الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب من طرف واحد

بيتر ابيلارد

2006 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأسبوع الماضي قامت الجزيرة نت بإجراء تصويت بين المشاركين حول ما قاله بن لادن في رسالته الأخيرة، وكان السؤال المطروح هل تظن أنه بالفعل هناك حرب صليبية ضد العالم الإسلامي.
بالرغم من أن السؤال ليس بقديم فهو بقدم نظرية المؤامرة نفسها. وأي دارس للفكر الإسلامي يجد أن نظرية المؤامرة تشكل عنصرا هاما في هذا الفكر. ففي البداية تأمر اليهود،المسيحيون، الرومان، واليونان، وربما باقي العالم على إخفاء النبوات بمحمد من الكتاب المقدس. ثم طبعا هناك مؤامرة أخرى قام بها المسيحيون لتغيير المسيحية إلخ إلخ.
ثم تأتي المؤامرة من سكان المدينة بقيادة عبد الله بن سلول. بعدها المؤامرة على علي وأصحابه، ثم المؤامرة الفرس والروم، ثم المؤامرة على الخلافة الإسلامية وتقسيمها لدويلات صغيرة. بعدها تأتي مؤامرة العالم كله من خلال الحروب الصليبية. ثم المؤامرة على الخلافة الإسلامية. بعد ذلك ظهرت إسرائيل في الوجود وضمن الفكر الإسلامي متأمرا للأبد فكل ما يحدث من عام 48 هو مؤامرة صهيونية.
كل هذه الأمور قديمة وممجوجة من كثرة التكرار.
الغريب في هذا الاستفتاء هو نتيجتة فقد كان إجمالي المصوتين 56868 شخصا، 47075 منهم قالوا نعم لفكرة وجود حرب صليبية ضد الإسلام. هذا العدد يمثل حوالي 82 من المصوتين.
المخيف والمرعب لي في كل هذا الموضوع هو وجود 47 ألف مسلم يعتقدون أنهم في حالة حرب ضد المسيحيين أو يعتقدون أن المسيحيين في حالة حرب ضدهم الأمران سواء.
ولو كانت هذه العينة تمثل الرأي العام في العالم الإسلامي، فهذا يعني أن 82 من المسلمين يعتقدون أنهم في حالة حرب.
هذا يضع الكثير من النقاط على الحروف بالنسبة لي. أعتقد أن الصورة تتضح أكثر إذا وضعنا هذه النتيجة نص أعيننا عندما نفكر في ردود فعل المسلمين الغريبة في العالم في السنوات القليلة الماضية. فمثلا ما علاقة قتل مائتين مسيحي في نيجيريا بالحرب في أفغانستان، أو ما علاقة حرق آلاف الكنائس في أندونيسيا وسيرلانكا كرد فعل للحرب في أفغانستان أو العراق. أو لماذا يهاجم المسلمون كنيسة في لبنان ويقومون بحرقها. أو لماذا يهتف "مختل عقليا" وهو يهاجم كنيسة في مصر صارخا "إلا رسول الله".
ففي عقلية المسلم في العصر الحديث هو فعلا في حالة حرب – وإن كانت في فكرة فقط – وهذه الحرب تضم العالم كله ضده.
ومثل هذا الموقف العاطفي لا يحتمل النقاش المنطقي من الأساس. فلا معنى لمناقشة موقف الدول الغربية من المسيحية أو أن هذه الدول تعمل على مصالحها وليس من إتجاه ديني، أو حتى التدليل على العداء غير العادي في بعض هذه الدول للمسيحية مثل كندا التي منعت محاكمها إقتباس آيات الكتاب المقدس التي تدين الشذوذ الجنسي. أو حتى أمريكا التي تمنع فيها الصلاة في المدارس للمسيحيين ويسمح بها للمسلمين. أو حتى دول مثل السويد أستراليا التي تصل الأمور بها لسجن قسوس أو تغريمهم في حالة إصرارهم على موقف ديني سواء من الإجهاض أو الشذوذ أو الديانات الآخرى.
وفي نفس الوقت نجد نفس هذه الدول تسارع لإرضاء المسلمين سواء على أرضها أو في الخارج حتى وصل الأمر لمناقشة تطبيق الشريعة الإسلامية في كندا.
طبعا كل هذه الأمور لا تعني في للمسلم سوى إنها دليل واذح على الحرب الصليبية والعداء للإسلام، وكل ما تفعله هذه الدول هو خديعة للمسلمين ليس إلا.
الأمر الوحيد الذي لا يعيه المسلمون هو أنهم بالفعل في حالة حرب ولكن ليست ضد غير المسلمين بل هم في حالة حرب مع أنظمتهم أو مع مسلمين من طائفة أخرى أو حتى بين بعضهم البعض.
ولن نذهب بعيدا لندرك أن معظم من ماتوا في العراق قتلهم إخوانهم المسلمون، ونفس الأمر في أفغانستان. ولا يجب أن ننسى السودان، الجزائر، مصر، اليمن، السعودية، ... وتطول القائمة.
الرد الجاهز للمسلم في هذه الحالة – أو أي شخص مصاب بعقدة الإضطهاد – هو أن هذه الأنظمة عميلة ...
ولكن هل أيضا ما يحدث بين التيارات الإسلامية المختلفة نتيجة لعمالة بعض هذه التيارات؟
فقد أختلفت كل هذه التيارات بعضها مع البعض الأخر سواء بالكلمة أو بالسلاح، ولم يتوان بعضهم عن قتل البعض في أكثر من موقف.
أتمنى أن يأتي اليوم الذي يدرك فيه المسلمون عدوهم الحقيقي قبل أن يسحبوا العالم كله معهم إلى هاوية لا قرار لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب