتمة ، كما يبدو من حال السعودية وحليفاتها الخليجيات . 2- أن عصر التنوير الذي أصاب أهل النقل بالذعر والهلع ، اعتمد على جهد وفكر حفنة غير منظمة وغير متماسكة من قوى التنوير آنذاك . و أن قوى التنوير الآن تضم ليس المئات والآلاف من المفكرين والمثقفين الذين عَركتهم تجارب المواجهة مع أساطين دعاة وشيوخ النقل وإنما أكثر من ذلك . و3- أن منابر هؤلاء المفكرين والمثقفين ، وإن كانت ما زالت أقل من مثيلتها لقوى النقل ، فهي تتسع باستمرار ، وتتصاعد فعالياتها بثبات . و4- أن جبهة المساندة ، محليا ودوليا ، لقوى التنوير هذه واسعة وشديدة الفاعلية .
أخيرا : نحن على وشك الدخول في مرحلة جديدة . مرحلة إخلاء الفكر الديني المتشدد للساحة . إخلاء سيخلق فراغا ، يُوجب على المفكرين والمثقفين الاستعداد فَالنهوض لتعبئته . مرحلة تتطلب توحيدا أفضل لجهود هؤلاء المفكرين والمثقفين . مرحلة دعتني لرفع الشعار المستلهم من التجربة الإنسانية ، والذي تصدر هذا المقال : يا مثقفي التنوير اتحدوا . لا ولن نعيد صنع العجلة . الطريق واضح : التعليم . ثم التعليم ، ثم التعليم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام وتبعاته
على سالم ( 2019 / 6 / 13 - 15:48 )
استاذ عبد المجيد يجب ان نعترف جميعا بكارثه الاسلام التى حدثت منذ اكثر من الف وربعمائه عام كالحه , انا اشبهه مثل الطاعون الذى يجتاح امه من الامم ويترك بصماته من امراض مجتمعيه وتخلف وغباء وفشل وعنصريه الى اخره , انا حقيقه الوم الطبقه المثقفه فى العالم الاسلامى وذلك لسلبيتهم وتواطئهم مع الطغمه الفاسده الحاكمه والتى تستعبد القطيع بأسم المقدس البدوى


2 - فليكن شعارنا لا امام سوى العقل-شعار ابو العلاء الم
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2019 / 6 / 13 - 19:37 )
ابو العلاء المعري الذي حمله قبل نيف و 1060سنه-هذا المدخل اساسي وجوهري لخروج شعوبنا من دور القطيع المطيع للحاكم وادواته رجال الدينوالسير على طريق التنميه-الطريق البديل عن الاستقرار في الفقر والجهل والمرض-اذن الى الامام من اجل العمل العلم الثقافة بديلا عن البهيمية الدينية -تحياتي استاذ عبد المجيد ولنكون عن جداره مثقفي التنوير


3 - العلم هو الحل
نور الحرية ( 2019 / 6 / 13 - 21:01 )
لا شك في أن الغرب الامبريالي له المصلحة الكبرى في بقاء شعوب العالم الثالث تحت سيطرته ومن بينها عالمنا العربي الذي تزخر أراضيه بشتى الثروات الطبيعية ولكن المشكل ان عقول أبنائه متصحرة وهذا راجع كما ذكرته أستاذ تسلط الفكرالديني عليه .ولكن لدي اعتراض ولو بدى انه مناقضا لما طرحته أولا وهو أن الاستعمار القديم وأعني به استعمار القرن التاسع عشر والعشرين
ورغم كل ما قيل عنه يبقى أنه هو من أدخل علينا الحضارة ببنائه المدارس والمستشفيات وشقه للطرق .....الخ من مظاهر الحضارة الحالية


4 - رد من الكاتب
عبد المجيد حمدان ( 2019 / 6 / 14 - 21:45 )
تحياتي أخي علي سالم . في العام 2006 صدر لي الجزء الأول من كتاب : قراءة سياسية في العهدين المحمدي والراشدي . فيه أشرت إلى أن كل أحكام الشريعة ما هي إلا تعديلات ، بسيطة أو كبيرة ، لعادات ، تقاليد وأعراف حجازية . وطرحت تحديا لاثبات عكس ذلك . وتساءلت : هل معقول أن يختار الله عادات ، تقاليد ، وأعراف أهل بقعة ها زالت تعبد الأصنام ليفرضها على أمم تسبقها في هذا الشأن وغيره بمراحل كثيرة ؟ لكن لم يعد مهما هذا الآن . نحن يا عزيزي سنواجه قريبا ، بعد بضع سنوات ، عشر أو حتى عشرين سنة ، انحسارا كبيرا لما نعيشه الآن من تدين شكلي ملفوف بسوليفان نفاق اجتماعي واسع . سيحدث فراغ . والسؤال من وكيف ستتم تعبئة هذا الفراغ ؟ عدم التحضير لهذه المرحلة التي ريب قادمة يحمل أخطارا مجتمعية . ستكون هناك انزياحة من التشدد الديني والحرام والحلال إلى نوع من الانفلات الأخلاقي . تذكر أن هذا حدث في أوروبا بعد الثورة الصناعية في بريطانيا والثورة البرجوازية في فرنسا وانكماش دور الكنيسة . هنا يأتي دور
المثقفين التنويرين الذين عليهم أن يبذلوا جهودا كبيررة في الضغط على حكوماتهم
لتوفيرتعليم حقيقي. التعليم ثم التعليم


5 - رد من الكاتب
عبد المجيد حمدان ( 2019 / 6 / 14 - 21:48 )
تحياتي يا دكتور صادق شكرا على إضاءتك .


6 - رد من الكاتب
عبد المجيد حمدان ( 2019 / 6 / 14 - 22:13 )
تحياتي صديقي نور الحرية . صدقت وأتفق معك تماما فيما أشرت إليه من أن الاستعمار الإنجليزي في مصر ، فلسطين ، الأردن ، العراق ، السودان ، جنوب اليمن ،هو من خط النظم التعليمية ، وضع المناهج ، النظم الإدارية ..الخ في هذه البلدان . ومثلها فعلت فرنسا في مستعمراتها . لكن ليس هذا ما حدث في السعودية لأنها لم تكن مستعمرة .المدهش أن الدول العربية تحافظ على برامج الدول الاستعمارية في التعليم وإن فكرت في تطويره تفعل ذلك للأسوأ والمطلوب تعليم حقيقي






7 - الفجوة الحضارية
سعيد ( 2019 / 6 / 24 - 18:55 )
يعطيك الف الف عافية على هذا المقال الغني بالتحليل واستعراض الحقب الزمنية التي مرت بها المجتمعات الاسلامية، والاجمل في الموضوع هو تفاؤلك الدائم ، الذي احسدك عليه ومثابرتك الحثيثة في دق جدران الخزان ، والذي نفتقر اليه معظمنا ، والذي يبدو انه انعكس علينا بان اصبحنا متشائمين ولا مبالين ، لدرجة اننا اصبحنا نخذل بعضنا البعض في معركة النهوض وتصويب مجتمعاتنا ما استطعنا اليه سبيلا، وقد تكون انت احد الذين نقوم بخذلانهم ، حيث المؤازرة والتفاعل مع مقترحاتك وافكارك لا ترتقي الى الحد الادنى،وهذا برايئ خطا جسيم ، والذي تقوم انت به هو عين الصواب .
وعودة الى المقال اتفق معك كاملا بان ما يجري على الارض في الحقيقة هي معارك دفاع ، لا معارك هجوم، واتفق مغ استعراضك للاحداث التي مرت بها المجتمعات الاسلاميةسابقا وحديثا ، وشئ جيد ان يتراجع بعض المتطرفين في حدة نبرتهم واقوالهم، الا انني ارى من وجهة نظري ان التخلف الي تعاني منه مجتمعاتنا الاسلامية ، نابع من الفجوة الحضارية بيننا وبين المجتمعات المتحضرة / هذه الفجوة هي التي تجعلنا نستحضر الماضي ونتوق اليه ونهرب نحوه لتبرير وجودنا والاستكانة لمفاهيم ترضينا باننا و


8 - -تكملة ما سبق--الفجوة الحضارية
سعيد ( 2019 / 6 / 24 - 18:57 )
واخبرا ماذا تتوقع من قوم مرتاحين امنين في وجودهم في امكنة مظلمة قاتمة ، هل سيسمحون لاحد بان ينير المكان لتبان عوراتهم وسوءاتهم... من المؤكد انهم لن يسمحون وسيعملون كل جهدهم لمحاربته ، سيهربون نحو الظلام اكثر واكثر ، سيهربون نحو الماضي وسيغوصون في التبريروتفسير المعاني والكلمات، وبالطبع كما هو معروف ومالوف دون التطرق للجوهر والمنطق ، وبعيدا عن العلم.


9 - رد من الكاتب
عبد المجيد حمدان ( 2019 / 6 / 28 - 11:40 )
تحياتي صديقي سعيد ، أو سما بلستينا . لعلك تذكر أن ما وصف بالهجمة الجديدة ، والتي اسمت نفسها بالصحوة الإسلامية بدأت مع انتصار حكم الملالي في إيران ، ثم في حروب تنظيمات الإسلام السياسي في أفغانستان ، وازدادت شراسة بعد زلزال تفكك الاتحاد السوفيتي وهزيمة حركة التحرر العالمي . وقتها كان الموج عاليا ، وكنت أقول أن بداية تحقق النصر لفكر ومثقفي التنوير يبدأ بحفظ النفس من الانجراف مع هذا التيار العاتي . آنذاك أيضا كنت أشير للتبدل الذي حدث للجاليات العربية في بلدان الغرب . قبلها وفي القرن الماضي اندمج هؤلاء المهاجرون في مجتمعاتهم الجديدة وبرز منهم طلائعيون في كل المحالات ، وقدموا قادة سياسيين ، وحتى رؤساء جمهوريات كما في الأرجنتين وغيرها . أذكر أن أبناء قريتي في ألمانيا لم يعرفوا العقد التي تضرب ابناءهم الآن . ربطت في تحليلي بين انكسار حركة التحرر العالمي ، بين تراجع قوة الفكر التقدمي وبين سعار المال النفطي وفكر النقل المختلف ، واستغلال المنتصرين ؛ أمريكا والرأسمال العالمي ، لفكر النقل وقوة البترودولار . أرى أن كل ذلك في انحسار الآن . وأرى أن فكر التنوير يستعيد قوته وألقه المبهر . هنا تفاؤلي .

اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran