الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبروك يا حسن

محمد سعيد عمران

2019 / 6 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


- مبروك يا "حسن" .. إنت نجحت فى الثانوية العامة .
فأجاب مندهشا مبتهجا - نجحت !!! .. معقول يا "شيخ" ؟!! ، أنا نجحت ؟!!! ، أنا نجحت ؟!! .
- أماااال .. وطلعت الأول كمان ، مش ع المدرسة ولا ع المحافظة ، لا ، ده أنت "الأول على الجمهورية كلها" .
- طب أتأكد إزاى ؟ ، أروح فين ؟ ..
- لا .. إنت لا تروح ولا تيجى ولا تبحث ولا تتعب ، إنت "تؤمن بالغيب" كده .
فتردد لحظة - أصل بس يعنى ...
ثم أدرك أن تردده ضد مصالحه ، فحزم أمره قائلا - (إنت) متأكد يا شيخ ؟!!!
- عندك "شك" ولا إيه ؟!! .. إنت مش عارف إن "الشك من مداخل الشيطان" اللى مش عايزك تفرح بالنجاح .. (أنا) شفت النتيجة ، و(أنا) بقولك نجحت .. ياللا بقى وزع شربات وقول لحبايبك واصحابك وكل الناس .
فرقص "حسن" فرحا ، وأخذ يخبر كل الناس حوله أنه نجح وأنه "الأول ع الجمهورية" ، وتناقل الخبر بسرعة من الحارة للشارع للمدينة للصحافة والتليفزيون الى أرسلت الصحفيين والمراسلين لإجراء لقاءآت معه .. وباتت الخطوة القادمة أن يدخل "الجامعة" .... لكنه فوجئ بأنه مرفوض من كليات القمة ، وكذلك حتى من كليات السفح .. لماذا ؟!! ، الحمقى يقولون أنه لابد من "إثبات" لهذا النجاح والمجموع الكبير الذى يدعيه .. كيف ذلك ؟ ، ألم تشاهدوا عدد الناس التى "شهدت" بالنجاح وقالت "مبروك يا حسن" ، هى الناس دى كلها لو مش متأكدين كان حد منهم بارك لى ، والصحافة والتليفزيون والبرامج ، كل ده عميت عيونكم عن إدراكه ، وأولا وأخيرا بطلبكم "إثبات" أنتم "تشككون" فى "مصداقية الشيخ" الذى أتانى بالنتيجة وأخبرنى بالأمر ، أتكذبوه ؟!! ، "ويل للمكذبين ، ويل للمكذبين" ، والله لأدخلن تلك الجامعة حتى ولو على رقابكم ، وسأعد لكم ما أستطعت من قوة وسيوف وسلاح ، وستدفعون أنتم ثمن "تأخرى وتخلفى الذى تسببتم فيه" ، وسأجبر بقية الطلبة ليعطونى كشاكيل المحاضرات التى فاتنى حضورها عن يد وهم صاغرون .....
فلما مر العام تلو العام تلو العام ، وواقع الأمر أنه لم يدخل الجامعة ، ظل يصرخ ويهتف ويهاجم ، ويقطع الطريق على بقية الطلبة حال مرورهم ، ويصف المحاضرين وإدارة الجامعة بأنهم "أئمة الكفر" ، ويصف أمن الجامعة بأنهم "عسكر" يحمون الطغاة ، ويحرضهم ويحرض الأغبياء من الطلبة على التمرد ، ويكره إليهم دراستهم ومكانهم وحياتهم ، ويبث فيهم الإحباط والفرقة ليل نهار بأن نجاحهم لا معنى له طالما كان بمؤسسة لا تعترف بنجاحه هو ، وأبدع فى عرض قضيته ك"مظلومية" على كل عابر وزائر ... فلما إشتدت "الفوضى" ، أشار عليه أحدهم ب-حل خبيث للمشكلة- ..
- "لماذا تصر على دخول تلك الجامعة بالتحديد ؟.."
- كل الجامعات ترفضنى وليس هذه فقط .. كل الجامعات تطلب "إثبات" لنجاحى وحصولى على هذا المجموع ، كلهم "كفرة" يكذبون "الرسول" الذى أتانى بخبر النجاح وأننى "الأول على الجميع" .. لا يعترفون بكل الناس الذين هنأونى وإحتفوا بى ، حتى أن بعضهم لا زال حتى اليوم يحمل إلى هدايا النجاح ويقولون "مبروك" ك" شهادة" واضحة منهم تثبت قطعيا نجاحى ..
- ولماذا تصر على دخول جامعتهم .. "إنشئ لنفسك جامعة ، وكن أنت كبيرها وإمامها" ، وضع بنفسك مناهجها وعلومها من واقع تجربتك ، ألف كتابا ، بل عشرات الكتب فى "وصف الشيخ وقصة رسالته" ، وكتب أخرى فى "رصد حياة الصالحين" الذين آتوك بالهدايا ، والذين "آمنوا غيبا" بنجاحك وأنك الأول وشهدوا بكلمة "مبروك يا حسن" .. كذلك ألف كتبا فى "لعن من رفضوك" وتجرأوا بطلب إثبات تفوقك ، وتتبع سيرهم وكيف ماتوا عميا محروقين أو منتحرين جزاء تجرأهم على "نقاش قضيتك" .. بل وألف كتبا أخرى فى "كيف كانت آخرتهم وعذاب قبورهم" وكيف هم خالدين فى السعير ... ولا تدقق فى أمر "تنسيق أو مجموع" للملتحقين بجامعتك .. تخيل بعدها كم عدد من سيتبنون قضيتك لتصبح قضيتهم هم ، وكم عدد من سيجندون أنفسهم طوعا او غيبا او قهرا للدفاع عنك و"عن المناهج برمتها بشخوصها بأفكارها بأحداثها" ، والفتك بكل من تسول له نفسه المساس -مجرد المساس- بها أو بك ... وقتها وأمام هذا الكم من القضايا التى ستتسبب فى إثارتها ، ستتقلص قضية "إثبات نجاحك" حتى لتكاد تختفى ، ولن يطالبك بها حتى "المكذبين الرافضين" لك ، لأنك ستستنزف جهودهم فى مناقشة وتفنيد ملايين القضايا الفرعية التى خرجت من بوتقة مناهجك وكتبك وحكاياتك ، والمعتقدات التى تبعتها والتصرفات ، بل والقوانين والدساتير التى ستكتب خصيصا للتواءم والتصالح معك ومع قضيتك ، والتى تضمن عدم المساس بك ولا بمريديك -تلميحا أو تصريحا- من الآن وإلى قيام الساعة ...،،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وقفة
عادل يوسف ( 2019 / 6 / 15 - 12:55 )

فى كل عصور التاريخ منذ القدم والى يومنا هذا اتفقت كل الملل والنحل والشعوب والأمم وحتى القبائل البدائية فى الأحراش على وجود خالق للحياة راع لها يدبر شئونها .. وبصرف النظر عن اسم هذا الخالق وصفاته ... هم جميعا يجمعون على وجوده وأنهم يستشعرون هذا الوجود بكل جوارحهم

ماذا نصنع أمام تلك التجربة الانسانية الضخمة المتكررة الممتدة المستمرة عبر الأزمان؟

هل نلقى بها عرض الحائط لمجرد ان شيخا ما ضحك على حسن وخدعه ؟

اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ