الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سارتر و الوجودية

سلام المصطفى

2019 / 6 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن " الوجود و الزمان " الذي ألفه مارتن هايدغر سنة 1927 ، و " الوجود و العدم " الذي أخرجه جان بول سارتر في سنة 1943 عنوانان لكتابين أساسيين تتجلى فيهما بوضوح الفلسفة الوجودية التي طالما اهتز لها العالم .
و يجب الملاحظة أن الموضوع الحقيقي لهذين الكتابين ليس الوجود بمعناه في ذاته ، و إنما هو الإنسان في وجوده الحسي بمعنى الكلمة ، بكل مشروعاته و هموم المشروعات ، و في حياته الفكرية أيضا ، تلك الحياة التي إذا ما انتهى تلهيه بمشاغلها اليومية ، احس بالقلق الشديد حيال هذا العدم الذي يساوره من كل جانب ، فلا يدري لماذا و كيف خرج من العدم ، كما يرى أن وجوده إنما صنع من أجل الموت الذي سيقذف به الى العدم مرة أخرى .
ماهي الوجودية ؟ ببساطة هي تلك الفلسفة التي جعلت من الإنسان موضوعا لها ، ليس فقط موضوع التفكير و إنما الفعل و الشعور الإنسان كفرد حي ، طرح سارتر  افتراضا محوريا في الوجودية وهو أن الوجود يسبق الجوهر ، وهو ما يعني أن الاعتبار الأكثر أهمية للأفراد هو كونهم أفرادا بدلا من أي وصم أو دور أو قالب نمطي أو تعريف أو أي تصنيف مسبق يمكن وضعهم فيه و ذلك بقوله " ..يوجد الإنسان في البداية ، يواجه ذاته ، ينطلق في العالم ، ثم يعرف نفسه بعد ذلك "
يفرق سارتر بين نوعين أساسيين من "الوجود" هما " الوجود من حيث هو " وهو عالم الاشياء التي ليس لديها وعي و المحبوسة في خصائصها الأساسية ، و " الوجود للنفس " الذي لديه وعي و يستطيع إقامة علاقة مستقلة بالواقع ، و بتعبير مبسط " الوجود للنفس " هو الإنسان و " الوجود من حيث هو " هو العالم المحيط به .
يرى سارتر أن البشر يتامى في هذا الكون ليس لنا سند نستند إليه في اتخاد الأخلاق أو تعيين الأهداف ، نحن سدى قد حكم علينا بالحرية هي حكم علينا وهي ليست ميزة لنا ، و لذلك لأننا أحرار ، نحن في قلق ، نحن في حيرة ، كيف أختار ؟ كيف أخطط حياتي ؟ كيف أنجز مشروع حياتي ؟ و هنا يلتفت سارتر الى مايقوله دستويفسكي : " اذ لم يكن الله موجودا فكل شيء يجوز أي أن الإنسان عندئذ يصبح مجرما يرتكب ما يشاء من جرائم كما تمليها عليه شهواته " و يرد سارتر فيقول " لا ، إنما الإنسان حر لأنه مسوؤل و هذه الشهوات لا تقود الإنسان إنما الإنسان هو الذي يقودها وهو مسوؤل عن التصرف بها .
إن الوجود مشروع من أجل تحديد الماهية ، فالإنسان يحاول دائما أن يحقق ذاته عن طريق تحقيق إمكانياته ، فالوجود حرية بمعنى أن الإنسان باستمرار يعيش في موقف وجودي وهو يحدد موقفه بالاختيار الحر و ما يصحب ذلك من قلق لأنه يختار إمكانية واحدة من الامكانيات و يتحمل مسؤولية ذلك الاختيار ، ومن ثم يشعر بالخوف و القلق ، و يعتقد سارتر أن الإنسان باستمرار يوجد بينه و بين ذاته مسافة لا يصل إليها أبدا حتى يصل إلى الموت التي هو قضاء على كل الامكانيات .
فالعدم داخل في نسيج الوجود ، و الوجود الإنساني مهدد بالسقوط في العدم في كل لحظة و في هذا المعنى يقول الفيلسوف ميرلو بونتي " إننا مثل برتقالات خضراء الزمن ينضجها للقطاف و كذلك الزمن ينضجنا للموت " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة