الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقا مات يسوع علي الصليب؟

ادم عيد
(Adam Eid)

2019 / 6 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في البدء أعلن بيلاطيس مراراً قناعته التامة ببراءة يسوع مما يتهمونه به اليهود من التحريض السياسي ضد روما لقد قال بيلاطس لليهود وفق رواية مرقس بعد أن انتهى من استجواب يسوع: "أي شرٍّ عمل؟" (مرقس 15: 14). وقال لهم وفق رواية لوقا: "لم أجد في هذا الإنسان علّة مما تشتكون به عليه. ولا هيرودوس أيضاً." (لوقا 23: 13). وقال في إنجيل يوحنا: "لم أجد سبباً لتجريمه." (يوحنا 18: 38). وأخيراً: "أخذ ماءً وغسل به يديه قدام الجميع قائلاً: إني بريء من دم هذا البار." (متى 27: 24). فلماذا لم يحكم ببراءته بدلاً من أن يغسل يديه من دمه، لاسيما وأن سلطة الهيكل لم تفلح في تقديم بيّنةٍ واحدة على شكاويها المزعومة؟

ولدينا جملة قالها بيلاطس في إنجيل لوقا بعد أن أعلن قناعته ببراءة يسوع وهي: "أنا أؤدبه وأطلقه." (لوقا 23: 16) فلماذا لم يحكم عليه بالجلد ويطلقه مثلما فعل أحد خلفائه على كرسي الولاية في حادثة مشابهة؟ وملخص هذه الحادثة التي يرويها لنا المؤرخ يوسيفوس، هو أنه في عام 63 للميلاد وفي عهد الوالي الروماني ألبينوس، ظهر في أورشليم يسوع آخر يُدعى يسوع بن حنانيا، راح في عيد المظال يُقلّد النبي إرميا في تنبؤه على أورشليم بالخراب ويرفع صوته في الهيكل قائلاً: الويل لأورشليم والويل لهذا الهيكل. ولما أحست السلطة الدينية بالقلق من هذا الداعية الذي يسلك مثل نبي، قبضت عليه واستجوبته وأشبعته ضرباً ثم أطلقته، ولكنه عاد سيرته الأولى. عند ذلك قررت أن ترفع عن نفسها مسؤولية أي شغب يمكن أن ينتج في العيد جراء سلوك هذا الرجل، وأحالت القضية إلى الوالي ألبينوس. وعندما استجوبه الوالي بقي صامتاً أمامه ولم يجبه بشيء عن أسئلته، تماماً مثلما فعل يسوع المسيح قبل ذلك. وأخيراً قرر الوالي أن الشخص الماثل أمامه لا يشكل خطراً على أمن روما، وأطلقه قائلاً إن سلوكه ناجم عن عدم سلامة عقله.

وفي الحقيقة فإنه لم يكن لدى السلطة الرومانية أية مصلحة في إعدام يسوع، أما سلطة الهيكل فكان لها كل المصلحة في ذلك. فلقد ركز يسوع هجومه على ممثلي هذه السلطة من كتبة وفريسيين وعلماء شريعة، وفضح نفاقهم ورياءهم. وقد اعتبر أن رسالته قد تجاوزت شريعة العهد القديم التي هي شريعة الحَرْف وافتتحت شريعة العهد الجديد التي هي شريعة الروح. وأوضح ذلك عملياً من خلال سلوكه وتعاليمه، فقد انتهك قانون السبت وقال لمن شغب عليه إن الله لا يستريح في يوم السبت، وانتهك فريضة الصيام، وقواعد الطهارة الخارجية المتزمتة وأحل محلها قواعد الطهارة الداخلية طهارة القلب واللسان، ولم يعبأ بتحريمات المأكل والمشرب وقال لتلاميذه إن كل الأطعمة طاهرة للأكل، ونقض قانون الرجم عندما عفا عن المرأة الزانية، وأحل الأخلاق وسيلة للتقرب إلى الله محل طقوس الذبائح والمحارق التي تُقام في الهيكل، لأن الله يريد الرحمة لا الذبيحة. ولم تكن العاصفة التي أثارها في الهيكل عندما قلب مناضد الصيارفة وطرد باعة حيوانات القرابين وجلدهم بالسوط، إلا هجوماً مباشراً على مؤسسة القربان التي تعبر عن جوهر العبادات الشكلانية اليهودية. وبما أن أسرة رئيس الكهنة كانت هي المتحكمة بتجارة الهيكل والمستفيد الأول من عائداتها، فإن يسوع بعمله هذا قد وقّع على صك إعدامه.

ومن الملفت للنظر أن أحد الأخبار القليلة عن يسوع التي جاءتنا من خارج أسفار العهد الجديد لا يذكر الصلب باعتباره الوسيلة التي استُخدمت في إعدام يسوع، ولا يحدد الجهة المسؤولة عن إعدامه. وقد أورد هذا الخبر الكاتب الروماني سيلسوس الذي عاش في أواسط القرن الثاني الميلادي، واقتبسه عنه الكاتب المسيحي أوريجين فقال: "عندما كبر يسوع سافر إلى مصر حيث عمل عاملاً مياوماً، وهناك تعلم فنون السحر. وعندما عاد إلى فلسطين ادعى الألوهية وجمع حوله أكثر الناس بؤساً وإحباطاً وراح يجوب أنحاء البلاد. وعندما كشف اليهود أمره طاردوه فهرب وهام متخفياً، إلى أن تم القبض عليه بخيانة من تلاميذه. وبعد أن نُفذ به حكم الإعدام سرق تلاميذه جثمانه وادعوا أنه قام من بين الأموات." وقد أورد التلمود اليهودي خبراً مشابهاً عن سفر يسوع إلى مصر وعودته بعد أن تعلم فنون السحر، ولكنه يضيف إلى ذلك أنه عندما عاد قُبض عليه وحوكم وأُعدم رمياً بالحجارة، ثم عُلّق على عمود خشبي عشية عيد الفصح اليهودي.

لقد كان الإعدام بواسطة الصلب وقفاً على السلطة الرومانية في جميع أنحاء الإمبراطورية، وكانت هذه الطريقة في الإعدام تُستخدم حصراً للمتهمين بجرائم ضد الأمن الروماني. لذلك قد لا تكون هي الطريقة التي استُخدمت في إعدام يسوع لأن المحكمة الرومانية لم تثبت شيئاً ضده يتعلق بالتحريض ضد روما.
فهل حقا مات يسوع علي الصليب؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد المسيح لم ينقض الرجم
عبد الحكيم عثمان ( 2019 / 6 / 20 - 09:41 )
السيد المسيح لم ينقض عقيدة الرجم او حد رجم الزانية بل كل طلبه هو طهارة من ينفذ حد الرجم
ماارتكب جرما او فاحشة او خطيئةاا
لذا قال من كان بلا خطيئة ليرجمها بحجر فامتنعوا عن رجمها وعليه لم ينقض السيدالمسيح حد الرجم واستبدل السب بالاحد يعني لم يلغي استراحة الرب


2 - عبد الحكيم عثمان
نصير الاديب العلى ( 2019 / 6 / 20 - 19:57 )
ارحب بعودتك مجددا

انت تبحث عن تبرير للافعال الشنيعة لاله القران المصنوعة في اسرائيل
لا لن تجدها هنا في المسيحية
السيد المسيح قال جئت لاكمل لا لانقض تعاليم اليهود اصبحت ملغية بتجسد السيد المسيح وصححها للهم وللبشرية


3 - جئت لآكمل لا لاانقض
عبد الحكيم عثمان ( 2019 / 6 / 20 - 23:50 )
نصير الاديب العلي دعك مني وتمعن في قول السيد المسيح فهو لم يأتي ليلغي شريعة موسى بل جاء ليكمل مانقص فيها وعليه تعاليم اليهودية ماعادت ملغية هذا هو الفهم السوي والصحيح والمنطقي لمقولة السيد المسيح
جئت لاكمل لا لانقض وليس كما وضحها جنابك اشكر لك ترحيبك
بعودتي

اخر الافلام

.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي


.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية




.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا